Apple Watch: نمط من القلق!
لم يكن شراء ساعة يدوية أمرًا يحيج إلى الكثير من التفكير، وربما كان هذا شأن الجميع إزاء هذه المسألة قبل ظهور الساعات الذكية، لكنه يملك أسبابًا أخرى تجعل المسألة محسومة بالنسبة إليه، وذلك بصرف النظر عن نقاشات المثقفين حول الشركات الرأسمالية الكبرى وقدرتها الطاغية على العبث بهذا العالم.
سوف يكون لمهووسي التقنية، والمأخوذين بالتشاوف الاستهلاكي، أسئلتهم الخاصة التي يحددون على ضوئها خياراتهم بخصوص شراء ساعة ذكية، وبالذات بعد ظهور ساعة أبل (Apple Watch)، لكن الأسئلة التي سيطرحها على نفسه مختلفة جدًا عن أسئلة الآخرين.
أولاً- هل يمكن أن يصادروا ساعته كما صادروا العديد من الأجهزة الإلكترونية التي امتلكها في حياته؟ يبدو هذا السؤال بالنسبة له مؤرقًا. إنهم عادة لا يتركون شيئًا إلكترونيًا إلا ويصادرونه كلما اقتحموا بيته بهدف الاعتقال أو لأي هدف آخر، كما أنهم لا يكتفون بذلك، بل يصادرون ما لدى أهله من هذه الأشياء، ثم لا يعيدونها. صار هذا الموضوع مرهقًا له ماديًا ونفسيًا، خاصة مع تكاثر الجهات التي تقترف هكذا أعمال، *** يعد يدري المرء من أي جهة يأتي الأذى.
سوف يفكر كل أحد حينما يريد شراء جهاز كمبيوتر بالمواصفات والماركات والأسعار، لكنه هو سيفكر إن كان هذا الكمبيوتر سيصادر أم لا، وإن كان يمكنه شراء غيره بعد ذلك أم لا، وستبقى انشغالاته العملية والأكاديمية همًا يؤرقه ما دامت تحتاج جهاز كمبيوتر لإنجازها.
مسكين.. كم مرة صودرت أجهزته وهو في أول الطريق أو في منتصفه، فعجز عن إكمال بحثه، أو كتابة مقالته، أو إنهاء دراسته، بل كم مرة اعتقل في بداية فصله الدراسي، أو أثناء الامتحانات، أو بعد قبوله في الجامعة، أو بعد التحاقه بوظيفة؟!
يتذكر مرة أثناء عمله على مجموعة أبحاث عن الثورات العربية في سياق دراسته الأكاديمية، وقد كان زملاؤه يتصلون عليه بإلحاح كي يساعدهم في إنجاز أبحاثهم؛ أن الاحتلال داهم بيته، فقط كي يسأله عن رأيه في هذه الثورات، وعن طبيعة دراسته الأكاديمية. هل يبدو الأمر طريفًا ومسليًا؟! ربما!
تذكر أنه أنهى البكالوريوس في إحدى عشرة سنة، ثم قال: "تلك السنوات التي يؤسس فيها الشباب لحياتهم، من العشرين إلى الثلاثين؛ عشتها ما بين سجين أو مترقب لسجن أو مطارد، ثم يسألونك يا أخي عن الشباب كيف انقضى!"، ثم تذكر أنه أنهى الثانوية العامة قبل ذلك في السجن!
يقول: هل تعلم يا أخي؟ إن مرور سيارة بجانب البيت، أو طرق باب البيت، أو رن جرسه، أو جرس الهاتف، لا يربكني وحدي، ولكنه يربك أهلي كلهم.
يروي قصة فيقول: ذات مرة أثناء وجودي في معتقل النقب؛ كنت أحلم بأن الاحتلال يطرق باب بيتنا بعنف. نهضت من نومي وإذا بطرق عنيف على بوابات القسم بالفعل، كان الشباب يطرقون بوابات الأقسام لإخراج أحد المساجين المرضى إلى العيادة. يبدو أن الطرق اختلط علي فرأيته في منامي طرقًا على باب بيتي! هل يمكنك أن تتخيل التوتر الذي يصيب أهلي لو سمعوا طرقًا عنيفًا على باب في مسلسل تلفزيوني؟!
لاحظ أنه عانى كثيرًا من أوجاع ظهره التي خلفتها السجون، وفكر بشراء iPad للقراءة وهو مستلق على ظهره، لكنه تذكر أن هذا الجهاز قد يصادر!
ثانيًا- في السجن يحتاج المرء إلى ساعة يدوية، وفي العادة يسمحون بذلك النوع من الساعات الرقمية الرخيصة، والتي تطول بطاريتها لسنوات دون احتياج إلى إعادة الشحن.
إن شركة Apple لم تفكر باحتياجات هذا الصنف من البشر، فساعتها ينبغي أن تقترن دائمًا بجهاز iPhone كي تؤدي أغلب وظائفها، والجوالات ممنوعة في السجن، كما أن بطاريتها تنفد خلال يوم واحد، ولا يمكنه في السجن إدخال الشاحن الخاص لشحنها كل ليلة، وعمومًا فإن هذه الساعة كمبيوتر صغير لا يمكن السماح به في السجن أبدًا.
إن السؤال المهم في حالته: لماذا أشتري ساعة لن تنفعني في السجن أبدًا؟!
ما هذا الحضور الكثيف للسجن؟!
ثالثًا- ماذا لو اعتقلوه وهذه الساعة على يده؟! قد تنكسر في حركاتهم العنيفة المعتادة أثناء الاعتقال. وماذا لو وضعوها في أمانات السجن ثم ضاعت كما يحصل كثيرًا؟! وماذا لو أدخلوا فيها شريحة أو تطبيقًا للتجسس؟!
يفرح الناس أو يستمتعون أو يستفيدون بعد شرائهم لهذه التقنيات، حتى لو وقعوا ضحية الترويج المضلل للشركات الرأسمالية الكبرى التي تمص دم هذا العالم، لكن صنفًا آخر من البشر يشتري لنفسه الهمّ المقيم كلما اشترى شيئًا من تلك التقنيات الحديثة!
ساري عرابي
لم يكن شراء ساعة يدوية أمرًا يحيج إلى الكثير من التفكير، وربما كان هذا شأن الجميع إزاء هذه المسألة قبل ظهور الساعات الذكية، لكنه يملك أسبابًا أخرى تجعل المسألة محسومة بالنسبة إليه، وذلك بصرف النظر عن نقاشات المثقفين حول الشركات الرأسمالية الكبرى وقدرتها الطاغية على العبث بهذا العالم.
سوف يكون لمهووسي التقنية، والمأخوذين بالتشاوف الاستهلاكي، أسئلتهم الخاصة التي يحددون على ضوئها خياراتهم بخصوص شراء ساعة ذكية، وبالذات بعد ظهور ساعة أبل (Apple Watch)، لكن الأسئلة التي سيطرحها على نفسه مختلفة جدًا عن أسئلة الآخرين.
أولاً- هل يمكن أن يصادروا ساعته كما صادروا العديد من الأجهزة الإلكترونية التي امتلكها في حياته؟ يبدو هذا السؤال بالنسبة له مؤرقًا. إنهم عادة لا يتركون شيئًا إلكترونيًا إلا ويصادرونه كلما اقتحموا بيته بهدف الاعتقال أو لأي هدف آخر، كما أنهم لا يكتفون بذلك، بل يصادرون ما لدى أهله من هذه الأشياء، ثم لا يعيدونها. صار هذا الموضوع مرهقًا له ماديًا ونفسيًا، خاصة مع تكاثر الجهات التي تقترف هكذا أعمال، *** يعد يدري المرء من أي جهة يأتي الأذى.
سوف يفكر كل أحد حينما يريد شراء جهاز كمبيوتر بالمواصفات والماركات والأسعار، لكنه هو سيفكر إن كان هذا الكمبيوتر سيصادر أم لا، وإن كان يمكنه شراء غيره بعد ذلك أم لا، وستبقى انشغالاته العملية والأكاديمية همًا يؤرقه ما دامت تحتاج جهاز كمبيوتر لإنجازها.
مسكين.. كم مرة صودرت أجهزته وهو في أول الطريق أو في منتصفه، فعجز عن إكمال بحثه، أو كتابة مقالته، أو إنهاء دراسته، بل كم مرة اعتقل في بداية فصله الدراسي، أو أثناء الامتحانات، أو بعد قبوله في الجامعة، أو بعد التحاقه بوظيفة؟!
يتذكر مرة أثناء عمله على مجموعة أبحاث عن الثورات العربية في سياق دراسته الأكاديمية، وقد كان زملاؤه يتصلون عليه بإلحاح كي يساعدهم في إنجاز أبحاثهم؛ أن الاحتلال داهم بيته، فقط كي يسأله عن رأيه في هذه الثورات، وعن طبيعة دراسته الأكاديمية. هل يبدو الأمر طريفًا ومسليًا؟! ربما!
تذكر أنه أنهى البكالوريوس في إحدى عشرة سنة، ثم قال: "تلك السنوات التي يؤسس فيها الشباب لحياتهم، من العشرين إلى الثلاثين؛ عشتها ما بين سجين أو مترقب لسجن أو مطارد، ثم يسألونك يا أخي عن الشباب كيف انقضى!"، ثم تذكر أنه أنهى الثانوية العامة قبل ذلك في السجن!
يقول: هل تعلم يا أخي؟ إن مرور سيارة بجانب البيت، أو طرق باب البيت، أو رن جرسه، أو جرس الهاتف، لا يربكني وحدي، ولكنه يربك أهلي كلهم.
يروي قصة فيقول: ذات مرة أثناء وجودي في معتقل النقب؛ كنت أحلم بأن الاحتلال يطرق باب بيتنا بعنف. نهضت من نومي وإذا بطرق عنيف على بوابات القسم بالفعل، كان الشباب يطرقون بوابات الأقسام لإخراج أحد المساجين المرضى إلى العيادة. يبدو أن الطرق اختلط علي فرأيته في منامي طرقًا على باب بيتي! هل يمكنك أن تتخيل التوتر الذي يصيب أهلي لو سمعوا طرقًا عنيفًا على باب في مسلسل تلفزيوني؟!
لاحظ أنه عانى كثيرًا من أوجاع ظهره التي خلفتها السجون، وفكر بشراء iPad للقراءة وهو مستلق على ظهره، لكنه تذكر أن هذا الجهاز قد يصادر!
ثانيًا- في السجن يحتاج المرء إلى ساعة يدوية، وفي العادة يسمحون بذلك النوع من الساعات الرقمية الرخيصة، والتي تطول بطاريتها لسنوات دون احتياج إلى إعادة الشحن.
إن شركة Apple لم تفكر باحتياجات هذا الصنف من البشر، فساعتها ينبغي أن تقترن دائمًا بجهاز iPhone كي تؤدي أغلب وظائفها، والجوالات ممنوعة في السجن، كما أن بطاريتها تنفد خلال يوم واحد، ولا يمكنه في السجن إدخال الشاحن الخاص لشحنها كل ليلة، وعمومًا فإن هذه الساعة كمبيوتر صغير لا يمكن السماح به في السجن أبدًا.
إن السؤال المهم في حالته: لماذا أشتري ساعة لن تنفعني في السجن أبدًا؟!
ما هذا الحضور الكثيف للسجن؟!
ثالثًا- ماذا لو اعتقلوه وهذه الساعة على يده؟! قد تنكسر في حركاتهم العنيفة المعتادة أثناء الاعتقال. وماذا لو وضعوها في أمانات السجن ثم ضاعت كما يحصل كثيرًا؟! وماذا لو أدخلوا فيها شريحة أو تطبيقًا للتجسس؟!
يفرح الناس أو يستمتعون أو يستفيدون بعد شرائهم لهذه التقنيات، حتى لو وقعوا ضحية الترويج المضلل للشركات الرأسمالية الكبرى التي تمص دم هذا العالم، لكن صنفًا آخر من البشر يشتري لنفسه الهمّ المقيم كلما اشترى شيئًا من تلك التقنيات الحديثة!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية