نظرية بن غوريون في العلاقات الدولية!...بقلم : نواف الزرو

الأحد 05 فبراير 2012

نظرية بن غوريون في العلاقات الدولية!

نواف الزرو
في أحدث تطورات المشهد الفلسطيني الممتد من أقصى شمال الضفة إلى أقصى جنوبها نستحضر المعطيات والوقائع التي كتبنا فيها مرات ومرات:

يحتلون ويسيطرون ويضمون ويهودون الأرض والتاريخ والتراث, ويواصلون حروب التدمير والتخريب والإلغاء للوجود العربي...!

ويرفضون كافة القرارات الأممية المتعلقة بهذه الحقوق...!

ويرفضون كافة التدخلات والوساطات الدولية لصالح تسوية سياسية حقيقية...! ويرفضون كافة المطالبات والتوجهات الفلسطينية والعربية للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ...!

إلى كل ذلك, ففي المشهد الفلسطيني الماثل المزيد والمزيد:

فجيش ومستعمرو الاحتلال يصولون ويجولون ويعيثون فساداً وتخريباً وتهديماً وتهويداً...! وقطعان المستوطنين اليهود يشنون-تحت حماية الجيش- حرباً مسعورة على الأرض والمزارعين وعلى شجرة الزيتون الفلسطينية على مدار الساعة... يقطعون ويخربون ويحرقون ويسرقون ويدمرون مواسم الزيتون الفلسطيني...!

ويقتلون أصحاب الأرض والشجر..!

وفي القدس يعربدون ويستولون على المنازل في الشيخ جراح وفي شعفاط والطور وفي سلوان وحي البستان, فيتصدى لهم الشبان والفتية في معارك يومية والحرب تدور من حي لحي ومن منزل لمنزل..

وفي منطقة بيت لحم تواصل قطعانهم مدعمة بقوات الجيش عربدتها كذلك ضد الأرض والإنسان... وفي خليل الرحمن فحدث بلا حرج...!

فهذا الذي نتابعه على امتداد مساحة فلسطين عامة, من حملات تخريبية وهجمات تدميرية, ومن حملات حرق وقطع وإبادة لشجر الزيتون..وهذا الذي نتابعه من حملات اعتقالات ومحاكمات جماعية لأطفال فلسطين والقدس وسلوان على وجه الحصر...وهذا الهجوم الاستراتيجي الذي تشنه حكومة نتنياهو على الفلسطينيين والعرب لابتزاز اعترافهم ب"يهودية إسرائيل"..!

كل هذا الذي نتابعه ونشاهده من كم هائل من الأحداث والتطورات المتلاحقة إنما يأتي في إطار مخطط استراتيجي صهيوني يستهدف الإجهاز على القضية والحقوق والأمل في المستقبل لدى أصحاب القضية والحقوق...!

فما يجري على ارض القدس والضفة الغربية هو سطو صهيوني مسلح في وضح النهار على الأرض والقضية والتاريخ والتراث...!

وما يجري هو انتهاك صارخ متواصل لكافة المواثيق والقرارات الدولية...!

وما يجري هو استخفاف بالعرب واحتقار سافر لهم ولمبادراتهم السلامية والتطبيعية...!

وما يجري تغطيه دولة الاحتلال بالقوة الغاشمة..!.

وكل ذلك يجري في وضح النهار على مرأى من المجتمع الدولي...!

فهل هناك يا ترى وقاحة وصلافة اشد من هذه الوقاحة الإسرائيلية...?!

فلماذا تتمادى "إسرائيل" على هذا النحو مع الفلسطينيين والعرب...?!

وماذا نحن فاعلون فلسطينيا وعربيا في ضوء كل ذلك...?!

سؤال كبير عاجل ملح مزمن على الأجندات الفلسطينية العربية..!

عالميا- بينما يجمع العالم كله تقريبا اليوم من أمريكا إلى أوروبا إلى الأمم المتحدة, ناهيكم عن الإجماع العربي والإسلامي على رفض الاستيطان الصهيوني, إلا أن "إسرائيل" تستحضر دائماً تلك المعادلة-النظرية في العلاقات الدولية التي كان وضعها بن غوريون: "ليس المهم ما يقوله الغوييم-أي الأغيار- وإنما المهم ما يفعله اليهود"....!

وليس ذلك فحسب, فهم يغطون عمليا السلب والنهب والسطو المسلح والجرائم بالأيديولوجيا والأساطير الدينية, فالحاخام ياكوف سافير يعبر عن ذلك قائلاً: "إن الانتقادات الدولية للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية "سخيفة لأن الله هو الذي وعد اليهود بهذه الأرض وعلى العرب أن يرحلوا إلى مكان آخر", ويضيف: "أن هذه الأرض هي ارض يهودية - أنها ديارنا"?.

وفي السياق كان ما يسمى بـ"حاخامات أرض إسرائيل" قد وجهوا رسالة تحمل في طياتها تهديداً صريحاً وواضحاً لرئيس الحكومة نتنياهو (الذي لا يحتاج قطعاً إلى تهديد) ينصحونه بألا يقوم بخطوات متسرعة من قبيل ترك -ما أسموه- بأرض "إسرائيل" لأعدائها لأنها ستجلب كارثة على الإسرائيليين وعلى نتنياهو بشكل شخصي حسب تعبيرهم".

عملياً على امتداد مساحة الأرض في الضفة الغربية لم يتوقف بلدوزر التجريف والاستيطان عن العمل في جسم الضفة, إذ تكشف لنا أحدث عناوين مشهد الاستيطان ونهب الأراضي العربية النقاب عن معطيات مذهلة حول مناطق نفوذ المستوطنات وامتداداتها وتداعياتها على مستقبل الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية وعلى مستقبل الدولة الفلسطينية التي ما تزال تراوح في دائرة الحلم التاريخي...!

فهناك "38.3% من أراضي الضفة واقعة تحت سيطرة المستوطنات الإسرائيلية".

ولكن لترتفع هذه النسبة إلى" 40% من الضفة الغربية تقع تحت سيطرة الإمبراطورية الاستيطانية- ".

وعلى نحو مكمل تفيد المصادر الفلسطينية بأن "المخطط الإسرائيلي التهم حتى الآن حوالي 40- 50% من الضفة والذي ما زال ساري المفعول", مشيرة إلى "أن الحركة الاستيطانية الإسرائيلية أعلنت عن خرائطها وتصوراتها للحل مع الفلسطينيين, والذي يتضمن حصرهم في معازل على مساحة 35% من الضفة في حين إسرائيل تقوم بالتهام بقية الأراضي"?..

إذن, هي حروب شاملة على الأرض والشعب الفلسطيني تتقدمها حروب الاستيطان والضم والتهويد, وهي سطو مسلح حقيقي يتسابق مع عملية المفاوضات والسلام العقيمة المماطلة, وتهدف إلى تطويب الضفة الغربية جزءاً من"أرض إسرائيل إلى الأبد"...!

وكل ذلك جرى ويجري ليس فقط تحت مظلة المفاوضات والسلام الخادع المستمر منذ نحو عشرين عاماً, وإنما في ظل حالة عربية بائسة لم تعرف حتى الآن سوى منح الإدارة الأمريكية الفرصة تلو الفرصة لاستئناف عملية المفاوضات, بدل أن ينتفض العرب لإعادة ترتيب أولوياتهم وخطاباتهم لصالح أمنهم القومي المستباح موساديا كما تبين عبر الانكشافات الجاسوسية الأخيرة في مصر ولبنان.

صحيفة العرب اليوم الأردنية

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية