لمى خاطر

هل أنهت (إسرائيل) ثاراتها باغتيال السويطي؟! ... بقلم : لمى خاطر

الأربعاء 28 أبريل 2010

 
هل أنهت (إسرائيل) ثاراتها باغتيال السويطي؟!


لمى خاطر

ميزتهم أن سنوات طويلة من المطاردة لا تكسر همتهم، وأن مضاءهم يحرق أدمغة مخابرات الاحتلال ويستنزف أعصابه قبل أن يذوي، وسمتهم أن بيعتهم مع الله لا تفسدها مبادرات استجلاب عفو صهيوني لهم، وأن بنادقهم لا تتحول لقاطعة طريق ولا تباع في أسواق التنسيق الأمني، أما شأن بطولاتهم وسرّ تجند جيش بأكمله لاغتيال أحدهم فقلما تدركه قبل رحيلهم، وقبل أن تصدر الدوائر العسكرية والإعلامية الصهيونية لوائح (الشرف) الخاصة بهم والتي استحقت كل تلك الجهود المضنية في سبيل الخلاص منهم إلى الأبد!

إنهم رجال القسام في فلسطين والورثة الشرعيون لخطه الجهادي المبارك، إنهم عناوين المرحلة وصانعو الملاحم، وهم المظلومون في مقاييس الدنيا الفائزون في العرف الأخروي وفي حسابات أهل السماء..!


مَن مِن أهل الخليل خصوصا وفلسطين عموما لا يذكر تلك العملية البطولية التي حدثت قرب بلدة إذنا، عقب اغتيال الرنتيسي بوقت قصير وقتل فيها ضابطان صهيونيان، وكيف خرجت يومها بيانات مجموعات الزيف والبهتان تنسبها لنفسها بينما ظل المنفذون الحقيقيون صامتين؟ إنه الشهيد المجاهد علي السويطي، الطود الأخير المتبقي من أفراد مجموعته القسامية التي أبلت بلاءً جهادياً فذاً في السنوات التي أعقبت استشهاد الياسين والرنتيسي قبل أن يتوزع أفرادها على سجون المحتل، ويظل علي طليقا في سجنه الكبير يصرع التحديات ويقهر الاحتلال بحربتيه: المباشرة والقائمة بأمره!


ولأن الهواء الذي لطخه عفن الوشاية بالمقاومين استعصى على التسرب إلى صدور القابضين على جمر الرصاص كان لا بد أن تتعجل الجنان باستقدامهم، ثم كان لا بد أن يبالغ جنود جيش الاحتلال في إبداء الفرح بالقضاء على علي السويطي وأن تسرف حكومتهم في إظهار شماتتها، وكأنما كانت تحاول رد شيء من اعتبار الكرامة لنفسها بعد أن سدد لها قسام غزة صفعة جديدة برسالته النوعية هذه المرة حول جنديها الأسير في قبضته.


لم يكن مسموحاً لجيش الاحتلال وهو يواجه بأرتاله فرداً درعه الوحيد بندقية إلا أن يخلفه قتيلا، لكن (عليّا) كانت خياراته موزعة ما بين الموت مدبراً، أو مستسلماً على شاكلة من ألفوا لقاء عدوهم كحين حاصر سجن أريحا، أو الشهادة مهرولا إليها، فكان أن اختار الميتة المشرفة التي تليق به مجاهداً صنديداً وبطلاً أصيلاً تسابقت إليه الملائكة تقلده وسام الصعود.


لم يكن عجيباً أن تتبارى وحدات النخبة في جيش الاحتلال في التنكيل بجثته بعد خروج الروح منها، وهل يضير القسامي التفنن في تشويه هامته بعد قتله من خلف ألف درع؟! لكنه كان الانتقام الجبان ممن بزّ الجنود المدججين شجاعة وإقداما، وتعالى على منطق الاستسلام والخور.. الخيار الوحيد الذي يتيحه قانون (الفلسطيني الجديد) الذي يطبقه نفر آخر من الفلسطينيين بأمانة لا محدودة!


تخلصت "إسرائيل" ممن تعده واحداً من آخر أعدائها في الضفة، ونسفت ما تراه آخر جيب للمقاومة المتبقية من عهد انتفاضة الأقصى، وضمنت اغتيال السويطي رسالة لمن تبقى من رفاقه بأن "إسرائيل" لا تسامح الذين (تلوثت) أياديهم بدم شعبها، ولحماس في غزة بألا تحلموا أن نسرّح المأسورين منهم لدينا إلى الحياة، وأننا لا نغفر إلا لمن يجتازون اختبار التحلل من الرجولة بنجاح ثم يكون عليهم أن يكفروا عن (ذنوب) الأمس بالطريقة التي تحددها "إسرائيل" أو الجنرال دايتون لهم، لا فرق!


حكومات الاحتلال بيسارها ويمينها لم تنفك تصفي حساباتها القديمة مع كل من تصله أذرع مخابراتها وجيشها من أعدائها الحقيقيين، لكنها في غمرة نشوتها بإنجازاتها البائسة تغفل حسابات الغد، وما يمكن أن تصنعه بذور الدم التي يستحيل أن تظل راقدة في بطن الأرض إلى الأبد.. ومسيرة القسام قدرها أن تظل معمدة بالدماء في كل مكان تطأه أقدام جنودها، والدم في عرف أهل الجهاد استثمار للمستقبل، فهو ضمانة استمرار إرادة المقاومة حية في النفوس، وهو صمام أمان للضمائر التي تأبى التطويع، وهو ذلك المرهم السحري القادر على رتق جروح مرحلة اليأس والانبطاح ليؤسس لعهد جديد لن يلبث أن يتبرعم ثورة وانطلاقة أخرى نحو الفجر.


إرادة المقاومة باقية ما بقي الدم حاضراً وما بقيت هناك نفوس لا تقرّ بالهزيمة والنكوص، وهيهات أن تنعم حكومة الاحتلال وجيشها بالراحة، فهي قد اغتالت مقاوماً، لكنها في المقابل خلفت وراءها طوفان من الغضب جَرَف جهد سنوات من التطويع والتدجين، وبهذا تكون قد أسدت جميلا من حيث لا تدري لنهج المقاومة وأصحابه، وسددت في المقابل ركلة مذلة لمن وضعوا سهامهم في كنانتها وصار أعداؤها أعداءهم وربطوا مصالحهم بمصالحها، فما حصدوا سوى الخزي ولعنات شعبهم وظلوا خشباً مسندة ومحيّدة على هامش الفعل الإسرائيلي!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية