مفاوضات التسوية ومفاوضات المصالحة ... بقلم : حسام الدجني

الأحد 21 يوليو 2013

مفاوضات التسوية ومفاوضات المصالحة

حسام الدجني

بعد سبع جولات في أقل من ستة أشهر، ثلاث منها في يومين، نجح جون كيري وزير الخارجية الأمريكي في إطلاق عنان المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) على الرغم من حالة التباين بين أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

السلطة الفلسطينية كانت قد وضعت شروطاً لعودة المفاوضات، وهي الإفراج عن الأسرى ما قبل أوسلو، ووقف الاستيطان داخل الدولة الفلسطينية، إلا أن قرار العودة للمفاوضات لم يتضح بعد بأنه استجاب للشروط الفلسطينية، وهذا يؤكد على حجم الضغوط التي مارسها جون كيري على القيادة الفلسطينية واستخدامه لسياسة العصا والجزرة مع الفلسطينيين.

جهود كيري وإصراره على عودة المفاوضات لم تكن بمعزل عما يجري بالمنطقة وتحديداً في مصر، فلربما أدركت الإدارة الأمريكية أن هذا الوقت هو الأمثل لدمج (إسرائيل) بالمنطقة، ورسم خارطتها من جديد عبر إحياء مشاريع الشرق الأوسط الجديد والشرق الأوسط الكبير، وهذا يطرح تساؤلاً عن الثمن الذي ستدفعه (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية مقابل عودة المفاوضات..؟ وما هو مستقبل المصالحة الفلسطينية..؟

الثمن الذي سيدفع من قبل الغرب و(إسرائيل) هو تعزيز نظرية السلام الاقتصادي، من خلال إطلاق مشاريع حيوية منها على سبيل المثال بناء مطار في منطقة (أ) برام الله، وبناء فنادق سياحية على شواطئ البحر الميت، والاستفادة من حقول الغاز في عرض بحر غزة، بالإضافة إلى زيادة عدد تصاريح العمل داخل الخط الأخضر، وهذا بالتأكيد يتطلب ترتيبات أمنية وبحاجة لرفع مستوى التنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، أما الشق السياسي فسيخضع لمفاوضات طويلة الأجل، ولكن على أي مرجعية تقوم..؟ هذا هو السؤال الأهم، فالفلسطينيون ومن خلفهم جامعة الدول العربية يطلبون أن تكون المفاوضات على أساس مبادرة (السلام العربية) بتعديلاتها مؤخراً التي تسمح بمبدأ تبادل الأراضي، ولكن على الفور (إسرائيل) أعلنت أن انطلاق المفاوضات على أساس حدود 1967 هو انتحار سياسي، وهذا مؤشر على أننا أمام مفاوضات بدون سقف زمني، تستفيد منها (إسرائيل) في تعزيز الاستيطان وتهويد المقدسات وتجميل صورتها إقليمياً ودولياً.

ويشكل الذهاب للمفاوضات حجر عثرة أمام أي جهود قد تبذل لتقدم المصالحة الوطنية، وتحديداً بعد المتغيرات السياسية في مصر، وانعكاسه على حركة حماس، مما يجعل الحركة أمام خيارات صعبة تتمثل في الذهاب للمصالحة الفلسطينية في ظل مفاوضات مع (إسرائيل) وهذا سيقرأ وكأنه اعتراف بالمفاوضات ونتائجها من وجهة نظر جمهور حركة حماس، والخيار الثاني رفض المصالحة في ظل المفاوضات وهذا يحمل مخاطر كبيرة تتمثل في قدرة الحركة على مجابهة التعاطي المصري معها، وتضييق الحصار عليها، وتجفيف منابعها.

وتشكل دعوة عباس لتجديد الشرعيات الفلسطينية عبر الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية إحراجاً لحركة حماس، وهنا يجب أن تقرأ الحركة المشهد جيداً، وتتحرك في ضوء المعطيات الجديدة، وتتكيف مع الواقع السياسي، وتستثمر حجم الرفض الفصائلي للعودة للمفاوضات، وربما هذا يؤهل الحركة الإسلامية للمناورة السياسية بما يضمن لها الحفاظ على ثوابتها، ومساهمتها بإعادة اللحمة الوطنية، وتشكيلها تحالفات انتخابية تؤهلها لمنع انفراد طرف بالقرار الوطني.

إن هذه المرحلة التي نعيشها تشكل أهم وأخطر مرحلة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ولا يمكن لطرف العمل منفرداً وبمعزل عن باقي الأطراف، ففلسطين للجميع، ومستقبل أبنائها مسئولية الجميع، وعليه ينبغي العمل مع الكل الوطني لعودة المصالحة الفلسطينية وتشكيل جبهة عريضة لرفض المفاوضات إلا إذا كانت مبنية على أسس وطنية ومرجعية سياسية متوافق عليها وبجدول زمني قصير.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية