هنا عباس

هنا عباس ... بقلم : الدكتور عطا الله أبو السبح

الإثنين 22 فبراير 2010

هنا عباس

ما الذي اضطر عباس بأن يقاطع المفاوضات رغم فوائدها الكثيرة، ثم يعود إليها رغم أن الكثير يقولون : إنها فاشلة ، ولسان حاله يقول : هل انتهت حتى يُحكـَم بفشلها ؟ وما البديل ؟ أسئلة يثيرها المهتمون بمسيرة السلام ، ويبدو عباس حائراً في البحث عن إجابة ، و لهذا فإنه يتحرك بين أبعد نقطتين في الكرة الأرضية ، و لكن الشخص الوحيد الذي لا يسأله هو شعبه ؛ إذ لا يراه إلا من خلال الدائرة التي وجد فيها نفسه ، المليئة بالفساد المالي والأخلاقي والأمني ( حسب شبانة ) أو تلك الذي يحذر أن يقترب منها ، بعد أن أقسم أن يزيلها عن الوجود ، فليس فيها إلا الظلاميون والقتلة ، ولم يقتد بجيرانه الذين لا يجرؤ زعيمهم أن يتخذ قرارا يبدأ به المفاوضات أو يختمها إلا بالرجوع إليهم كافة ، أو من خلال نوابهم ، مع حرص زائد على بقاء النمط الديموقراطي هو الحكم ، في حين يعطل عباس وبطانته المجلس التشريعي منذ أول يوم جلس نواب الشعب تحت قبته.
 
والحقيقة أن عباس يريد حلا، و لو كان دولة، حتى وإن كانت بلا حدود ( حسب مشروع ساركوزي ) و حتى لو كانت بلا شعب بعد أن يشطب حق العودة ، حتى وإن كانت بلا سيادة ، فتكفي سيادة رجال الأمن الذين لا يعصون دايتون ما أمرهم ، و يفعلون ما يؤمرون ، حتى وإن كانت على شبر مقطع الأوصال بسبعمائة حاجز ، عباس يريد حلاً فعلاً ، و يصنع سلاما مع (إسرائيل)، رغم ما أكده المفكر اليهودي الفرنسي (ألان غريش ) : إن (إسرائيل) لا تريد سلاماً ، بل إن السلام هو عدوها الأكبر والأخطر ، وهو ما وافقه عليه المفكر الدبلوماسي الفرنسي اليهودي ( أريك رولو ) ... فالسلام لا يأتيها بمليارات الدولارات الأمريكية ، ولا ينفق سلعتها الإجرامية من طائرات التجسس وأقمار التجسس ، والسلام يحد من اغتصابها لأرض غيرها ، والسلام سيحرمها من دماء أطفال فلسطين الذي تصنع منه الفطير المقدس لتأكله في عيد العرش المجنون أو عيد المساخر ، وبالتالي فإن عباس لن يبلغ ما يريد من حل.
 
وما حل الدولتين إلا نكتة سمجة و سخيفة كنكتة ( سلام الشجعان ) الذي قتل عرفات و هو يحلم به ، ولم نسمع من الساسة الصهاينة من يتلفظ به ، مع فارق بسيط أن تسيفي أخذت تنادي بحل الدولتين رغم أنها لم تغسل يديها من دماء أطفال غزة ، ولم تنفض عن ثوبها غبار دمار عزبة عبدربه ، وبيت آل السموني والمجلس التشريعي ، يذهب عباس اليوم إلى ساركوزي عساه يجد عنده الجواب مع تقديم واجب الاعتذار من أن دبي كشفت عن بعض عصابة الموساد، فاتضح أنهم فرنسيون ولو بجواز السفر ( فالنتيجة واحدة ) ، ويعقد عباس العزم على أن يعود للتفاوض ولمَّا تجف دماء محمود المبحوح ، وكأن الشهيد ليس فلسطينيا وليس من رعايا عباس.
 
وليؤكد للعالم أن مقاطعته للمفاوضات كانت ( دلالا) أو ( دلعاً ) على نتنياهو ، و يربطها بشرط وقف الاستيطان وأخواته ، وإذا به يعود إليها دون أن يحقق شروطاً ، ولكن لفوائدها ، مع بعض ( الدلع ) أو ( الدلال) فيعود إليها على أن يجلس في غرفة أخرى ، و بينهما حاجز لا يبغيان أمام الكاميرات ، لتجري بشكل غير مباشر ، أي بلا اختلاط ، حتى لا يحنث في قسمه أو شبه القسم ، فيجني فوائدها ، ويتجنب الحنث بقسمه ... فهناك البساط الأحمر ، والموائد التي تضم أشهى المأكولات وأطايبها ، والسجاير والسيجار ، وهناك بـَدَلات السفر ، وهناك بـَذْلات السفر ، وهناك الحسان ، وهناك السبع نجوم و الموسيقى الهادئة ، وأفخم أنواع الخمور، وهناك الأفراح والليالي الملاح ( في غياب شبانة ) ، وهناك المؤتمرات الصحفية ومزيد من (البرافو) على اختطاف عناصر حماس ، وهناك القبل والأحضان ورضى السيد أوباما والدكتور رايس والسيدة ليفني ، وهناك المزيد من الخدمات للشركة الوطنية ، وهناك طي ملفات الفساد والسفالة والجاسوسية ، وهناك العمل على إطلاق حرية أنور شحيبر وأحمد حسنين ، وهناك مزيد من الحصار على غزة واغتيال بنيها ، وقصف أراضي المزارعين وهم فيها ، وهناك المشاريع التي ستمطر بها العواصم لتجعل من بقايا الوطن سنغافورة فيتحقق حلم عرفات على يدي سلام فياض ، وأما الخسارة الوحيدة أمام تلك الفوائد فهي ضياع الوطن وحق مواطنيه !! يعود عباس للمفاوضات و لكن غير المباشرة ، لتلك الفوائد العظيمة رغم رفض الذين لا يعرفون شيئا في السياسة أو القانون الدولي ، الذين هم الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يرضى بعباس له لسانا.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية