لماذا هاجم الإعلام "حماس والإخوان" وتجاهل "ولاية سيناء"؟
أنس حسن
أنس حسن
ليست المرة الأولى التي تقوم فيها جماعة "الأنصار" أو "ولاية سيناء" بالهجوم على الجيش المصري، وليست المرة الأولى التي توقع فيه قتلى وجرحى .. كذلك ليست هي المرة الأولى التي ينطلق فيها الإعلام بعد الحادث ليهاجم الإخوان و"حماس" ويحملهم المسؤولية عنه.
لكن هذه المرة ربما تكون مختلفة قليلا .. فالتنظيم أعلن بيعته للبغدادي وأصبح نفوذه بسيناء "ولاية" من ولاياته، وأصبحت المسؤولية أكثر وضوحا وأكثر صراحة ، كذلك أصبح تبني التنظيم للعملية سريعا وآنيا وقد أصبح هذا جليا في آخر عملية، لكن العجيب أن ماكينة الإعلام التابعة لنفوذ السيسي لم تنل من "ولاية سيناء" هذه المرة كثيرا بل وركزت جل هجماتها على الإخوان وحماس والقسام.
لم يبادر الإعلام المصري سريعا بالإعلان عن الحادث، وحتى بعد إعلانه عنه لم يبادر سريعا بإعلان حملة هجومية ضد الفاعلين، فيبدو أن الرقيب العسكري كان يدرس الموقف وكيفية توظيف الحدث إعلاميا بشكل جيد، فالعملية وحجمها "صادمان" ولكن بالإمكان توظيف هذا الحجم من "الصدمة" في الداخل بشكل جيد للتغطية على الفشل بل وتحقيق مكاسب سياسية أخرى، بحيث لا يتلافي فقط أزمة الفشل بل ويتقدم ليحقق منها مكاسب ربما يظن أنها تتأتى من حجم الدم الذي سال، ولذا تم الانتظار يوما قبل إعلان حملات الهجوم "الممنهجة" والمعممة على القنوات.
حاولت أن أستخدم نظرية القبعات هذه المرة في التحليل لأقف موقف الرقيب العسكري أو "السيادي" أيا كان، وأتفهم كيف آلية التفكير التي جعلته يتخذ أولوية الهجوم على الإخوان وحماس والقسام محليا ويتجاهل الفاعل الأصلي أو يهمشه في أفضل الأحوال؟
ينظر النظام العسكري لمعركته بشكل منظم، فهو يرى أن مسار المعركة المعلن للشعب منذ بدأت هو "الإخوان ضد الدولة" ولهذا فإن أي انحراف عن هذا المسار أو دخول طرف جديد سيعتبر تشويشا على المسار الأصلي للمعركة وتشتيتا لعملية التجييش الشعبي ضد خصمه، كما أن "اتساع" دائرة المعركة يوحي للجمهور بأن القائم عليها لا يحكم سيطرته وأن دخول أطراف جديدة يعادل الفشل، وبالتالي فهو صاحب مصلحة أولى في ربط ما يحدث بالمسار "الأصلي" وعدم إضافة أو تعريف المسارات الأخرى بأنها "منفصلة" أو ذات سياق خاص، كما أن الصورة الذهنية لتعدد الجبهات سيكون معناها عدم قدرة حقيقة على ضبط الواقع، بل أدى تصدير الصراع إلى زيادة الأوضاع سوءا !
كذلك ينظر الرقيب العسكري أو "السيادي" للبنية الخاصة بكل معركة، فسيناء "المعزولة" جغرافيا وإعلاميا وسكانيا والمشتعلة جحيما منذ الانقلاب العسكري لا تتأثر مطلقا بالدعاية "الإعلامية" وليست مستهدفة بالخطاب الإعلامي، فالنمط القبلي والبيئة البدوية أحيانا لا تستجيب للخطاب "اللميسي أو العكاشي" فهو غريب نوعا ما عنه، كما أن النفسية البدوية لاتستجيب كثيرا للبروباجندا التي يتأثر بها الريفي أو المدني المصري، كذلك فإن المواطن السيناوي لايمكن التدليس عليه كثيرا بخطاب إعلامي أو حملات هنا وهناك فهو شاهد "عيان" على كل ما يحدث ولا يمكن أن يترك ما يراه بعينه ليصفق لحملات التمجيد والتهليل التلفزيوني بينما يقطر دما من الجحيم في أرضه!
وينطلق الرقيب العسكري -في نظري- من حقيقة أخرى، وهي أن تنظيم "ولاية سيناء" ليس تنظيما "جماهيريا" أو شعبيا قد تؤدي حملات الشيطنة والتهويل إلى عزله أو تقلصه ، فالتنظيم بالأساس نوعي "منعزل" وليس جماهيري، ويعتمد في شكله على الهرمية المطلقة والتحيز الجغرافي، وتشكل الحالة الشعبية بالنسبة له أمرا يجب اجتنابه، حاليا فهو "عملياتي" بالدرجة الأولى، وبالتالي فنقل الهجوم على "الإخوان" المسلمين وتغيير الوعي "الوطني" تجاه المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية سيعتبر عملية فعالة جدا، حيث أن كلا التنظيمين جماهيريين وكليهما يعتمد بالأساس أساليب شعبية لدعمه وبقائه، وبالتالي يكون الهجوم إعلاميا على "ولاية سيناء" غير ذي جدوى بينما تكون جداوه أكبر في حالة الإخوان وحماس !
الحقيقة الأخيرة والمهمة هي أن تصدير مصطلح "ولاية سيناء" يحوي بعدا انشقاقيا تقسيميا، كما أنه يضيف لاعبا جديدا للساحة وبالتوازي مع فوبيا داعش الإقليمية يعتبر إدخالها للمعادلة المصرية "إعلاميا" للمواطن البسيط مزيدا من "الإخافة" والإضطراب وهو معادل للفشل واتساع الخرق على السيسي، وبالتالي كان الأولى تهميشه لصالح الأعداء التقليديين الذين خلقهم النظام بدلا من الإيحاء بدخول داعش لمصر بعد أن كان الإعلام يخوف ذات الشعب من أن نصل لمعادلة سوريا والعراق فإذا بنا نصبح جزءا منها
لكن هذه المرة ربما تكون مختلفة قليلا .. فالتنظيم أعلن بيعته للبغدادي وأصبح نفوذه بسيناء "ولاية" من ولاياته، وأصبحت المسؤولية أكثر وضوحا وأكثر صراحة ، كذلك أصبح تبني التنظيم للعملية سريعا وآنيا وقد أصبح هذا جليا في آخر عملية، لكن العجيب أن ماكينة الإعلام التابعة لنفوذ السيسي لم تنل من "ولاية سيناء" هذه المرة كثيرا بل وركزت جل هجماتها على الإخوان وحماس والقسام.
لم يبادر الإعلام المصري سريعا بالإعلان عن الحادث، وحتى بعد إعلانه عنه لم يبادر سريعا بإعلان حملة هجومية ضد الفاعلين، فيبدو أن الرقيب العسكري كان يدرس الموقف وكيفية توظيف الحدث إعلاميا بشكل جيد، فالعملية وحجمها "صادمان" ولكن بالإمكان توظيف هذا الحجم من "الصدمة" في الداخل بشكل جيد للتغطية على الفشل بل وتحقيق مكاسب سياسية أخرى، بحيث لا يتلافي فقط أزمة الفشل بل ويتقدم ليحقق منها مكاسب ربما يظن أنها تتأتى من حجم الدم الذي سال، ولذا تم الانتظار يوما قبل إعلان حملات الهجوم "الممنهجة" والمعممة على القنوات.
حاولت أن أستخدم نظرية القبعات هذه المرة في التحليل لأقف موقف الرقيب العسكري أو "السيادي" أيا كان، وأتفهم كيف آلية التفكير التي جعلته يتخذ أولوية الهجوم على الإخوان وحماس والقسام محليا ويتجاهل الفاعل الأصلي أو يهمشه في أفضل الأحوال؟
ينظر النظام العسكري لمعركته بشكل منظم، فهو يرى أن مسار المعركة المعلن للشعب منذ بدأت هو "الإخوان ضد الدولة" ولهذا فإن أي انحراف عن هذا المسار أو دخول طرف جديد سيعتبر تشويشا على المسار الأصلي للمعركة وتشتيتا لعملية التجييش الشعبي ضد خصمه، كما أن "اتساع" دائرة المعركة يوحي للجمهور بأن القائم عليها لا يحكم سيطرته وأن دخول أطراف جديدة يعادل الفشل، وبالتالي فهو صاحب مصلحة أولى في ربط ما يحدث بالمسار "الأصلي" وعدم إضافة أو تعريف المسارات الأخرى بأنها "منفصلة" أو ذات سياق خاص، كما أن الصورة الذهنية لتعدد الجبهات سيكون معناها عدم قدرة حقيقة على ضبط الواقع، بل أدى تصدير الصراع إلى زيادة الأوضاع سوءا !
كذلك ينظر الرقيب العسكري أو "السيادي" للبنية الخاصة بكل معركة، فسيناء "المعزولة" جغرافيا وإعلاميا وسكانيا والمشتعلة جحيما منذ الانقلاب العسكري لا تتأثر مطلقا بالدعاية "الإعلامية" وليست مستهدفة بالخطاب الإعلامي، فالنمط القبلي والبيئة البدوية أحيانا لا تستجيب للخطاب "اللميسي أو العكاشي" فهو غريب نوعا ما عنه، كما أن النفسية البدوية لاتستجيب كثيرا للبروباجندا التي يتأثر بها الريفي أو المدني المصري، كذلك فإن المواطن السيناوي لايمكن التدليس عليه كثيرا بخطاب إعلامي أو حملات هنا وهناك فهو شاهد "عيان" على كل ما يحدث ولا يمكن أن يترك ما يراه بعينه ليصفق لحملات التمجيد والتهليل التلفزيوني بينما يقطر دما من الجحيم في أرضه!
وينطلق الرقيب العسكري -في نظري- من حقيقة أخرى، وهي أن تنظيم "ولاية سيناء" ليس تنظيما "جماهيريا" أو شعبيا قد تؤدي حملات الشيطنة والتهويل إلى عزله أو تقلصه ، فالتنظيم بالأساس نوعي "منعزل" وليس جماهيري، ويعتمد في شكله على الهرمية المطلقة والتحيز الجغرافي، وتشكل الحالة الشعبية بالنسبة له أمرا يجب اجتنابه، حاليا فهو "عملياتي" بالدرجة الأولى، وبالتالي فنقل الهجوم على "الإخوان" المسلمين وتغيير الوعي "الوطني" تجاه المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية سيعتبر عملية فعالة جدا، حيث أن كلا التنظيمين جماهيريين وكليهما يعتمد بالأساس أساليب شعبية لدعمه وبقائه، وبالتالي يكون الهجوم إعلاميا على "ولاية سيناء" غير ذي جدوى بينما تكون جداوه أكبر في حالة الإخوان وحماس !
الحقيقة الأخيرة والمهمة هي أن تصدير مصطلح "ولاية سيناء" يحوي بعدا انشقاقيا تقسيميا، كما أنه يضيف لاعبا جديدا للساحة وبالتوازي مع فوبيا داعش الإقليمية يعتبر إدخالها للمعادلة المصرية "إعلاميا" للمواطن البسيط مزيدا من "الإخافة" والإضطراب وهو معادل للفشل واتساع الخرق على السيسي، وبالتالي كان الأولى تهميشه لصالح الأعداء التقليديين الذين خلقهم النظام بدلا من الإيحاء بدخول داعش لمصر بعد أن كان الإعلام يخوف ذات الشعب من أن نصل لمعادلة سوريا والعراق فإذا بنا نصبح جزءا منها
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية