هل مات مخيم اليرموك؟!
فجأة خفتت الأصواتُ وساد الصمت بعد الجَلَبة التي أحدثها تنظيم "داعش" داخل مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، بعد اقتحامه وسفكه لدماء الأبرياء، وقد كانت الأصوات قد تعالت وتداعت لبُرهة من الزمن لم تتجاوز حناجر أصحابها ولا جدران صفحات التواصل الاجتماعي عبر حملاته التي تطفو على السطح حين يبلغ سيلُ الحصار والقتل الزبى، ولا يطول الزمن حتى تتراجع تلك الحملات والأصوات، لا لأنّ الحصار قد انتهى وأزمة مخيم اليرموك قد حلّت، ولكن للأسف هذا هو واقعنا المرير، تؤثّر فينا المشاهد المؤلمة والأصوات المحزنة الصادرة من مخيم اليرموك للحظات بل ساعات أو أيام، فننتفض وتتحرّك وسائلنا الإعلامية لبعض الوقت، ثم تمرّ الأيام ويستمر الواقع المؤلم،وكأنَّ شيئاً لم يكن..!
الجَلَبة التي أحدثها دخول "داعش" مخيم اليرموك مضى عليها اليوم أكثر من شهر، وأزمة مخيم اليرموك ومأساة سكانه لم تكن وليدة لحظة دخول تنظيم "داعش"، بل منذ اليوم الأول للحصار المرفوض عليه من قبل النظام السوري والمستمر في عامه الرابع.
لا وجود لأخبار اليوم عن مخيم اليرموك ومأساته في أجندة القنوات الفضائية الفلسطينية أو العربية، ولا أثر للأخبار العاجلة على أشرطتها المتحرّكة، والتي كانت تعجّ بالأخبار العاجلة عنه وعن مأساته، حتى إنَّ بعض الحملات باسم (أنقذوا مخيم اليرموك) لم تحدّث صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي منذ شهر تقريباً!!
حتّى الجولات المكوكية لبعض مبعوثي منظمة التحرير الفلسطينية إلى سوريا تبنّوا الموقف السوري الرّسمي من الأحداث، ممّا زاد الأمر تعقيداً وعمّق الأزمة أكثر من إيجاد حلول إنسانية عاجلة لها، وكادت بعض تلك الشخصيات أن تورّط السلطة وتنزلق في مشاركة حقيقية لإبادة المخيم وساكنيه.
وباتت السلطة الفلسطينية عبر وسطائها جزءاً من الأزمة لا جزءاً من الحل، وكانت من بابٍ أولى أن تتبنى مطالب اللاجئين الفلسطينيين في المخيم (الضحية) بدل أن تصطّف مع النظام السوري وحلفائه في الجبهة الشعبية (القيادة العامة).
هل فعلاً أنَّ مخيم اليرموك قد مات، وأعلنت وسائلنا الإعلامية خبر وفاته، ونعته السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الحكومات العربية، ودفن في اللجوء أو المنفى وانتهى ؟!
لا يزال مخيم اليرموك اليوم وحتى الساعة يعاني الحصار وانعدام المساعدات الإنسانية، ويعيش بين ثالوث مُرعب؛ تحكمه كمّاشة تنظيم "داعش" الذي يُرهب الأهالي ويروّع الآمنين من جهة، وتسيطر عليه كمّاشة النظام السوري الذي يحاصر المخيم ويمنع المصابين والمحتاجين إلى علاج فوري من الخروج من المخيّم الذي قُصفت مشافيه ومنع عنه الدواء والغذاء، وتساوم عليه كمّاشة السلطة الفلسطينية عبر وسطائها الذين لم يقدّموا أيّ شيء يذكر لحلّ أزمة المخيم وفك الحصار.
حركة حماس لم تكن بعيدة عن المشهد منذ بدايات الأزمة، حيث قدّمت حلولاً وساهمت في بعضها، نجحت حيناً وأخفقت حيناً آخر، لكنّها وعبر لسان قيادييها لا تزال تسعى وتتابع الوضع، ولعلّ الثالوث المرعب المذكور آنفاً هو المعرقل والمسيطر، وكأنَّ تقاطع مصالحه لا يمرّ عبر فك الحصار المفروض عن المخيم ومدّ أهله بالماء والغذاء والدواء.
ما يريده سكّان مخيم اليرموك من الرجال والنساء والأطفال هو توفير الماء والغذاء والدواء لهم فقط لا غير، والبقاء والصمود في منازلهم لما يمثله هذا المخيم من رمز فلسطيني يعدّ عاصمة الشتات المتحفّز للعودة إلى الديار، وهم يحيون ذكريات النكبة والنكسة هذا العام، لكنَّهم يصطدمون كلّ عام بواقع سياسي وإعلامي مؤلم يحضر في المناسبات ويغيب كلّ الأيام !!
وبعد، فهل فعلاً مات مخيم اليرموك ؟! لم يمت المخيم، ولكن ضمائرنا التي ماتت !! ولعلّ صدى صوتنا ترجعه جدران استديوهات وسائل الإعلام، وحيطان غرف البرلمانات، ومكاتب الفصائل والقيادات الفلسطينية: "أنقذوا مخيم اليرموك".
يا صدى الصوت أَسْمِع !!
إضاءة: في مخيم اليرموك حارة تُدعى "المغاربة"، وفي مدينة القدس المحتلة حارة بالاسم نفسه، ومن أبواب الأقصى المبارك بابُ المغاربة.
مبروك الهاني
فجأة خفتت الأصواتُ وساد الصمت بعد الجَلَبة التي أحدثها تنظيم "داعش" داخل مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، بعد اقتحامه وسفكه لدماء الأبرياء، وقد كانت الأصوات قد تعالت وتداعت لبُرهة من الزمن لم تتجاوز حناجر أصحابها ولا جدران صفحات التواصل الاجتماعي عبر حملاته التي تطفو على السطح حين يبلغ سيلُ الحصار والقتل الزبى، ولا يطول الزمن حتى تتراجع تلك الحملات والأصوات، لا لأنّ الحصار قد انتهى وأزمة مخيم اليرموك قد حلّت، ولكن للأسف هذا هو واقعنا المرير، تؤثّر فينا المشاهد المؤلمة والأصوات المحزنة الصادرة من مخيم اليرموك للحظات بل ساعات أو أيام، فننتفض وتتحرّك وسائلنا الإعلامية لبعض الوقت، ثم تمرّ الأيام ويستمر الواقع المؤلم،وكأنَّ شيئاً لم يكن..!
الجَلَبة التي أحدثها دخول "داعش" مخيم اليرموك مضى عليها اليوم أكثر من شهر، وأزمة مخيم اليرموك ومأساة سكانه لم تكن وليدة لحظة دخول تنظيم "داعش"، بل منذ اليوم الأول للحصار المرفوض عليه من قبل النظام السوري والمستمر في عامه الرابع.
لا وجود لأخبار اليوم عن مخيم اليرموك ومأساته في أجندة القنوات الفضائية الفلسطينية أو العربية، ولا أثر للأخبار العاجلة على أشرطتها المتحرّكة، والتي كانت تعجّ بالأخبار العاجلة عنه وعن مأساته، حتى إنَّ بعض الحملات باسم (أنقذوا مخيم اليرموك) لم تحدّث صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي منذ شهر تقريباً!!
حتّى الجولات المكوكية لبعض مبعوثي منظمة التحرير الفلسطينية إلى سوريا تبنّوا الموقف السوري الرّسمي من الأحداث، ممّا زاد الأمر تعقيداً وعمّق الأزمة أكثر من إيجاد حلول إنسانية عاجلة لها، وكادت بعض تلك الشخصيات أن تورّط السلطة وتنزلق في مشاركة حقيقية لإبادة المخيم وساكنيه.
وباتت السلطة الفلسطينية عبر وسطائها جزءاً من الأزمة لا جزءاً من الحل، وكانت من بابٍ أولى أن تتبنى مطالب اللاجئين الفلسطينيين في المخيم (الضحية) بدل أن تصطّف مع النظام السوري وحلفائه في الجبهة الشعبية (القيادة العامة).
هل فعلاً أنَّ مخيم اليرموك قد مات، وأعلنت وسائلنا الإعلامية خبر وفاته، ونعته السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الحكومات العربية، ودفن في اللجوء أو المنفى وانتهى ؟!
لا يزال مخيم اليرموك اليوم وحتى الساعة يعاني الحصار وانعدام المساعدات الإنسانية، ويعيش بين ثالوث مُرعب؛ تحكمه كمّاشة تنظيم "داعش" الذي يُرهب الأهالي ويروّع الآمنين من جهة، وتسيطر عليه كمّاشة النظام السوري الذي يحاصر المخيم ويمنع المصابين والمحتاجين إلى علاج فوري من الخروج من المخيّم الذي قُصفت مشافيه ومنع عنه الدواء والغذاء، وتساوم عليه كمّاشة السلطة الفلسطينية عبر وسطائها الذين لم يقدّموا أيّ شيء يذكر لحلّ أزمة المخيم وفك الحصار.
حركة حماس لم تكن بعيدة عن المشهد منذ بدايات الأزمة، حيث قدّمت حلولاً وساهمت في بعضها، نجحت حيناً وأخفقت حيناً آخر، لكنّها وعبر لسان قيادييها لا تزال تسعى وتتابع الوضع، ولعلّ الثالوث المرعب المذكور آنفاً هو المعرقل والمسيطر، وكأنَّ تقاطع مصالحه لا يمرّ عبر فك الحصار المفروض عن المخيم ومدّ أهله بالماء والغذاء والدواء.
ما يريده سكّان مخيم اليرموك من الرجال والنساء والأطفال هو توفير الماء والغذاء والدواء لهم فقط لا غير، والبقاء والصمود في منازلهم لما يمثله هذا المخيم من رمز فلسطيني يعدّ عاصمة الشتات المتحفّز للعودة إلى الديار، وهم يحيون ذكريات النكبة والنكسة هذا العام، لكنَّهم يصطدمون كلّ عام بواقع سياسي وإعلامي مؤلم يحضر في المناسبات ويغيب كلّ الأيام !!
وبعد، فهل فعلاً مات مخيم اليرموك ؟! لم يمت المخيم، ولكن ضمائرنا التي ماتت !! ولعلّ صدى صوتنا ترجعه جدران استديوهات وسائل الإعلام، وحيطان غرف البرلمانات، ومكاتب الفصائل والقيادات الفلسطينية: "أنقذوا مخيم اليرموك".
يا صدى الصوت أَسْمِع !!
إضاءة: في مخيم اليرموك حارة تُدعى "المغاربة"، وفي مدينة القدس المحتلة حارة بالاسم نفسه، ومن أبواب الأقصى المبارك بابُ المغاربة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية