المصالحة والانتخابات، عود على بدء!
لمى خاطر
كنت سأسارع لتشجيع أجواء المصالحة الكلامية الأخيرة (كلامية لأن الواقع على الأرض ما زال مأزوما) لو أن موضوع الانتخابات لم يُطرح كمدخل لها وكشرط لإتمامها، ولو أنها بدأت بمعالجة آثار الانقسام على أرض الواقع وتم إرجاء الشأن السياسي لحين اختبار إمكانية نجاح المصالحة في تغيير الواقع الحاصل منذ سبعة أعوام.
لكن تركيز حركة فتح على قضية الانتخابات دون غيرها لا يُبشّر بخير، وكأن المطلوب فقط تقديم البنود التي تخدم حركة فتح وبقية الفصائل دون حماس، ذلك أن جميع الفصائل التي ستشارك في الانتخابات تضع في اعتبارها إمكانية استفادتها الانتخابية من حالة التضييق الواقعة على حركة حماس في الضفة الغربية وتكفّل الاحتلال بهدم أي تشكيل تنظيمي لها، وكذلك من حصارها في غزة واستعداد قطاع من الجمهور للتصويت لجهة لا يجلب فوزها حصاراً جديدا، أي أن المواطن الفلسطيني سيذهب للانتخاب وهو على قناعة بأن انتخاب حماس سيعقبه تجويع في أحسن الأحوال وحرب داخلية في أسوئها، خصوصاً إن أصرت حركة فتح على الاصطفاف مجدداً إلى جانب الرباعية في شروطها وضغوطاتها على الطرف الفائز.
وفتح بدورها، لم تعترف بنتيجة الانتخابات السابقة لكي تعترف بنتيجة الجديدة، وليس متوقعاً أن تعترف وهي مستندة إلى قوتها الأمنية المدعومة من الاحتلال وإلى إمكانية تدخل الاحتلال لصالحها في أية لحظة لتغييب النواب المنتخبين عن حماس كما لا يزال يفعل حتى الآن، ولا يبدو من خطاب محمود عباس أمام المجلس المركزي للمنظمة ما يشي بأنه سيرفض الضغوط على حماس إن طُلب منها الاعتراف بإسرائيل كشرط لقبولها، بل إنه وضع مسألة ضرورة الاعتراف بإسرائيل ورفض المقاومة كبندين من الثوابت الفلسطينية، بحيث لا يجوز الاقتراب منهما مهما كانت هوية الطرف الفائز مستقبلاً أو المشكل حالياً للحكومة التوافقية، وهو أمر خطير يشير بأنه لا أمل في إحداث تغيّر على نهج التسوية السياسية حتى لو تم إصلاح المنظمة وحصل فيها تمثيل لحماس والجهاد.
نزعة التفرد بالقرار هذه ليست غريبة على حركة فتح، وهي ماضية فيها رغم معارضة جميع الفصائل لقضية المفاوضات وللاعتراف بشرعية الاحتلال، لكن الغريب هو أن غالبية الفصائل التي تجاهر برفضها تغض الطرف عن السيناريوهات المستقبلية وتصر على أن الانتخابات هي فقط المدخل الوحيد للمصالحة، لكن أحداً منها لا يتطرّق لمستقبل المقاومة أو مسار المفاوضات بعد ذلك، ولا يقدّم تصوّراً عن المطلوب فلسطينياً لمواجهة الضغوط ولا كيف يمكن إجراء انتخابات بدون ضمانات لاحترام نتائجها أو حتى توفير أجواء نزيهة لها.
إن المناورة السياسية في ظل الاحتلال ستبقى محدودة وعاجزة، لأن الأولوية يجب أن تُعطى لمشروع التحرير، وهذا التحرير لا يمكن أن يتقدم خطوة في ظل هيمنة الفريق المحارب للمقاومة على القرار السياسي، وتحصينه بفزاعة المجتمع الدولي وغياب الدعم عن السلطة إن تبنّت نهجاً مغايرا، فليس من السياسة ولا من أصول المنافسة السوية أن تخوض غمار سباق انتخابي دون أن تكون قادراً على التغيير في حال حالفك الفوز، فيما تظلّ خياراتك محصورة بين التنازل لتجنب الجوع، أو إنكار شرعيتك إن عارضت مقاييس مانحي السلطة ومشغليها، وكل هذا لا يتقاطع أبداً مع الشعارات الوهمية حول تداول السلطة وبناء المؤسسات ورص الصفوف لمواجهة الاحتلال، فالاحتلال لا ترعبه السقوف الهابطة ولا أية سلطة يملك مفاتيح تمويلها وحياتها، فمقتله كان دائماً في جعبة المتحررين من التبعية الأمنية والاقتصادية له، والقادرين على فرض خيارات تفاجئه.
لمى خاطر
كنت سأسارع لتشجيع أجواء المصالحة الكلامية الأخيرة (كلامية لأن الواقع على الأرض ما زال مأزوما) لو أن موضوع الانتخابات لم يُطرح كمدخل لها وكشرط لإتمامها، ولو أنها بدأت بمعالجة آثار الانقسام على أرض الواقع وتم إرجاء الشأن السياسي لحين اختبار إمكانية نجاح المصالحة في تغيير الواقع الحاصل منذ سبعة أعوام.
لكن تركيز حركة فتح على قضية الانتخابات دون غيرها لا يُبشّر بخير، وكأن المطلوب فقط تقديم البنود التي تخدم حركة فتح وبقية الفصائل دون حماس، ذلك أن جميع الفصائل التي ستشارك في الانتخابات تضع في اعتبارها إمكانية استفادتها الانتخابية من حالة التضييق الواقعة على حركة حماس في الضفة الغربية وتكفّل الاحتلال بهدم أي تشكيل تنظيمي لها، وكذلك من حصارها في غزة واستعداد قطاع من الجمهور للتصويت لجهة لا يجلب فوزها حصاراً جديدا، أي أن المواطن الفلسطيني سيذهب للانتخاب وهو على قناعة بأن انتخاب حماس سيعقبه تجويع في أحسن الأحوال وحرب داخلية في أسوئها، خصوصاً إن أصرت حركة فتح على الاصطفاف مجدداً إلى جانب الرباعية في شروطها وضغوطاتها على الطرف الفائز.
وفتح بدورها، لم تعترف بنتيجة الانتخابات السابقة لكي تعترف بنتيجة الجديدة، وليس متوقعاً أن تعترف وهي مستندة إلى قوتها الأمنية المدعومة من الاحتلال وإلى إمكانية تدخل الاحتلال لصالحها في أية لحظة لتغييب النواب المنتخبين عن حماس كما لا يزال يفعل حتى الآن، ولا يبدو من خطاب محمود عباس أمام المجلس المركزي للمنظمة ما يشي بأنه سيرفض الضغوط على حماس إن طُلب منها الاعتراف بإسرائيل كشرط لقبولها، بل إنه وضع مسألة ضرورة الاعتراف بإسرائيل ورفض المقاومة كبندين من الثوابت الفلسطينية، بحيث لا يجوز الاقتراب منهما مهما كانت هوية الطرف الفائز مستقبلاً أو المشكل حالياً للحكومة التوافقية، وهو أمر خطير يشير بأنه لا أمل في إحداث تغيّر على نهج التسوية السياسية حتى لو تم إصلاح المنظمة وحصل فيها تمثيل لحماس والجهاد.
نزعة التفرد بالقرار هذه ليست غريبة على حركة فتح، وهي ماضية فيها رغم معارضة جميع الفصائل لقضية المفاوضات وللاعتراف بشرعية الاحتلال، لكن الغريب هو أن غالبية الفصائل التي تجاهر برفضها تغض الطرف عن السيناريوهات المستقبلية وتصر على أن الانتخابات هي فقط المدخل الوحيد للمصالحة، لكن أحداً منها لا يتطرّق لمستقبل المقاومة أو مسار المفاوضات بعد ذلك، ولا يقدّم تصوّراً عن المطلوب فلسطينياً لمواجهة الضغوط ولا كيف يمكن إجراء انتخابات بدون ضمانات لاحترام نتائجها أو حتى توفير أجواء نزيهة لها.
إن المناورة السياسية في ظل الاحتلال ستبقى محدودة وعاجزة، لأن الأولوية يجب أن تُعطى لمشروع التحرير، وهذا التحرير لا يمكن أن يتقدم خطوة في ظل هيمنة الفريق المحارب للمقاومة على القرار السياسي، وتحصينه بفزاعة المجتمع الدولي وغياب الدعم عن السلطة إن تبنّت نهجاً مغايرا، فليس من السياسة ولا من أصول المنافسة السوية أن تخوض غمار سباق انتخابي دون أن تكون قادراً على التغيير في حال حالفك الفوز، فيما تظلّ خياراتك محصورة بين التنازل لتجنب الجوع، أو إنكار شرعيتك إن عارضت مقاييس مانحي السلطة ومشغليها، وكل هذا لا يتقاطع أبداً مع الشعارات الوهمية حول تداول السلطة وبناء المؤسسات ورص الصفوف لمواجهة الاحتلال، فالاحتلال لا ترعبه السقوف الهابطة ولا أية سلطة يملك مفاتيح تمويلها وحياتها، فمقتله كان دائماً في جعبة المتحررين من التبعية الأمنية والاقتصادية له، والقادرين على فرض خيارات تفاجئه.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية