قرار سياسي برام الله يحول دون حل الأزمة
أبو الريش: الأوضاع الصحية بغزة خطيرة وسنضطر لإيقاف بعض خدماتنا
لياتها، معتبراً أن هناك قرارا سياسيا يحول دون تحمل الوزارة مركزياً مسؤولياتها عن غزة، ويعوق حل الأزمات الصحية المختلفة.
وقال أبو الريش في مقابلة خاصة مع "المركز الفلسطيني للإعلام" الثلاثاء (24-3)، إن الأسابيع القادمة قد تدفع الوزارة إلى تقليص أو تجميد بعض خدماتها، في ضوء صعوبة الأوضاع، وقد يصل ذلك لإغلاق مؤقت لبعض المستشفيات الطرفية.
وكشف عن عدم وجود اتصال في الفترة الحالية بين الوزارة في رام الله وغزة، رغم المحاولات المتعددة التي جرت للتواصل مع الوزارة هناك لعرض واقع الأزمات التي يعيشها القطاع، لافتاً إلى أن اللجنة الرباعية التي شكلت سابقاً في حكم "الميتة" بعد عدم الأخذ بالتوصيات وتلبية الاحتياجات التي رفعتها، وأن ما كان يقدم من الوزارة في رام الله إلى غزة خلال فترة الانقسام أكثر من الفترة الحالية التي يفترض أنها حكومة وحدة توافقية.
وأكد وجود 220 صنفا دوائيا رصيدها صفر، فيما يصل العجز الدوائي في القائمة الأساسية للأدوية إلى ما يتراوح بين (8-10) مليون دولار.
وكشف عن مؤشرات صحية إيجابية وأخرى سلبية في قطاع غزة، مؤكداً في الجانب الإيجابي وجود نوع من الثبات النسبي في جودة الخدمات، مع حدوث بعض الاختراقات في الجودة، مثل حديثي الولادة؛ حيث حدث تطور كبير إذ انخفضت نسبة الوفيات خلال العامين السابقين لتتراجع من 30% إلى 4.3%، وهذا اختراق مهم.
كما أشار إلى وجود اختراقات هامة في مجال القلب والعيون وجراحتها، واستعدادات لزراعة الكلى بأيد فلسطينية، معتبراً أن نجاح الوزارة في البقاء وتقديم الخدمات أكبر الإنجازات.
وبالنسبة للمؤشرات السلبية، كشف عن استمرار المؤشرات المتعلقة بأمراض فقر الدم ولين العظام الناجمة عن سوء التغذية، وقال: "الأرقام في هذا المجال تراوح مكانها، وبعضها في تراجع في ظل تراكمات تداعيات الحصار".
وكشف أن العام السابق سجل ازديادا في نسبة الوفيات لدى النساء الحوامل أثناء الولادة، لافتاً إلى أن الجزء الأكبر منهم كان خلال الحرب، ونجم عن عدم قدرة النساء على الوصول لأماكن تلقي الخدمات بشكل آمن، ما تسبب بزيادة الوفيات.
كما أكد وجود مؤشرات خطيرة عن بعض الأمراض، دون توفر دراسات مكتملة حولها وحول أسبابها، منها مرض الكلى والفشل الكلوي، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي تبلغ نسبة زيادة الفشل الكلوي في العالم 3% من المرضى سنوياً، فإنها تصل لدينا إلى 30%، عازياً ذلك لأسباب أحدها هو تطور قدرة الطب على اكتشاف المرض بخلاف السابق، إذ إن نسبة انتشار المرض سابقاً في العالم كانت أكبر مما هي لدينا.
غير أن وكيل وزارة الصحة أشار إلى أن انتشار هذا المرض في مناطق معينة دون غيرها، يؤشر لوجود أسباب أخرى تقف وراء الانتشار، مؤكداً الحاجة إلى دراسات متخصصة؛ للوقوف على أسباب ذلك.
وأشار إلى أن معدل انتشار السرطانات في ازدياد في مجتمع غزة الصغير، والذي يصنف كمجتمع فتي مقارنة بغيره من المجتمعات؛ وهو الأمر الآخر بحاجة دراسات عن أسبابه.
ولفت إلى أن أمراض القلب تشهد زيادة عموماً في عدد الإصابات بالتجلطات "بما يعكس حالة القلق والضغط من ناحية، ويعكس عدم قدرة مقدمي الخدمة على الرصد المبكر لأمراض ضغط الدم والأمراض المزمنة".
وأكد أن الوزارة تسعى لمواجهة الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاع الصحي من خلال رؤية ثلاثية تقوم على ترشيد وتعظيم الإيرادات، وتحقيق الانضباط وعدم السماح بالتفلت أو الانهيار.
وفيما يلي نص المقابلة:
بعد تسعة أشهر من استلام حكومة التوافق مهامها ما تأثيرها على الواقع الصحي في قطاع غزة؟
- لعل الجميع يعلم أن القطاع الصحي يختلف عن باقي القطاعات من حيث أهميته، ومن حيث حجم الإنفاق عليه من ناحية أخرى، فهو قطاع إنفاق بالدرجة الأولى. وفي ظل هذه الحكومة عانى هذا القطاع من حالة استثنائية من نقص الأدوية والإمكانات. والوزارة المركزية لم تؤد دورها تجاه المؤسسات الصحية في غزة؛ الأمر الذي تركها في وضع صعب وهش وقابل لأن يكون في حالة انهيار لو لم تكن هناك جهود تبذلها طواقم غزة، ودماء الشهداء التي سالت خلال الفترة الماضية (الحرب الأخيرة)، ومن خلالها تم التبرع بمنح عاجلة، لكن هذه المنح بدأت في التآكل والنفاد. ونحن نرقب الوضع بعين من الحذر الشديد؛ ونقول إذا استمرت الأمور على الوضع الحالي سنشهد منعطفاً خطيراً.
ما أبرز ملامح الأزمات والإشكالات في الملف الصحي وانعكاسها على الأداء والخدمات الصحية؟
- هناك العديد من الملفات التي تمثل قضايا أزمة وإشكالية وهي قضايا حقيقية وضاغطة، وتتمثل أبرز هذه الملفات فيما يلي:
ملف الموظفين المحرومين من الرواتب: فهناك ما يقارب من 60% من موظفي الصحة مقطوعة رواتبهم ولا يتلقونها، وبالتالي هناك أكثر من نصف الموظفين لا يستطيعون تأدية وظائفهم على الوجه الأكمل، بل جزء منهم لا يستطيع الوصول لأماكن خدمته. ونرى أنه لا يوجد قرار سياسي بحل مشكلة الموظفين سواء دمجهم أو تقديم حلول، ففي الصحة لدينا 1800 مستنكف غالبيتهم من القطاع الإداري، وهناك 9000 موظف على رأس عملهم، وحاجتنا الحقيقية أكبر من هذه الأعداد.
ملف الأدوية: تم تصنيف الأدوية إلى ثلاث مجموعات أ، ب، ج، فعلى سبيل المثال في القائمة أ، وهي الأهم قائمة العجز حتى نهاية العام تقدر بما يتراوح بين (8-10) ملايين دولار، أما الفاقد في المستهلكات الطبية للقائمة (أ) فقائمة العجز تصل إلى 150 ألف دولار شهرياً.
وبشكل عام، هناك 220 صنفا من مجمل الأدوية رصيدها صفر، وهذا العدد مرشح للزيادة، إذ أن أغلب هذا الرصيد تم بناؤه خلال فترة الحرب الأخيرة، وبحلول شهر أيام (مايو) المقبل، فإننا سنكون أمام وضع كارثي إذا لم يحدث أي تغيير على الوضع الحالي.
وماذا عن المعونات التي كانت تصل عبر جهات مانحة وجمعيات خيرية؟
- هنا ينبغي الإشارة إلى أن المعونات التي كانت تصل عبر معبر رفح وكانت تشكل رافعة للعمل الصحي تكاد تكون توقفت، وحالياً لا يصل إلا النذر اليسير.
الحديث عن معبر رفح يدفعنا للحديث عن تداعياته إغلاقه على الوضع الصحي؟
- لا شك أن هناك تداعيات، فإلى جانب مسألة المعونات، هناك حركة تنقل المرضى والتحويلات، وكذلك سفر الأطباء للمؤتمرات والابتعاث، والآن يتحرك المرضى عبر معبر بيت حانون، بكل الإشكاليات التي تنتج عن هذا المرور نتيجة قيام الاحتلال بالسماح للبعض ورفض البعض، وكذلك ابتزاز المرضى من أجل إيقاعهم في مستنقع الخيانة، وهو الأمر الذي يرفضه المرضى، وبالتالي يتعرضون للحرمان من السفر.
وماذا عن أوجه الأزمات الأخرى التي يعاني منها القطاع الصحي؟
- هناك توقف لحركة بناء وتطوير المستشفيات، مثل مستشفى ناصر، وشهداء الأقصى، ومراكز الرعاية والأدوية، وهناك إشكاليات متعلقة بأزمة الكهرباء والوقود، وصيانة الأجهزة الطبية.
وبشكل عام مجمل القطاع الصحي يعاني من إشكال وتراجع؛ وإذا لم يكن هناك تدخل سنكون مضطرين خلال الأسابيع القادمة لتعطيل مجموعة من الخدمات لنستطيع تقديم الخدمة على مدى أبعد، وقد يشكل ذلك إغلاق بعض المستشفيات الطرفية.
هل جرى حل ملف شركات النظافة والأغذية في المستشفيات الذي شكل ملف تأزيم في الفترة الأخيرة؟
- الحقيقة أن البنك الدولي قام بتوفير منحة للعمل الصحي بقيمة 8 ملايين دولار، تم تخصيص مليوني دولار منها لصالح غزة، وتم تخصيص جزء من هذا المبلغ لصالح شركات النظافة، أما ملف الأغذية فيتم من خلال جمعيات ومحسنين !!.
ما حقيقة تجميد الحكومة منحة سعودية لمستشفيات غزة رغم الأوضاع الصعبة؟
- في الحقيقة هناك منحة مقدمة بقيمة (52) مليون دولار من اللجنة السعودية عبر البنك الدولي الإسلامي، لصالح مستشفيات قطاع غزة، وتم تخصيصها لتنفذ عن طريق الهلال الأحمر الفلسطيني، ونحن حالياً نمر بأزمة لم تسبق، وهذا المبلغ وصل وتم توريده، ولكن حتى اللحظة قرار التصرف في أمواله لصالح المستشفيات معلق من قبل مجلس الوزراء، لأنه لا يوجد قرار أو رغبة بإنقاذ غزة.
ولكن بماذا يجري تبرير هذا التجميد؟
- تم التعليل بأن الإجراءات لدى الهلال الأحمر، ولكن تبلغنا أن الملف معلق بقرار من مجلس الوزراء، وهو ما يدفعنا للتساؤل: لصالح من يتم تعطيل هذه المنحة التي نحن بأمس الحاجة إليها.
ما دور اللجنة الرباعية الخاصة بوزارة الصحة والمشكلة من أجل تذليل وحل كل هذه الإشكالات؟
- هذه اللجنة ماتت بشكل فعلي؛ لأنه لم ينتج عن اجتماعاتها وتوصياتها ومراسلاتها أي أمر، وبقيت تعبر عن تواصل من جانب واحد، إذ أن هذه اللجنة التي تشكلت قبل زيارة الوزير إلى غزة، واجتمعت وحددت احتياجات وقعت توصيات توافقية، ولكن لم يتم الاستجابة لها؛ الأمر الذي جعل اجتماعها مضيعة للوقت.
وما شكل التواصل الحالي بين شقي الوزارة؟
- حالياً لا يوجد أي تواصل، وقد طلبنا عدة مرات أن يكون هناك تواصل ولو عبر الفيديو كونفرس للاطلاع على الوضع الصحي ونذره، وراسلنا وزير الصحة عدة مرات دون استجابة. وبكل مسؤولية أقول، إن مجمل ما يصب من الحكومة (حكومة التوافق) وبمقارنته بفترة الانقسام، فإن ما كان يصل في السابق هو أكثر من الفترة الحالية التي يفترض أنها توافقية وحكومة واحدة.
لماذا برأيك يجري كل ما يجري من تجاهل غزة، وخطورة ذلك على الوضع الصحي؟
- أعتقد أن هناك قرارا سياسيا، يحول دون تحمل الوزارة مركزياً مسؤولياتها عن غزة، مع الإشارة إلى أن هناك العديد من القضايا التي تحتاج لقرار وزاري، وعدم وجود هذا القرار يؤدي إلى تعطيلها، فهناك خدمات عديدة تشتريها وزارة الصحة، مثل خدمات شركات النظافة، كذلك لا يوجد موازنات، والمساحة القانونية لاتخاذ القرارات محدودة لدينا، هناك 15 بندا على غرار النظافة.
مع عدالة مطالب الموظفين والأطباء، لكن في ضوء الإضرابات الأخيرة، كان هناك شكوى من تأثيرات هذه الإضرابات على الخدمة الصحية؟ كيف يمكن الموازنة بين مصلحة المواطن المريض والطبيب؟
- مرت الوزارة بمرحلة كانت خطيرة كادت أن تعصف بالخدمات الصحية، ولكن بالمتابعة والحرص من الجميع تم التواصل مع الهيئات كافة، مثل المجلس التشريعي والفصائل وحقوق الإنسان، وممثلي الموظفين، وتم التوافق على تحييد القطاع الصحي عن أي فعاليات تنتهي بإيقاع الضرر على المواطن الذي يعاني المعاناة الأكبر.
هل من خيارات أو حلول استراتيجية يمكن التفكير فيها حال استمر تقاعس الحكومة عن أداء مهامها؟
- على الأقل في الوزارة وضعنا ثلاثة عناوين أساسية، تتمثل في:
1- ترشيد الاستهلاك من أجل إبقاء هذه الموارد أطول فترة ممكنة ومواجهة أي حدث قادم.
2- تعظيم الإيرادات؛ لأن من شأن ذلك تفعيل وتحسين الخدمات، وهذا التعظيم يتم من خلال التواصل مع الجهات المانحة، حيث كثفنا هذه الاتصالات لتوصيل معاناة شعبنا وهناك وعود للاستجابة، مع الصعوبة التي تتمثل أننا الآن وزارة واحدة أمام المانحين، وهناك رأس للوزارة برام الله، وأية منح أو مشاريع لا تتم إلا من خلالها، وهذا شكل من أشكال التعطيل لمنح ومشاريع كانت تأتي بشكل مباشر إبان الحكومة السابقة. والوجه الآخر للإيرادات هي الإيرادات المحلية من خلال الرسوم المقرة والمعتمدة.
3- متابعة العمل في الوزارة والانضباط لعدم السماح بالتفلت أو الانهيار.
كفاءة ومستوى الخدمات الصحية تثار بين الحين والآخر في ظل بعض الشكاوي من ما يسمى الإهمال الطبي أو مستوى الكفاءة، كيف تقيمون الحالة وسبل التغلب عليها؟
- نقيس هذا الأمر من عدة جوانب: أداء الوزارة، فهناك نوع من الثبات النسبي في جودة الخدمات مع حدوث بعض الاختراقات في الجودة مثل حديثي الولادة، حيث حدث تطور كبير إذ انخفضت نسبة الوفيات خلال العامين السابقين لتتراجع من 30% إلى 4.3%، وهذا اختراق مهم، كما يوجد اختراقات في مجال القلب والعيون وجراحتها، وإن كان بالمجال هناك ثبات نسبي في الجودة، وهناك تراجع في بعض الأمور نتيجة الظروف الصعبة، ونقص الفحوصات، وكذلك التراجع في حجم الكادر الطبي، فمنذ عامين لم يتم توظيف أي أحد، وكل ذلك ينعكس على جودة الخدمات. فعلى سبيل المثال برنامج البورد الفلسطيني لم يستطع الأطباء الالتحاق به لعدم وجود بدلاء لهم كان يتم توظيفهم.
وكيف يكون الحال عند مقارنة الوضع الصحي لدينا بدول الجوار، وكذلك بالعالم المتقدم؟
- مقارنة بدول الجوار، فنحن بحمد الله في وضع متقدم، أما بالمقارنة مع الجانب الأمثل والطب في العالم، فإنه يفصلنا مراحل عن ذلك بسبب الظروف.
من حيث المبدأ، هل أعداد المشافي والأطباء العاملة في القطاع كافية ومدى ملاءمتها للنسب العالية، في ظل ما نلاحظه ارتفاع أعداد المراجعين للطبيب الواحد في العيادات الخارجية؟
- هذا مؤشر للوضع الاقتصادي الصعب للمواطن الفلسطيني، فالقطاع الحكومي يقدم ما نسبته 91% من مجمل خدمات المستوى الثانوية (أي قطاع المستشفيات من عمليات جراحية، والعناية المكثفة .... )، وهذا الرقم غير موجود في أي دولة بالعالم، ففي الأردن على سبيل المثال الاعتماد يتراوح بين 40-45 %. فالقطاع الحكومي لدينا بتحمل المسؤولية الأكبر دون مشاركة كبيرة من القطاع الأهلي أو الخاص في هذا الجانب، وهو ما يزيد من الأعباء ويجعل الصحة عاجزة.
على صعيد المستشفيات، لا يوجد لدينا نقص، فهناك 13 مستشفى حكومي و54 مركز للرعاية الأولية منتشرة على طول القطاع، أي هناك زيادة في العدد، لكن تبقى قدرة هذه المستشفيات الوظيفية وإمكانياتها، فهي لا تستطيع أن تلبي الحاجات المختلفة. فمثلاً التأمين الصحي منفصل في العالم عن الصحة، أما لدينا فهو جزء منها، وبالتالي مساهمة المواطن في موضوع التأمين محدودة.
الحديث عن المستشفيات يقودنا للحديث عن الحملة التي انطلقت في رفح لإقامة مجمع طبي وما ذكر عن تخصيص 24 مليون دولار لها؟
- حاجات القطاع الصحي كثيرة، أولها توفير الأدوية، وعلى صعيد الإنشاءات هناك مجموعة من الأولويات يمكن ترتيبها وفق أكثرها إلحاحاً، وهو إقامة مستشفى الباطنة في مجمع الشفاء الطبي، يتلوه الباطنة في مجمع ناصر الطبي وامتداد مبنى F في مستشفى غزة الأوروبي، ثم بعد ذلك المركز الوطني للسرطان، ثم دمج خدمات مستشفى أبو يوسف النجار والهلال الإماراتي بمستشفى واحد يقدم خدماته في رفح، علماً أن 46% من متلقي الخدمات في الأوروبي هم من سكان محافظة رفح.
الخلاصة أننا مع إنشاء هذه المستشفى وهو أولوية مهمة، ولكنه ليست الأولوية الأولى في ظل هذه الظروف.
بحكم موقعكم ما المؤشرات الصحية سواء الإيجابية أو السلبية على الصعيد العام فيما يتعلق ببروز أمراض معينة أو انحسار أخرى؟
- هناك العديد من المؤشرات:
- فهناك فقر الدم ولين العظام الناجم عن سوء التغذية؛ فالأرقام في هذا المجال تراوح مكانها وبعضها في تراجع في تراكمات تداعيات الحصار.
- كما سجل العام السابق ازدياد في نسبة الوفيات لدى النساء الحوامل في الولادة، كان الجزء الأكبر منهم خلال الحرب، وناجم عن عدم قدرة النساء على الوصول لأماكن تلقي الخدمات بشكل آمن، ما تسبب بزيادة الوفيات.
- هناك بعض الأمراض يوجد مؤشرات خطيرة عنها، لكن لا يوجد دراسات مكتملة حولها وحول أسبابها، منها مرض الكلى والفشل الكلوي، ففي العالم نسبة زيادته السنوية تبلغ 3%، أما لدينا فإن الزيادة السنوية تصل إلى 30%، ويعزى ذلك لأسباب، أحدها هو تطور قدرة الطب على اكتشاف المرض بخلاف السابق، إذ أن نسبة انتشار المرض سابقاً في العالم كانت أكبر مما هي لدينا، لكن انتشار هذا المرض في مناطق معينة دون غيرها يؤشر لوجود أسباب أخرى تقف وراء الانتشار؛ والأمر يحتاج إلى دراسات متخصصة للوقوف على أسباب ذلك.
- السرطانات معدلاتها في الازدياد، ففي العادة تنتشر السرطانات لدى كبار السن، ومجتمع غزة يعد مجتمعا فتيا وصغيرا، وبالتالي نسبة حدوث السرطانات عند مقارنتها بالمجتمعات الأخرى توضح أنها في ازدياد وبحاجة لدراسات.
- أمراض القلب، هناك زيادة عموماً في عدد الإصابات بالتجلطات بما يعكس حالة القلق والضغط من ناحية، ويعكس عدم قدرة مقدمي الخدمة على الرصد المبكر لأمراض ضغط الدم والأمراض المزمنة.
ماذا عن ملف العلاج في الخارج وكثرة الشكاوي في الآونة الأخيرة منه؟
- هذا الملف يدار بالكامل من الوزارة في رام الله، وهنا نشير إلى أن ملف العلاج في الخارج كلف السلطة العام السابق 144 مليون دولار، منها 48 مليون صرفت لصالح غزة، ونحن نقول لو كان هناك طريقة لإدارة هذا الملف مثل توفير أدوية السرطانات وبعض الفحوصات والأجهزة، لأمكننا خفض هذه النسبة، وتحسين جودة الخدمات بشكل أكبر لدينا.
رغم كل هذا الواقع الصعب، نجحت وزارة الصحة في تسجيل بعض الإنجازات ما أبرزها؟
هناك العديد من الإنجازات:
- فاليوم يوجد لدينا فريق لزراعة الكلى، وهذا يعني أننا سنقدم هذه الخدمات بغزة بأيد فلسطينية، وهذا الملف أنجز وبانتظار إكماله.
- ملف خدمات القلب وجراحته حدث به إنجاز كبير على مستوى التدخل السريع لمعالجة حالات الجلطات، وهناك نجاحات كبيرة في مجال جراحة القلب، كما هناك تقدم باتجاه خدمات قلب الأطفال، حيث تم إيجاد وحدة لهذه الخدمات، وتم قطع مسافات في هذا المجال، ونأمل أن تنتهي قريباً بإيجاد خدمة بأيد فلسطينية.
- هناك تحسن كبير في مجال حديثي الولادة، وأشرنا إلى التطور بالنسب الكبيرة في هذا المجال.
- مجال جراحة العيون، وبالذات الشبكية حدث تطور كبير.
- كما أننا نعد بقاء وزارة الصحة في ظل هذه الظروف واستمرارها في تقديم خدماتها بالمجمل دون توقف أي منها هو الإنجاز الأكبر.
أبو الريش: الأوضاع الصحية بغزة خطيرة وسنضطر لإيقاف بعض خدماتنا
لياتها، معتبراً أن هناك قرارا سياسيا يحول دون تحمل الوزارة مركزياً مسؤولياتها عن غزة، ويعوق حل الأزمات الصحية المختلفة.
وقال أبو الريش في مقابلة خاصة مع "المركز الفلسطيني للإعلام" الثلاثاء (24-3)، إن الأسابيع القادمة قد تدفع الوزارة إلى تقليص أو تجميد بعض خدماتها، في ضوء صعوبة الأوضاع، وقد يصل ذلك لإغلاق مؤقت لبعض المستشفيات الطرفية.
وكشف عن عدم وجود اتصال في الفترة الحالية بين الوزارة في رام الله وغزة، رغم المحاولات المتعددة التي جرت للتواصل مع الوزارة هناك لعرض واقع الأزمات التي يعيشها القطاع، لافتاً إلى أن اللجنة الرباعية التي شكلت سابقاً في حكم "الميتة" بعد عدم الأخذ بالتوصيات وتلبية الاحتياجات التي رفعتها، وأن ما كان يقدم من الوزارة في رام الله إلى غزة خلال فترة الانقسام أكثر من الفترة الحالية التي يفترض أنها حكومة وحدة توافقية.
وأكد وجود 220 صنفا دوائيا رصيدها صفر، فيما يصل العجز الدوائي في القائمة الأساسية للأدوية إلى ما يتراوح بين (8-10) مليون دولار.
وكشف عن مؤشرات صحية إيجابية وأخرى سلبية في قطاع غزة، مؤكداً في الجانب الإيجابي وجود نوع من الثبات النسبي في جودة الخدمات، مع حدوث بعض الاختراقات في الجودة، مثل حديثي الولادة؛ حيث حدث تطور كبير إذ انخفضت نسبة الوفيات خلال العامين السابقين لتتراجع من 30% إلى 4.3%، وهذا اختراق مهم.
كما أشار إلى وجود اختراقات هامة في مجال القلب والعيون وجراحتها، واستعدادات لزراعة الكلى بأيد فلسطينية، معتبراً أن نجاح الوزارة في البقاء وتقديم الخدمات أكبر الإنجازات.
وبالنسبة للمؤشرات السلبية، كشف عن استمرار المؤشرات المتعلقة بأمراض فقر الدم ولين العظام الناجمة عن سوء التغذية، وقال: "الأرقام في هذا المجال تراوح مكانها، وبعضها في تراجع في ظل تراكمات تداعيات الحصار".
وكشف أن العام السابق سجل ازديادا في نسبة الوفيات لدى النساء الحوامل أثناء الولادة، لافتاً إلى أن الجزء الأكبر منهم كان خلال الحرب، ونجم عن عدم قدرة النساء على الوصول لأماكن تلقي الخدمات بشكل آمن، ما تسبب بزيادة الوفيات.
كما أكد وجود مؤشرات خطيرة عن بعض الأمراض، دون توفر دراسات مكتملة حولها وحول أسبابها، منها مرض الكلى والفشل الكلوي، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي تبلغ نسبة زيادة الفشل الكلوي في العالم 3% من المرضى سنوياً، فإنها تصل لدينا إلى 30%، عازياً ذلك لأسباب أحدها هو تطور قدرة الطب على اكتشاف المرض بخلاف السابق، إذ إن نسبة انتشار المرض سابقاً في العالم كانت أكبر مما هي لدينا.
غير أن وكيل وزارة الصحة أشار إلى أن انتشار هذا المرض في مناطق معينة دون غيرها، يؤشر لوجود أسباب أخرى تقف وراء الانتشار، مؤكداً الحاجة إلى دراسات متخصصة؛ للوقوف على أسباب ذلك.
وأشار إلى أن معدل انتشار السرطانات في ازدياد في مجتمع غزة الصغير، والذي يصنف كمجتمع فتي مقارنة بغيره من المجتمعات؛ وهو الأمر الآخر بحاجة دراسات عن أسبابه.
ولفت إلى أن أمراض القلب تشهد زيادة عموماً في عدد الإصابات بالتجلطات "بما يعكس حالة القلق والضغط من ناحية، ويعكس عدم قدرة مقدمي الخدمة على الرصد المبكر لأمراض ضغط الدم والأمراض المزمنة".
وأكد أن الوزارة تسعى لمواجهة الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاع الصحي من خلال رؤية ثلاثية تقوم على ترشيد وتعظيم الإيرادات، وتحقيق الانضباط وعدم السماح بالتفلت أو الانهيار.
وفيما يلي نص المقابلة:
بعد تسعة أشهر من استلام حكومة التوافق مهامها ما تأثيرها على الواقع الصحي في قطاع غزة؟
- لعل الجميع يعلم أن القطاع الصحي يختلف عن باقي القطاعات من حيث أهميته، ومن حيث حجم الإنفاق عليه من ناحية أخرى، فهو قطاع إنفاق بالدرجة الأولى. وفي ظل هذه الحكومة عانى هذا القطاع من حالة استثنائية من نقص الأدوية والإمكانات. والوزارة المركزية لم تؤد دورها تجاه المؤسسات الصحية في غزة؛ الأمر الذي تركها في وضع صعب وهش وقابل لأن يكون في حالة انهيار لو لم تكن هناك جهود تبذلها طواقم غزة، ودماء الشهداء التي سالت خلال الفترة الماضية (الحرب الأخيرة)، ومن خلالها تم التبرع بمنح عاجلة، لكن هذه المنح بدأت في التآكل والنفاد. ونحن نرقب الوضع بعين من الحذر الشديد؛ ونقول إذا استمرت الأمور على الوضع الحالي سنشهد منعطفاً خطيراً.
ما أبرز ملامح الأزمات والإشكالات في الملف الصحي وانعكاسها على الأداء والخدمات الصحية؟
- هناك العديد من الملفات التي تمثل قضايا أزمة وإشكالية وهي قضايا حقيقية وضاغطة، وتتمثل أبرز هذه الملفات فيما يلي:
ملف الموظفين المحرومين من الرواتب: فهناك ما يقارب من 60% من موظفي الصحة مقطوعة رواتبهم ولا يتلقونها، وبالتالي هناك أكثر من نصف الموظفين لا يستطيعون تأدية وظائفهم على الوجه الأكمل، بل جزء منهم لا يستطيع الوصول لأماكن خدمته. ونرى أنه لا يوجد قرار سياسي بحل مشكلة الموظفين سواء دمجهم أو تقديم حلول، ففي الصحة لدينا 1800 مستنكف غالبيتهم من القطاع الإداري، وهناك 9000 موظف على رأس عملهم، وحاجتنا الحقيقية أكبر من هذه الأعداد.
ملف الأدوية: تم تصنيف الأدوية إلى ثلاث مجموعات أ، ب، ج، فعلى سبيل المثال في القائمة أ، وهي الأهم قائمة العجز حتى نهاية العام تقدر بما يتراوح بين (8-10) ملايين دولار، أما الفاقد في المستهلكات الطبية للقائمة (أ) فقائمة العجز تصل إلى 150 ألف دولار شهرياً.
وبشكل عام، هناك 220 صنفا من مجمل الأدوية رصيدها صفر، وهذا العدد مرشح للزيادة، إذ أن أغلب هذا الرصيد تم بناؤه خلال فترة الحرب الأخيرة، وبحلول شهر أيام (مايو) المقبل، فإننا سنكون أمام وضع كارثي إذا لم يحدث أي تغيير على الوضع الحالي.
وماذا عن المعونات التي كانت تصل عبر جهات مانحة وجمعيات خيرية؟
- هنا ينبغي الإشارة إلى أن المعونات التي كانت تصل عبر معبر رفح وكانت تشكل رافعة للعمل الصحي تكاد تكون توقفت، وحالياً لا يصل إلا النذر اليسير.
الحديث عن معبر رفح يدفعنا للحديث عن تداعياته إغلاقه على الوضع الصحي؟
- لا شك أن هناك تداعيات، فإلى جانب مسألة المعونات، هناك حركة تنقل المرضى والتحويلات، وكذلك سفر الأطباء للمؤتمرات والابتعاث، والآن يتحرك المرضى عبر معبر بيت حانون، بكل الإشكاليات التي تنتج عن هذا المرور نتيجة قيام الاحتلال بالسماح للبعض ورفض البعض، وكذلك ابتزاز المرضى من أجل إيقاعهم في مستنقع الخيانة، وهو الأمر الذي يرفضه المرضى، وبالتالي يتعرضون للحرمان من السفر.
وماذا عن أوجه الأزمات الأخرى التي يعاني منها القطاع الصحي؟
- هناك توقف لحركة بناء وتطوير المستشفيات، مثل مستشفى ناصر، وشهداء الأقصى، ومراكز الرعاية والأدوية، وهناك إشكاليات متعلقة بأزمة الكهرباء والوقود، وصيانة الأجهزة الطبية.
وبشكل عام مجمل القطاع الصحي يعاني من إشكال وتراجع؛ وإذا لم يكن هناك تدخل سنكون مضطرين خلال الأسابيع القادمة لتعطيل مجموعة من الخدمات لنستطيع تقديم الخدمة على مدى أبعد، وقد يشكل ذلك إغلاق بعض المستشفيات الطرفية.
هل جرى حل ملف شركات النظافة والأغذية في المستشفيات الذي شكل ملف تأزيم في الفترة الأخيرة؟
- الحقيقة أن البنك الدولي قام بتوفير منحة للعمل الصحي بقيمة 8 ملايين دولار، تم تخصيص مليوني دولار منها لصالح غزة، وتم تخصيص جزء من هذا المبلغ لصالح شركات النظافة، أما ملف الأغذية فيتم من خلال جمعيات ومحسنين !!.
ما حقيقة تجميد الحكومة منحة سعودية لمستشفيات غزة رغم الأوضاع الصعبة؟
- في الحقيقة هناك منحة مقدمة بقيمة (52) مليون دولار من اللجنة السعودية عبر البنك الدولي الإسلامي، لصالح مستشفيات قطاع غزة، وتم تخصيصها لتنفذ عن طريق الهلال الأحمر الفلسطيني، ونحن حالياً نمر بأزمة لم تسبق، وهذا المبلغ وصل وتم توريده، ولكن حتى اللحظة قرار التصرف في أمواله لصالح المستشفيات معلق من قبل مجلس الوزراء، لأنه لا يوجد قرار أو رغبة بإنقاذ غزة.
ولكن بماذا يجري تبرير هذا التجميد؟
- تم التعليل بأن الإجراءات لدى الهلال الأحمر، ولكن تبلغنا أن الملف معلق بقرار من مجلس الوزراء، وهو ما يدفعنا للتساؤل: لصالح من يتم تعطيل هذه المنحة التي نحن بأمس الحاجة إليها.
ما دور اللجنة الرباعية الخاصة بوزارة الصحة والمشكلة من أجل تذليل وحل كل هذه الإشكالات؟
- هذه اللجنة ماتت بشكل فعلي؛ لأنه لم ينتج عن اجتماعاتها وتوصياتها ومراسلاتها أي أمر، وبقيت تعبر عن تواصل من جانب واحد، إذ أن هذه اللجنة التي تشكلت قبل زيارة الوزير إلى غزة، واجتمعت وحددت احتياجات وقعت توصيات توافقية، ولكن لم يتم الاستجابة لها؛ الأمر الذي جعل اجتماعها مضيعة للوقت.
وما شكل التواصل الحالي بين شقي الوزارة؟
- حالياً لا يوجد أي تواصل، وقد طلبنا عدة مرات أن يكون هناك تواصل ولو عبر الفيديو كونفرس للاطلاع على الوضع الصحي ونذره، وراسلنا وزير الصحة عدة مرات دون استجابة. وبكل مسؤولية أقول، إن مجمل ما يصب من الحكومة (حكومة التوافق) وبمقارنته بفترة الانقسام، فإن ما كان يصل في السابق هو أكثر من الفترة الحالية التي يفترض أنها توافقية وحكومة واحدة.
لماذا برأيك يجري كل ما يجري من تجاهل غزة، وخطورة ذلك على الوضع الصحي؟
- أعتقد أن هناك قرارا سياسيا، يحول دون تحمل الوزارة مركزياً مسؤولياتها عن غزة، مع الإشارة إلى أن هناك العديد من القضايا التي تحتاج لقرار وزاري، وعدم وجود هذا القرار يؤدي إلى تعطيلها، فهناك خدمات عديدة تشتريها وزارة الصحة، مثل خدمات شركات النظافة، كذلك لا يوجد موازنات، والمساحة القانونية لاتخاذ القرارات محدودة لدينا، هناك 15 بندا على غرار النظافة.
مع عدالة مطالب الموظفين والأطباء، لكن في ضوء الإضرابات الأخيرة، كان هناك شكوى من تأثيرات هذه الإضرابات على الخدمة الصحية؟ كيف يمكن الموازنة بين مصلحة المواطن المريض والطبيب؟
- مرت الوزارة بمرحلة كانت خطيرة كادت أن تعصف بالخدمات الصحية، ولكن بالمتابعة والحرص من الجميع تم التواصل مع الهيئات كافة، مثل المجلس التشريعي والفصائل وحقوق الإنسان، وممثلي الموظفين، وتم التوافق على تحييد القطاع الصحي عن أي فعاليات تنتهي بإيقاع الضرر على المواطن الذي يعاني المعاناة الأكبر.
هل من خيارات أو حلول استراتيجية يمكن التفكير فيها حال استمر تقاعس الحكومة عن أداء مهامها؟
- على الأقل في الوزارة وضعنا ثلاثة عناوين أساسية، تتمثل في:
1- ترشيد الاستهلاك من أجل إبقاء هذه الموارد أطول فترة ممكنة ومواجهة أي حدث قادم.
2- تعظيم الإيرادات؛ لأن من شأن ذلك تفعيل وتحسين الخدمات، وهذا التعظيم يتم من خلال التواصل مع الجهات المانحة، حيث كثفنا هذه الاتصالات لتوصيل معاناة شعبنا وهناك وعود للاستجابة، مع الصعوبة التي تتمثل أننا الآن وزارة واحدة أمام المانحين، وهناك رأس للوزارة برام الله، وأية منح أو مشاريع لا تتم إلا من خلالها، وهذا شكل من أشكال التعطيل لمنح ومشاريع كانت تأتي بشكل مباشر إبان الحكومة السابقة. والوجه الآخر للإيرادات هي الإيرادات المحلية من خلال الرسوم المقرة والمعتمدة.
3- متابعة العمل في الوزارة والانضباط لعدم السماح بالتفلت أو الانهيار.
كفاءة ومستوى الخدمات الصحية تثار بين الحين والآخر في ظل بعض الشكاوي من ما يسمى الإهمال الطبي أو مستوى الكفاءة، كيف تقيمون الحالة وسبل التغلب عليها؟
- نقيس هذا الأمر من عدة جوانب: أداء الوزارة، فهناك نوع من الثبات النسبي في جودة الخدمات مع حدوث بعض الاختراقات في الجودة مثل حديثي الولادة، حيث حدث تطور كبير إذ انخفضت نسبة الوفيات خلال العامين السابقين لتتراجع من 30% إلى 4.3%، وهذا اختراق مهم، كما يوجد اختراقات في مجال القلب والعيون وجراحتها، وإن كان بالمجال هناك ثبات نسبي في الجودة، وهناك تراجع في بعض الأمور نتيجة الظروف الصعبة، ونقص الفحوصات، وكذلك التراجع في حجم الكادر الطبي، فمنذ عامين لم يتم توظيف أي أحد، وكل ذلك ينعكس على جودة الخدمات. فعلى سبيل المثال برنامج البورد الفلسطيني لم يستطع الأطباء الالتحاق به لعدم وجود بدلاء لهم كان يتم توظيفهم.
وكيف يكون الحال عند مقارنة الوضع الصحي لدينا بدول الجوار، وكذلك بالعالم المتقدم؟
- مقارنة بدول الجوار، فنحن بحمد الله في وضع متقدم، أما بالمقارنة مع الجانب الأمثل والطب في العالم، فإنه يفصلنا مراحل عن ذلك بسبب الظروف.
من حيث المبدأ، هل أعداد المشافي والأطباء العاملة في القطاع كافية ومدى ملاءمتها للنسب العالية، في ظل ما نلاحظه ارتفاع أعداد المراجعين للطبيب الواحد في العيادات الخارجية؟
- هذا مؤشر للوضع الاقتصادي الصعب للمواطن الفلسطيني، فالقطاع الحكومي يقدم ما نسبته 91% من مجمل خدمات المستوى الثانوية (أي قطاع المستشفيات من عمليات جراحية، والعناية المكثفة .... )، وهذا الرقم غير موجود في أي دولة بالعالم، ففي الأردن على سبيل المثال الاعتماد يتراوح بين 40-45 %. فالقطاع الحكومي لدينا بتحمل المسؤولية الأكبر دون مشاركة كبيرة من القطاع الأهلي أو الخاص في هذا الجانب، وهو ما يزيد من الأعباء ويجعل الصحة عاجزة.
على صعيد المستشفيات، لا يوجد لدينا نقص، فهناك 13 مستشفى حكومي و54 مركز للرعاية الأولية منتشرة على طول القطاع، أي هناك زيادة في العدد، لكن تبقى قدرة هذه المستشفيات الوظيفية وإمكانياتها، فهي لا تستطيع أن تلبي الحاجات المختلفة. فمثلاً التأمين الصحي منفصل في العالم عن الصحة، أما لدينا فهو جزء منها، وبالتالي مساهمة المواطن في موضوع التأمين محدودة.
الحديث عن المستشفيات يقودنا للحديث عن الحملة التي انطلقت في رفح لإقامة مجمع طبي وما ذكر عن تخصيص 24 مليون دولار لها؟
- حاجات القطاع الصحي كثيرة، أولها توفير الأدوية، وعلى صعيد الإنشاءات هناك مجموعة من الأولويات يمكن ترتيبها وفق أكثرها إلحاحاً، وهو إقامة مستشفى الباطنة في مجمع الشفاء الطبي، يتلوه الباطنة في مجمع ناصر الطبي وامتداد مبنى F في مستشفى غزة الأوروبي، ثم بعد ذلك المركز الوطني للسرطان، ثم دمج خدمات مستشفى أبو يوسف النجار والهلال الإماراتي بمستشفى واحد يقدم خدماته في رفح، علماً أن 46% من متلقي الخدمات في الأوروبي هم من سكان محافظة رفح.
الخلاصة أننا مع إنشاء هذه المستشفى وهو أولوية مهمة، ولكنه ليست الأولوية الأولى في ظل هذه الظروف.
بحكم موقعكم ما المؤشرات الصحية سواء الإيجابية أو السلبية على الصعيد العام فيما يتعلق ببروز أمراض معينة أو انحسار أخرى؟
- هناك العديد من المؤشرات:
- فهناك فقر الدم ولين العظام الناجم عن سوء التغذية؛ فالأرقام في هذا المجال تراوح مكانها وبعضها في تراجع في تراكمات تداعيات الحصار.
- كما سجل العام السابق ازدياد في نسبة الوفيات لدى النساء الحوامل في الولادة، كان الجزء الأكبر منهم خلال الحرب، وناجم عن عدم قدرة النساء على الوصول لأماكن تلقي الخدمات بشكل آمن، ما تسبب بزيادة الوفيات.
- هناك بعض الأمراض يوجد مؤشرات خطيرة عنها، لكن لا يوجد دراسات مكتملة حولها وحول أسبابها، منها مرض الكلى والفشل الكلوي، ففي العالم نسبة زيادته السنوية تبلغ 3%، أما لدينا فإن الزيادة السنوية تصل إلى 30%، ويعزى ذلك لأسباب، أحدها هو تطور قدرة الطب على اكتشاف المرض بخلاف السابق، إذ أن نسبة انتشار المرض سابقاً في العالم كانت أكبر مما هي لدينا، لكن انتشار هذا المرض في مناطق معينة دون غيرها يؤشر لوجود أسباب أخرى تقف وراء الانتشار؛ والأمر يحتاج إلى دراسات متخصصة للوقوف على أسباب ذلك.
- السرطانات معدلاتها في الازدياد، ففي العادة تنتشر السرطانات لدى كبار السن، ومجتمع غزة يعد مجتمعا فتيا وصغيرا، وبالتالي نسبة حدوث السرطانات عند مقارنتها بالمجتمعات الأخرى توضح أنها في ازدياد وبحاجة لدراسات.
- أمراض القلب، هناك زيادة عموماً في عدد الإصابات بالتجلطات بما يعكس حالة القلق والضغط من ناحية، ويعكس عدم قدرة مقدمي الخدمة على الرصد المبكر لأمراض ضغط الدم والأمراض المزمنة.
ماذا عن ملف العلاج في الخارج وكثرة الشكاوي في الآونة الأخيرة منه؟
- هذا الملف يدار بالكامل من الوزارة في رام الله، وهنا نشير إلى أن ملف العلاج في الخارج كلف السلطة العام السابق 144 مليون دولار، منها 48 مليون صرفت لصالح غزة، ونحن نقول لو كان هناك طريقة لإدارة هذا الملف مثل توفير أدوية السرطانات وبعض الفحوصات والأجهزة، لأمكننا خفض هذه النسبة، وتحسين جودة الخدمات بشكل أكبر لدينا.
رغم كل هذا الواقع الصعب، نجحت وزارة الصحة في تسجيل بعض الإنجازات ما أبرزها؟
هناك العديد من الإنجازات:
- فاليوم يوجد لدينا فريق لزراعة الكلى، وهذا يعني أننا سنقدم هذه الخدمات بغزة بأيد فلسطينية، وهذا الملف أنجز وبانتظار إكماله.
- ملف خدمات القلب وجراحته حدث به إنجاز كبير على مستوى التدخل السريع لمعالجة حالات الجلطات، وهناك نجاحات كبيرة في مجال جراحة القلب، كما هناك تقدم باتجاه خدمات قلب الأطفال، حيث تم إيجاد وحدة لهذه الخدمات، وتم قطع مسافات في هذا المجال، ونأمل أن تنتهي قريباً بإيجاد خدمة بأيد فلسطينية.
- هناك تحسن كبير في مجال حديثي الولادة، وأشرنا إلى التطور بالنسب الكبيرة في هذا المجال.
- مجال جراحة العيون، وبالذات الشبكية حدث تطور كبير.
- كما أننا نعد بقاء وزارة الصحة في ظل هذه الظروف واستمرارها في تقديم خدماتها بالمجمل دون توقف أي منها هو الإنجاز الأكبر.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية