لينطلق الأمن والسلام من مخيم عين الحلوة
رأفت مرة
كلما توترت الأوضاع الأمنية في لبنان والمنطقة، تبرز قضية مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى الواجهة، ويجري التركيز عليه سياسياً وإعلامياً، وتُطلق بحقّه اتهامات أمنية ليس لها حدود، ويتم تحميل المخيم وساكنيه مسؤولية الكثير من التفجيرات والاغتيالات وإيواء المطلوبين، وغير ذلك من القضايا.
هذا الواقع جاء بسبب موقع مخيم عين الحلوة على مدخل الجنوب، ومحيطه المكوّن من تجمعات لبنانية سنية وشيعية ومسيحية، ومن وجوده على الطريق المؤدية إلى جنوب لبنان التي تُستخدم ممراً للقوات الدولية، ومن رمزية المخيم وتاريخه النضالي.
ويعيش في المخيم قرابة 70 ألف لاجئ فلسطيني، ويبلغ عدد الفلسطينيين فيه وفي مدينة صيدا وجوارها حوالى 120 ألف لاجئ.
وبعد اتفاق الطائف في لبنان عام 1989، وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب عام 1990، ومؤتمر مدريد للتسوية عام 1991، تُرك مخيم عين الحلوة ليبق –كما هو واضح- مكاناً للضغوط السياسية، والتوترات الأمنية، وتبادل الرسائل بين القوى المؤثرة في المنطقة، رغم الإجراءات الأمنية فوق العادة التي اتخذها الجيش اللبناني في محيطه منذ 1996.
وكان من اللافت أن مسيرة الأمن والاستقرار والسلم الأهلي انتشرت في كل لبنان، ولم يعد هناك تفجيرات أو اغتيالات إلا في مخيم عين الحلوة.
لا شكّ أن الجهات المؤثرة في المنطقة أرادت التعامل مع المخيم كساحة خلفية تمارس فيها مخططاتها وأهدافها، رغم كل الجهد الذي بذلته القوى الفلسطينية وفاعليات المخيم وأبناؤه ومؤسساته في تطويق الأحداث، ومنع التوترات، ومحاصرة النيران، والمحافظة على أحسن العلاقات اللبنانية الفلسطينية، ورغم ما تحمّله المخيم من اتهامات باطلة، وحملات تشويه، وإجراءات أمنية صعبة.
وحتى نكون موضوعيين، فإن هناك بعض الأفراد أو المجموعات داخل المخيم ساهموا بأشكال مختلفة في فترة ما بهذه المعاناة التي يعيشها المخيم، بسبب طريقة تفكير هؤلاء أو تصرّفاتهم أو ممارساتهم.
لكن أيضاً، وبمنتهى الموضوعية، فإن معظم ما عاناه المخيم جاء من جهات نافذة استثمرت أوضاع المخيم في مشاريعها وحساباتها، وخدمة لمصالحها.
اليوم، تشكّل وعيٌ فلسطيني جماعي داخل مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخاصة داخل مخيم عين الحلوة، ناتج عن جهد سياسي، وعمل دؤوب، ونشاط إعلامي، وقراءة تحليلية معمقة للواقع والمحيط.
وهذا الوعي أدى إلى صياغة رؤية فلسطينية واضحة ومشتركة لدى الفصائل والقوى والأفراد والمجموعات، تقوم على:
1- حماية الوجود الفلسطيني في لبنان.
2- المحافظة على الأمن والاستقرار والسلم.
3- عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية.
4- عدم الانخراط في الصراعات المحلية والإقليمية.
5- التعاون لتعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية.
6- منع استخدام المخيمات أو توظيف الوجود الفلسطيني في لبنان لتهديد المجتَمعيْن الفلسطيني واللبناني.
وبناء على هذا الوعي، طرحت القوى الفلسطينية في شهر آذار/مارس الماضي مبادرة شاملة تتلخص أهدافها في نقاط ثلاث:
1- منع حدوث صراع فلسطيني فلسطيني.
2- منع حدوث صراع فلسطيني لبناني.
3- منع حدوث صراع سني شيعي (مذهبي).
وفي الأشهر الماضية بُذلت جهود فلسطينية مكثفة لتثبيت الأمن والاستقرار في مخيم عين الحلوة، ولمنع انطلاق أي عمل عنفي من المخيم ومن المخيمات الأخرى.
وحرصت القوى الفلسطينية الإسلامية والوطنية على الترويج لخطاب سياسي إعلامي، يركّز على فلسطين والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومقاومة الاحتلال، ورفض الانخراط في الصراعات المحلية؛ العربية واللبنانية، ودعم مسيرة الأمن والاستقرار، ورفض الأفكار المتطرفة.
هذا المسار يجب أن يواجه بمسار لبناني موازٍ، تدعمه السلطة اللبنانية، بمكوناتها السياسية والعسكرية والأمنية والخدماتية، لنصل إلى بناء تفاهم لبناني فلسطيني شامل، حول العناوين التي ذُكرت.
وهذا يستوجب من بعض اللبنانيين أيضاً التوقف عن محاولات استخدام من هم في المخيم، في مشاريع خاصة، أو في أعمال أمنية، والتوقف عن اعتبار المخيم ملجأً للهاربين أو الخارجين عن سلطة الدولة اللبنانية وقوانينها، أو العابثين بأمن لبنان، دولة وأفراداً.
لقد حسمت القوى الفلسطينية قرارها برفض إيواء أو استقبال الهاربين أو المخلّين بالأمن، وبالتالي فإن مخيم عين الحلوة أو أي مخيم آخر لن يتحوّل إلى ملاذ آمن لمن يريد العنف أو التخريب.
الوجود الفلسطيني في لبنان هو وجود مؤقت مرتبط بفلسطين، متمسك بالهوية الوطنية الفلسطينية، يحمل مشروع المقاومة ضدّ الاحتلال من أجل التحرير والعودة.
فلا مشاريع سياسية محلية للفلسطينيين، ولا عداوة ولا خصومة مع أحد، وبقدر ما نريد الأمن والسلام والاستقرار لأنفسننا ومخيماتنا ومجتمعنا، نريده لأهلنا اللبنانيين، سواء بسواء.
فلنتعاون من أجل تحييد الوجود الفلسطيني في لبنان عن الصراعات المحلية والإقليمية، ولنتجنّب الانخراط في دوامة من العنف، ومن كان مطلوباً فليرحل أو ليُرحّل.
ومن الضروري في الفترة القادمة التركيز على القضايا التالية:
1- وقف التحريض الإعلامي ضدّ مخيم عين الحلوة، وضدّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
2- إخراج من ارتبط اسمه مؤخراً بتفجيرات أمنية، ودخل المخيم للاختباء.
3- تعزيز التواصل اللبناني الفلسطيني من أجل مزيد من تحسين الخدمات وتخفيف الإجراءات الأمنية.
4- إيجاد أجواء إيجابية بين المخيم والجوار من خلال العلاقات والزيارات والأنشطة المشتركة.
رأفت مرة
كلما توترت الأوضاع الأمنية في لبنان والمنطقة، تبرز قضية مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى الواجهة، ويجري التركيز عليه سياسياً وإعلامياً، وتُطلق بحقّه اتهامات أمنية ليس لها حدود، ويتم تحميل المخيم وساكنيه مسؤولية الكثير من التفجيرات والاغتيالات وإيواء المطلوبين، وغير ذلك من القضايا.
هذا الواقع جاء بسبب موقع مخيم عين الحلوة على مدخل الجنوب، ومحيطه المكوّن من تجمعات لبنانية سنية وشيعية ومسيحية، ومن وجوده على الطريق المؤدية إلى جنوب لبنان التي تُستخدم ممراً للقوات الدولية، ومن رمزية المخيم وتاريخه النضالي.
ويعيش في المخيم قرابة 70 ألف لاجئ فلسطيني، ويبلغ عدد الفلسطينيين فيه وفي مدينة صيدا وجوارها حوالى 120 ألف لاجئ.
وبعد اتفاق الطائف في لبنان عام 1989، وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب عام 1990، ومؤتمر مدريد للتسوية عام 1991، تُرك مخيم عين الحلوة ليبق –كما هو واضح- مكاناً للضغوط السياسية، والتوترات الأمنية، وتبادل الرسائل بين القوى المؤثرة في المنطقة، رغم الإجراءات الأمنية فوق العادة التي اتخذها الجيش اللبناني في محيطه منذ 1996.
وكان من اللافت أن مسيرة الأمن والاستقرار والسلم الأهلي انتشرت في كل لبنان، ولم يعد هناك تفجيرات أو اغتيالات إلا في مخيم عين الحلوة.
لا شكّ أن الجهات المؤثرة في المنطقة أرادت التعامل مع المخيم كساحة خلفية تمارس فيها مخططاتها وأهدافها، رغم كل الجهد الذي بذلته القوى الفلسطينية وفاعليات المخيم وأبناؤه ومؤسساته في تطويق الأحداث، ومنع التوترات، ومحاصرة النيران، والمحافظة على أحسن العلاقات اللبنانية الفلسطينية، ورغم ما تحمّله المخيم من اتهامات باطلة، وحملات تشويه، وإجراءات أمنية صعبة.
وحتى نكون موضوعيين، فإن هناك بعض الأفراد أو المجموعات داخل المخيم ساهموا بأشكال مختلفة في فترة ما بهذه المعاناة التي يعيشها المخيم، بسبب طريقة تفكير هؤلاء أو تصرّفاتهم أو ممارساتهم.
لكن أيضاً، وبمنتهى الموضوعية، فإن معظم ما عاناه المخيم جاء من جهات نافذة استثمرت أوضاع المخيم في مشاريعها وحساباتها، وخدمة لمصالحها.
اليوم، تشكّل وعيٌ فلسطيني جماعي داخل مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخاصة داخل مخيم عين الحلوة، ناتج عن جهد سياسي، وعمل دؤوب، ونشاط إعلامي، وقراءة تحليلية معمقة للواقع والمحيط.
وهذا الوعي أدى إلى صياغة رؤية فلسطينية واضحة ومشتركة لدى الفصائل والقوى والأفراد والمجموعات، تقوم على:
1- حماية الوجود الفلسطيني في لبنان.
2- المحافظة على الأمن والاستقرار والسلم.
3- عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية.
4- عدم الانخراط في الصراعات المحلية والإقليمية.
5- التعاون لتعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية.
6- منع استخدام المخيمات أو توظيف الوجود الفلسطيني في لبنان لتهديد المجتَمعيْن الفلسطيني واللبناني.
وبناء على هذا الوعي، طرحت القوى الفلسطينية في شهر آذار/مارس الماضي مبادرة شاملة تتلخص أهدافها في نقاط ثلاث:
1- منع حدوث صراع فلسطيني فلسطيني.
2- منع حدوث صراع فلسطيني لبناني.
3- منع حدوث صراع سني شيعي (مذهبي).
وفي الأشهر الماضية بُذلت جهود فلسطينية مكثفة لتثبيت الأمن والاستقرار في مخيم عين الحلوة، ولمنع انطلاق أي عمل عنفي من المخيم ومن المخيمات الأخرى.
وحرصت القوى الفلسطينية الإسلامية والوطنية على الترويج لخطاب سياسي إعلامي، يركّز على فلسطين والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومقاومة الاحتلال، ورفض الانخراط في الصراعات المحلية؛ العربية واللبنانية، ودعم مسيرة الأمن والاستقرار، ورفض الأفكار المتطرفة.
هذا المسار يجب أن يواجه بمسار لبناني موازٍ، تدعمه السلطة اللبنانية، بمكوناتها السياسية والعسكرية والأمنية والخدماتية، لنصل إلى بناء تفاهم لبناني فلسطيني شامل، حول العناوين التي ذُكرت.
وهذا يستوجب من بعض اللبنانيين أيضاً التوقف عن محاولات استخدام من هم في المخيم، في مشاريع خاصة، أو في أعمال أمنية، والتوقف عن اعتبار المخيم ملجأً للهاربين أو الخارجين عن سلطة الدولة اللبنانية وقوانينها، أو العابثين بأمن لبنان، دولة وأفراداً.
لقد حسمت القوى الفلسطينية قرارها برفض إيواء أو استقبال الهاربين أو المخلّين بالأمن، وبالتالي فإن مخيم عين الحلوة أو أي مخيم آخر لن يتحوّل إلى ملاذ آمن لمن يريد العنف أو التخريب.
الوجود الفلسطيني في لبنان هو وجود مؤقت مرتبط بفلسطين، متمسك بالهوية الوطنية الفلسطينية، يحمل مشروع المقاومة ضدّ الاحتلال من أجل التحرير والعودة.
فلا مشاريع سياسية محلية للفلسطينيين، ولا عداوة ولا خصومة مع أحد، وبقدر ما نريد الأمن والسلام والاستقرار لأنفسننا ومخيماتنا ومجتمعنا، نريده لأهلنا اللبنانيين، سواء بسواء.
فلنتعاون من أجل تحييد الوجود الفلسطيني في لبنان عن الصراعات المحلية والإقليمية، ولنتجنّب الانخراط في دوامة من العنف، ومن كان مطلوباً فليرحل أو ليُرحّل.
ومن الضروري في الفترة القادمة التركيز على القضايا التالية:
1- وقف التحريض الإعلامي ضدّ مخيم عين الحلوة، وضدّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
2- إخراج من ارتبط اسمه مؤخراً بتفجيرات أمنية، ودخل المخيم للاختباء.
3- تعزيز التواصل اللبناني الفلسطيني من أجل مزيد من تحسين الخدمات وتخفيف الإجراءات الأمنية.
4- إيجاد أجواء إيجابية بين المخيم والجوار من خلال العلاقات والزيارات والأنشطة المشتركة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية