نتنياهو وحرب الاستنزاف على الحدود! ... بقلم : هشام منور

الأربعاء 04 فبراير 2015


نتنياهو وحرب الاستنزاف على الحدود!


هشام منور




أتت العملية التي تبناها حزب الله اللبناني في جنوب لبنان وتحديداً في مزارع شبعا، كردّ من الحزب على عملية القنيطرة التي استهدفت قيادات إيرانية ولبنانية من حزب الله في سوريا، ما فتح باب الرد واسعاً أمام الطرفين بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.

(إسرائيل) تستعد إلى احتمال حرب استنزاف معها على الجبهة الشمالية، ويتوقع عسكريون أن تكون هذه الحرب جانباً من قواعد اللعب الجديدة التي سيفرضها "حزب الله"، بعد عملية القنيطرة. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو صعد تهديداته تجاه سوريا في أعقاب إطلاق أربعة صواريخ على (إسرائيل) من جهتها (سقط اثنان منها في الأراضي السورية بمحاذاة الحدود)، بحسب ادعاء الجيش الإسرائيلي.

وقال نتنياهو أمام مجموعة من السفراء والديبلوماسيين: إن "كل من يحاول، مجرد المحاولة، تحدي (إسرائيل) على حدودها سوف يكتشف أننا مستعدون للرد عليه بقوة"، مشيراً إلى أن (إسرائيل) تنظر بخطورة إلى ما تعرضت له من سقوط صواريخ من جهة سوريا.

وزير الجيش موشيه يعالون، من جهته، تفاخر عبر مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية بالردّ الإسرائيلي على سوريا. وقال: إن "هذا الرد يشكل رسالة للنظام السوري بأن (إسرائيل) لن تتحمل إطلاق النار عليها والمس بسيادتها"، مضيفاً أن الجيش "سيرد على أي حادث من هذا القبيل بشدة وإصرار".

وقال الضابط يوسي يهوشواع، الذي خدم في وحدتي الهندسة والمظليين وشارك في الحرب على لبنان: إن "إطلاق الصواريخ على الجولان هو الطلقة الأولى لحرب الاستنزاف، التي يتوجب على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لها بشكل جيد".

إطلاق الصاروخين أو الأربعة صواريخ لم يكن الرد الذي وعد به حزب الله وإيران على عملية اغتيال نجل عماد مغنية والجنرال الإيراني قبل عشرة أيام. تحسنت القدرات العسكرية لحزب الله بشكل كبير خلال سنوات مشاركته في الحرب بسوريا، ويمكن التكهن بأنه لو شاء التنظيم إيقاع إصابات في الجولان، لكان بمقدوره عمل ذلك بسهولة. ولذلك يبدو أن إطلاق الصاروخين، هو محاولة من قبل حزب الله لإعادة صياغة شروط اللعب أمام الجيش الإسرائيلي، ولن يتواصل تنفيذ عمليات بإيقاع منخفض على امتداد الشريط الحدودي، وإنما سيتم الانتقال إلى إطلاق القذائف بشكل مرهق من جهة سوريا في كل وقت يعتبرونه مريحاً لهم.

وأكد الضابط يوسي يهوشواع: "هكذا سينجح حزب الله بتشويش الحياة بشكل غير محتمل في الشمال، وكذلك تشويش عمل الجيش الذي لا يزال ينتظر العملية الكبرى. ومن جهة أخرى، لا يعرض نفسه إلى الضغط الداخلي الناجم عن التخوف من الرد الإسرائيلي في لبنان".

ورأى يهوشواع أنه "إذا كان الجيش يسعى إلى صد الجبهة الجديدة في الجولان، فإنه يجب عليه ألا يكتفي بإطلاق 20 قذيفة على مصادر النيران. يجب عليه تحديد شروط جديدة وشديدة للرد".

عملية شبعا التي نفذها حزب الله، وأسفرت عن سقوط عدد من الجنود الإسرائيليين (اعترف الاحتلال بمقتل اثنين فقط)، باغتت (إسرائيل) كلياً، وأثبتت خطأ التقديرات والتكهنات الإسرائيلية حول الرد الممكن من حزب الله واحتمالات قرب موعده، أو أن يكون بهذه القوة والقرب من الحدود الإسرائيلية.

كسرت العملية، في واقع الحال، الوهم الإسرائيلي بردع قوي ومحصن تمكّن عدوان الاحتلال عام 2006 على لبنان من تثبيته على الأرض. كما بينت العملية أن الحسابات الإسرائيلية وركون الاحتلال إلى أن "انشغال حزب الله" في داخل الأراضي السورية من جهة، ورغبة إيران بالفصل بين الملف النووي وبين ما يحدث على الأرض السورية من جهة ثانية، سيحول دون إقدام الحزب على الرد على عملية القنيطرة بهذه القوة وهذه الجرأة، وخلال وقت قصير.

وعلى الرغم من أنه من المبكر الجزم، إلا أنه يمكن القول إن عملية إطلاق الصواريخ من هضبة الجولان، شكلت أكبر عملية تمويه لما كان يخبئه حزب الله لـ(إسرائيل). فقد جاءت التحليلات الإسرائيلية التي سبقت عملية شبعا لتحذر من أن إطلاق الصواريخ هو رسالة من حزب الله وإيران ينذران فيها (إسرائيل) من إنهاء مرحلة كون الجولان منطقة عازلة لا يطلق منها الرصاص باتجاه (إسرائيل).

وقد يكون الرد الأولي على عملية القنيطرة، الذي جاء من حزب الله ومن إيران، بأنهما سيحددان الزمان والمكان المناسبين للرد على العملية، قد زاد في الوهم الإسرائيلي والتقديرات بأن الحزب غير معني بتصعيد خطير أو مواجهة في الوقت الحالي مع (إسرائيل). كما عززت هذه التقديرات الاعتقاد الإسرائيلي بأن تورط الحزب في سوريا، والمعارضة التي يلقاها في لبنان، لن يدفعاه إلى إطلاق عملية من الأراضي اللبنانية باتجاه (إسرائيل).

لقد كان لافتاً اعتراف المحلل العسكري لموقع "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، بأن عملية شبعا كانت في واقع الحال كميناً كلاسيكياً أعده حزب الله، لكن لم تتوفر حوله أية معلومات استخبارية. وهو ما يدلل عملياً على ضعف الادعاءات والتصريحات الإسرائيلية المتتالية بأن (إسرائيل) تتابع عن كثب وتراقب كل التطورات الجارية وراء الحدود.

لكن عملية شبعا من شأنها أيضاً أن تكون نقطة تحول مهمة، ليس فقط لإسقاطها –كلياً- تفاهمات أو "ميزان الردع" الإسرائيلي بعد العدوان على لبنان عام 2006 وصدور القرار الدولي 1701، وإنماً أيضاً لكونها تشكل تحدياً صارخاً لنتنياهو في أوج معركة انتخابية، من شأنها أن تضع الأخير أمام خيارات صعبة في كل ما يتعلق بالرد الإسرائيلي على العملية.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية