إسرائيل والسلطة ... بقلم : هشام منور

الجمعة 20 فبراير 2015

إسرائيل والسلطة



هشام منور


من المفاجئ والغريب بالنسبة للبعض أن تحتدم المواجهة بين الحكومة الإسرائيلية التي يتزعمها نتنياهو وبين السلطة الفلسطينية التي يتزعمها محمود عباس في كل مرة، وتصل إلى حافة الهاوية، ثم لا تلبث أن تهدأ العاصفة وتسكن الأمور وتعود إلى مسارها الطبيعي بين الطرفين.

تخشى استخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي من انهيار السلطة الفلسطينية "المفاجئ" بحسب آخر تقاريرها المدروس توقيتها، وهو ما قد يدفع إلى عدم استقرار المنطقة، بحسب ذات التقرير، جراء استمرار منع تحويل أموال الضرائب التي تجنيها (إسرائيل)، إلى خزينة السلطة الفلسطينية، والتي تشكو وضعاً مالياً صعباً، وقاسياً، أجبرها على دفع أجزاء من رواتب موظفيها في الشهرين الماضيين.

تشير صحيفة "معاريف" العبرية في عددها الأسبوعي إلى أنّ جيش الاحتلال وضع المستوى السياسي الإسرائيلي بحقيقة هذا الوضع، والتخوفات من انهيار السلطة الفلسطينية. ووفقاً لأحد السيناريوهات التي يراها جيش الاحتلال محتملة، فإنّ أي حادثة مواجهة بين المستوطنين والمواطنين الفلسطينيين، أو إلقاء زجاجة حارقة من شأنه أن يتطور ويؤدي الى تدهور سريع بالأوضاع وتصعيد شامل، وقد يشمل الجليل والمثلث (الداخل الفلسطيني المحتل).

تذكر المصادر أنّ ضعف السلطة قد يؤدي إلى سيطرة التنظيمات "المتطرفة" على الوضع مما يزيد من اشتعال الوضع. وسبق أنّ أعربت (إسرائيل) عن مخاوفها من سيطرة حركة حماس على الضفة الغربية، في ظل وجود حاضنة شعبية كبيرة لها، وحالة جماهيرية من عدم الرضا على السلطة الفلسطينية. وهي الحجة التي لطالما تغنى بها الإعلام والساسة في (إسرائيل) للإبقاء على حليف (السلام) أبو مازن في منصبه مهما كانت تصريحاته ومواقفه السياسية "الدعائية".

وترى مصادر في جيش الاحتلال أنّ شهر نيسان/أبريل المقبل يعتبر مصيرياً على هذا الصعيد، وأنّ الجيش و"الشاباك" يكثفان من نشاطهما في الفترة الأخيرة "لكشف ومصادرة أي وسائل قتالية أو أموال للحيلولة دون استخدامها في حال تدهور الوضع الأمني".

تحتجز الحكومة الإسرائيلية للشهر الثاني على التوالي أموال المقاصة وعوائد الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية، والتي تشكل حوالي 70 في المئة من مواردها الشهرية، بحسب وزير المالية في حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، شكري بشارة. وتأتي هذه الخطوة كعقوبة إسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية بسبب توجهها إلى محكمة الجنايات الدولية بشأن ارتكاب (إسرائيل) لجرائم حرب ضد الفلسطينيين في العدوان على قطاع غزة، والطلب من الأمم المتحدة تحديد سقف زمني لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال. وكانت الحكومة الإسرائيلية احتجزت 125 مليون دولار أمريكي في شهر يناير/كانون الثاني من أموال الضرائب الفلسطينية، كما احتجزت 100 مليون إضافية خلال الشهر الجاري.

وأضافت أن التوترات المحيطة بكل هذه الأحداث، بما في ذلك غضب الشارع الفلسطيني إذا تم إعادة انتخاب القيادة السياسية الإسرائيلية الحالية، قد تؤدي إلى تدهور في الوضع الأمني، ولفتت في هذا الصدد إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ التحضير لهذا التدهور المحتمل، حيث نفذ جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) العديد من العمليات لمصادرة الذخيرة في الضفة الغربية، وفي هذه العملية، "استولى الجيش الإسرائيلي أيضا على أموال تهدف لتعزيز مكانة حماس في الضفة الغربية، ومن المقرر استمرار هذه العمليات في شهر مارس/آذار".

بالمقابل، حذّر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، "بيني غانتس" من انهيار السلطة الفلسطينية جراء غياب الأفق السياسي وانهيار المفاوضات. وقبل أنّ يغادر "غانتس"، منصبه هذا الشهر، دعا إلى استمرار المساعي الحثيثة للتوصل الى اتفاق مع الجانب الفلسطيني.

الرد الفلسطيني على التضييق المالي من قبل حكومة نتنياهو اكتفى بالإشارة على لسان القيادي في "فتح" فيصل أبو شهلا بأنّ إجراءات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تدفع المنطقة إلى الانفجار، مشيراً إلى أنّ عدم قيام السلطة بالتزاماتها تجاه مواطنيها يدفع إلى حدوث خلل قد لا يستطيع أحد تجاوزه.

الوضع الفلسطيني الراهن برمته مُقبلٌ على المجهول، وعوامل انهيار السلطة، زادتها (إسرائيل) بقرصنتها أموال الضرائب التي تجبيها نيابة عن السلطة الفلسطينية والتي تشكل ثلثي مدخولات السلطة. والتحذيرات الإسرائيلية التي يرسلها جيش الاحتلال للمستويات السياسية، واقعية، لكن الجانب السياسي في (إسرائيل) مرتاح للتضييق على السلطة، وعندما تقترب الأمور من الانهيار أو الانفجار، فإنه سيسمح بتحويل أموال الضرائب للسلطة، كما جرت العادة دوماً.

بالمقابل، فإن الجانب الفلسطيني ونعني هنا السلطة تحديداً، في حيرة من أمرها، إذ إن السلطة لا تملك أن تقوم بأي خطوات إضافية في الوقت الراهن، إذا ما استمر الضغط عليها، وخيار "حل السلطة" قد يعاد طرحه فلسطينياً، لإلقاء العبء على الاحتلال ودفع الأمور للأمام، حتى ولو كان الأمر تلويحاً وليس بشكل جدي، وكما جرت العادة دوماً.

وفي تقديري الشخصي أن تحذيرات جيش الاحتلال من احتمال حدوث ما سماه فلتاناً أمنياً في الضفة وانهياراً للسلطة بشكل مفاجئ، ليس من قبيل التحذير العادي لقادة المشهد السياسي، بقدر ما هو تفسير استباقي لما تريده (إسرائيل) في الضفة لزيادة الضغط على السلطة نفسها، وإجبارها على التراجع إزاء خطوة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وهي (إسرائيل) تعد العدة لمثل هذا الموقف عن طريق زيادة المداهمات في الضفة والتضييق على النشطاء لإشعال الوضع أمنياً وتسهيل الضغط السياسي على المجتمع الدولي أولاً، وعلى السلطة تالياً.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية