الصراع لم ينته ولم يحسم لتيار سياسي بعينه.. فماذا بعد؟
ممدوح بري
تم منذ عقود ترتيب أوراق المنطقة وفق المصلحة العليا للولايات المتحدة الأمريكية، أعتقد جازماً أن بداية التدخل الأمريكي تمتد لعام 1942م حيث عقد مؤتمر التحالف الصهيوامريكي في بلتيمور. حيث تضمنت مخرجات هذا المؤتمر انجازات وعهوداً ومواثيق استعمارية كانت قد حققتها انجلترا في المشرق العربي منذ بداية القرن العشرين. حينما تراجع نجم انجلترا بحثت المؤسسات الصهيونية عن حليف جديد فوجدت مبتغاها لدى صانع القرار الأمريكي لأسباب لسنا في مقام سردها.
منذ عام 1942م لغاية اليوم شهدت المنطقة انتكاسات عربية متتالية وفق مخطط استعماري صهيوامريكي ومن الغباء أن نردد شعارات جوفاء تدعي بأننا شعوب وأنظمة حققنا انتصارات أمام التوسع الأمريكي في المنطقة، إلا أن هناك أنظمة عربية ممانعة استطاعت أن ترفع شعارات رافضة للهيمنة الأمريكية وحصلت على دعم شعبي خلال فترات متقطعة، وبصراحة مؤلمة فشلت أنظمة الممانعة في الحد من تغلغل الهيمنة الأمريكية لأسباب أبرزها خضوع أنظمة الممانعة العربية للتبعية لروسيا طوال سنوات وما كانت إلا وسيلة ضغط تستعملها روسيا لتمرير مصالحها أثناء صراعها مع المنظومة الغربية، وداخلياً أخفقت دول الممانعة ولم ترن نحو تحقيق وفاق وتآلف وطني ومجتمعي ولم تدم أطروحاتها ومشاريعها القومية ويرجع ذلك الإخفاق لسياسة التفرد والتهميش والتسلط والعقلية القومية ذات الاتجاه الواحد متجاهلة فسيفساء الأمة العربية وتيارها الحداثي الإسلامي.
ما زالت منظومة فكر الهزيمة تثغن أنيابها في جسم الأمة المرقع ولم تتعلم من تجاربها الانتكاسية طوال عقود توصف بأنها عهود مظلمة.
لم تحقق الولايات المتحدة في حروبها المشرقية انتصارات إلا بفضل تفككنا الطائفي والمذهبي والفكري، هنا أوصي كمؤرخ وباحث في حقل العلوم الإنسانية بأهمية إجراء تقارب ومراجعات واقعية يخضع لها ولمعطياتها قوى الأمة المؤثرة والمتمثلة بتيار الإسلام الحداثي والتيار القومي لما لهما من انتشار واسع بين النخب وقطاعات وشرائح اجتماعية وسياسية على امتداد الإقليم العربي. نلمس منذ انقلاب عام 1952م في مصر اتساع مهول في حجم الفجوة والتطاحن الجاري بين تلكم الفكريين بل اليوم امتد هذا التطاحن ليشمل دول الجوار العربي.
يصعب على أي باحث التكهن بتغيرات مؤثرة وجذرية قد تحدث في العام القادم على صعيد القضية الفلسطينية إذا تجاهل دراسة وتتبع مجريات الأحداث في المنطقة وما قد يحدث في دول إقليمية مؤثرة.
يؤكد ما يجري اليوم في المنطقة أن الصراع لم ينته بعد وان اللعبة لم تحسم لتيار سياسي بعينه، لذلك ما زال قطاع غزة محاصرا والقضية الفلسطينية تراوح مكانها، هنا لا يفوتنا بأن أي حسم للصراع لن ينهي الفصيل الآخر في مصر وسوريا مما يمنح قطاع غزة قدرة على التحرك في هذا الفراغ الرخو، لأنه يصعب على مصر في حال استمرار الانقلاب واستمرار الحراك الثوري لفترة أطول إحكام قبضتها على قطاع غزة وأهله لما يلعبه القطاع المحاصر من دور متناثر بين فسيفساء السياسة المصري، هنا نلاحظ عدم تخلي التيار القومي عن قطاع غزة وأهله رغم دعمه الكامل للانقلاب لأنه سيقع في تناقض أمام قواعده الشعبية ومع أطروحاته الوحدوية ذات البعد الناصري، فقطاع غزة والقائمين على أمره ما زالوا يمتلكون أوراقا مؤثرة لدى عواصم عربية مثل القاهرة ودمشق وطهران.
أعتقد بأن الأيام المقبلة مليئة بأحداث ومتغيرات قد تتفاعل خلال بضع أيام تسبق وتلي عملية الاستفتاء على الدستور في 14-15 يناير2014م، والمتتبع والمحلل للمشهد المصري يجزم باستحالة تحقيق دستور 2013م على نسبة تصويت بنعم تفوق ما حصل عليه دستور 2012م من أصوات، وهنا اختبار حقيقي لنوايا القائميين على الحكم في مصر بعد 30/6/2013م. لأنهم أمام خيارين إما تزييف نتائج الاستفتاء وهو أمر صعب لأنه يحتاج لمزيد من سفك الدماء وان تم سوف يخلخل مصداقة القائميين على الحكم، أما الخيار الثاني قد تعاد المؤسسات الشرعية المنتخبة قبل أحداث 30/6/2013م وهذا أمر يصعب تنفيذه بالمجمل وبالتالي تحتاج مصر لعملية جراحية جديدة يجلس كل فسيفساء العمل السياسي لتحديد خارطة سياسية جديدة لا تستثني أي طرف مما يمنح التيار الإسلامي وجماعة الإخوان شعبية تؤهلهم لقيادة المرحلة المقبلة، وعلى الرغم من ذلك قد يحتاج قطاع غزة أشهرا وربما سنوات حتى يحصل على مبتغاه.
ما زالت الولايات المتحدة تمتلك خيوط اللعبة في مصر وإذا انتهى الانقلاب وفق السيناريو السابق سوف يبقى للولايات المتحدة الأمريكية تأثير في المشهد المصري، لذلك انصح كمؤرخ ودارس لتاريخ الثورات في العالم بأهمية استكمال المد الثوري حتى النهاية بحيث يتم هدم جذري لمؤسسات القضاء والأمن وهيكلة قطاعات الجيش والإعلام وإعادة بناء تلك المؤسسات بشكل منظم وحديث يراعي احتياجات المجتمع. بمجرد انتهاء الانقلاب العسكري في مصر سوف تتجه الأوضاع السورية تدريجياً نحو الانفراج.
ممدوح بري
تم منذ عقود ترتيب أوراق المنطقة وفق المصلحة العليا للولايات المتحدة الأمريكية، أعتقد جازماً أن بداية التدخل الأمريكي تمتد لعام 1942م حيث عقد مؤتمر التحالف الصهيوامريكي في بلتيمور. حيث تضمنت مخرجات هذا المؤتمر انجازات وعهوداً ومواثيق استعمارية كانت قد حققتها انجلترا في المشرق العربي منذ بداية القرن العشرين. حينما تراجع نجم انجلترا بحثت المؤسسات الصهيونية عن حليف جديد فوجدت مبتغاها لدى صانع القرار الأمريكي لأسباب لسنا في مقام سردها.
منذ عام 1942م لغاية اليوم شهدت المنطقة انتكاسات عربية متتالية وفق مخطط استعماري صهيوامريكي ومن الغباء أن نردد شعارات جوفاء تدعي بأننا شعوب وأنظمة حققنا انتصارات أمام التوسع الأمريكي في المنطقة، إلا أن هناك أنظمة عربية ممانعة استطاعت أن ترفع شعارات رافضة للهيمنة الأمريكية وحصلت على دعم شعبي خلال فترات متقطعة، وبصراحة مؤلمة فشلت أنظمة الممانعة في الحد من تغلغل الهيمنة الأمريكية لأسباب أبرزها خضوع أنظمة الممانعة العربية للتبعية لروسيا طوال سنوات وما كانت إلا وسيلة ضغط تستعملها روسيا لتمرير مصالحها أثناء صراعها مع المنظومة الغربية، وداخلياً أخفقت دول الممانعة ولم ترن نحو تحقيق وفاق وتآلف وطني ومجتمعي ولم تدم أطروحاتها ومشاريعها القومية ويرجع ذلك الإخفاق لسياسة التفرد والتهميش والتسلط والعقلية القومية ذات الاتجاه الواحد متجاهلة فسيفساء الأمة العربية وتيارها الحداثي الإسلامي.
ما زالت منظومة فكر الهزيمة تثغن أنيابها في جسم الأمة المرقع ولم تتعلم من تجاربها الانتكاسية طوال عقود توصف بأنها عهود مظلمة.
لم تحقق الولايات المتحدة في حروبها المشرقية انتصارات إلا بفضل تفككنا الطائفي والمذهبي والفكري، هنا أوصي كمؤرخ وباحث في حقل العلوم الإنسانية بأهمية إجراء تقارب ومراجعات واقعية يخضع لها ولمعطياتها قوى الأمة المؤثرة والمتمثلة بتيار الإسلام الحداثي والتيار القومي لما لهما من انتشار واسع بين النخب وقطاعات وشرائح اجتماعية وسياسية على امتداد الإقليم العربي. نلمس منذ انقلاب عام 1952م في مصر اتساع مهول في حجم الفجوة والتطاحن الجاري بين تلكم الفكريين بل اليوم امتد هذا التطاحن ليشمل دول الجوار العربي.
يصعب على أي باحث التكهن بتغيرات مؤثرة وجذرية قد تحدث في العام القادم على صعيد القضية الفلسطينية إذا تجاهل دراسة وتتبع مجريات الأحداث في المنطقة وما قد يحدث في دول إقليمية مؤثرة.
يؤكد ما يجري اليوم في المنطقة أن الصراع لم ينته بعد وان اللعبة لم تحسم لتيار سياسي بعينه، لذلك ما زال قطاع غزة محاصرا والقضية الفلسطينية تراوح مكانها، هنا لا يفوتنا بأن أي حسم للصراع لن ينهي الفصيل الآخر في مصر وسوريا مما يمنح قطاع غزة قدرة على التحرك في هذا الفراغ الرخو، لأنه يصعب على مصر في حال استمرار الانقلاب واستمرار الحراك الثوري لفترة أطول إحكام قبضتها على قطاع غزة وأهله لما يلعبه القطاع المحاصر من دور متناثر بين فسيفساء السياسة المصري، هنا نلاحظ عدم تخلي التيار القومي عن قطاع غزة وأهله رغم دعمه الكامل للانقلاب لأنه سيقع في تناقض أمام قواعده الشعبية ومع أطروحاته الوحدوية ذات البعد الناصري، فقطاع غزة والقائمين على أمره ما زالوا يمتلكون أوراقا مؤثرة لدى عواصم عربية مثل القاهرة ودمشق وطهران.
أعتقد بأن الأيام المقبلة مليئة بأحداث ومتغيرات قد تتفاعل خلال بضع أيام تسبق وتلي عملية الاستفتاء على الدستور في 14-15 يناير2014م، والمتتبع والمحلل للمشهد المصري يجزم باستحالة تحقيق دستور 2013م على نسبة تصويت بنعم تفوق ما حصل عليه دستور 2012م من أصوات، وهنا اختبار حقيقي لنوايا القائميين على الحكم في مصر بعد 30/6/2013م. لأنهم أمام خيارين إما تزييف نتائج الاستفتاء وهو أمر صعب لأنه يحتاج لمزيد من سفك الدماء وان تم سوف يخلخل مصداقة القائميين على الحكم، أما الخيار الثاني قد تعاد المؤسسات الشرعية المنتخبة قبل أحداث 30/6/2013م وهذا أمر يصعب تنفيذه بالمجمل وبالتالي تحتاج مصر لعملية جراحية جديدة يجلس كل فسيفساء العمل السياسي لتحديد خارطة سياسية جديدة لا تستثني أي طرف مما يمنح التيار الإسلامي وجماعة الإخوان شعبية تؤهلهم لقيادة المرحلة المقبلة، وعلى الرغم من ذلك قد يحتاج قطاع غزة أشهرا وربما سنوات حتى يحصل على مبتغاه.
ما زالت الولايات المتحدة تمتلك خيوط اللعبة في مصر وإذا انتهى الانقلاب وفق السيناريو السابق سوف يبقى للولايات المتحدة الأمريكية تأثير في المشهد المصري، لذلك انصح كمؤرخ ودارس لتاريخ الثورات في العالم بأهمية استكمال المد الثوري حتى النهاية بحيث يتم هدم جذري لمؤسسات القضاء والأمن وهيكلة قطاعات الجيش والإعلام وإعادة بناء تلك المؤسسات بشكل منظم وحديث يراعي احتياجات المجتمع. بمجرد انتهاء الانقلاب العسكري في مصر سوف تتجه الأوضاع السورية تدريجياً نحو الانفراج.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية