يوم الإضراب عن الطعام
د. أيمن أبو ناهية
يطل علينا اليوم العالمي لإضراب الأسرى والمعتقلين عن الطعام الذي يصادف السابع من يناير وهو يوم تضامني مع أسرانا الأبطال من أشبالنا وشبابنا وشاباتنا وشيبتنا وشيابنا، وهم يخوضون معركة "الأمعاء الخاوية"، والذين سطروا خلالها أروع ملاحم الصمود والتحدي في مواجهة السجان عبر "سلاح الجوع" الذين لا يملكون سلاحًا غيره في الزنازين والخيم والمعتقلات والسجون، وكسروا كل محاولات الإذلال والقهر من خلال سلسلة إجراءات القمع والتعذيب التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم، لكنه فشل في النيل من هاماتهم وعزائمهم ووطنيتهم، لقوة إيمانهم وبرِّهم واعتزازهم بالانتماء لمسيرة الجهاد والنضال من أجل قضيتم التي دفعوا من أجلها الغالي والنفيس من أعمارهم ودمائهم، وإيمانهم ويقينهم أيضًا بالنصر والتمكين، ليُعيدوا لنا ولامتهم المجد والكرامة والعزة، وليمسحوا عار النكبة والنكسة عن الجبين.
فقد استطاع أسرانا الأبطال داخل معتقلات الاحتلال تحقيق انتصار كبير بفعل إرادتهم القوية وصمودهم وثباتهم وإصرارهم على تحدي جبروت الاحتلال الظالم، وهو أيضًا تأكيد على أهمية نهج المقاومة الشعبية داخل السجون وخارجها في إحقاق الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني.
فقد انتصر الأسرى في صفقة "وفاء الأحرار" وانتصروا في معركة "الكرامة" ولايزالون يحققون الانتصارات، لطالما أنهم أصحاب الحق ويؤمنون بعدالة قضيتهم وأن الاحتلال المجرم هو الباطل، ولطالما أنهم يشعرون بالتضامن الشعبي والجماهيري من حولهم لنصرة قضيتهم على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، وفضح ممارسات وقوانين الاحتلال وسجانيه وممارساتهم اللا إنسانية بحقهم أمام المؤسسات والمحافل الدولية الحقوقية وفي كل الميادين الرسمية وغير الرسمية طوال أيام إضرابهم عن الطعام، داعمين ومدافعين عن قضية أصحاب "الأمعاء الخاوية" التي وقف أمامها الاحتلال صاغراً ذليلاً، لأن الحقوق لا تنتزع وتسترد إلا بالقوة وليس بالاستجداء.
إن ما يواجهونه الأسرى الفلسطينيين من تعذيب وحرمان وقسوة وانتهاكات وامتهان للكرامة الإنسانية المتنافية مع كل الاتفاقيات والأعراف والمواثيق الدولية، التي تجرم تلك الممارسات اللا إنسانية التي تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية وعلى رأسها جهاز الأمن العام "الشين بيت" و"الشاباك" بحق أسرانا في سجونها ومعتقلاتها باستخدام العديد من أشكال ووسائل التعذيب، هي انتهاك لحقوق الإنسان، وتمثل "إسرائيل" حالة فريدة من حيث ممارسة التعذيب بين دول العالم، بحيث لا يوجد دولة أخرى في العالم تشرِّع التعذيب سوى "إسرائيل"، التي شرعت لنفسها التعذيب حين صادق الكنيست الإسرائيلي على توصيات تقرير لجنة "لنداو" سنة 1987، ثم إصدار محكمة العدل العليا واللجنة الوزارية التابعة لشؤون المخابرات مجموعة قرارات سنة 1996 تعطي فيها الضوء الأخضر لرجال "الشين بيت" و"الشاباك" باستخدام التعذيب...
ومن بين أساليب التعذيب الذي يتبعونه التعذيب الجسدي، كالضرب المباشر والشبح المتواصل، والكَيْ أو اللسع بالسجائر، والضرب المبرح والمنع من النوم والهز العنيف، أو ما يعرف بالأسلوب النفسي والأكثر شيوعا من حيث الاستخدام عند الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كالحبس الانفرادي لفترات طويلة، وعزل المعتقل عن العالم الخارجي، وجلب شقيقة المعتقل والتهديد بالإساءة إلى شرفها، وإصدار الأصوات المزعجة والضوضاء من غرفة مجاورة، وعدم تقديم العلاج للمرضى، ومنع الزيارات، وحرمانه من الخروج "للفورة"، وهدم بيته، ومصادرة أملاكه ..الخ.
لقد حان الوقت كي يسمع صناع القرار في مختلف عواصم العالم عموما وفي عواصمنا العربية والإسلامية والغربية صرخة الأسرى، وأن تتعامل هذه العواصم بشكل مختلف تمامًا مع الانتهاكات الإسرائيلية الفظة للقانون الدولي ولمواثيق الشرعية الدولية، كما وأننا في هذا اليوم نقف جميعًا كشعب فلسطيني وقفة رجل واحد مع أسرانا في إضرابهم عن الطعام تضامنا مع الأسرى المضربين منذ شهور طويلة، على رأسهم الأسير سامر العيساوي والأسير أيمن الشراونة، اللذان يخوضان معركتهم البطولية "بسلاح الجوع" و"الأمعاء الخاوية"، ويرفضون أي مساومة أو مقايضة أو ابتزاز أو تنازل عن حقوقهم المشروعة، حتى لو كلفهم الأمر حياتهم أو هدم بيوتهم.
وفي هذا الصمت المريب من السلطة تجاه الأسرى، وعدم تفعيل قضية الأسرى شعبيًا ودولية، نطالبها بالوفاء لقضية الأسرى ودعم حالة الالتفاف الوطني والدولي حول قضيتهم التي تعدُّ عنوانا لوحدة الصف الفلسطيني من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية