مناورات صهيوأمريكية ودلالاتها العسكرية ...بقلم :د. أيمن أبو ناهية

الثلاثاء 30 أكتوبر 2012

مناورات صهيوأمريكية ودلالاتها العسكرية

د. أيمن أبو ناهية

يبدو أن العقيدة العسكرية الصهيونية أرادت من المناورات المسماة بـ (التحدي الصارم 12) والتي تجريها الآن - ليس لهدف تدعيه وهو الاستعداد لأي هزة أرضية محتملة، بقدر ما هي لترميم مصطلح "قوة الردع" - بعد أن أثبتت الحروب الصهيونية الأخيرة لاسيما حرب الرصاص المصبوب على غزة في شتاء 2008- 2009، وحرب تموز على لبنان في صيف 2006 عدم نجاعته بل سقوطه تماماً ولم يعد مجدياً، الأمر الذي جعل الكيان يضع علامات استفهام على مقولة "قوة الردع" التي كان يتبناها في السابق، والتي تحوّلت اليوم إلى "الردع بالشك"، لتضاؤل واضمحلال المقولة السابقة، وتأتي هذه المناورات العسكرية المستمرة لتؤكد شك القوة العسكرية الصهيونية في مقدرتها وقدراتها القتالية. وقد يعزز ذلك ما تداولته التقارير السياسية والأمنية الأخيرة حول جهوزية المقاومة وتضاعف قواها خلال السنوات الأخيرة، بل إن ثمة تقارير يرتكز عليها القراران الأمني والسياسي الصهيونيان مفادها، أن قوة المقاومة تنامت وتعاظمت وهي قادرة على صد أي عدوان وإلحاق أضرار جسيمة بالكيان.

فقد تغيرت قواعد اللعبة العسكرية والإستراتيجية في المنطقة، فالإستراتيجية العسكرية الصهيونية في مواجهة العرب كانت تأخذ في اعتباراتها العلاقات الإستراتيجية المتميزة مع الغرب عموماً ومع الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً، وهذا ما يمنحها ضمانة أمنية وقوة ردع إستراتيجية مرعبة للعرب والمنطقة. لكن ومع تغير نمط المواجهات بعد حرب تشرين عام 1973 من حرب تقليدية إلى حرب عصابات عمد جيش الاحتلال إلى تطوير هذه العقيدة بدءاً من إعطاء سلاح الجو دوراً أكبر في مطاردة المقاومين وضرب مواقع إطلاق الصواريخ أو الاعتماد على الوحدات الخاصة المحمولة جواً للقيام بالمهمات العسكرية عوضاً عن الدوريات الراجلة من أجل تخفيف الاحتكاك مع رجال المقاومة وتفادي الخسائر البشرية. رغم ذلك لم ينجح جيش الاحتلال في حسم المعركة خلال حرب تموز ولا في حربه الأخيرة على قطاع غزة، ولم يفلح في تجنيب جبهته الداخلية التعرض للقصف، وفشل سلاح الجو في تحقيق السيطرة الكاملة على مسرح العمليات العسكرية كما فشل جهاز الاستخبارات في تقديم النصائح والإرشادات، كل ذلك ألحق ضرراً كبيراً بقدراته العسكرية مما زاد كثيراً في حجم الهزيمة التي لحقت به.

وتتناول المناورات التي ستستغرق شهرا عدة سيناريوهات يتعرض فيها العمق الصهيوني لهجمات صاروخية وغارات جوية، حيث يشارك فيها نحو 3 آلاف جندي وضابط وخبير عسكري أمريكي، وأعداد مضاعفة من جيش الاحتلال تمثل جميع الأسلحة والألوية، فضلا عن جبهة الدفاع المدني وأجهزة الأمن والمخابرات على اختلاف أذرعها، في التدرب على بطاريات الصواريخ طويلة المدى من طراز (باتريوت)، والصواريخ المشابهة لها من طراز (حيتس)، ومنظومة الصواريخ المضادة للصواريخ متوسطة وقصيرة المدى (العصا السحرية والقبة الحديدية)، الممولة من الولايات المتحدة.

فمن الناحية النظرية هناك ثلاث ساحات معنية مباشرة في المبدأ من هذه المناورات، الساحة الأولى هي الساحة اللبنانية وبالتحديد بيئة المقاومة بمختلف جوانبها، والثانية إيران وبالتحديد برنامجها النووي، وفي كلتا الحالتين هما ملفان مرتبطان عضويا وأثر المناورات عليهما هو واحد بصرف النظر عن الأولوية في الضربة الاستباقية من طرفه، أو عن أولوية التنفيذ اللاحق إذا تمكن الكيان من تكوين البيئة الدولية المناسبة لها. وأما الساحة الثالثة فهي الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة قطاع غزة إما توجيه له ضربات عسكرية أو قيامه بحرب واسعة النطاق عليه تكون حجمها اكبر من حرب الرصاص المصبوب السابقة.

ومن الناحية العملية، لا تعتبر المناورات امرا جديدا أو استثنائيا في الحياة السياسية والأمنية الصهيونية، إلا أن الجديد فيها هذه المرة، مدى حجمها الكمي والنوعي، ومدى نطاقها البشري والجغرافي، ومدى شمولها السياسي والعسكري والتقني المحوسب، والأهداف الإستراتيجية المتوخاة منها، حيث وصفت بأنها المناورات العسكرية الأكبر والأضخم بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، منذ نشوء علاقات إستراتيجية بينهما.

إن تكرار المناورات والمحاكاة العسكرية الصهيونية في الآونة الأخيرة التي أطلقت عليها أسماء عديدة بما عرف بنقطة التحول 1 و2 و3 و4 و5 و6، وكانت كلها في غالبيتها فاشلة تظهر نتائجها سريعا في المواجهات الخاسرة مع قوى المقاومة في المنطقة، فالكيان لا يزال يعتبر نفسه مهزوما سياسيا وعسكريا أمام قوى المقاومة في فلسطين ولبنان، وهزيمته أيضا بالنقاط أمام إيران، لذا يكابر الكيان ويريد إعادة هيبته وسطوته العسكرية إلى الذاكرة الجماعية للمجتمع الإسرائيلي بعد فشله في تحقيق أهدافه من حرب لبنان وعدوانه على قطاع غزة ،حيث ظلت نتائجهما ماثلة في أذهان القيادتين السياسية والعسكرية والجيش.

فرغم معرفة الكيان الأكيدة عدم قدرته على استيعاب وهضم الدروس التي لقنتها إياه قوى المقاومة، يدرك سلفا أن أي مغامرة غير محسوبة النتائج ضد أي طرف في المنطقة سيجره إلى حروب من نوع آخر لن يستطيع استيعابها وهضمها لوقت طويل أو قد تؤدي إلى انهياره و إلى الأبد.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية