نصيحة لحركة حماس ... بقلم : سعيد دويكات

الثلاثاء 24 مايو 2011

نصيحة لحركة حماس


سعيد دويكات


في غمرة اللقاءات والاجتماعات المتتالية بين حركتي حماس وفتح سعيا منهما لتشكيل حكومة توافق وطني من "المستقلين" وفي ظل تمنع يبدو متفقا عليه بعدم تسريب أسماء للإعلام حول هوية رئيس الحكومة وأعضائها " رغم تداول بعض الأسماء" بين الحين والآخر .

يبرز بشكل قوي اسم "سلام فياض" والذي يجاهر السيد محمود عباس بالإصرار على توليه رئاسة الوزراء ، رغم أن شرط الاستقلالية لا ينطبق عليه حيث أنه يتزعم حزب "الطريق الثالث" ودخل باسمه الانتخابات التشريعية 2006 وحصل على مقعدين رفقة الدكتورة حنان عشراوي قبل أن تتركه وحيدا.

والأمر الآخر هو مواقفه المثيرة للجدل والتي جعلت منه شخصا مرفوضا حتى لدى قطاعات واسعة من حركة فتح التي يرأس حكومتها ناهيك عن حركة حماس وعامة الناس .

لن أخوض في كيفية حضور فياض على الساحة الفلسطينية وفرضه أمريكيا على الراحل ياسر عرفات عام 2003 كوزير للمالية من أجل شلّ حركته وإفقاده ورقة هامة في علاقاته وتوازناته.. وتشديدا لحصاره الذي انتهى بنهايته..

فالرجل (فياض) لا يخفي علاقاته بل ويجاهر بها ليل نهار ، ولا يبدي أي غضاضة في أن يقال عنه أنه رجل أمريكا والغرب في الضفة الغربية وربما يسعده ذلك.
ما نحن بصدد الإشارة إليه هنا هو موقف حركة حماس من فياض .. فما يرشح حتى الآن عن اللقاءات مع فتح هو رفض حماس القاطع لوجود فياض رئيسا أو وزيرا للمالية ، وهو موقف مطمئن، ومطلوب من حماس الثبات عليه لأبعد الحدود . لا شك أن حماس في مقاربة صعبة بين القبول بالضغوط المكثفة لبقاء فياض وخاصة من الغرب الذي يلوح بجزرة التعامل مع الحكومة الجديدة والقبول بها دوليا ، وبالتالي فتح مزيد من الأبواب أمام حماس وكسر لطوق الحصار عنها ، وعصا استمرار الحصار والمقاطعة ، أو اهتزاز مصداقيتها نتيجة تغير موقفها ، ووضعها في موضع حرج للغاية أمام الشعب بشكل عام وعناصرها وأنصارها خاصة في الضفة الغربية التي حولها فياض إلى "غوانتانامو حماس " وذاق أبناء حماس والمقاومة علي يدي أجهزته الويلات ، قتلا وتعذيبا وقطع رواتب، ولا يزالون رغم ما يقال عن المصالحة التي يسمع عنها أبناء الضفة في وسائل الإعلام !

والمثير للريبة والتوجس في الأمر هو هذا الإصرار العجيب على تولية فياض رئاسة الحكومة وكأن نساء فلسطين عقمت أن تنجب مثله ، وكأن الشعب الفلسطيني كان في عداد الأموات قبل عام 2003 حتى حضر فياض وبعث فيه الحياة .

ثمة مبرر ماكر وخطير يطلقه بعض الخبثاء ويتداوله كثير من البسطاء وهو: أن هذه الحكومة مدتها سنة وسيحصل بعدها انتخابات، وقطعا ستحصل حماس وفتح على الأكثرية ويخرج فياض من اللعبة ، فما الضير من بقائه رئيسا للوزراء في هذه السنة ؟

إذا كان الأمر يتعلق فقط بسنة فلماذا هذا الإصرار الغريب وغير المبرر من جهات دولية وأخرى محلية عليه ؟ ثم هل نسينا أن حكومة فياض التي شكلت في 14/6/2007 كانت حكومة طوارئ مدتها 28 يوما فقط ثم تحولت إلى حكومة تصريف أعمال وفجاة وبقدرة قادر تحولت إلى الحكومة الشرعية رغم عدم عرضها على المجلس التشريعي ولا زالت تحكم حتى اليوم .

فهل سيكون مصير الحكومة القادمة إذا تولاها فياض-لا قدر الله – مثل هذه الحكومة التي امتدت من 28 يوما إلى 4 سنوات حتى اليوم والحبل على الجرار.. أي ما مجموعه 1441 يوما بالتمام والكمال بمعنى 51 ضعفا لمدتها المقررة !!

ثم ما الذي يضمن الالتزام بالمدة المقررة- سنة- وعدم افتعال أية عوائق أو أزمات – من الخارج أو الداخل – تجعل عمر الحكومة مديدا ، خاصة ونحن نعيش في عصر ليست فيه – مواعيد مقدسة- وتكون عندئذ حماس قد خسرت حكومتها ومعاناتها سنوات طويلة وأسبغت على فياض شرعية طالما حلم بها ، وليس أدل على ذلك من مسألة المعتقلين السياسيين في الضفة التي لا زالوا وأهاليهم (يحلمون ) بالإفراج عنهم رغم الاتفاق على إطلاق سراحهم مباشرة فور توقيع المصالحة .

معلوم أنه لا ينقص حماس وقيادتها الذكاء وخصومها قبل أنصارها يشهدون بذلك ، كما أن لديها القدرة العالية على مواجهة الأحداث والتعامل معها ، ولكن ثمة أمرا أراه ليس صحيحا في عالم السياسة المعاصرة ، ألا وهو سياسة الضرب أو الدق على الصدر " أو – كرمال عين تكرم مرج عيون- في غير موضعها - والاستعداد للتنازل المبالغ فيه أحيانا .

في سبيل تحقيق أمر ترى فيه الحركة مصلحة للناس على قاعدة أن التنازل للأخ هو مكسب وليس تنازلا ، وهذه قاعدة ليست دائما صحيحة ،خاصة إذا أسيء تفسيرها من الطرف المقابل – وما أكثر ما يحدث ذلك- ويكون الثمن المدفوع باهظا ويصعب تعويضه.

لذا كان من الواجب التوجه بنصيحة لمن يأمل الناس فيهم خيرا ، بأن يكون موقفهم ممن تجرأ على المساجد وانتهك حرماتها ولاحقَ أبناءها ومجاهديها وحارب كتاب الله ومنع دورات تحفيظه ، وأغلق الجمعيات الخيرية وجفف منابع التدين في الضفة الغربية وعذب الناس وقطع أرزاقهم ... موقفا نهائيا حاسما لا رجعة فيه بعدم توليه أي منصب مهما كان كبيرا أو صغيرا ..

إذ كيف يكون مستقلا وأمينا على مصلحة الشعب من فعل كل هذه الأفاعيل .

ولا يلتفتن أحد إلى طابور المطبلين والمزمرين من المتملقين والمنافقين أو الباحثين عن فتات من وراء تصريحات أو مقالات تنضح بنفاق وكذب تزكم رائحته الأنوف حتى يكاد يخيّل إلي أن الكلمات المكتوبة تكاد تضج بوجه كاتبها لفرط تملقه ونفاقه .

خاصة من أولئك الرهط أصحاب كذبة " 2000 مشروع في عامين في الضفة الغربية " أي ثلاثة مشاريع في اليوم الواحد !

- أجزم أن الصين وسنغافورة وهونغ كونغ تخجل أن تقول مثل هذا الكلام - .

أو تلكم الببغاوات التي ما فتئت تردد الاسطوانة المشروخة عن النمو والانتعاش الاقتصادي في الضفة و المؤسسات الجاهزة لإقامة الدولة، هذه المؤسسات التي خارت ركبها وزحفت على أربعها مع أول تلويح بوقف تحويل أموال الضرائب ، اللهم إلا إذا كان وقف الرواتب لحاجة في نفس فياض..

يحدثنا أحباب فياض عن الرخاء الاجتماعي والنعيم المقيم الذي يتقلب فيه - الضفاويون - ، نعيم لا مثيل له بحيث أن هناك عائلات –لفرط تنعمها - لا يجدون طعاما سوى " أرجل الدجاج " يقدمونه لأطفالهم !! هذا ما يعلن عنه والمخفي أعظم .

فعن أي استقلالية و كفاءة يكتبون وعن أي رفاهية ورخاء ومصلحة يتحدثون؟
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية