مهرجان ومركزية بيت لحم

مهرجان ومركزية بيت لحم ... د. إبراهيم حمّامي

الأربعاء 12 أغسطس 2009

مهرجان ومركزية بيت لحم

د. إبراهيم حمّامي


لا يمكن بحال من الأحوال تسمية مهرجان بيت لحم بمؤتمر حركة فتح، وكذلك هو الحال مع انتخابات اللجنة المركزية لهذا المهرجان، التي ظهرت نتائجها الأولية فجر اليوم دون مفاجآت تُذكر، إذ حقق عبّاس أهدافه كاملة من المؤتمر، واستكمل حلقات اختطاف القرار الفتحاوي تمهيداً لاختطاف القرار الفلسطيني برمته

نتائج اليوم تشير إلى أمر واحد رغم اختلاف التحليلات والتقسيمات بين تيار عرفاتي وآخر عبّاسي وثالث مرواني، إلا أن الأمر الواحد الثابت هنا هو فوز التيار المتعامل مع الاحتلال، إذ أن غالبية من نجحوا في مركزية عبّاس هم قادة أجهزة أمنية سابقون من رواد التنسيق الأمني، أو من أصحاب المناصب الرسمية سابقاً أو حالياً في سلطة أوسلو، أو من الفريق المفاوض مع الاحتلال، القاسم المشترك هنا هو "اسرائيل

لا مفاجآت ولا تغييرات، لا تقارير ولا محاسبة، بل من يفترض محاسبتهم وطردهم أصبحوا قادة في مركزية عبّاس، لا تغيير ولا برنامج سياسي، لا اضافة ولا تعديل، لماذا هذا المهرجان وما الذي حققه؟

لا شيء بالمطلق سوى تعزيز سيطرة عبّاس، فتح المفترضة هنا خرجت كما دخلت، وكل ما قيل عن تفادي وانهاء أسباب تدني شعبيتها ذهب أدراج الرياح، والخلافات السابقة ستتفاقم أكثر وأكثر بعد سقوط البعض بسبب تآمر البعض الآخر، وما الاستقالات المفاجئة تحت دعاوي المرض وغيره إلا نموذج مصغر لما ستؤول إليه الحركة المختطفة

مهرجان لأسبوع وأكثر، ومصاريف كبيرة، ونقل مباشر، وتغطية اعلامية، وسجال ونقاش "عاصف"، وآخر المشوار انتخابات، هذا هو المطلوب، وأصوات غزة هي فقط للتصويت، غزة لم تُشارك في هذا المهرجان إلا بالتصويت، وفقط بعد أن صاح أعضاؤها نحن هنا – لم يتصل بنا أحد، والمرأة التي تغنى بها عبّاس غابت تماماً عن مركزيته، والطريف هو اللعبة الاعلامية التي تحدثت عن مؤامرة من قبل عضو في مهرجان بيت لحم تآمر مع قادة حماس ضد عضو آخر، وعن زيادة في عدد أعضاء المؤتمر لصالح العضو المتآمر ضد الضحية المسكين، الذي فاز برغم المؤامرة، وسقط المتآمر الذي يملك غالبية الأصوات، أحجية سخيفة لا تحتاج كثير عناء لفك طلاسمها التي تقول أن العضو الضحية استغل الاعلام ليروج لنفسه خوفاً من السقوط المدوي، لأنه لا يستطيع العيش بلا أضواء وبلا مؤامرات مزعومة، والحقيقة التي يعرفها قبل غيره، أن أمره منتهٍ بالنسبة للشرفاء سواء كان في مركزية عبّاس أو خارجها، وهو في نظرنا مجرم عميل فاسد، مهما رسم من هالات وأوهام حول المؤامرات التي تحاك ضده، أوهام من نسج خياله المريض ليقول بعدها، فزت برغم المؤامرات، نجحت رغم المكائد، أنا البطل الأوحد والمنقذ الوحيد

لن تقدم مركزية عبّاس ولن تؤخر، فهو الذي أدار ظهره ومؤخرته لكل مؤسسات فتح من مركزية وتحضيرية وثوري وغيرها، واستفرد بالقرار، هذا في وقت كان أعضاء في تلك المؤسسات يعارضون سياساته، أما اليوم وبعد أن ضمن فوز من يريد، لا نتوقع منه حتى أن يطلب مشورتهم، بل نتوقع أن يحاول تطبيق الطريقة المهرجانية لعقد مجلس وطني صوري لاستكمال اختطاف منظمة التحرير الفلسطينية

لكن رغم ذلك ولأن الأمور تحددت لصالح الاحتلال ولصالح نهج التفريط والتطبيع، ولصالح العداء للمقاومة التي تغنوا بها وحددوها بالمقاومة الجماهيرية السلمية وفي اطار الشرعية الدولية وبالتوافق!! ولصالح تيار العداء للشعب الفلسطيني وقواه، رغم كل ذلك نقول أن هذا كله خير، ما حدث يُسقط الغشاوة عن عيون البعض، ويُشجع بعضاً آخر لاتخاذ ما يلزم "فتحاويا" لانقاذ ما يُمكن انقاذه، ويُسهّل مهمة قوى المقاومة حين تتعامل مع طرف واحد واضح وضوح الشمس في ارتمائه بأحضان المحتل، اليوم قوى المقاومة وان قررت الاستمرار في مهزلة الحوار العبثي ستجلس مع "اسرائيل" التي فازت في انتخابات مركزية عبّاس، دون رتوش او ادعاءات، ستحاور وكلاء المحتل، رغم أننا نقترح مفاوضة ومحاورة أسيادهم مباشرة تقصيراً للطريق، وحفاظاً على الجهد، وحرصاً على الوقت

أخيراً وحتى لا نلام، نتوجه بالتهاني ل "اسرائيل" على فوز تيارها المقاوم المناضل والذي أعلن أن أولى أولوياته تحديد طريقة التعامل مع حماس ولم يتعرض للاحتلال بكلمة واحدة، وتهانينا لنتنياهو على النجاح منقطع النظير في عقد هذا المهرجان دون منغصات حيث تم استبعاد "المشاغبين" ولم تمنح لهم تصاريح، وحصل المقربون على ما يشاؤون من تسهيلات أوصلت منسقها للمركزية اياها، وفي ظل حماية وأمن احتلالي ضمن سلاسة الانتخاب بالرغم من اطلاق النار العرضي من قبل زعران هذا أو ذاك، وتهانينا لعبّاس الذي فاز بمنصب غير موجود على طريقة السيرك بالتصفيق والتصفير والجعير متجاوزاً كل النظم الداخلية لحركة فتح التي استكمل اختطافها، وتهانينا لكل من شارك في هذا المهرجان الكبير الذي كانت حصيلته السياسية صفر فتحاوياً و100% اسرائيلياً

والآن هل ما زال لديكم شك إلى أين تتجه فتح المختطفة وما هو نهجها ومن يقودها؟

نتحدى أياً كان ، كبيرهم وصغيرهم، أن يعدد أو يحدد انجازات تُذكر لهذا المهرجان السيرك، أي تغييرات، أي محاسبات، أي شيء على الاطلاق غير احكام عبّاس سيطرته، وهو ما تنبأنا به وتقعناه قبل المؤتمر بثلاثة أيام حين قلنا " مؤتمر سيخرج منه عبّاس ومن لف لفه منتصر فتحاوياً وبغض النظر ان عُقد أو لم يُعقد، فقد استطاع أن يُحضر بالترغيب أو الترهيب رؤوس صدعت رؤوسنا بالوطنية لتتنازل عنها في لحظة واحدة، واستطاع أن يُحجّم ويختطف فتح، ويُلغي عملياً مؤسساتها بالكامل، لا لجنة تحضيرية ولا مركزية أمام فرماناته، والمهم هو زيادة العدد ليضمن تفصيل اللجنة المركزية والمجلس الثوري على مزاجه ومقاسه، ومقابل ذلك صمت القبور يلُف من اعتقدنا أنهم سيتحركون لانقاذ فتح من براثن عبّاس – دحلان، وبالتالي فإن انعقاد المؤتمر هو شهادة وفاة لفتح التي نعرف، وعدم انعقاده يعني الغاء مؤسسات فتح وتمركز قرارها بالكامل في يد عبّاس وشلته، و"عيش يا كديش" لحين انعقاد مؤتمر في زمان آخر"، نتحداهم جميعاً رغم يقيننا أنهم لن يجدوا سوى التهجم الشخصي الذي لا يجيدون غيره، نتحداهم ونحن نعرف أنهم عاجزون فاشلون كمهرجانهم الخائب، وكاختيارهم الأخيب

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية