مفاوضات غير مباشرة!!

مفاوضات غير مباشرة!!...بقلم : صالح النعامي

الثلاثاء 09 مارس 2010

مفاوضات غير مباشرة!!

 

كان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يقف مزهواً بشكل خاص عندما كان يتحدث أمام الكنيست الصهيوني بكامل هيئتها الخميس الماضي وهو يرمي زعيمة المعارضة تسيفي ليفني بنظرات الشماتة، لأنها كانت قد انتقدت تجاهله متطلبات إنجاح العملية التفاوضية مع السلطة، وكانت تجزم أن الدول العربية لن تساعده في تضليل العالم مرة أخرى.
 
فقد اعتبر نتنياهو أن قرار وزراء الخارجية العرب السماح للسلطة بالتفاوض غير المباشر مع (إسرائيل) دليلاً على صوابية تعاطيه مع السلطة والعرب.
 
لم يغفل نتنياهو عن تذكير أعضاء الكنيست بدلالات القرار العربي الذي يأتي في الوقت الذي تواصل فيه (إسرائيل) الاستيطان في القدس، ورغم أن العالم العربي يعي حقيقة برنامج حكومته السياسي الذي ينص على الاحتفاظ بالمستوطنات والقدس الكبرى وغور الأردن ورفض حق العودة للاجئين.
 
وحتى الصحافيون والمعلقون الصهاينة الذين كانوا يوجهون انتقادات حادة لنتنياهو بسبب مواقفه المتعنتة من متطلبات التسوية السياسية للصراع توقفوا عن ذلك، بل إن عدداً منهم مثل شالوم يروشالمي كال المديح له واعتبر أن نتنياهو أثبت "أن نهجه أكثر جدوى في التعامل مع العرب من غيره من السياسيين".
 
ومن أسف فإن الذي أثار سخرية الكثير من المعلقين الصهاينة هو تبرير وزراء الخارجية العرب قرارهم بأنه يهدف لإعطاء فرصة (لإسرائيل) لإثبات «حسن نواياها»، فتسفي بارئيل معلق الشؤون العربية في صحيفة «هارتس» استهزأ بهذا التسويغ مستذكراً أن حكومة اليمين في (إسرائيل) ملتزمة بمواصلة الاستيطان في القدس والضفة الغربية أكثر من التزامها بشيء آخر سواءً الآن وبعد أربعة أشهر. ليس هذا فحسب، بل إن هناك من المعلقين الصهاينة من ذكر الوزراء العرب بأنه بعد أربعة أشهر من المفاوضات غير المباشرة سيكون وقت تجميد الاستيطان المؤقت في الضفة يوشك على الانتهاء، حيث وعد نتنياهو وكبار وزرائه بأن الحكومة الصهيونية تستعد لطفرة من المشاريع الاستيطانية في أرجاء الضفة الغربية، على رأسها بناء مدينة استيطانية تستوعب 14 ألف مستوطن، ولكن السؤال المحرج للوزراء العرب وللسلطة في رام الله ، والذي تردد في كثير من المقالات التي زخرت بها الصحف الصهيونية  تعليقاً على قرار الوزراء العرب، هو: هل توقفت حقاً الاتصالات بين مسؤولي السلطة والمسؤولين الصهاينة  حتى يحتاج نتنياهو وعباس لمفاوضات غير مباشرة.
 
آفي سيخاروف مراسل الشؤون الفلسطينية في صحيفة «هآرتس» أوضح أن التنسيق الأمني يتواصل بين السلطة و(إسرائيل) بشكل غير مسبوق، حيث تتبادل الأجهزة الأمنية الصهيونية وتلك التابعة لحكومة فياض الأدوار في محاربة وتعقب حركات المقاومة بشكل رتيب. ليس هذا فحسب، بل إن قادة أجهزة فياض الأمنية أخذوا يتعاطون مع عملياتهم ضد نشطاء المقاومة كدليل لدى الصهاينة  على صدقيتهم.
 
والذي يدلل على ذلك هو حرص هؤلاء على تسريب أنباء ألقاء القبض على عناصر حركات المقاومة وإحباط مخططاتهم للمس بالأمن الصهيوني ، كما حدث مؤخراً عندما حرصوا على تسريب نبأ إلقاء القبض على خلية لحركة حماس خططت لإطلاق صواريخ على المستوطنات في محيط مدينة رام الله.
 
الذي يثير المرارة أن كثيرا من المعلقين في (إسرائيل) يرون في قرار الوزراء العرب بمثابة تشجيع لنتنياهو ووزرائه على مواصلة تعنته واستفزازته والتي كان آخرها قراره تهويد عدد من الأماكن المقدسة للمسلمين في الضفة الغربية.
 
وهناك من المعلقين في (إسرائيل) من اعتبر أن قرار الوزراء العرب ليس إيجابياً لأنه يعد مكافأة لنتنياهو، بل لأنه يقطع الطريق على المصالحة الفلسطينية الداخلية. وكما يقول المعلق الإسرائيلي أمنون أبرموفيتش فإن (إسرائيل) تعي أنه طالما كانت مفاوضات فإن عباس وحكومته لا يجرؤون على مجرد التفكير بالتصالح مع حركة حماس على اعتبار أن هذا أمر غير مقبول بالنسبة لصناع القرار في (تل أبيب) وواشنطن.
 
ماذا يقول الوزراء العرب لمئات لعشرات العائلات الفلسطينية في القدس الذين أصدرت حكومة نتنياهو قراراً مؤخراً بتدمير منازلها لكي يتم بناء لليهود منازل على أنقاضها، وماذا سيقولون لمئات العائلات التي تنوي هذه الحكومة إصدار أوامر بتدمير منازلها.
 
ولا مجال هنا للحديث عن منهج التضليل والكذب الذي سلكه محمود عباس الذي قطع العهود بعدم العودة للمفاوضات إلا بعد تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس وأن يتم تحديد مرجعية للمفاوضات، وهذا ما تبنته بالمناسبة كل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية والمؤتمر العام السادس لحركة فتح.
 
لم يثبت عباس أنه يضلل ويكذب، بل أنه يتجاهل المؤسسات التي يقف على رأسها، فهو قرر العودة للمفاوضات دون الرجوع للجنة التنفيذية والفصائل الوهمية التي تشارك فيها.
 
لقد بات واضحاً أن الدول العربية لم تكافئ نتنياهو فقط على مواقفه فقط، بل أنها تغريه بإضفاء مزيد من التطرف عليها.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية