نظرة مرسي للكرسي
د. أيمن أبو ناهية
لعل أجمل إحساس يشعر به الآن الشعب المصري هو نجاح الثورة وقد حققت هدفها الأسمى بانتخاب د. محمد مرسي رئيسا للجمهورية وإقصاء فلول النظام السابق عن الوجود الرسمي والعمل السياسي، وهذا يعد أعظم انجاز للثورة وان كان هذا غير كاف، بل يجب إعادة النظر جيدا في ماضي كل رجالات النظام السابق وإعادة محاكمة رئيسهم وزمرته الفاسدة من جديد على كل ما اقترفوه وفعلوه ليس فقط خلال فترة ثورة 25 يناير بل أيضا طوال فترة الحكم الأوتوقراطي الدكتاتوري التي استغرقت أربعين سنة حتى يتم إرجاع الحقوق التي انتهكها واستباحها وسرقها النظام إلى أصحابها، هكذا تكون الثورة - التي هبت بتسيير وتيسير من الله عز وجل وقد حملها الشعب على أكتافه وسار بها بكل شجاعة وجبروت في مواجهة الصاغرين والأقزام في أعينهم وتكفل بحمايتها وأصر على نجاحها وبلوغ أهدافها – قد ثأرت لنفسها ولشهدائها وجرحاها وذويهم وتكون قد أعادت الشرف والمجد والطمأنينة لشعبها الذي لم يخذلها ويتخل عنها بل جاء بابنها الرئيس مرسي الذي كان مشاركا بفكره وقلبه ووجدانه وكل أحاسيسه فيها.
فثورة 25 يناير السلمية التي أسقطت النظام الدكتاتوري قد أتت بالديمقراطية التي لم تعهدها جمهورية مصر العربية من قبل قط، فقد كفرت بنقيضاتها "الثورات العسكرية" التي أتت إما من باب إطلاق الشعارات الوطنية الزائفة والمزيفة لعقول الناس، أو أنها جاءت من باب الطمع بالسلطة واحتكار الحكم لعقود وكادت أن تجعله مورثا كما ورثه الأسد لابنه وهو الآن يحصد ثمار خداع شعبه وكما كان يرسم ويخطط مبارك بتوريث الحكم لابنه جمال، وكلها ثورات كما علمتنا التجربة ثورات جاءت بأنظمة وحكام دكتاتورية متواطئة وخالفت شعاراتها التي كانت تنادي بها وأبت إلا أن ترتمي في أحضان القوى الاستعمارية من جيد والتي كانت للتو قد تخلصت منها، وبالطبع غاصت ولاصت في وحل بما يسمى بـ"الحرب الباردة" التي استغرقت عقودا طويلة هي عمر الأنظمة الدكتاتورية في مصر والعالم العربي، وقد انعكس هذا بطبيعة الحال سلبا على الشعب المصري وأدى إلى تراجعه وتأخره وها هو الآن يحصد خيبات الأنظمة السابقة.
نعم إن ثورة 25 يناير استطاعت قطع الطريق على "ثورة التوريث" التي سادت الأنظمة العربية، بل استطاعت أن تثبت بأن الشعب هو الذي يقرر مصيره وهو صاحب الكلمة الأولى والنهائية، كذلك استطاعت أن تثبت عكس ما قالته نظريات السياسة والاجتماع والفلسفة بأن الثورات تأتي نابعة من الأيديولوجيات والأفكار الثورية والحزبية التي نقلوها عن السابقين، ولكن ثورة 25 يناير قد خالفت هذا الاعتقاد وكانت مفاجأة نابعة من جيل الشباب الجديد الذي لم يتأثر بما قاله السابقين عن الثورات بقدر ما كان يشاهد الأحداث والمشاهد وما يدور من حوله بأم عينيه ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعية والانترنت والفضائيات التي تبث الصور الحية والمباشرة على مدار 24 ساعة، وكانت حرب "الرصاص المصبوب على رأس غزة" حاضرا في عيون وعقول الناس.
واحتراما وإجلال للثورة المباركة قام الرئيس مرسي بأول إجراء اتخذه هو استقبال في مقر الرئاسة اسر الشهداء الذين ضحوا من اجل نيل حريتهم، ولم يسبق لأي زعيم مصري القيام بمثل هذا الإجراء الإنساني والوطني قط، كناية عن مدى تواضع الرئيس مرسي ووعده لهم بأن دماء أبنائهم لم تضيع سدى، ومن مظاهر تواضعه رفضه تعليق صوره على الجدران كما كان متعارفا عليه عند السابقين الذي أخافوا وأرعبوا الناس بصورهم وجعلوهم يعبدونها ويمجدونها ويضربون لها السلام وكأنهم يمتثلون أمامها حقيقيا في الوزارات والمدارس والجامعات والشوارع والأسواق والمنازل دليلا على العبودية والتبعية والدكتاتورية التي انتهت مظاهرها منذ قرون في العالم قاطبة دون العالم العربي.
فالنظرة إلى أفعال رئيس مصر الجديد، د. مرسي، ستبقى الأكثر من النظرة إلى صوره التي ربما سنشاهدها قليلا إلى حين أن يظهر على الفضائيات هو شخصيا، الأمر الذي سيجعله معلقا في قلوب الناس أكثر من أعينهم، هذا الرئيس الجديد الذي يتقلد بمظهره المدني المتواضع يحرم على نفسه وأهله العيش في القصور الرئاسية أو حتى التمتع بها ويأبى إلا أن يعيش في بيته الصغير المستأجر، مخالفا لقاعدة الرؤساء السابقين المحبين لشهوة التمتع والفخفخة والجاه والذين تملكوا بعضا منها أو اغلبها وجعلوها أثرا لهم ولأبنائهم وأحفادهم.
بل إن الرئيس مرسي بتواضعه هذا قد ذهب إلى ابعد الحدود حين تبرع لبلده براتبه كرئيس ليس من باب الغناء والاستغناء وإنما من باب الاستعفاف وحبه لبده ووطنه وشعبه وإخلاصا ووفاء للثورة وصون الجميل لأمه "جماعة الإخوان" التي أنجبته ليكون نبراسا وعنوانا لها ولأخلاقها ومبادئها الإسلامية السمحة وسياساتها وبرامجها النهضوية والتزاما بما تعهد به أمام الشعب الذي انتخبه وأصر قبل اليمين الدستورية الرئاسية أمام المحكمة الدستورية العليا على إلقاء خطاب أمامه في ميدان التحرير الذي يعتبره المكان الأساسي واهم من المكان الرئاسي، فهو لم يطلب الكرسي الرئاسي بل كلف به تكليف (فمن يطلبه لا يستعان عليه)، ولأول مرة في تاريخ مصر يذهب الرئيس إلى الأزهر الشريف لأداء صلاة الجمعة فيه احتراما لمكانته وقدسيته. أما عن زوجة الرئيس مرسي المربية الفاضلة ترفض تسميتها بسيدة مصر الأولى واعتبرت نفسها "خادمة مصر الأولى"، من منطلق واجباتها تجاه بلدها وشعبها، وصدق المثل القائل وراء كل رجل عظيم امرأة.
لعل أجمل إحساس يشعر به الآن الشعب المصري هو نجاح الثورة وقد حققت هدفها الأسمى بانتخاب د. محمد مرسي رئيسا للجمهورية وإقصاء فلول النظام السابق عن الوجود الرسمي والعمل السياسي، وهذا يعد أعظم انجاز للثورة وان كان هذا غير كاف، بل يجب إعادة النظر جيدا في ماضي كل رجالات النظام السابق وإعادة محاكمة رئيسهم وزمرته الفاسدة من جديد على كل ما اقترفوه وفعلوه ليس فقط خلال فترة ثورة 25 يناير بل أيضا طوال فترة الحكم الأوتوقراطي الدكتاتوري التي استغرقت أربعين سنة حتى يتم إرجاع الحقوق التي انتهكها واستباحها وسرقها النظام إلى أصحابها، هكذا تكون الثورة - التي هبت بتسيير وتيسير من الله عز وجل وقد حملها الشعب على أكتافه وسار بها بكل شجاعة وجبروت في مواجهة الصاغرين والأقزام في أعينهم وتكفل بحمايتها وأصر على نجاحها وبلوغ أهدافها – قد ثأرت لنفسها ولشهدائها وجرحاها وذويهم وتكون قد أعادت الشرف والمجد والطمأنينة لشعبها الذي لم يخذلها ويتخل عنها بل جاء بابنها الرئيس مرسي الذي كان مشاركا بفكره وقلبه ووجدانه وكل أحاسيسه فيها.
فثورة 25 يناير السلمية التي أسقطت النظام الدكتاتوري قد أتت بالديمقراطية التي لم تعهدها جمهورية مصر العربية من قبل قط، فقد كفرت بنقيضاتها "الثورات العسكرية" التي أتت إما من باب إطلاق الشعارات الوطنية الزائفة والمزيفة لعقول الناس، أو أنها جاءت من باب الطمع بالسلطة واحتكار الحكم لعقود وكادت أن تجعله مورثا كما ورثه الأسد لابنه وهو الآن يحصد ثمار خداع شعبه وكما كان يرسم ويخطط مبارك بتوريث الحكم لابنه جمال، وكلها ثورات كما علمتنا التجربة ثورات جاءت بأنظمة وحكام دكتاتورية متواطئة وخالفت شعاراتها التي كانت تنادي بها وأبت إلا أن ترتمي في أحضان القوى الاستعمارية من جيد والتي كانت للتو قد تخلصت منها، وبالطبع غاصت ولاصت في وحل بما يسمى بـ"الحرب الباردة" التي استغرقت عقودا طويلة هي عمر الأنظمة الدكتاتورية في مصر والعالم العربي، وقد انعكس هذا بطبيعة الحال سلبا على الشعب المصري وأدى إلى تراجعه وتأخره وها هو الآن يحصد خيبات الأنظمة السابقة.
نعم إن ثورة 25 يناير استطاعت قطع الطريق على "ثورة التوريث" التي سادت الأنظمة العربية، بل استطاعت أن تثبت بأن الشعب هو الذي يقرر مصيره وهو صاحب الكلمة الأولى والنهائية، كذلك استطاعت أن تثبت عكس ما قالته نظريات السياسة والاجتماع والفلسفة بأن الثورات تأتي نابعة من الأيديولوجيات والأفكار الثورية والحزبية التي نقلوها عن السابقين، ولكن ثورة 25 يناير قد خالفت هذا الاعتقاد وكانت مفاجأة نابعة من جيل الشباب الجديد الذي لم يتأثر بما قاله السابقين عن الثورات بقدر ما كان يشاهد الأحداث والمشاهد وما يدور من حوله بأم عينيه ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعية والانترنت والفضائيات التي تبث الصور الحية والمباشرة على مدار 24 ساعة، وكانت حرب "الرصاص المصبوب على رأس غزة" حاضرا في عيون وعقول الناس.
واحتراما وإجلال للثورة المباركة قام الرئيس مرسي بأول إجراء اتخذه هو استقبال في مقر الرئاسة اسر الشهداء الذين ضحوا من اجل نيل حريتهم، ولم يسبق لأي زعيم مصري القيام بمثل هذا الإجراء الإنساني والوطني قط، كناية عن مدى تواضع الرئيس مرسي ووعده لهم بأن دماء أبنائهم لم تضيع سدى، ومن مظاهر تواضعه رفضه تعليق صوره على الجدران كما كان متعارفا عليه عند السابقين الذي أخافوا وأرعبوا الناس بصورهم وجعلوهم يعبدونها ويمجدونها ويضربون لها السلام وكأنهم يمتثلون أمامها حقيقيا في الوزارات والمدارس والجامعات والشوارع والأسواق والمنازل دليلا على العبودية والتبعية والدكتاتورية التي انتهت مظاهرها منذ قرون في العالم قاطبة دون العالم العربي.
فالنظرة إلى أفعال رئيس مصر الجديد، د. مرسي، ستبقى الأكثر من النظرة إلى صوره التي ربما سنشاهدها قليلا إلى حين أن يظهر على الفضائيات هو شخصيا، الأمر الذي سيجعله معلقا في قلوب الناس أكثر من أعينهم، هذا الرئيس الجديد الذي يتقلد بمظهره المدني المتواضع يحرم على نفسه وأهله العيش في القصور الرئاسية أو حتى التمتع بها ويأبى إلا أن يعيش في بيته الصغير المستأجر، مخالفا لقاعدة الرؤساء السابقين المحبين لشهوة التمتع والفخفخة والجاه والذين تملكوا بعضا منها أو اغلبها وجعلوها أثرا لهم ولأبنائهم وأحفادهم.
بل إن الرئيس مرسي بتواضعه هذا قد ذهب إلى ابعد الحدود حين تبرع لبلده براتبه كرئيس ليس من باب الغناء والاستغناء وإنما من باب الاستعفاف وحبه لبده ووطنه وشعبه وإخلاصا ووفاء للثورة وصون الجميل لأمه "جماعة الإخوان" التي أنجبته ليكون نبراسا وعنوانا لها ولأخلاقها ومبادئها الإسلامية السمحة وسياساتها وبرامجها النهضوية والتزاما بما تعهد به أمام الشعب الذي انتخبه وأصر قبل اليمين الدستورية الرئاسية أمام المحكمة الدستورية العليا على إلقاء خطاب أمامه في ميدان التحرير الذي يعتبره المكان الأساسي واهم من المكان الرئاسي، فهو لم يطلب الكرسي الرئاسي بل كلف به تكليف (فمن يطلبه لا يستعان عليه)، ولأول مرة في تاريخ مصر يذهب الرئيس إلى الأزهر الشريف لأداء صلاة الجمعة فيه احتراما لمكانته وقدسيته. أما عن زوجة الرئيس مرسي المربية الفاضلة ترفض تسميتها بسيدة مصر الأولى واعتبرت نفسها "خادمة مصر الأولى"، من منطلق واجباتها تجاه بلدها وشعبها، وصدق المثل القائل وراء كل رجل عظيم امرأة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية