ملّوح وعناوين الأزمة والماركسية! ...بقلم : لمى خاطر

الثلاثاء 26 يوليو 2011

ملّوح وعناوين الأزمة والماركسية!

لمى خاطر


لم تفاجئنا تصريحات الرفيق عبد الرحيم ملوح نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، والتي قال فيها إن هنية وفياض هما عنوانا أزمة وعليهما أن يبتعدا لينجح تشكيل الحكومة واجتياز الأزمة! لم تفاجئنا لأن يسارنا الفلسطيني العتيد دأب على ممارسة انتهازية رخيصة منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية، ووجد في الانقسام الناتج وتفاصيله فرصة ذهبية لممارسة تضليل في الوعي أقل ما يقال عنه إنه معيب بحق جبهة تصنّف نفسها على أنها قوة تنويرية واعية مبرأة من النقص الوطني والأخلاقي، كما دأب خطابها الاستعلائي على نعت نفسه!

يستطيع الرفيق ملّوح وبقية منظري اليسار أن يشخصوا الأزمة الفلسطينية كما يحبون وتقتضي مصالحهم، ولكن عليهم أن يجيبوا على أسئلة استفهامية واستنكارية شتى تبدأ بكيف وتنتهي بـ لماذا؟ فكيف ولماذا أصبح إسماعيل هنية أحد عناوين الأزمة؟ هل لأن إسرائيل لا تقبل به رئيساً للوزراء، أم لأن بقاءه سيغلق حنفية أموال المانحين، ويتهدد الضفة بحصار مماثل لذاك الذي تعيشه حماس في غزة؟ ولماذا لا يجرؤ أحد من الرفاق على استحضار أن سبب حصار غزة وأزمتها هو رفض حماس لشروط الرباعية التي ألقيت في وجهها منذ فوزها، وأن سبب تعطّل عجلة المصالحة هو أن الأيدي الخارجية التي تمنح المال لحكومة فياض لم تقبل بسواه رئيساً للحكومة، ولن تقبل أن تفضي المصالحة عن انفراجة في وضع حماس في الضفة تعيدها إلى واجهة الفعل والتأثير؟! والسؤال الأهم: لو أن اليسار كان في موقع حماس وواجه ما واجهته عقب فوزها في الانتخابات، فماذا كان سيصنع؟ وكيف كان سيدير الأزمة؟!

إن كانت ذاكرة الرفيق قصيرة لهذه الدرجة فنودّ أن ننعشها بتذكيره بأن إسماعيل هنية أفرزته الانتخابات وكان على رأس لائحة حققت فوزاً كاسحا، وأن فياض في المقابل كان على رأس قائمة منيت بانتكاسة كبرى في الانتخابات ذاتها، وفوق ذلك جيء به رئيساً لحكومة غير شرعية اغتصبت الأحقية في الحكم من أهلها، مستقوية بالبندقية الإسرائيلية المسيطرة على الضفة والتي شاركت فياض حربه على حماس فيها!

أما المفاخرة بماركسية ملّوح وجبهته، فهو حقّ له كذلك، ولكن ما لا يحق له أن يضعها في سياق المقارنة مع مشروع حماس الذي اختصره بقوله: " فالأحزاب السياسية الإسلامية فشلت في حل مشكلات المجتمع العربي، ونظام الحكم الذي أقامته حماس في غزة كان أسوا بكثير من نظام الحكم الذي أقامته فتح". لأن الإنصاف يا سيد ملوح كان يلزمك بألا تحاكم مشروعاً لم يمتلك أدنى مقومات النجاح نتيجة الحصار ومحاربة العالم له وسعيه لإفشاله، فهذه ظروف لم تتح لحماس أن تقدّم نموذجا للحكم، فضلاً عن أن حماس لم تقل يوماً إن حكم غزة هو مشروعها وغاية وجودها، أما الحديث عن الأحزاب الإسلامية ومشكلات المجتمع العربي فهو سقطة قائمة بذاتها، فهل الحركات الإسلامية من حكمت المجتمع العربي وتسببت بانتكاسته وصولاً إلى ثورته عليها؟! أم أن المجتمع العربي ثار على أنظمة علمانية فاقع لونها؟! فلماذا لم يتصدّر واجهات الإعلام والتحليل السياسي حكم بأن الثورات دليل على فشل العلمانية وكل ملحقاتها البالية في حكم مجتمع عربي مسلم يعدّ الدين مكوناً أساسياً فيه؟! بل لماذا رأينا خطاب الإسلاميين أنفسهم لا يتوقف عند هذه الجزئية، بل يركز على أن الثورة كانت على أنظمة قمعية بوليسية فاسدة؟!

لا أنتظر إجابة من رموز اليسار بطبيعة الحال، لأنني أشفق عليهم حقاً، لكنني لا زلت أعجب من انتفاشهم البائس، ومن تنكرهم لنواميس الحياة، ومغالبتهم للحقائق بانتهازية رخيصة، مع عدم إقرارهم بتراجع مشروعهم وحضورهم ومدى تأثيرهم، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية