واقع العدوان .. حصاد المقاومة ... بقلم : صلاح حميدة

الجمعة 23 يناير 2015

واقع العدوان .. حصاد المقاومة

صلاح حميدة

أظهر تقرير إحصائي لأعمال المقاومة الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية في السنوات الثلاث الأخيرة تصاعداً حاداً في تلك الأعمال في السنة المنصرمة(2014م) وكان هذا المؤشر فاقعاً لدرجة لفتت نظر المتابعين للشأن الفلسطيني العام، وللعمل المقاوم في الضفة الغربية على وجه الخصوص.

فقد وصل عامة الشعب الفلسطيني إلى قناعة بأن الأمل معدوم بتحقيق أي تقدم في المسيرة السياسية التي أخذت زخماً كبيراً فيما قبل العام 2014م، والتي وصلت إلى مأزق مأساوي بعد عقدين من المماطلة الإسرائيلية والتواطؤ الدولي، وبات الحديث عن العملية السلمية غير مثير للاهتمام لدى العامة، وهم يرون الالتهام الاستيطاني لأراضيهم وعجز التعامل السلمي عن طرد الاستيطان من أرضهم، فضلاً عن منعه من التهام المزيد. كان للثورات المضادة في العالم العربي وعدائها الوقح للمقاومة الفلسطينية، وتحالفها العلني مع الاحتلال، وعملها على منع كل وسائل الدعم عن المقاومة الفلسطينية، وتقدم المشاريع الصغيرة المتصارعة على القضية المركزية الأولى للأمة، كان لها أثر في تعزيز تلك الأعمال، بعد ذهاب الأمل الذي جاء مع ثورات الربيع التي عبرت عن نبض الشعوب المتعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته، وأدى الشعور الفلسطيني بأنه وحيد في ساحة المواجهة مع الاحتلال إلى تولد القناعة لديه بالاستمرار ب (ظُفر) مقاومته الشعبية بالأدوات المتاحة.

أدت زيادة العدوان والاعتداءات الاستيطانية والعسكرية الاحتلالية على الجمهور الفلسطيني، عبر المصادرة والهدم والحصار وقطع الأشجار والإذلال على الحواجز والاعتقالات وانتهاك المقدسات إلى دفع الفلسطينيين إلى انتهاج ما يعرف بالمقاومة بالوسائل المتوفرة، القائمة على ردات الفعل البعيد عن العمل التنظيمي. كما أدى تفكيك التنظيمات المقاومة للاحتلال وانحسار دور التنظيمات السياسية على الساحة بسبب العمليات الأمنية المكثفة إلى الدفع باتجاه العمل الشعبي والفردي القليل التكلفة والأقل تعقيداً والأكثر مغامرةً والأسهل استخداماً، مثل عمليات الدهس والطعن والزجاجات الحارقة وإطلاق النار البسيط وعمليات التخريب وغيرها، ولذلك كان ملاحظاً أنّ قسماً لا يستهان به من منفذي العمليات من عناصر التنظيمات الفلسطينية الذين لم يستطيعوا تنفيذ رغبتهم من خلال ماكينة تنظيماتهم المعطلة، ولجأوا إلى تنفيذ عمليات فردية جريئة ذات أثر ظاهر.

وفي نفس السياق، كان لعملية أسر المستوطنين الثلاثة في الخليل أثراً طبيعياً على جمهور الضالعين و المؤيدين لأعمال المقاومة، فقد عززت القناعة عندهم بأنّ المبادرات الفردية قد تؤدي إلى أحداث تاريخية. مسّ العدوان على القدس والمسجد الأقصى العصب الحساس للفلسطينيين، بالاضافة إلى قتل الطفل محمد أبو خضير ومن لحق به من الشهداء الذين قتلوا على يد الاحتلال ومستوطنيه بطرق بشعة، وأدى حجم الإجرام بحق الفلسطينيين في القطاع، وما جرى بحقهم من مجازر وتدمير واستمرار حصارهم والتنكيل بهم، إلى وقوع واستمرار وتصاعد تلك العمليات، وهذا ما أعلن عنه منفذ عملية الطعن الأخيرة في (تل أبيب) كل ذلك كان – ولا يزال – له الدور الأساس في تفجير البركان الشعبي، وأدى لإثارة الفلسطينيين بطريقة لا يمكن ضبطها ولا السيطرة عليها.

بسالة المقاومة الفلسطينية وتحقيقها لإنجازات كبرى في مواجهة الاحتلال في العدوان الأخير على قطاع غزة، بالرغم من وجودها في ظرف مستحيل، أوصل رسالة إلى كل من ظنّ بأنّ المقاومة متعذرة عندما تكون ماكينتها التنظيمية معطلة، أو عندما تكون خطوط إمدادها مقطوعة، أو عندما تكون وسائلها المتوفرة بدائية، ولذلك شاهدنا موجة هائلة من تلك العمليات، العفوية التخطيط والتجهيز والتنفيذ، بدون توقف حتى الآن.

استخفاف الاحتلال بالفلسطينيين وانتهاكه لحقوقهم وعمله على تدمير ماضيهم وحاضرهم و مستقبلهم، وتفكيك ماكينة المقاومة عبر منهجية عمل آتت أكلها بشكل واضح، أدى إلى انتقال مسؤولية العمل المقاوم وانتشارها ليحملها عامة الناس، وبالتالي كان العمل الأمني المضاد للتنظيمات المقاومة له دور كبير في انتشار هذا النمط من العمليات التي لا يمكن توقعها ولا ضبطها ولا منعها، وأدى إلى رسم صورة واقعية للمثل الشعبي القائل: (من يزرع الشوك لن يحصد العنب)

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية