وصف حالة
د. يوسف رزقة
ما زال الغموض يكتنف نتائج مباحثات المصالحة الفلسطينية التي تجري في القاهرة على مستوى القمة برعاية مصر.
التقت الأطراف في لقاءات مشتركة برعاية وزير المخابرات المصرية والتقت على انفراد مع رئيس الجمهورية د. محمد مرسي، وقد استمع الطرفان لرغبة مصر في إطلاق قطار المصالحة في هذه الظروف المواتية.
القطار توقف لأن نقطة البداية لم يتفق عليها الطرفان بعد، بعض المصادر المطلعة تتحدث عن التقدم خطوة إلى الأمام بشكل نسبي ولكن الجولة الحالية ليست النهائية ولا الأخيرة.
يبدو أن العمل في الميدان أيسر وأسهل من النقاش النظري في القمة القيادية، أهل الميدان تقاربوا في احتفالات الانطلاقة في غزة والضفة، واكتشف العاملون في الشوارع والأحياء أن الحريات أهم وأثمن من الجدل السياسي الذي يدور في دائرة البيضة والدجاجة.
الصعود من القاعدة الشعبية المتفاهمة ميدانياً قد يكون بديلا عن قرارات القمة التي تقيدها الاعتبارات الذاتية والمصالحة الدولية.
ثمة مشاعر إيجابية تولدت في قاعدة الهرم الفلسطيني بين "حماس" و"فتح"، بالرغم من أن إجراءات استعادة الثقة كانت محدودة، وأنتجتها ظروف (النصر والدولة) إضافة إلى (أزمة المشروع السياسي والمالي)، وأحسب أنه ثمة مسافة أخرى يجب قطعها من أجل استكمال إجراءات بناء الثقة بين التنظيمين الكبيرين الحاكمين.
وثمة لغة إعلام لطيفة ومبشرة تتحرك من خلال الأثير من الطرفين، وهي لغة مسكونة بدبلوماسية ناعمة تجاوزت عورات الماضي المتشنج، وعزفت على وتر العاطفة الشعبية التي تطالب بالوحدة الجغرافية والسياسية ونظام الحكم وهي اللغة والوتر نفسه التي تعزف عليها الانظمة العربية، والجامعة العربية، وتقدم المصالحة على أنها البلسم والشفاء لحاجات الشعب الفلسطيني.
المشروع السياسي الفلسطيني التفاوضي في مأزق، والحالة المالية العامة للسلطة بمأزق أيضاً، وشبكة الأمان العربية مازالت حبيسة الوعود، فلم تتحرك الأموال في أمعاء الصراف الآلي، ولا توجد مواعيد محددة مضروبة لجريانها، والاستيطان في (E1) يجري جريان النار في الهشيم رغم البرد القطبي الذي عصف بالضفة الغربية وغزة وأودى بحياة الضعفاء، وأتلف بعض الممتلكات في أوقات أجدبت فيها خزائن الحاكمين. في مخيم اليرموك مأساة جديدة، نزوج جديد, وانقسام جديد، وقتل وإعدام، وحياة مسكونة بالخوف والرعب، واتفاق أول وثان وربما ثالث لتجنيب المخيم المأساة والمعاناة فشلت بانتظار تدخل محمود عباس، وخالد مشعل، وغيرهما من قادة العمل الفلسطيني لإنقاذ المخيم وإبعاد شبح صبرا وشاتيلا، أو شبح مخيم نهر البارد.
لذا نحن في حاجة ماسة إلى قمة فصائلية من أجل مخيم اليرموك. قتلى المخيم وصلوا إلى 885 قتيلاً، وهو رقم كبير وكبير جداً ويستدعي وحده جلسة قمة فصائلية تستنهض الذات، والعرب أيضاً لحماية المخيمات الفلسطينية وإخراجها من الصراع.
المصالحة تتقدم ببطء، وتعاني درجات من الغموض، والحالة الفلسطينية في الأرض المحتلة، وفي مخيمات الشتات تدفع أثماناً باهظة لأسباب كثيرة، والاستيطان أعادنا إلى نقطة الصفر، والدولة لم تحل المشكلة، ولا جزءاً من مائة جزء منها، والباحثون عن الحل لا يملكون القرار ومن يملكون القرار غامضون، ويفضلون الانتظار.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية