معركة الاعترافات ... بقلم : أمجد عرار

الجمعة 18 نوفمبر 2011

معركة الاعترافات

أمجد عرار

لن يجد أبناء الشعب الفلسطيني سبباً مقنعاً لإعلان السلطة عن وقف مساعيها للعضوية الكاملة في منظمات الأمم المتحدة، علماً بأن هناك من المنظمات الدولية ما هو أكثر أهمية من "اليونيسكو" التي كانت تجربة العضوية فيها نموذجاً يؤشّر إلى مسار مشابه في حال مواصلة طريق الاعترافات في مؤسسات لا تخضع لاعتقال "الفيتو" الأمريكي كما تخضع المنظمة الأم. بعض المسؤولين الفلسطينيين قال إن سبب هذا القرار هو التفرّغ لمعركة العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، لكن لا تبدو هناك وجاهة أو قوة إقناع في هذا التبرير.

الصحافة "الإسرائيلية" تتحدث عن عرض على السلطة يقضي باستئناف تحويل المستحقات المالية الفلسطينية مقابل وقف مسعى الاعترافات، لكن لا ينبغي لأحد أن يحمل هذا الكلام على محمل التصديق، لأنها صحافة احتلال والاحتلال كاذب حتى لو صدق. لكن لا يعقل أن تكون قيادة تحمل مشروعاً وطنياً ولا تملك الآليات الكفيلة بفتح أكثر من جبهة دبلوماسية مع أن هذه الجبهات تتركز في منطقة سياسية واحدة، فالمنظمات المطلوب اعترافها بالعضوية الفلسطينية تابعة كلها للأمم المتحدة.

من غير المعقول أن يكون السعي إلى نيل الاعتراف في المنظمات الفرعية متعارضاً مع معركة الاعتراف في الأمم المتحدة، وإلا لماذا كان المسؤولون الفلسطينيون يؤكدون إصرارهم على مواصلة اجتياح تلك المنظمات تباعاً؟ بلا شك، أن العضوية الكاملة في مؤسسة مثل مجلس حقوق الإنسان، تنطوي على أهمية بالغة تمكّن السلطة الفلسطينية من رفع دعاوى قضائية ضد "إسرائيل" على جرائمها التي ارتكبتها وترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، ولعل تجربة دفن تقرير غولدستون كافية لإفهام من يهمّه الأمر بأن الأمر سيكون مختلفاً في حال تمتع الفلسطينيون بالعضوية الكاملة في المجلس.

وحتى لو افترضنا عجز هذا المجلس عن محاكمة "إسرائيل"، فإن المعركة القضائية في هذه الحالة ستأخذ بعداً آخر، وتتحوّل إلى معركة إعلامية وأخلاقية. ولعل هذا ما يفسّر الهيجان الذي ألمّ ب "إسرائيل" بعد إقرار العضوية الفلسطينية الكاملة في "اليونيسكو".
لا يعني كل ما سبق أن المشروع النضالي الفلسطيني يقتصر على نيل الاعترافات، بل إن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لا تعني تغييراً كبيراً بالنسبة للمفاصل الرئيسية والجوهرية للقضية الفلسطينية، وهذه تحتاج إلى مواصلة نضال طويل وشاق بكل الوسائل المشروعة، وكل ذلك في ظل ظروف صعبة يخوضها الفلسطينيون وحيدين مجرّدين من العمق العربي والإسلامي والدولي إلا على نطاق أضيق كثيراً من أن يكون ذا تأثير.

مهما يكن من أمر، فإن مرحلة التحرر الوطني الفلسطيني لم تبدأ بعد، ولا تندرج الاعترافات المطلوبة في سياق هذه البداية، بل يمكن اعتبارها جبهات موازية وروافد تزيد نهر القضية التحررية زخماً، وتخدم عملية التراكم الكمي للإنجازات وصولاً إلى التغيّر النوعي الذي يتحقق من خلال هزيمة المشروع الاحتلالي الاستيطاني بعد تكبيده خسائر حقيقية تصدّع أركانه وتجعله غير قادر على البقاء.
من المهم التذكير بأن أياً من معارك النضال الفلسطيني لن تكون مضمونة النتائج في ظل الانقسام، ولا حاجة للتذكير بأن الوحدة الوطنية هي الشرط الأول لمسار تحرري سليم والخطوة الأولى في سكك النضال الوطني التحرري، وبخاصة عندما تكون الطرق مملوءة بالعقبات والأشواك والمجاهيل والمؤامرات. ولهذا فإن الفلسطينيين مطالبون بالتوحّد حول برنامج سياسي واستراتيجية كفاحية لا مكان فيها لأية ثغرة يمكن النفاذ منها بعيداً عن الثوابت الوطنية والقومية وسلوك طرق الصفقات والمساومات التي تخدم الوصول إلى السلطة ولا تستعيد وطناً.

صحيفة الخليج الإماراتية
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية