مماطلة حتى النسيان
حسام كنفاني
بعد الاجتماع "الاستكشافي" الثاني في عمّان، لم يخف المسؤولون "الإسرائيليون" الأهداف الحقيقية وراء مثل هذه اللقاءات. أهداف تُختصر في عنوان واحد: "المماطلة لدفع الفلسطينيين إلى نسيان مساعي الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن". قد لا يكون ذلك الهدف سرياً، وهو بالأساس ليس حكراً على الدولة الصهيونية على اعتبار أن المجتمع الدولي يفكر في الاتجاه نفسه، لكن أن يصدر بصراحة في مصادر رسمية "إسرائيلية"، فذلك هو الجديد.
فقد أكّد مصدر سياسي "إسرائيلي" لصحيفة "هآرتس"، أن الهدف من المحادثات "الإسرائيلية" الفلسطينية هو تقييد الفلسطينيين، ومنعهم من استئناف خطواتهم في الأمم المتحدة. وقال إن "النية هي احتجاز الفلسطينيين داخل المحادثات وإعطاؤهم بعض الحلوى بالمقابل". بهذه الرؤية تدير "إسرائيل"، ومن ورائها اللجنة الرباعية الدولية، المفاوضات مع الفلسطينيين. ليس الغرض الوصول إلى حل تفاوضي ينقذ خيار الدولتين، بل مجرد "حلوى".
"الحلوى" كشفت عنها أيضاً الصحف "الإسرائيلية"، حين أشارت إلى أن نتنياهو يدرس إمكانية الموافقة على مطالب أردنية وأمريكية بتنفيذ سلسلة مبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين، مثل إطلاق سراح أسرى، وتوسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. هذا أقصى ما يمكن أن يقدمه رئيس الوزراء "الإسرائيلي" للفلسطينيين، الذين يبدون ماضين في هذا الطريق إلى نهاية الشهر الجاري على أقل تقدير، رغم الإقرار بأن اللقاءين السابقين لم يسفرا عن أي نتائج، لكن لقاء ثالثاً في الطريق.
مسعى نتنياهو مدعوم من المجتمع الدولي، الذي يعد خريطة طريق لتمديد هذه اللقاءات التفاوضية، بعدما كان من المقرر، بحسب خطة الرباعية، أن تنتهي اللقاءات نهاية الشهر، لتكون محطة انطلاق لمفاوضات جديّة وفق جدول زمني لإعلان الدولة الفلسطينية. الخطة التي أعلن عنها في سبتمبر/ أيلول، إبان اجتماعات الأمم المتحدة وفي ذروة المساعي الفلسطينية لنيل الاعتراف الدولي، لم تسر وفق ما هو مخطط مع التعنت "الإسرائيلي"، وعليه مضى شهران من الأشهر الثلاثة المقررة للمرحلة الأولى من الخطة من دون أي تقدّم، إلى أن تم اجتراح فكرة اللقاءات "الاستكشافية". اليوم الاتجاه هو إلى تمديد المرحلة الأولى، بحسب ما كشف عنه في الأيام الماضية، فأعضاء الرباعية الدولية يعتزمون نشر بيان في نهاية الشهر الجاري يقول إنهم راضون عن تقدم المحادثات حتى الآن، وإن ثمة حاجة إلى المزيد من الوقت، وسيدعو البيان "إسرائيل" والفلسطينيين إلى مواصلة المحادثات لأشهر عدة أخرى.
إنه السياق "الإسرائيلي" نفسه يعتمده المجتمع الدولي ممثلاً باللجنة الرباعية الدولية: قليل من "الحلوى" مقابل نسيان مسار الأمم المتحدة والدولة الفلسطينية.
صحيفة الخليج الإماراتية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية