قاضي "القانون" يعبث بوتر المقاومة ... قلم : محمد منصور

الأحد 01 فبراير 2015

قاضي "القانون" يعبث بوتر المقاومة





محمد منصور


يحق لجيش المقاومة الفلسطينية، الذي استقلّ بقراره وصنع سلاحاً تصدَّى به للاحتلال، أن يكون هو، فقط، ضمير الوطنية العربية، في وقت انشغلت فيه جيوش الأنظمة بمحاربة شعوبها وقصف كرامتها وقنص أحلامها، وتفتيت الأمل في عيون أطفالها بمستقبل أفضل.

القضاء المصري "الشامخ" أعلن كتائب القسام منظّمة إرهابية، في سابقةٍ خطيرة سيكتبها التاريخ العربي والمصري نفسه بحروف غريبةٍ عن لغتنا، دخيلةٍ على أبجديات وعينا الجمعي، تريد صياغة مفهوم جديد هجين يقول إن الشعب الفلسطيني وطليعته المقاومة للاحتلال بسلاح غير مموّل من الخارج وقرارٍ وطني مبدئي نقي، هو شعبٌ إرهابي، خاصّة وأنه انتخب حركة حماس ممثّلاً له وحارساً أميناً على ثوابته الوطنية.

شيطنة الفلسطيني في مصر ليست جديدة على أبناء الشعب الواقع تحت الاحتلال، فقد كانت -الشيطنة- أشبه بأي ملف من ملفات الحكم، كالذمم المالية والحقائب الوزارية مثلاً، يسلّمها المسؤول المغادِر إلى زميله القادم، بدءا من حكومة النقراشي التي وضعت الفلسطينيين تحت الحجر الصحي، مروراً بعهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي سعى لضرب كل الصور المشرقة للإنسان والقضية الفلسطينية، في محاولة لتبرير كامب ديفيد، ووصولا إلى عهد السيسي؛ حيث تتربّص وسائل الإعلام والقائمون عليها شاةً عرجاء في أقصى صعيد مصر، حتى اذا تعثّرت، أطلق الرقيب العسكري أبواقه دفعة واحدة لملئ المشهد العبثي ضجيجاً يقول: العرجاء تعثّرت بسبب حماس.!

كنيسة القديسين، اقتحام السجون، موقعة الجمل، قتل الثوار، أحداث الاتحادية، الاعتداء على المستشار الزند، قتل مجموعة من الجيش وهم على مائدة إفطار رمضان، واتهامات لا تعدّ، كلّها تم التحقيق الإعلامي فيها لحظة وقوعها، كما سبَر "المخبر" الصحفي أغوار كلّ تفاصيل الحدث بعد حدوثه بثوانٍ، وربما قبل حدوثه، ويكفي أي وجه إعلامي حِينَئِذٍ أن يحفظ أربع كلمات فقط ليرسم لمتابعيه سيناريو "الجريمة" المفترضة؛ حماس، القسام، غزة، الأنفاق.

كان لا بدّ لسياسة الشيطنة الممنهجة التي اعتمدتها السلطة الحالية في مصر، أن تتوّج بإجراء استثنائي، فتصعيد الحملة كان يشي بأن هناك سعياً حثيثاً للوصول إلى ذروة ما، ولستُ أدري إن صحّ في هذا المقام استخدام لفظة "ذروة" أم لا، فالهدف المُشار إليه حفَر عميقاً تحت سطح العقل والمنطق والمبادئ والوطن. هو، بالأدق، قعرٌ سحيق وندبةٌ قد لا تزول من الأذهان، ستظلّ توجعنا حين تذكّرنا أن كتائب القسام التي استبسلت أمام جيش الاحتلال ومرّغت شرف جنوده العسكري بتراب غزة، هي كيان "إرهابي" في إسرائيل ومصر بآنٍ واحد.

ليس من الذكاء ولا التذاكي الاعتقاد أن الحرب الإقليمية التي تُشنّ الآن على تيار الإسلام السياسي، هي الحاضنة السياسية المناسبة للانقضاض على حركة حماس وكسر شوكتها واغتيال مشروعها الوطني، والتعامل معها فقط، أكرر فقط، على أنها ذراع لجماعة الإخوان المسلمين، والتعامي عن قوة الحركة والالتفاف الجماهيري حولها فلسطينيا، وامتدادها عربيا وإسلاميا وعالميا كرأس حربة في مسيرة التحرير الوطني الفلسطيني.

لا يليق بدولة كبرى كمصر، أن تجعل سياستها الخارجية، ومسارات تعاملها مع القضية الفلسطينية في جيب دويلات كرتونية، أقصى مدىً تستطيع رؤيته لمستقبلها هو أرنبة "خشم طويل العمر"، فغزّة هي خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري، والاحتلال هو التهديد الرئيس لهذا الأمن. هذه هي الحقيقة الجيوسياسية التي قد لا يؤمن بها مهندسو الثورات المضادّة، محمد دحلان أحد هؤلاء بطبيعة الحال.

يبدو أن مصر، ممثلةً بسلطتها الحالية في طريقها لخسارة الملف الفلسطيني، كوسيط بين الفرقاء، وراعٍ لكل جولات التفاوض غير المباشر مع الاحتلال، فقد لعب القضاء المصري دوره في قطع "شعرة معاوية" واستعدى الشعب الفلسطيني بكل مكوّناتِه الوطنية الصادقة، وخدم الاحتلال، من خلال اعتباره جناحاً عسكرياً للفصيل الفلسطيني المنتخب -حماس- تنظيما إرهابياً في الوقت الذي ترفع فيه محكمة العدل الأوروبيّة اسم الحركة عن قوائم الإرهاب.

يبدو أيضاً أن عقدة "الأحزاب المنتخبة ديمقراطيا" كانت حاضرة في حيثيات الحكم، ولو بين السطور، فحماس المنتخبة اعتبرت إرهابية، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر المنتخبة أيضا اعتبرت إرهابية.. وكلّ ذلك بالقانون، الذي قال فيه أحمد مطر: "من يملك القانون في أوطاننا، هو الذي يملك حق عزفه".
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية