الشهيد القائد أحمد الخطيب...
أنيس المجاهدين... ورفيق الشهداء الميامين
المكتب الإعلامي- خاص
لا يزال ذلك التراب ندياً بعد طوفانٍ الدّم.. هناك حيث ارتقى فارسا من فرسان هذه الامة, انه الشهيد الحي باذن الله "احمد عبد الله الخطيب" استكمالا لطريق الشهداء والابطال الميامين, ولا زالت هناك حبات رملٌ رطبة، كانت عصيّة على تقلّبات الفصول وحبائل الشمس الساطعة. ربما كان ذلك هو التوقيع الأخير للرجل الذي مهر تاريخه الجهادي ببصماتٍ لا تذبل أزهارها، ولا ينسى العدو الصهيوني أزيز رصاصها..
طفولة يافعة
بلى، إنه هو من عانق صديق العمر وأخذه بين ذراعيه، ليطلقه ملاكاً( الشهيد عمر خليل , في سماء تل السلطان –برفح الصمود.. بلى، إن في جبهته السمراء دار أحد عشر كوكباً، وقمر في السماء التي عشق الجلوس اسفلها يعد نجومها ويتفكر في الاء الله, عند كل تلٍّ، عند ارتعاشة الفجر، والليالي المدلهمة، في حرّ الصيف، وقارس الثلج، وحدهما عيناه كانتا كجناحي النّسر المحلّق دوماً أعلى القمم يحرسُ أرضه..
كان ذكره وسط اخوانه حميدا , لطيب سيرته وعمق ذكرهٌ في القلوب، كما الرصاصة في بيت نار بندقية المجاهدين. احمد رسم بعقله وقلبه دربا لاخوانه حتى يمضوا عليه امتثالا لقدوتهم الرسول , حتى نال الاستشهاد مقبلا غير مدبر.
إذاً، هي الشهادة. كانت معشوقته وامله في هذه الدنيا التي نما عظمه وهو يستعد لها، ورآها في عمر الطفولة، عندما رشق العدو بحجارته، وعزف لحن السلاح على أوتار أصابعه عندما شبّ..
عاش يتيما عزيزاً
وفي منزل مخصوص بالنضال باكرا, وبيت يعتمره ويملأه الثقافة والتدين, الذي صبغ روحه بالتدين وهو لا يزالُ فتىً غريراً، فارتاد المسجد باكراً لينهل من معين العلماء، واتخذ من زواياه نقطة انطلاقه في دروب الحياة..فكان مسجدا النور والصالحين برفح يشهدا انطلاقة هذا الفتي اليافع.
تنقل احمد بين مدارس تل السلطان ليخرج منها متفوقا, في القسم العلمي, ليحمل هم أسرته لحمل الشهادة الكبرى, حتى درس في تخصص العلاج الطبيعي.خدمة لدينه ووطنه وإخوانه, والتحق في صفوف الشرطة الفلسطينية الشرعية برتبة ملازم ,وعمل فيها إلى حين أن اختاره شهيدا.
فقد بدأ آنذاك بالانخراط الحقيقي في صفوف المجاهدين، وكان رفيقه في الجهاد الشهيد عمر خليل, الذي سبقه في نيل الشهادة وحزن عليه كثيرا, فكانا قلما ما يفترقا, حتى اصطلحا عليهما لقب" التوأمان الحبيبان", لمدى تعلقهما ببعضهما البعض. وعندما افترقا أعلنها صراحة, هجرة إلى الله.
أخلاقه وصفاته
بين رفاقه وأصدقائه عرف بدماثة أخلاقه , وطيب سريرته وصدقه مع إخوانه, كان لهم الأخ الكبير الحنون, يزرع في أفئدتهم الحب والإخاء ويسطر معهم أسمى معاني البطولة والفداء.
فكان يمشى معهم على الأرض التي يحب أن يمشى على جنباتها, يزرع عصفوراً من نارٍ هنا، وصقراً من فولاذ هناك، ويأنس بأصوات الوجع المنبعثة من العدو الصهيوني..
كان احمد ومن منطلق قيادته لإخوانه ميدانيا في رفح اليد والعقل والعين والرصاصة في الكثير من المواقف. آخى أجيالاً من المجاهدين. لم يعرفه أغلبهم إلا بعد ارتقائه شهيداً، *** يشارك يوماً في عملٍ وأخبر أحداً أنه القائد. لقد رفض أن يظهر، وأبى وضع أي درع أو وسام في منزله، وعاش عمره يفترش بِساط الطيبة والتواضع، ولم يرَ أحد في أي يوم من الأيام لمحة "الأنا" في عينيه. وكيف يكون كذلك من رافق الشهيد عمر خليل وتعاهدا على الشهادة وأسماء من الشهداء والجرحى المجاهدين لو أردنا كتابتها لنفد الحبرُ منّا؟! تميز بعلاقاته الواسعة مع بقية إخوانه من مجاهدي الفصائل الفلسطينية, وبقى كذلك حتى استشهاده.
إقدام وعزيمة
لقد عاش عمره يتنقل من مكانٍ إلى آخر، وحافظ على أدق التفاصيل الأمنية في حياته. وقلة هم من عرفوه، لم يكن يفرط في ليلة من ليالي الرباط في سبيل الله, لم يمهله القدر حتى يتزوج وعيناه كانت منصبتان على الزواج من الحور العين.
إنه رفيق المجاهدين وأنيسهم، يتقاسم معهم خبزه وماله، ويحفظ ماء وجوههم، ويخدمهم بصمت وسرية، لأن أعظم الأعمال عنده هي صدقة السر. ولا يملُّ من إخبار القصص وضرب الأمثلة ليعظ ولا يؤذي، وكيفما تلفتَ يذكّرهم: "كونوا دعاة صامتين". لقد علّم من حوله كتم السرّ وكظم الغيظ، والتوكل المطلق على الله عز وجل..
الشهادة أولا
عندما كان التحق بالعمل الشرطي,لم يكن يطيق أن يبتعد عن العمل الميداني, ورفض ان يترك المكان الذي يجعله أقرب إلى الشهادة.. وكم تلظى قلبه الرقيق بفقد الأحبّة، وقد شرب من كأس الغربة بعد رحيل رفيق الفؤاد عمر خليل! فكان دائماً يغني له بحنو وشجى معاتباً..:"يا راحلين عن الحياة وساكنين بأضلعي هل تسمعون توجعي وتوجع الدنيا معي", وكان احمد مشرفا على دورة الشهيد المجاهد عمر خليل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
لم تنل سنوات الجهاد من عضده فكان في المواقع المتقدمة, يخطط للعمليات العسكرية ويشارك فيها أيضا, ويزرع الرعب في نفوس أعداءه من خلال عمليات ضرب الصواريخ المكثفة على معبر كرم أبو سالم والمغتصبات الصهيونية المحاذية لقطاع غزة. حتى بات له في كل عمل بصمة. وما أجملها لحظات وأحبها إلى قلبه، خلال مشاركته بعمل جهادي أو مساندة لإخوانه يرفع ستارة الاحتلال بيديه.
وعاد الأسد إلى عرينه..فحياة اليتم التي عاشها وتعلم منها كافة المعاني الجميلة , جعلت منه رجلا صعبا صنديدا مقداما, دأب على أداء الصلاة في المسجد. وأصر دوماً على قيامه بالزيارات الاجتماعية.
ولأنه النموذج المؤمن المخلص، الرجل المنسجم مع خياراته، الواضح وضوح الشمس، تأثر به إخوته، وتعلموا منه الكثير..
موعد مع الشهادة
عاشق الشهادة لم يختصرها بحبّات الدّم، فالشهادة عنده: "... هي الجهاد، هي صلاة الليل، هي صلاة الفجر، هي الصلاة في أوقاتها، الشهادة هي عدم الغيبة والنميمة، وعدم الكذب، الشهادة هي احترام الأهل والناس"..
وكانت عيناه ترقبان حرب الفرقان بمزيد من الصبر والاحتساب, كي ينال مبتغاة وما سعى إليه طوال حياته وهي الشهادة في سبيل الله, و احمد يقسم على الله إلا يفني حياته إلا شهيدا مقبلا غير مدبرا.
في رفح، كانت النهاية, في يوم عرس الشهادة. كان احمد على موعد مع الشهادة , حيث باغت العدو الصهيوني مقر شرطة رفح ما أدى إلى استشهاد العشرات من أبناء الشرطة الفلسطينية وكان بينهم الشهيد المغوار احمد الخطيب. ولكنها سنّة المعارك، لا يترجل الفارس عن جواده إلا مخضباً بالنجيع..
عندما حمله إخوانه على أكتافهم ووضعوه قرب مثواه، لم يكن متبقي من جسده سوى قدميه, ما يعيد للأذهان حادثة استشهاد رفيق دربه عمر خليل, الذي كان ينتقص من جسده لحظة دفنه قدميه, ليكملا احمد وعمر بعضهما البعض, كما كانا في الدنيا رفاق, في الجنة مترافقين.
أنيس المجاهدين... ورفيق الشهداء الميامين
المكتب الإعلامي- خاص
لا يزال ذلك التراب ندياً بعد طوفانٍ الدّم.. هناك حيث ارتقى فارسا من فرسان هذه الامة, انه الشهيد الحي باذن الله "احمد عبد الله الخطيب" استكمالا لطريق الشهداء والابطال الميامين, ولا زالت هناك حبات رملٌ رطبة، كانت عصيّة على تقلّبات الفصول وحبائل الشمس الساطعة. ربما كان ذلك هو التوقيع الأخير للرجل الذي مهر تاريخه الجهادي ببصماتٍ لا تذبل أزهارها، ولا ينسى العدو الصهيوني أزيز رصاصها..
طفولة يافعة
بلى، إنه هو من عانق صديق العمر وأخذه بين ذراعيه، ليطلقه ملاكاً( الشهيد عمر خليل , في سماء تل السلطان –برفح الصمود.. بلى، إن في جبهته السمراء دار أحد عشر كوكباً، وقمر في السماء التي عشق الجلوس اسفلها يعد نجومها ويتفكر في الاء الله, عند كل تلٍّ، عند ارتعاشة الفجر، والليالي المدلهمة، في حرّ الصيف، وقارس الثلج، وحدهما عيناه كانتا كجناحي النّسر المحلّق دوماً أعلى القمم يحرسُ أرضه..
كان ذكره وسط اخوانه حميدا , لطيب سيرته وعمق ذكرهٌ في القلوب، كما الرصاصة في بيت نار بندقية المجاهدين. احمد رسم بعقله وقلبه دربا لاخوانه حتى يمضوا عليه امتثالا لقدوتهم الرسول , حتى نال الاستشهاد مقبلا غير مدبر.
إذاً، هي الشهادة. كانت معشوقته وامله في هذه الدنيا التي نما عظمه وهو يستعد لها، ورآها في عمر الطفولة، عندما رشق العدو بحجارته، وعزف لحن السلاح على أوتار أصابعه عندما شبّ..
عاش يتيما عزيزاً
وفي منزل مخصوص بالنضال باكرا, وبيت يعتمره ويملأه الثقافة والتدين, الذي صبغ روحه بالتدين وهو لا يزالُ فتىً غريراً، فارتاد المسجد باكراً لينهل من معين العلماء، واتخذ من زواياه نقطة انطلاقه في دروب الحياة..فكان مسجدا النور والصالحين برفح يشهدا انطلاقة هذا الفتي اليافع.
تنقل احمد بين مدارس تل السلطان ليخرج منها متفوقا, في القسم العلمي, ليحمل هم أسرته لحمل الشهادة الكبرى, حتى درس في تخصص العلاج الطبيعي.خدمة لدينه ووطنه وإخوانه, والتحق في صفوف الشرطة الفلسطينية الشرعية برتبة ملازم ,وعمل فيها إلى حين أن اختاره شهيدا.
فقد بدأ آنذاك بالانخراط الحقيقي في صفوف المجاهدين، وكان رفيقه في الجهاد الشهيد عمر خليل, الذي سبقه في نيل الشهادة وحزن عليه كثيرا, فكانا قلما ما يفترقا, حتى اصطلحا عليهما لقب" التوأمان الحبيبان", لمدى تعلقهما ببعضهما البعض. وعندما افترقا أعلنها صراحة, هجرة إلى الله.
أخلاقه وصفاته
بين رفاقه وأصدقائه عرف بدماثة أخلاقه , وطيب سريرته وصدقه مع إخوانه, كان لهم الأخ الكبير الحنون, يزرع في أفئدتهم الحب والإخاء ويسطر معهم أسمى معاني البطولة والفداء.
فكان يمشى معهم على الأرض التي يحب أن يمشى على جنباتها, يزرع عصفوراً من نارٍ هنا، وصقراً من فولاذ هناك، ويأنس بأصوات الوجع المنبعثة من العدو الصهيوني..
كان احمد ومن منطلق قيادته لإخوانه ميدانيا في رفح اليد والعقل والعين والرصاصة في الكثير من المواقف. آخى أجيالاً من المجاهدين. لم يعرفه أغلبهم إلا بعد ارتقائه شهيداً، *** يشارك يوماً في عملٍ وأخبر أحداً أنه القائد. لقد رفض أن يظهر، وأبى وضع أي درع أو وسام في منزله، وعاش عمره يفترش بِساط الطيبة والتواضع، ولم يرَ أحد في أي يوم من الأيام لمحة "الأنا" في عينيه. وكيف يكون كذلك من رافق الشهيد عمر خليل وتعاهدا على الشهادة وأسماء من الشهداء والجرحى المجاهدين لو أردنا كتابتها لنفد الحبرُ منّا؟! تميز بعلاقاته الواسعة مع بقية إخوانه من مجاهدي الفصائل الفلسطينية, وبقى كذلك حتى استشهاده.
إقدام وعزيمة
لقد عاش عمره يتنقل من مكانٍ إلى آخر، وحافظ على أدق التفاصيل الأمنية في حياته. وقلة هم من عرفوه، لم يكن يفرط في ليلة من ليالي الرباط في سبيل الله, لم يمهله القدر حتى يتزوج وعيناه كانت منصبتان على الزواج من الحور العين.
إنه رفيق المجاهدين وأنيسهم، يتقاسم معهم خبزه وماله، ويحفظ ماء وجوههم، ويخدمهم بصمت وسرية، لأن أعظم الأعمال عنده هي صدقة السر. ولا يملُّ من إخبار القصص وضرب الأمثلة ليعظ ولا يؤذي، وكيفما تلفتَ يذكّرهم: "كونوا دعاة صامتين". لقد علّم من حوله كتم السرّ وكظم الغيظ، والتوكل المطلق على الله عز وجل..
الشهادة أولا
عندما كان التحق بالعمل الشرطي,لم يكن يطيق أن يبتعد عن العمل الميداني, ورفض ان يترك المكان الذي يجعله أقرب إلى الشهادة.. وكم تلظى قلبه الرقيق بفقد الأحبّة، وقد شرب من كأس الغربة بعد رحيل رفيق الفؤاد عمر خليل! فكان دائماً يغني له بحنو وشجى معاتباً..:"يا راحلين عن الحياة وساكنين بأضلعي هل تسمعون توجعي وتوجع الدنيا معي", وكان احمد مشرفا على دورة الشهيد المجاهد عمر خليل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
لم تنل سنوات الجهاد من عضده فكان في المواقع المتقدمة, يخطط للعمليات العسكرية ويشارك فيها أيضا, ويزرع الرعب في نفوس أعداءه من خلال عمليات ضرب الصواريخ المكثفة على معبر كرم أبو سالم والمغتصبات الصهيونية المحاذية لقطاع غزة. حتى بات له في كل عمل بصمة. وما أجملها لحظات وأحبها إلى قلبه، خلال مشاركته بعمل جهادي أو مساندة لإخوانه يرفع ستارة الاحتلال بيديه.
وعاد الأسد إلى عرينه..فحياة اليتم التي عاشها وتعلم منها كافة المعاني الجميلة , جعلت منه رجلا صعبا صنديدا مقداما, دأب على أداء الصلاة في المسجد. وأصر دوماً على قيامه بالزيارات الاجتماعية.
ولأنه النموذج المؤمن المخلص، الرجل المنسجم مع خياراته، الواضح وضوح الشمس، تأثر به إخوته، وتعلموا منه الكثير..
موعد مع الشهادة
عاشق الشهادة لم يختصرها بحبّات الدّم، فالشهادة عنده: "... هي الجهاد، هي صلاة الليل، هي صلاة الفجر، هي الصلاة في أوقاتها، الشهادة هي عدم الغيبة والنميمة، وعدم الكذب، الشهادة هي احترام الأهل والناس"..
وكانت عيناه ترقبان حرب الفرقان بمزيد من الصبر والاحتساب, كي ينال مبتغاة وما سعى إليه طوال حياته وهي الشهادة في سبيل الله, و احمد يقسم على الله إلا يفني حياته إلا شهيدا مقبلا غير مدبرا.
في رفح، كانت النهاية, في يوم عرس الشهادة. كان احمد على موعد مع الشهادة , حيث باغت العدو الصهيوني مقر شرطة رفح ما أدى إلى استشهاد العشرات من أبناء الشرطة الفلسطينية وكان بينهم الشهيد المغوار احمد الخطيب. ولكنها سنّة المعارك، لا يترجل الفارس عن جواده إلا مخضباً بالنجيع..
عندما حمله إخوانه على أكتافهم ووضعوه قرب مثواه، لم يكن متبقي من جسده سوى قدميه, ما يعيد للأذهان حادثة استشهاد رفيق دربه عمر خليل, الذي كان ينتقص من جسده لحظة دفنه قدميه, ليكملا احمد وعمر بعضهما البعض, كما كانا في الدنيا رفاق, في الجنة مترافقين.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية