من الفائز في انتخابات الضفة الغربية؟
علاء الريماوي
لم يخطر ببال أحد أن تواجه فتح معضلة في فوزها بالمجالس البلدية الكبرى كنابلس، جنين، طوباس، رام الله، وأن يبدو فوزها باهتا في الخليل، البيرة والقرى الكبرى في جنوب الضفة الغربية التي سجلت نسب مشاركة لم تتجاوز 22 % من نسبة من سجل في الانتخابات الحالية.
حديث المشاركة والنسب المقدمة للمشاركين طاله نقد من مؤسسات حقوقية راقبت الانتخابات ورصدت ما يعرف بالورقة الدوارة التي يجبر المواطن أخذها مقابل حفنة من المال لتأكيد انتخاب فصيل دون اخر، إضافة إلى انتهاكات داخل غرف الاقتراع وارتداء المراقبين قبعات كتلة فتح التي استعملت الأمن في دعم قوائمها بحسب هذه المؤسسات الرقابية، الأخطر الذي تحدثت عنه هذه المؤسسات استعمال التهديد المباشر للعازفين عن الانتخابات عبر وسائل ضغط في الوظيفة، والمستقبل.
برغم كل ذلك بلغت نسبة التصويت التي اعلنتها لجنة الانتخابات المركزية 54 % منها 1.5 ورقة بيضاء وما يماثلها في الحجم أوراق لاغية، مع تسجيل نسبة عزوف وصلت إلى 46 %.لكن الدكتور محمود الرمحي نشر معطيات رقمية موثقة قال فيها " إن تم التسليم بالنتائج المعلنة من لجنة الانتخابات المركزية - يظهر أن من يحق لهم الانتخاب هم 1284560 نسمة، ومن سجل للإقتراع منهم 505600 نسمة اي بنسبة 39%، وأن من مارس حقة الانتخابي حسب لجنة الانتخابات هم بنسبة 54.8 % من مجموع المسجلين، ويتضح من هذه النسبة ان نسبة من شارك في الانتخابات ممن يملكون هذا الحق ( مسجلين وغير مسجلين ) هي حاصل ضرب نسبة المسجلين في نسبة المقترعين والتي هي في المحصلة 21.6 % فقط فماذا حققت حركة فتح من هذه النسبة مع الخسارة المدوية لها خصوصا المناطق ذات الكثافة السكانية.
هذه المعطيات العامة كشفت النقاب عن مؤشرات مهمة وجب الوقوف عليها ومناقشتها من خلال محورين هما : نتائج فتح في انتخابات المدن الرئيسية، ثانيها حظوظ اليسار الفلسطيني في هذه الانتخابات حيث يمكن شرح المحاور عبر النقاط الآتية :
المحور الأول : نتائج فتح في المدن الرئيسية
1. خسارة فتح في مدينة نابلس مضافا إليها تدني نسب التصويت حيث بلغت قرابة 23 % و التي كانت مرتفعة في انتخابات 2005 والتي أعطت حماس تفوقا ساحقا، هذه المدينة على ما يبدو ومن خلال حديث مع مراقبين ظلت في الهوى قريبة من حماس لذلك كانت هذه النتائج.
2. خسارة فتح في مدينة جنين : هذه المدينة كانت ثقل فتح منذ الانتفاضة الفلسطينية الاولى لكنها منيت قائمتها الرسمية هزيمة ساحقة،حيث كان واضحا أن طبيعة التصويت كانت عقابا من الناخب لقائمة تشكلها فتح، مما أعاد الى ذهن المراقبين نسب النتائج التي حظيت بها حماس في انتخابات 2006 والتي حسمت المجلس لصالحها مما يجعل باب الاحتمالات بفوز حركة حماس في انتخابات قادمة ممكنا ومعقولا.
3. العزوف عن الانتخابات في مدينة البيرة : تعد مدينة البيرة معقل حماس وسط الضفة الغربية حيث حظيت فتح فيها فوزا سهلا على اليسار لكن بنسبة تصويت بلغت قرابة 25 % حيث قاطع الانتخابات ما نسبته 75 % من جمهور المسجلين للانتخابات، هذه النسبة في المشاركة جاءت بعد قيام المجلس البلدي المعين بتنفيذ ثمانية مشاريع ضخمة في المدينة، بعد أن أوقف تمويلها في ظل رئاسة السيد جمال الطويل القيادي في حركة حماس والتي قرأت على أنها مشاريع انتخابية، لكن الأرقام جاءت عكس ما تمنته فتح فظلت المدينة على حالها في التأييد للحركة الإسلامية.
4. شعبية فتح في مدينة بيت لحم : كان من الواضح أن الكتلة التصويتية التي حظيت بها حركة فتح تعتمد على القبلية في المدينة برغم ذلك كانت النتائج متقاربة مع كتلة اليسار التي نجحت في تأسيس حضور قوي لدى المواطن الفلسطيني المسيحي مما جعل فرص أي كتلة تقودها حماس ستساهم في خسارة فتح بشكل مؤكد ويقيني.
5. مدينة الخليل وعجز فتح كسر جمود المقاطعة الشعبية : كان واضحا فشل فتح التعبئة للانتخابات في مدينة تعد الاهم على صعيد زخمها السكاني والاقتصادي والتي ظلت على الدوام معقل حماس الاستراتيجي، هذه المدينة وصلت نسب الاقتراع فيها قرابة 22 % ومقاطعة 78 % مع حصول الكتل المنافسة لفتح الى 8% مما يعني أن فتح حازت فتح فقط ما نسبته 14 % من أصوات مدينة الخليل مما يجعل الباب مفتوحا أمام فوز حقيقي لحماس في مدينة ظلت تعطيها ثقتها في كل نزال حقيقي.
6. مدينتي قلقيلية وطولكرم : يبدو ان فتح نجحت في تحقيق حضور قوي في المدينتين مما يجعل فرص تفوق الحركة ممكنا في هاتين المدينتين في حال المنافسة مع حماس.
المحور الثاني : نتائج اليسار الفلسطيني.
1. الجبهة الشعبية : برغم مقاطعة حركة حماس وانحسار المنافسة بين الجبهة الشعبية الا أن الاخيرة لم تنجح في تجاوز العشرة مقاعد في جميع المدن الرئيسة مما يجعل الجبهة مطالبة بتقييم أوضاعها ونتائجها التي عكست حجمها الطبيعي في المجتمع الفلسطيني.
2. افول نجم الجبهة الديمقراطية : حظيت الجبهة الديمقراطية بعدد من المقاعد لم يتجاوز تعداد اليد الواحدة في المدن الفلسطينية برغم تحالفات عقدتها مع حركة فتح وفصائل اخرى مما وضع الجبهة أمام ضرورة الاعتراف بواقعها وشعبيتها المتردية بشكل ثابت.
3. عدم وجود ما يعرف بالتيار الثالث : لم ينجح مصطفى البرغوثي،أو سلام فياض في تأسيس تيار ثالث حيث كان واضحا غياب المبادرة الوطنية عن تحقيق أي من النتائج على صعيد المدن الرئيسية وتواضع نتائجها في القرى الفلسطينية ايضا، مما يجعل الحديث عن ثقل لحركات وتجمعات غير فتح وحماس مجال شك أثبتت صحته الانتخابات الحالية في الضفة الغربية.
هذه القراءة وعبر معطياتها جعلت الإعلام الإسرائيلي يحذر من صدق التقارير الامنية التي تحدثت عن شعبية حماس المتصاعدة في الضفة الغربية، هذا الحديث ما يجب على الاتجاهات الفلسطينية ادراكه، لذلك وجب على من يعنيهم الأمر إعادة تصويب المسار الداخلي والجلوس على طاولة مستديرة لترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الاعتراف بالأخر، وعدم احتكار المشهد الفلسطيني تحت لافتات سواء كانت حزبية أو مؤسسية، فحماس لا زالت في الضفة حاضرة وبقوة، وفتح ما زالت فصيلا يملك حضورا شعبيا معتبرا. هذه المقاربة لا بد لها من تعزيز العودة الى الحوار وفق أجندة وطنية تحفظ الثوابت وتؤسس لحركة وطنية قادرة على رد الاعتبار للقضية الفلسطينية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية