بصمة عباس في (الكنيست)
د. أيمن أبو ناهية
"أدعو أبا مازن من هنا: لنكسِر الجمود، تعالَ إلى الكنيست، وأنا سأذهب إلى رام الله". بهذه الكلمات توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي إلى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. "اصعد على هذا المنبر، واعترِف بالحقيقة التاريخية التي تقول بأنه لدى اليهود رابطا عمره آلاف السنين مع أرض (إسرائيل)، وبتحقيق السلام الحقيقي، تنتهي جميع مطالب الفلسطينيين من دولة (إسرائيل)، بما في ذلك ادعاءات قومية ذات صلة بمساحة الدولة وسيادتها”، وأنا سأذهب إلى رام الله من أجل التوصل إلى تسوية”. وقد كرر نتنياهو نفس المطالب في كلمة أمام الكنيست، بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند.
إن “هذه الدعوة شبيهة بتلك التي وجهت للرئيس المصري الأسبق أنور السادات قبل 36 عاما، وأحدثت اختراقاً واسعاً وعميقاً في جدار الصد للمشروع الصهيوني، ففي عام 1977 زار الرئيس المصري الأسبق أنور السادات (إسرائيل) وألقى خطابًا أمام الكنيست، كان بداية لمفاوضات السلام بين مصر و(إسرائيل) التي انتهت بتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين سميت ""كامب ديفيد" عام 1979. وقد أدى توقيع الاتفاقية إلى مقاطعة أغلب الدول العربية لمصر، وأدت إلى تعليق عضويتها بجامعة الدول العربية من عام 1979 وحتى عام 1989.
لعل هذه دعوة نتنياهو وعدم رفضها من محمود عباس جاءت لتغطي على فشل المفاوضات بين الطرفين، التي وصل إلى طريق مسدود في إطار الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وقضاياه الرئيسة، وبالذات التغطية على ما يجري من تهويد لمدينة القدس واعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى المبارك لهدمه وتقسيمه بالإضافة لحصار غزة وجدار الضفة، والإمعان في القتل والمطاردة، وحرمان الأسرى من أبسط حقوق الأسير، يشكل جريمة بحق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، كل هذا في ظل حديث عبس عن مواصلة المفاوضات حتى بعد انقضاء فترة الحمل (9 شهور)، أو حتى لو كان حملاً كاذباً ولم تنجب مولودًا، أو حتى لو وصل الأمر كما هو واضح الآن إلى درجة العقم لم يحد عنها.
ورغم الطلبات الحادة، فإن الاتفاق الذي وقعه السادات مع (إسرائيل) بعد نحو سنة ونصف، لم يؤدِ إلى تحقيق جميع المطالب التي طرحها السادات في خطابه في (الكنيست). انسحبت (إسرائيل) حتى حدود 1967 على الحدود مع مصر، لكنها واصلت احتلال قطاع غزة، الضفة الغربية، القدس الشرقية، وهضبة الجولان، بقيت محتفظة بشبة جزيرة سيناء إلى عقد كامل بعد توقيع اتفاقية السلام بين الجانبين.
صحيفة "هآرتس" العبرية ادعت نهاية الأسبوع أن كلمات نتنياهو ليست أكثر من ذرٍّ للرماد في العيون، مستندة إلى نظام الكنيست، فلا يسع رئيس الحكومة أن يدعوه لإلقاء خطاب، إذ أن الوحيدين الذين يمكنهم إلقاء خطاب هم رؤساء الدول، رؤساء البرلمانات، ورؤساء المنظمات التي (إسرائيل) عضو فيها. وبما أن (إسرائيل) لا تعترف بدولة فلسطين، فإن الكنيست لا يمكنها أن تسمح لعباس كرئيس سلطة لا تزال ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي أن يخطب أمامها.
ماذا سنقول للسادات لو كان حاضرًا لهذا الموقف؟! لقد أدانت منظمة التحرير الفلسطينية ذهاب السادات إلى (الكنيست) وكانت بالنسبة لها صعقة وصدمة، واليوم ستذهب إليها منظمة التحرير بنفسها وعلى أقدامها مطأطئة الرأس مستسلمة لقضاء نتنياهو وقدر عباس.
أعتقد أن ذهاب عباس إلى (الكنيست) للاعتراف بـ"يهودية الدولة" هو آخر مكسب يبحث عنه نتنياهو من عباس، برفع عن (إسرائيل) العزلة الدولية والإقليمية المفروضة عليها، ويلبسها ثوب الطهارة والبراءة من أي التزام قانوني وأخلاقي، وسيفتح لها الباب على مصراعيه للتطبيع، وبذلك يكون معفياً من الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتوحيد القدس تحت مسمى عاصمة (إسرائيل)، ويبق الاستيطان كما هو يسري كالسرطان على كل أرض فلسطينية.
د. أيمن أبو ناهية
"أدعو أبا مازن من هنا: لنكسِر الجمود، تعالَ إلى الكنيست، وأنا سأذهب إلى رام الله". بهذه الكلمات توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي إلى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. "اصعد على هذا المنبر، واعترِف بالحقيقة التاريخية التي تقول بأنه لدى اليهود رابطا عمره آلاف السنين مع أرض (إسرائيل)، وبتحقيق السلام الحقيقي، تنتهي جميع مطالب الفلسطينيين من دولة (إسرائيل)، بما في ذلك ادعاءات قومية ذات صلة بمساحة الدولة وسيادتها”، وأنا سأذهب إلى رام الله من أجل التوصل إلى تسوية”. وقد كرر نتنياهو نفس المطالب في كلمة أمام الكنيست، بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند.
إن “هذه الدعوة شبيهة بتلك التي وجهت للرئيس المصري الأسبق أنور السادات قبل 36 عاما، وأحدثت اختراقاً واسعاً وعميقاً في جدار الصد للمشروع الصهيوني، ففي عام 1977 زار الرئيس المصري الأسبق أنور السادات (إسرائيل) وألقى خطابًا أمام الكنيست، كان بداية لمفاوضات السلام بين مصر و(إسرائيل) التي انتهت بتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين سميت ""كامب ديفيد" عام 1979. وقد أدى توقيع الاتفاقية إلى مقاطعة أغلب الدول العربية لمصر، وأدت إلى تعليق عضويتها بجامعة الدول العربية من عام 1979 وحتى عام 1989.
لعل هذه دعوة نتنياهو وعدم رفضها من محمود عباس جاءت لتغطي على فشل المفاوضات بين الطرفين، التي وصل إلى طريق مسدود في إطار الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وقضاياه الرئيسة، وبالذات التغطية على ما يجري من تهويد لمدينة القدس واعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى المبارك لهدمه وتقسيمه بالإضافة لحصار غزة وجدار الضفة، والإمعان في القتل والمطاردة، وحرمان الأسرى من أبسط حقوق الأسير، يشكل جريمة بحق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، كل هذا في ظل حديث عبس عن مواصلة المفاوضات حتى بعد انقضاء فترة الحمل (9 شهور)، أو حتى لو كان حملاً كاذباً ولم تنجب مولودًا، أو حتى لو وصل الأمر كما هو واضح الآن إلى درجة العقم لم يحد عنها.
ورغم الطلبات الحادة، فإن الاتفاق الذي وقعه السادات مع (إسرائيل) بعد نحو سنة ونصف، لم يؤدِ إلى تحقيق جميع المطالب التي طرحها السادات في خطابه في (الكنيست). انسحبت (إسرائيل) حتى حدود 1967 على الحدود مع مصر، لكنها واصلت احتلال قطاع غزة، الضفة الغربية، القدس الشرقية، وهضبة الجولان، بقيت محتفظة بشبة جزيرة سيناء إلى عقد كامل بعد توقيع اتفاقية السلام بين الجانبين.
صحيفة "هآرتس" العبرية ادعت نهاية الأسبوع أن كلمات نتنياهو ليست أكثر من ذرٍّ للرماد في العيون، مستندة إلى نظام الكنيست، فلا يسع رئيس الحكومة أن يدعوه لإلقاء خطاب، إذ أن الوحيدين الذين يمكنهم إلقاء خطاب هم رؤساء الدول، رؤساء البرلمانات، ورؤساء المنظمات التي (إسرائيل) عضو فيها. وبما أن (إسرائيل) لا تعترف بدولة فلسطين، فإن الكنيست لا يمكنها أن تسمح لعباس كرئيس سلطة لا تزال ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي أن يخطب أمامها.
ماذا سنقول للسادات لو كان حاضرًا لهذا الموقف؟! لقد أدانت منظمة التحرير الفلسطينية ذهاب السادات إلى (الكنيست) وكانت بالنسبة لها صعقة وصدمة، واليوم ستذهب إليها منظمة التحرير بنفسها وعلى أقدامها مطأطئة الرأس مستسلمة لقضاء نتنياهو وقدر عباس.
أعتقد أن ذهاب عباس إلى (الكنيست) للاعتراف بـ"يهودية الدولة" هو آخر مكسب يبحث عنه نتنياهو من عباس، برفع عن (إسرائيل) العزلة الدولية والإقليمية المفروضة عليها، ويلبسها ثوب الطهارة والبراءة من أي التزام قانوني وأخلاقي، وسيفتح لها الباب على مصراعيه للتطبيع، وبذلك يكون معفياً من الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتوحيد القدس تحت مسمى عاصمة (إسرائيل)، ويبق الاستيطان كما هو يسري كالسرطان على كل أرض فلسطينية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية