هنية والرغبة في المصالحة
د. أيمن أبو ناهية
مرت ست سنوات على الانقسام الفلسطيني، الذي ولد بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في الرابع عشر من حزيران/ يونيو عام 2007م، وما زالت رحلة البحث عن المصالحة سارية، وهي التي بدأت في مكة المكرمة حيث أقسم هناك قادة فتح وحماس على إنجازها، ثم القاهرة والدوحة، وغيرها.. إذ وقَّعوا ما لا يعد ولا يحصى من اتفاقات تتعثر مرة وتتيسر مرة أخرى، لكن كل ذلك لم يستطع تحقيق الوحدة، ووأد الانقسام الذي يستشري في جميع نواحي الحياة الفلسطينية، حتى أن الشعب الفلسطيني بات أكثر بُعدا من أي وقت مضى عن تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، لغياب الإرادة السياسية لدى حركتي فتح وحماس، إضافة إلى تداخل العوامل العربية والإقليمية والدولية بها.
ومنذ بداية هذا العام 2014_ الذي سمي بعام المصالحة_ بدأ عقد لقاءات معلنة وأخرى تتم بسرية وكتمان بين حركتي فتح وحماس والهدف المعلن هو تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام المستمر منذ سنوات، ومن أجل ذلك، أيضا هناك لقاءات تتم خارج الوطن في عواصم مختلفة، ورسائل متبادلة واتصالات تلفونية بين غزة ورام الله. إنهم وجهوا رسائل إيجابية إلى حركة فتح ورئيسها محمود عباس، تمثلت في إطلاق معتقلين من حركة فتح والسماح لأعضاء في الحركة خرجوا من القطاع إبان أحداث الانقسام بالعودة إليه، وسبق أن سمحت حركة حماس والحكومة في غزة لأعضاء وممثلين وشخصيات من حركة فتح بزيارة غزة وإقامة مهرجانات الانطلاقة، وموافقتها على ترؤس رئيس حركة فتح حكومة الوفاق، ولقاءات رئيس الحكومة إسماعيل هنية مع شخصيات فتحاوية من أجل إنهاء الانقسام، ولقائه مؤخراً مع وفد من اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي يزور القطاع لبحث الإسراع في إتمام المصالحة الفلسطينية، كل هذا يؤكد على وجود حراك مستمر في ملف المصالحة ويؤكد مدى جدية حركة حماس وإنَّ كل هذه الجهود والمواقف تبعث في الحقيقة الأمل من جديد في نفوسنا.
لكن الشيء النقيض لهذا ولم يبعث على الأمل أن الأمور في الضفة تسير كما هي على حالها فالاعتقالات السياسية والتنسيق الأمني لم تنته بعد، ولا تزال الشكوك في نية وجدية وصدق حركة حماس تخيم على عقول حركة فتح، فهذا صوت حركة فتح يقول: "إن حركة حماس تبدو متلهفة لإنجاز المصالحة، والنبرة اختلفت عما كانت عليه في السابق، في حين تواجه بشكوك من جانب قيادات فتح. هل الحديث عن المصالحة هو مجرد بالونات اختبار وأحصنة طروادة وطريق للخروج من المآزق التي وقعت فيها حماس عندما عمدت إلى التدخل في الشأن الداخلي المصري والسوري، أم أن "القصة" بأكملها لا تتعدى كونها مدخلًا لإعادة ترتيب الأوراق والبحث عن مخارج لأزماتها؟"!. وهذا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد يقول في مقاله (ليس هناك مفاجأة في المصالحة الفلسطينية): "أنا بصفتي أحد المشاركين في الحوارات والاتصالات التي جرت في الخرطوم وعمان وأنقرة وبيروت ورام الله والقاهرة وغزة، أقول بكل وضوح لو توافرت الإرادة لدى الأطراف الفلسطينية لما تعثرت عملية المصالحة".
أعتقد أنه ليس عيبًا أن تكون حركة وحكومة حماس متلهفة على المصالحة لأنها مطلب أخلاقي قبل أن تكون وطنياً، فلا يجوز أن نكون منقسمين ومتحاربين وأعداؤنا يتربصون بنا وبقضيتنا، كما أنه من العيب جدا أن نكون منقسمين وأسرانا ومسرانا في أسر الاحتلال، فالانقسام وارد لدى كل شعوب العالم ولكن العيب في من يكابر ويساوم في إنهائه.
وأقول إن النوايا الصادقة والرغبات الحقيقية داخل الكل الفلسطيني ستجعل من تنفيذ المصالحة أمرا واقعًا يسهل تحقيقه وسيقضي على الانقسام منذ اليوم الأول لتشكيل حكومة الإنقاذ والتوافق الوطني وهو ما يتطلب التوحد أمام أي محاولة لإشعال نار الفتنة بين أفراد هذا الشعب الذي ينتظر حلولا تعوضه عن سنوات المعاناة الماضية، مطالبًا المجتمع العربي والدولي بالعمل الجاد على إنجاح مرحلة المصالحة الفلسطينية وتسهيل مهمة حكومة الإنقاذ والتوافق الوطني وإخراج القضية الفلسطينية من كافة التجاذبات الإقليمية. وأن تجاوز هذه المرحلة يتطلب جهدًا مكثفًا من جميع قيادات الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية لعبور أصعب مرحلة في تاريخ الشعب الفلسطيني وتنفيذ ما وقع عليه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل مع الرئيس الفلسطيني في اتفاقية القاهرة وإعلان الدوحة لإنهاء الانقسام.
د. أيمن أبو ناهية
مرت ست سنوات على الانقسام الفلسطيني، الذي ولد بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في الرابع عشر من حزيران/ يونيو عام 2007م، وما زالت رحلة البحث عن المصالحة سارية، وهي التي بدأت في مكة المكرمة حيث أقسم هناك قادة فتح وحماس على إنجازها، ثم القاهرة والدوحة، وغيرها.. إذ وقَّعوا ما لا يعد ولا يحصى من اتفاقات تتعثر مرة وتتيسر مرة أخرى، لكن كل ذلك لم يستطع تحقيق الوحدة، ووأد الانقسام الذي يستشري في جميع نواحي الحياة الفلسطينية، حتى أن الشعب الفلسطيني بات أكثر بُعدا من أي وقت مضى عن تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، لغياب الإرادة السياسية لدى حركتي فتح وحماس، إضافة إلى تداخل العوامل العربية والإقليمية والدولية بها.
ومنذ بداية هذا العام 2014_ الذي سمي بعام المصالحة_ بدأ عقد لقاءات معلنة وأخرى تتم بسرية وكتمان بين حركتي فتح وحماس والهدف المعلن هو تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام المستمر منذ سنوات، ومن أجل ذلك، أيضا هناك لقاءات تتم خارج الوطن في عواصم مختلفة، ورسائل متبادلة واتصالات تلفونية بين غزة ورام الله. إنهم وجهوا رسائل إيجابية إلى حركة فتح ورئيسها محمود عباس، تمثلت في إطلاق معتقلين من حركة فتح والسماح لأعضاء في الحركة خرجوا من القطاع إبان أحداث الانقسام بالعودة إليه، وسبق أن سمحت حركة حماس والحكومة في غزة لأعضاء وممثلين وشخصيات من حركة فتح بزيارة غزة وإقامة مهرجانات الانطلاقة، وموافقتها على ترؤس رئيس حركة فتح حكومة الوفاق، ولقاءات رئيس الحكومة إسماعيل هنية مع شخصيات فتحاوية من أجل إنهاء الانقسام، ولقائه مؤخراً مع وفد من اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي يزور القطاع لبحث الإسراع في إتمام المصالحة الفلسطينية، كل هذا يؤكد على وجود حراك مستمر في ملف المصالحة ويؤكد مدى جدية حركة حماس وإنَّ كل هذه الجهود والمواقف تبعث في الحقيقة الأمل من جديد في نفوسنا.
لكن الشيء النقيض لهذا ولم يبعث على الأمل أن الأمور في الضفة تسير كما هي على حالها فالاعتقالات السياسية والتنسيق الأمني لم تنته بعد، ولا تزال الشكوك في نية وجدية وصدق حركة حماس تخيم على عقول حركة فتح، فهذا صوت حركة فتح يقول: "إن حركة حماس تبدو متلهفة لإنجاز المصالحة، والنبرة اختلفت عما كانت عليه في السابق، في حين تواجه بشكوك من جانب قيادات فتح. هل الحديث عن المصالحة هو مجرد بالونات اختبار وأحصنة طروادة وطريق للخروج من المآزق التي وقعت فيها حماس عندما عمدت إلى التدخل في الشأن الداخلي المصري والسوري، أم أن "القصة" بأكملها لا تتعدى كونها مدخلًا لإعادة ترتيب الأوراق والبحث عن مخارج لأزماتها؟"!. وهذا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد يقول في مقاله (ليس هناك مفاجأة في المصالحة الفلسطينية): "أنا بصفتي أحد المشاركين في الحوارات والاتصالات التي جرت في الخرطوم وعمان وأنقرة وبيروت ورام الله والقاهرة وغزة، أقول بكل وضوح لو توافرت الإرادة لدى الأطراف الفلسطينية لما تعثرت عملية المصالحة".
أعتقد أنه ليس عيبًا أن تكون حركة وحكومة حماس متلهفة على المصالحة لأنها مطلب أخلاقي قبل أن تكون وطنياً، فلا يجوز أن نكون منقسمين ومتحاربين وأعداؤنا يتربصون بنا وبقضيتنا، كما أنه من العيب جدا أن نكون منقسمين وأسرانا ومسرانا في أسر الاحتلال، فالانقسام وارد لدى كل شعوب العالم ولكن العيب في من يكابر ويساوم في إنهائه.
وأقول إن النوايا الصادقة والرغبات الحقيقية داخل الكل الفلسطيني ستجعل من تنفيذ المصالحة أمرا واقعًا يسهل تحقيقه وسيقضي على الانقسام منذ اليوم الأول لتشكيل حكومة الإنقاذ والتوافق الوطني وهو ما يتطلب التوحد أمام أي محاولة لإشعال نار الفتنة بين أفراد هذا الشعب الذي ينتظر حلولا تعوضه عن سنوات المعاناة الماضية، مطالبًا المجتمع العربي والدولي بالعمل الجاد على إنجاح مرحلة المصالحة الفلسطينية وتسهيل مهمة حكومة الإنقاذ والتوافق الوطني وإخراج القضية الفلسطينية من كافة التجاذبات الإقليمية. وأن تجاوز هذه المرحلة يتطلب جهدًا مكثفًا من جميع قيادات الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية لعبور أصعب مرحلة في تاريخ الشعب الفلسطيني وتنفيذ ما وقع عليه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل مع الرئيس الفلسطيني في اتفاقية القاهرة وإعلان الدوحة لإنهاء الانقسام.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية