من الذي يسيّس المساجد؟!
بقلم : لمى خاطر
منذ استيلاء سلطة فتح على مساجد الضفة وإفراغها من رسالتها ودورها العبادي والتعبوي وهي تقدم بين يدي كل إجراء يستهدف المساجد تبريرات تدعي خلالها أنها إنما ترمي للحفاظ على المساجد كأماكن للعبادة وحسب، بعيداً عن التجاذبات السياسية، وهو الأمر ذاته الذي تستخدمه لتبرير إقالة عشرات الأئمة والخطباء، وإحلال آخرين مكانهم محسوبين عليها، لا حظّ لهم من الفقه الديني أو العلم الشرعي واللغوي، الأمر الذي أفرغ الخطابة من معناها وهدفها، وانتقص من هيبة الخطباء، وجعلهم مثاراً للتندر بين عامة الناس.
لكن فتح وهي تدعي حرصها على أن تظل رسالة المسجد بعيدة عن أي تأثير سياسي تستغلها لما هو أبشع من بث الأفكار السياسية والحزبية وذلك بتحويلها إلى منابر للتحريض والفتنة والترويج لثقافة الانهزام وتزيين سياسة التنازلات، والأدهى من ذلك إنزال محمود عباس منزلة وليّ الأمر عبر استغلال آراء المدرسة السلفية التقليدية التي تتقاطع مع سلطة فتح في كثير من المحاور، وتحظى منها بدعم رسمي غير محدود بسبب نهجها الفكري الملائم لسياسة فتح من جهة، ومحاولة لمدّ نفوذها وانتشارها على حساب حماس من جهة أخرى.
يكفي المرء الاستماع لوزير أوقاف فتح المدعو الهباش في خطب الجمعة ومؤخراً خطبة العيد ليقف على حجم السطو الذي مارسته هذه السلطة على رسالة المساجد التي كانت على الدوام تُسهم في ارتقاء همة ووعي رواد المساجد، وتربطهم بالمعاني الأصيلة الدينية والفكرية، وليس بالأفكار المسمومة والزائفة كما هو الحال اليوم.
ليس لأحد أن يحتج بأن نهج حماس فيما يخص المساجد مماثل لما تنتهجه فتح بعد أن سيطرت الأخيرة عليها وحولتها إلى معاقل لمناديبها، فحماس تنطلق في فهمها لدور المسجد من استحضارها للسنة النبوية، وحيث كان المسجد دار عبادة وتعبئة روحية وفكرية وعسكرية، ومنطلقاً للجهاد وعنواناً للكرامة والثبات والمرابطة، وحين كانت حماس خلال الانتفاضة الأولى تستخدم المساجد كمراكز لتحريك الانتفاضة وإدامة اشتعالها، والحث على مقاومة المحتل فقد كانت توجه رسالة المسجد في سياقها الطبيعي والصحيح، ولهذا فقد اصطلح (إسلاميا) على تسمية الانتفاضة الأولى بـ (ثورة المساجد).
أما ما يحدث اليوم في الضفة فهو حرف لتلك الرسالة عن مسارها بشكل قبيح للغاية، لأن المنابر التي تسيطر عليها فتح صارت تستغل ليس فقط للتحريض والتعبئة ضد حماس والعزف المستمر على وتر (الانقلاب الأسود) بل باتت تستخدم للترويج لنهج الاستسلام وسلخ الجمهور عن ثقافة المقاومة والتشنيع عليها، وتزييف الحقائق، وتبرير السقطات السياسية والأمنية للسلطة، وادعاء أحقيتها المطلقة بتمثيل الشعب وتقرير مصيره، وهو تجاوز كبير وخطير لا ينبغي السكوت عليه، بل يلزم فرسان المنابر المعروفين بأن يتصدوا له وخاصة النواب والقضاة والعلماء وأساتذة الشريعة، فهؤلاء ألِفَهم الناس سنوات طوالا وأحبوهم، وهم ما زالوا محل ثقتهم وتقديرهم، وهذا ما اتضح خلال بعض الحوادث التي جرت مؤخراً في الضفة والتي كان آخرها ما حدث مع الشيخ نايف الرجوب في بلدة دورا حين حاولت الطغمة الأمنية هناك منعه عنوة من إلقاء خطبة الجمعة، فكانت الجماهير كلها إلى جانبه وفي صفه، وسجّل بموقفه المشرف وقفة بطولية وضعت النقاط على الحروف، وبينت لسلطة فتح كيف أن المراهنة على تغيير بوصلة رواد المساجد والتأثير على قناعاتهم باطلة وساقطة، وكيف أن الفرق شاسع بين الأصيل والدخيل، وبين المؤمن بمبادئ دينه والحريص عليها وذاك المدعي لها والمتخبط في وحل النفاق والرياء.
إن استغلال المساجد للتحريض وإشعال نار الفتنة والحقد لن يحقق لفتح أهدافها، وإن توعّد وزير أوقافها المستمر لحماس بتخليص غزة منها لن يفلح في إقناع الناس بأن فتح تستحق أن تعود إلى غزة حتى ولو على ظهر دبابة صهيونية، فواقع الضفة يتكلم عن نفسه، وحجم الانحدار الحاصل في مسيرة أصحاب (المشروع الوطني) لا يغري أحداً بأن يتمنى دوامه ولا التمكين لأصحابه في مكان آخر.
وإن كانت فتح تظنّ أن المساجد كانت إحدى عوامل صعود حماس والتمكين لها بين الجماهير، فعليها أن تدرس بدقة أسباب ذلك، ولا تلجأ فقط لتقليد أعمى وأهوج معتقدة أنه يكفي المرء أن يعتلي المنبر وأن يخطب في الناس لكي يتقبلوا كلامه ويجاوز أسماعهم إلى أفئدتهم، فقبل ذلك ينبغي أن يكون الخطيب المؤثر قدوة ومثالاً يحتذى في علمه وعمله ورجولته، وأن يعاين الناس مواقفه وتضحياته حين يحثهم على الجهاد والرباط، وان يكون إماماً حقيقياً للناس في كل ما يدعوهم له، وهذا ما نجحت فيه حماس، وأخفقت فيه فتح، وهو ما زال صمام الأمان الذي يضمن بقاء المساجد نقية طاهرة حتى لو نعق فيها مليون بوق للفتنة والتحريض!
لكن فتح وهي تدعي حرصها على أن تظل رسالة المسجد بعيدة عن أي تأثير سياسي تستغلها لما هو أبشع من بث الأفكار السياسية والحزبية وذلك بتحويلها إلى منابر للتحريض والفتنة والترويج لثقافة الانهزام وتزيين سياسة التنازلات، والأدهى من ذلك إنزال محمود عباس منزلة وليّ الأمر عبر استغلال آراء المدرسة السلفية التقليدية التي تتقاطع مع سلطة فتح في كثير من المحاور، وتحظى منها بدعم رسمي غير محدود بسبب نهجها الفكري الملائم لسياسة فتح من جهة، ومحاولة لمدّ نفوذها وانتشارها على حساب حماس من جهة أخرى.
يكفي المرء الاستماع لوزير أوقاف فتح المدعو الهباش في خطب الجمعة ومؤخراً خطبة العيد ليقف على حجم السطو الذي مارسته هذه السلطة على رسالة المساجد التي كانت على الدوام تُسهم في ارتقاء همة ووعي رواد المساجد، وتربطهم بالمعاني الأصيلة الدينية والفكرية، وليس بالأفكار المسمومة والزائفة كما هو الحال اليوم.
ليس لأحد أن يحتج بأن نهج حماس فيما يخص المساجد مماثل لما تنتهجه فتح بعد أن سيطرت الأخيرة عليها وحولتها إلى معاقل لمناديبها، فحماس تنطلق في فهمها لدور المسجد من استحضارها للسنة النبوية، وحيث كان المسجد دار عبادة وتعبئة روحية وفكرية وعسكرية، ومنطلقاً للجهاد وعنواناً للكرامة والثبات والمرابطة، وحين كانت حماس خلال الانتفاضة الأولى تستخدم المساجد كمراكز لتحريك الانتفاضة وإدامة اشتعالها، والحث على مقاومة المحتل فقد كانت توجه رسالة المسجد في سياقها الطبيعي والصحيح، ولهذا فقد اصطلح (إسلاميا) على تسمية الانتفاضة الأولى بـ (ثورة المساجد).
أما ما يحدث اليوم في الضفة فهو حرف لتلك الرسالة عن مسارها بشكل قبيح للغاية، لأن المنابر التي تسيطر عليها فتح صارت تستغل ليس فقط للتحريض والتعبئة ضد حماس والعزف المستمر على وتر (الانقلاب الأسود) بل باتت تستخدم للترويج لنهج الاستسلام وسلخ الجمهور عن ثقافة المقاومة والتشنيع عليها، وتزييف الحقائق، وتبرير السقطات السياسية والأمنية للسلطة، وادعاء أحقيتها المطلقة بتمثيل الشعب وتقرير مصيره، وهو تجاوز كبير وخطير لا ينبغي السكوت عليه، بل يلزم فرسان المنابر المعروفين بأن يتصدوا له وخاصة النواب والقضاة والعلماء وأساتذة الشريعة، فهؤلاء ألِفَهم الناس سنوات طوالا وأحبوهم، وهم ما زالوا محل ثقتهم وتقديرهم، وهذا ما اتضح خلال بعض الحوادث التي جرت مؤخراً في الضفة والتي كان آخرها ما حدث مع الشيخ نايف الرجوب في بلدة دورا حين حاولت الطغمة الأمنية هناك منعه عنوة من إلقاء خطبة الجمعة، فكانت الجماهير كلها إلى جانبه وفي صفه، وسجّل بموقفه المشرف وقفة بطولية وضعت النقاط على الحروف، وبينت لسلطة فتح كيف أن المراهنة على تغيير بوصلة رواد المساجد والتأثير على قناعاتهم باطلة وساقطة، وكيف أن الفرق شاسع بين الأصيل والدخيل، وبين المؤمن بمبادئ دينه والحريص عليها وذاك المدعي لها والمتخبط في وحل النفاق والرياء.
إن استغلال المساجد للتحريض وإشعال نار الفتنة والحقد لن يحقق لفتح أهدافها، وإن توعّد وزير أوقافها المستمر لحماس بتخليص غزة منها لن يفلح في إقناع الناس بأن فتح تستحق أن تعود إلى غزة حتى ولو على ظهر دبابة صهيونية، فواقع الضفة يتكلم عن نفسه، وحجم الانحدار الحاصل في مسيرة أصحاب (المشروع الوطني) لا يغري أحداً بأن يتمنى دوامه ولا التمكين لأصحابه في مكان آخر.
وإن كانت فتح تظنّ أن المساجد كانت إحدى عوامل صعود حماس والتمكين لها بين الجماهير، فعليها أن تدرس بدقة أسباب ذلك، ولا تلجأ فقط لتقليد أعمى وأهوج معتقدة أنه يكفي المرء أن يعتلي المنبر وأن يخطب في الناس لكي يتقبلوا كلامه ويجاوز أسماعهم إلى أفئدتهم، فقبل ذلك ينبغي أن يكون الخطيب المؤثر قدوة ومثالاً يحتذى في علمه وعمله ورجولته، وأن يعاين الناس مواقفه وتضحياته حين يحثهم على الجهاد والرباط، وان يكون إماماً حقيقياً للناس في كل ما يدعوهم له، وهذا ما نجحت فيه حماس، وأخفقت فيه فتح، وهو ما زال صمام الأمان الذي يضمن بقاء المساجد نقية طاهرة حتى لو نعق فيها مليون بوق للفتنة والتحريض!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية