من أهل القدس: شكراً للمقاومة
كم كانت كلمات الأخ الأستاذ اسماعيل هنية مؤثرة في قلوب المقدسيين والفلسطينيين والأمة جمعاء، أيّ تواضع رأيناه وسمعناه في خطابه يوم تحرير الأسرى في مهرجان "وفاء الأحرار.. عهد الياسين" ، عندما نسب الفضل والمنة الى الله سبحانه وتعالى، لقد ذكرنا بعهد النبي والصحابة الكرام فقد علمونا أن نرجع الفضل الى صاحبه، ولعلنا نقول هذا بسبب ما عهدناه ورأيناه من رؤساء وملوك كانوا يتفاخرون بانتصارات مزيفة ينسبونها الى أنفسهم، ويدفع ثمن النصر المزيف الشعوب المستضعفة.
كم كان لهذه الصفقة المشرفة من آثار علينا نحن في بيت المقدس، لقد شعرنا يومها أنها تحررت، نعم تحررت من الخوف، فلقد ارتفعت الرايات الفلسطينية والرايات الخضراء في أزقتها وشوارعها بعد طول غياب، لقد اشتاقت أرضها الى العزة والكرامة التي غابت عنها لسنين طويلة بعد الدخول في دهاليز المفاوضات التي حرفت القضية عن مسارها. وها هي الصفقة الأبية اليوم تعيد للقدس مكانتها بعد تهميشها لأمد بعيد واخراجها من دائرة الصراع.
لقد رأينا الفرحة في عيون الناس وفي وجوههم من كل الفصائل والتنظيمات، والتي لم نرها من قبل، وكنا نترقب سوية في خيمة اعتصامنا في مقر الصليب الأحمر ذلك اليوم المشهود من خلال شاشات التلفاز، مراحل خروج الاسرى ونرى ذلك النصر المؤزر الذي أثلج صدورنا.
يقول أحد الناس لأخيه المحرر وهو يراه يحمل راية فصيله، احمل الراية الخضراء احتراماً لكونها حررتك من السجن بعد طول عناء، ونحن نقول لذلك الأخ بل الله الذي أخرجك من السجن ثم الايادي المتوضئة التي باعت نفسها لله، فلا ينسى أولو الفضل أهل الفضل، وكان وفد الحركة الاسلامية في القدس عندما يدخل الى أي بيت من بيوت الاسرى المحررين تنقلب الخيمة وشعاراتها وأناشيدها وراياتها الى اسلامية خالصة، وذلك تقديرا منهم لمن كان سببا في إخراجهم.
لقد سمعنا وقرأنا التحليلات في الصحف الاسرائيلية والتي أكدت بأن الكيان الصهيوني لا يعرف إلا لغة القوة، وكنا نتساءل أين استخباراته وعملاؤه وتوظيفه للتكنولوجيا الحديثة التي يمتلكها وجيشه الذي لا يقهر، لأكثر من خمس سنوات، عندما كان يقبع شاليط في الأسر، لقد أثبتت المقاومة أنها تمتلك من الأدوات ما تستطيع من خلاله إجبار الاحتلال على الإفراج عن ألف من الأبطال.
صحيح أننا سمعنا أصوات المثبطين والمنافقين والتي لا تكاد تخلو في مجتمع من المجتمعات، فقد تخلف ثلث جيش النبي لما استمع إلى تثبيط المنافقين وانسحب قبل معركة أحد فقد قال الله فيهم : "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون" ، فهذه الثلة يسوؤها ما يفرح المؤمنين ويفرحها ما يسوؤهم وقد قال الله فيهم من قبل "إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط"، ولكن شعبنا الفلسطيني يعرف جيدا كيف يميز بين الغث والسمين فهو من أكثر الشعوب ثقافة ووعيا لما يدور حوله نتيجة المعاناة التي يعيشها بشكل يومي.
كم طبلوا وزمروا للخطاب التاريخي في الامم المتحدة، والصمود الأسطوري أمام أمريكا والكيان، واتهمنا في حينها بأننا لا نريد دولة فلسطينية، وبأننا نخالف ثلثي العالم بهذا الحلم التاريخي، ولكننا ومعنا شعبنا كنا نعرف جيدا أن لدينا من القرارات الأممية الكثير والتي لم يطبق منها شيء على أرض الواقع، وأن القرارات الأممية وحدها لا تجلب حقا ولا تدفع باطلا. فلقد خاطبنا المجتمع الدولي مرارا طالبين منه دعمنا والوقوف إلى جانبنا وكم طالبناه بتحمل مسؤولياته، فكم كتبت التقارير من مؤسسات حقوق الانسان عن معاناة شعبنا وخاصة معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، ولم تحرر تلك التقارير أسيرا واحدا من أسرانا.
وختاما ومن أهل القدس نقولها وبكل فخر.. شكرا للمقاومة ولفصائل المقاومة، ونقول كما قال من قبلنا: اذهب يا أبو العبد أنت وربك فقاوما إنَا معكما مقاومون.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية