مصير اتفاق القاهرة الأخير للمصالحة ... بقلم : جمال أبو ريدة

الإثنين 21 يناير 2013

مصير اتفاق القاهرة الأخير للمصالحة

جمال أبو ريدة

بدد اتفاق المصالحة الأخير بين حركتي "حماس" و" فتح" في القاهر نهاية الأسبوع الماضي حالة الجمود التي انتهى إليها ملف المصالحة الوطنية منذ التوقيع على اتفاق الدوحة بين الحركتين في فبراير 2012م، والمتأمل في بنود هذا الاتفاق يلحظ أنه تضمن عدة بنود كان قد تضمنها اتفاق الدوحة المذكور، والتي أهمها: منظمة التحرير، الانتخابات، الحكومة، لجنة الحريات العامة والمصالحة المجتمعية، ولعل الجديد الوحيد في هذا الاتفاق تضمنه جدولا زمنيًا لتنفيذ بنوده خلال فترة زمنية قصيرة، بخلاف الاتفاقات السابقة بين الحركتين بما فيها اتفاق الدوحة، ما ترك الكثير من التخوفات لدى الرأي العام الفلسطيني من أن يلقى الاتفاق الأخير المصير نفسه الذي لاقاه اتفاق الدوحة، وقبله اتفاق القاهرة في 4/5/2011م، الأمر الذي يستدعي من قيادتي الحركتين العمل على إحداث اختراق في ملف المصالحة في الفترة القادمة، لطمأنة الشعب الفلسطيني على حرص الحركتين الأكيد على تجاوز الانقسام بكل السبل والوسائل، وتقديم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني على كل المصالح الحركية.

ويبقى بند الحكومة الفلسطينية –حسب وجهة نظري- البند الأهم في الاتفاق الأخير للمصالحة، والذي من شأنه أن يكون امتحانًا صعبًا للطرفين، حيث جاء فيه تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة الرئيس محمود عباس، تكون مهمتها الإشراف على الانتخابات، وإعادة إعمار غزة، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، والتأكيد على الحريات العامة، وذلك خلال ستة أشهر فقط من التوقيع على الاتفاق، وتكمن أهمية هذا البند في عدة أمور أهمها، هو عرض هذه الحكومة على المجلس التشريعي الفلسطيني لنيل الثقة المطلوبة منه، ويبقى السؤال المطروح هو هل يقبل الرئيس محمود عباس بعرض حكومته على المجلس التشريعي لنيل الثقة المطلوبة؟ وهل يقبل الرئيس قبل ذلك دعوة المجلس التشريعي للاجتماع وممارسة صلاحياته حسب ما نص عليه الدستور الفلسطيني بعد ستة سنوات من التعطيل "القسري" لدوره؟ وكيف للرئيس عباس أن يجمع بين رئاستي الحكومة والرئاسة معًا؟ بالإضافة إلى الكثير من الأسئلة الصعبة التي تحتاج إلى إرادة قوية وصادقة للتغلب عليها في سبيل طي صفحة الانقسام، الذي جلب الكثير من المآسي على شعبنا طوال السنوات الست الماضية، وكان أكبر هدية لـ(إسرائيل)، استطاعت من خلاله الاستفراد بالطرفين كل على حده، ولعل العدوان على غزة في نهاية العام 2008، ونهاية العام 2012 شاهد على ذلك.

والمتابع للأحداث اليومية، والتصريحات الصادرة عن الحركتين يلحظ أن قيادة حركة "حماس" قد عبرت قولا وفعلا معًا حتى الآن، عن استعدادها لتنفيذ بنود اتفاق المصالحة بغض النظر عن الثمن المطلوب دفعه مقابل ذلك، وعملت حتى الآن على تذليل الكثير من الصعوبات في طريق العمل على طي صفحة الانقسام، حيث سمحت مثلا بعودة الكثير من أبناء "فتح" الذين شاركوا في الفوضى الأمنية التي شهدها القطاع قبل منتصف العام 2007م، كما سمحت لـ"فتح" أيضًا بتنظيم مهرجان انطلاقتها الـ 48 في ساحة السرايا وسط مدينة غزة، وقدمت كافة التسهيلات المطلوبة لإنجاح المهرجان، التي لاقت ارتياحًا كبيرًا عند قيادة حركة "فتح"، في حين أن الأوضاع في الضفة الغربية لا زالت على ما هي عليه، من اعتقالات سياسية، وملاحقات أمنية لأبناء حركة "حماس"، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك بتهمة مقاومة الاحتلال، الأمر الذي من شأنه أن يعرقل كل الجهود المبذولة إلى الآن نحو التقدم خطوة أخرى في طريق تنفيذ اتفاق المصالحة، والعودة مرة أخرى إلى مربع الانقسام.

ولعل الجديد في اتفاق القاهرة الأخير للمصالحة، والذي يفترض أن يدفع بشكل "إيجابي" نحو تنفيذ بنوده هي الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة منذ نوفمبر الماضي وتزداد يومًا بعد يوم تعقيدًا، وذلك بعد توجهها إلى الأمم المتحدة ونيل اعترافها بفلسطين دولة مراقب، الأمر الذي أثار حفيظة (إسرائيل) وحنقها عليها، التي أوقفت عقابًا لها على ذلك فورًا، كل تحويلات الضرائب، وكذلك الولايات المتحدة التي أوقفت دعمها للسبب نفسه، ما أعجزها عن دفع رواتب موظفيها للشهر الثاني على التوالي، ما أثار غضب الرأي العام الفلسطيني عليها، وتحديدًا في الضفة الغربية، حيث شهدت مدنها وقراها ومخيماتها خلال الشهرين الماضيين الكثير من المسيرات الاحتجاجية اليومية ضد سياسات السلطة الاقتصادية، التي لا زالت تلاحقها قضايا الفساد المالي والإداري، في الوقت الذي يتضور فيه الكثير من سكان الضفة الغربية الجوع، فهل تكون هذه الأزمة مدخلا لتقدم ملف المصالحة إلى الأمام؟

ويبقى فشل مشروع المفاوضات الذي تتبناه حركة "فتح"، سببًا آخرًا من شأنه إنجاح اتفاق المصالحة الأخير في القاهرة، حيث أقفل "نتنياهو" باب المفاوضات بكافة أشكالها المباشرة وغير المباشرة والسرية والعلنية مع السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي تأكد أخيرًا للرئيس عباس، ولعل الأمر الذي دفعه دفعًا لفتح ملف المصالحة في هذا التوقيت بالذات أيضًا، هو نتائج الانتخابات (الإسرائيلية) المتوقع فيها فوز اليمين (الإسرائيلي) بأغلبية في "الكنيست" (الإسرائيلي)، وتشكيل حكومة برئاسة "نتنياهو" الأمر الذي من شأنه أن يعزز من مواقف "نتنياهو" اليمينية المتطرفة اتجاه السلطة بشكل عام، واتجاه الرئيس عباس بشكل خاص، وأعتقد أن المخرج من كل هذه العقبات التي تواجه السلطة هو التوجه الصادق نحو التنفيذ الأمين لما تم الاتفاق عليه في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي، وعدم الالتفات إلى الوراء.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية