نفاق أوروبا يبرر وقاحة الموساد
أ.د يوسف رزقة
الموساد قتل المبحوح، وأحرق أصابع أوروبا الاستعمارية، وكشف عن مفهوم (إسرائيل) للتطبيع. الدروس والعبر في جريمة الاغتيال عديدة، الطرف الفلسطيني ثم العربي هما الأولى بقراءة الدروس واستخلاص العبر. أوروبا الاستعمارية كما وصفها بوش الابن قارة عجوز.
القارة العجوز مسكونة بالنفاق والمراوغة. دول الاتحاد الأوروبي تخشى المواجهة مع (إسرائيل). ماضي هذه الدول الاستعمارية يطاردها . هي تظهر الصداقة للعرب وتخفي خداعها لهم. هي تظهر تمسكها بحقوق الإنسان وتخفي عنصريتها في أنها تعنى حقوق الرجل الغربي.
إننا إذا نظرنا في مواقف الدول الأوروبية منفردة أو مجتمعة من قضية مقتل محمود المبحوح نجد عجباً ونفاقاً ومراوغة ، فمن حيث المبدأ لم تنكر الدول الأوروبية رسمياً على (إسرائيل) جريمتها حتى بعد أن ثبت لديها تورط الموساد في جريمة القتل والاغتيال . أوروبا الرسمية تقف صامتة من الجريمة ، بل وتحرف الرأي العام بالاتجاه إلى الغضب من استخدام الموساد لجوازات أوروبية مزورة . تزوير الجوازات في أوروبا جريمة ، ومقتل محمود المبحوح اغتيالاً قضية فيها نظر ؟!
أوروبا الاستعمارية المسكونة بالنفاق لا تبحث عن حقوق الضحية ، ولا في معاقبة المجرم ، ولا في انتهاك حرمة دولة عربية صديقة ، ولا في إرهاب الدولة ، ولا تسمي الأشياء بأسمائها ، وما يهمها فقط (وربما على مستوى الإعلام فقط) الجوازات المزيفة ، وكأن الجريمة حلال ومقبولة عليهم ، ولكن ليس بجوازات بريطانية وفرنسية وايرلندية وألمانية.
أوروبا الاستعمارية تتعامل مع المجرم بآلية دبلوماسية وبلغة خجولة ، تستدعي السفير للاستيضاح ، وتستدعي وزير خارجية دولة الاحتلال أيضاً للاستيضاح . لذا فإنني شخصياً لا أتوقع معاقبة (إسرائيل) لا من هذه الدولة منفردة ولا من الاتحاد الأوروبي مجتمعاً ، وسينحصر الرد الأوروبي على موقف إعلامي رضائي للعرب ، مع استمرار الموقف المؤيد لـ(إسرائيل) ، ومع تعهدات شفوية بعدم التكرار.
إنني شخصياً أميل إلى قبول المعلومات التي أوردتها الصحافة الأوروبية والقائلة بأن الاستخبارات البريطانية كان لديها علم باستخدام الجوازات البريطانية مسبقاً ، وأقبل الرواية القائلة بأن نتنياهو صادق على عملية الاغتيال.
أوروبا الرسمية تتعاون رسمياً مع الموساد وتتبادل معه المعلومات ، وتشاركه أجهزتها الرسمية في التنفيذ عند اللزوم ، الموساد يسرح ويمرح في البلاد الأوروبية كما يسرح ويمرح في تل أبيب.
قادة النظام العربي يدركون حقائق وخفايا التعاون الاستخباربي بين أوروبا والموساد ، وبعضهم يشاركون في هذا التعاون من طرف خفي ، لكن وقاحة الموساد في اختراق حرمة عواصم عربية مهمة يجدر أن يثير حفيظتهم وغيرتهم.
والفرصة مواتية للمطالبة باعتقال نتنياهو ، ورئيس الموساد مائير دوغان ، بوصفهما مسؤولين عن جريمة القتل ، وجريمة الاهانة ، وجريمة انتهاك حقوق جوازات السفر ، وتعريض أمن المسافرين والمستثمرين للخطر ، إن للفلسطينيين في هذه المعركة حقوقاً يعرفونها ، وإن لدبي حقوقاً تعرفها ، وإن للمجموعة العربية حقوقاً يجدر بها ان تعرفها ، وإن صمت المجموعة العربية لا يفيدها ، وإن تقبلها لنفاق أوروبا ومراوغتها سيضرها ويضر بمصالحها إن لم يكن اليوم فغداً . وهذا ما عنيناه بنفاق أوروبا ومفهوم (إسرائيل) للتطبيع . التطبيع مدخل للجريمة وضرب للتنمية والنهضة العربية ، التي يزعم القادة أنهم يعملون لها.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية