وقفــات شاليطية
كتب أ. رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى الفلسطينيين:
أعلن رئيس وزراء الاحتلال عن قبوله بإطلاق سراح 1000 أسير فلسطيني وهو نفس العدد الذي تطلبه المقاومة مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليط، إلا أن نتنياهو عَقَّب على موافقته بأنه لن يطلق سراح السجناء الذين خططوا ونفذوا عمليات عسكرية قتل خلالها عدد كبير من الإسرائيليين، وكذلك لن يسمح بإعداد كبيرة من المفرج عنهم من العودة إلى الضفة الغربية .
نتنياهو بذلك يعلن رسمياً انه يغلق الباب أمام إتمام الصفقة، ويضع العصي في دوايب الوسطاء الذين يحاولون تقريب وجهات النظر وإقناع حكومة الاحتلال بالقبول بشروط الفصائل الفلسطينية، وإعلانه بأنه يقبل إطلاق سراح 1000 أسير إنما هو لعب الألفاظ وخداع، لإيهام العالم بأنه لا يشكل عقبة في طريق إتمام الصفقة، إنما الطرف الأخر هو الذي يعيقها .
فليعلم نتنياهو والشعب الاسرائيلى بان الصفقة لا تتوقف على العدد قدر ما تتوقف على نوعيه الأسرى المطلوب إطلاق سراحهم، فانا على قناعة بان الاحتلال على استعداد أن يطلق الآن سراح 6000 أسير، وليس ألف، من أصل 7000 محتجزين في سجون الاحتلال مقابل إطلاق سراح شاليط ،على شرط أن يختارهم بنفسه، ويبقى ألف أسير في سجونه ممن يعتبرهم خطيرين ونفذوا عمليات كبيرة أدت لقتل مئات الإسرائيليين، وهذا ليس مطلبنا ، إنما تم تقديم قائمة الأسماء بحيث تشمل الأسرى القدامى الذين أمضوا عشرات السنين خلف القضبان، وأولئك الذين حُكموا بالمؤبدات المتراكمة لعشرات المرات، فالاحتلال على جاهزية لملئ السجون بمئات وآلاف الفلسطينيين في ليلة واحدة، وهكذا كان يفعل بعد عمليات حسن النوايا التي كان يَمَّن بها على سلطة رام الله، مقابل ابتزاز مواقف سياسة، فكان من باب يحرر عدة مئات، ومن باب أخر يعتقل أكثر من ذلك العدد.
وأنا أتابع بشكل مستمر المسيرة الضخمة التي بدأت قبل سبعة أيام، وستنتهي أمام منزل نتنياهو، في مدة أقصاها خمسة أيام، وقفت مشدوداً أمام هذا العدد الكبير الذي يشارك في تلك المسيرة والذي وصل إلى 20 ألف شخص، للضغط من اجل أطلاق سراح جندي واحد مأسور لدى الفصائل الفلسطينية منذ أربع سنوات، في الوقت الذي يحتجز لنا الاحتلال حوالي 7000 أسير ، أى بزيادة قدرها 7000% ،ومنذ عشرات السنين، ولو نظرنا لعدد المتضامنين والمشاركين في مسيرات وفعاليات التأييد لهذا العدد الكبير من أسرانا، سنجد انه لا يتعدى في أحسن الأحوال 200 شخص، فهل أسيرهم اعز عليهم أكثر مما هم أسرانا عزيزين على قلوبنا، أم أن أسرنا لا يستحقون أن نخرج لهم بهذا العدد الكبير .. ولا تعليق !!
يعيش رئيس وزراء الاحتلال هذه الأيام في مأزق كبير، ويحاول بكل الوسائل التملص من هذا الموقف الصعب، الذي وضعته فيه قضية شاليط ، إلا انه لا يستطيع، حتى أن تصريحاته بهذا الخصوص والتي يجيد فيها اللعب على وتر الأمن، أصبحت غير مقبولة، وليست ذات جدوى، ولا تلقى صدى إيجابي في الشارع الاسرائيلى الذي بدأ يميل بأغلبيته إلى التعاطف مع عائلة جلعاد، وتأييد إطلاق سراحه بدفع الثمن الذي تطلبه المقاومة، بينما هو غير قادر على اتخاذ قرار في هذا الأمر خوفاً من تحمل تبعات إطلاق سراح أسرى قتلوا جنود .
فقد وصفت عائلة جلعاد تصريحاته الأخيرة بأنه يرفض الإفراج عن شاليط بأي ثمن، بأنها حكم بالإعدام على ابنهم جلعاد، وهناك استياء واضح في الشارع الاسرائيلى ومن عائلة وأصدقاء ومحبي جلعاد من مواقف رئيس حكومتهم الهزيلة والضعيفة والتي تفتقر إلى المصداقية والجدة في إنهاء معاناة شاليط، وانه يكرر ما قاله سلفه المنصرف اولمرت، الذي أثار خوفهم من بعبع عودة العمليات الانتحارية إذا أطلق سراح الأسرى الذين تريدهم حماس .
في المحصلة نتنياهو في أزمة حقيقية، والضغط يتزايد عليه، وخاصة بعد تصريحات عدد من قادة الجيش والسياسة في حكومته بانهم يقبلون بدفع الثمن المطلوب مقابل عودة شاليط حياً ،ولن يكون أمامه مناص من التهرب أكثر من استحقاقات الصفقة، ولكنه يراوغ في محاولة لتحقيق مكتسب جديدة، إذا تنازل الطرف الفلسطيني عن أياً من شروطه ، ولكن هذا يبدو أيضاً بعيد المنال.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية