تأثير الحصار في المقاومة بغزة
د. عدنان أبو عامر
منذ أن باشر الجيش المصري هدم ما يزيد على ألف نفق بين غزة وسيناء تحدثت الأوساط الفلسطينية عن الأضرار الاقتصادية، وما أدت إليه من ارتفاع في الأسعار، وتردي الوضع المعيشي في القطاع.
لكن أحد الآثار المترتبة على هدم الأنفاق لم يأخذ حقه بالكتابة والتحليل؛ بسبب سريته، والتكتم حوله، يتعلق بإيصال الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية في غزة، وحجم ما أثره تدمير الأنفاق من الناحية الفعلية في تزود الفلسطينيين بالسلاح، وجهودهم لتعويض النقص الفادح من الأسلحة والذخيرة، وكيفية تأثيره في مسار المواجهة القادمة مع الاحتلال.
العبارة الدارجة في غزة بين تجار السلاح والفصائل الفلسطينية تصف الأنفاق بأنها "أنبوب الأوكسجين" لتهريب الأسلحة، وما يظهر أهميتها أن الحرب الأخيرة على غزة في نوفمبر 2012م لم تضع أوزارها، إلا بعد أن أخذ الاحتلال تعهدًا من مصر ببذل جهود حثيثة لوقف تهريب الأسلحة عبر الأنفاق؛ تخوفًا من تنامي قوة حماس تحضيرًا للجولة القادمة.
بعد تدمير الأنفاق، يبدو أن حماس وباقي الأجنحة الفلسطينية اتجهت إلى استخدام البحر المتوسط، حيث يمتلك قطاع غزة ساحلًا بحريًّا يزيد طوله على 40 كلم؛ لتهريب بعض الأسلحة، وفقًا لما أعلنه الاحتلال أكثر من مرة، على لسان رئيس حكومته "بنيامين نتنياهو"، الذي دافع عن اعتراض الاحتلال سفنًا ادعى أنها محملة بالأسلحة والذخيرة في طريقها إلى غزة، وأنه لا يمر يوم دون محاولة تهريب الأسلحة.
ولم تؤكد أو تنف المصادر العسكرية التي التقاها كاتب السطور في غزة أنها تستخدم البحر لتهريب الأسلحة بديلًا للأنفاق المهدمة، مكتفية بالقول: "إن من حقنا التزود بأسلحة "نوعية"؛ لمواجهة حملة الاحتلال العسكرية القادمة".
وهو ما دفع وزارة جيش الاحتلال إلى القول: "إن الصواريخ وأسلحة أخرى تهرب لغزة في عبوات خاصة تتركها زوارق في عرض البحر، تأتي من موانئ مصرية ولبنانية، وفي قوارب سريعة، أو بإلقاء براميل على بعد محدد في مياه البحر، ضمن قياسات دقيقة لحركة التيارات المائية والهوائية لتقذف بها لشاطئ غزة، ومن الصعب جدًّا وقف هذه العمليات؛ لأنه لا يمكن مراقبة كل سنتيمتر من الساحل بحثًا عن عبوات صغيرة".
ولذلك تقوم زوارق الاحتلال البحرية بعمليات مطاردة وملاحقة للصيادين الفلسطينيين؛ لاشتباهها بأنهم يتعاونون على تهريب الأسلحة، وهو ما لم يثبت في أي من حالات أسر الصيادين خلال الشهور الماضية، في حين قال جيش الاحتلال: "إن حماس في الأيام الأخيرة تقوم بأعمال صيانة للأنفاق المهدمة، وتحفر أنفاقًا جديدة؛ لعدم وجود خيارات بديلة لإيصال الأسلحة إلى غزة".
من جهتها تتبنى القوى الفلسطينية القاعدة العسكرية القائلة: "ستبدأ المواجهة القادمة مع الاحتلال من حيث انتهت المواجهة السابقة"، ما يعني أن حماس التي استهدفت مدينتي القدس وتل الربيع أواخر حرب 2012م قد تبدأ المواجهة القادمة بقصفهما، ثم تبدأ بمدن أبعد مدى.
ولذلك؛ تحدث الاحتلال عن وجود نية لحماس للتزود بصواريخ صينية الصنع من طراز "سي 704"، وأخرى مضادة للسفن يبلغ مداها 35 كم، ومنظومات رادار موجهة للصواريخ، من شأنها تغيير الوضع العسكري في غزة، والإخلال بالتوازن العسكري بين الجانبين؛ لأنها تستهدف السفن التي تبحر في المنطقة، ومنشآت الغاز.
وقد نظمت كتائب القسام بتاريخ 15 سبتمبر الماضي عرضًا عسكريًّا بمدينة غزة، عرضت خلاله صواريخ مضادة للطائرات من نوع "سام 7"، في خطوة ستغير قواعد أي مواجهة جديدة مع الاحتلال، وهي المرة الأولى التي تعرض فيها حماس هذا النوع من السلاح.
وربما يسمع المقيم في قطاع غزة بين حين وآخر أصوات انفجارات متواصلة بين حين وآخر، في مناطق مختلفة، يعرف لاحقًا أنها لتدريبات عسكرية وتجارب صاروخية يقوم بها نشطاء حماس العسكريون، للتحقق من دقة أسلحتهم وعتادهم، وعلى رأسها الصواريخ والعبوات الناسفة.
ولعل أوجه النقص في السلاح داخل غزة جراء هدم الأنفاق تتضح من مراجعة لأهم الأسلحة التي استخدمتها حماس في المواجهة السابقة مع الاحتلال أواخر 2012م، ومن أهمها: صاروخ (غراد) المهرب من الخارج (وهو صاروخ (كاتيوشا) مطور يبلغ مداه 40 كم)، وصواريخ "فجر" الإيرانية الصنع، التي يصل مداها إلى 75 كم، وصاروخ (M75) الذي هو من صنع حماس المحلي، وقذائف (هاون)، وعبوات مضادة للمدرعات، والأحزمة الناسفة، وقنابل يدوية ذات مدى 150 مترًا، بجانب قذائف (آر بي جي) المعروفة، والأسلحة الرشاشة الخفيفة، والرشاشات المضادة للطائرات.
وقد بات واضحًا أن الإعداد اللوجستي في المرحلة الحالية والقادمة لقوى المقاومة يركز في تطوير وتصنيع الأسلحة والمواد القتالية وتطويرها، السابق ذكرها، بعد إغلاق الأنفاق وتدميرها، في حين تسعى حماس وشركاؤها العسكريون بغزة لتعويض النقص الكبير الذي تعانيه في الإمكانيات التسليحية، بابتكار وسائل بديلة تتمتع بقدر من الفعالية، وقد استطاعت تحقيق قفزات في هذا المجال، سواء على صعيد القنابل والعبوات الناسفة أم الصواريخ، وحيازة مضادات للطائرات وللدبابات، وأحزمة وعبوات ناسفة، قادرة على عرقلة التقدم البري للاحتلال، في أي مواجهة مرتقبة.
جانب آخر من أزمة "سوق السلاح" داخل غزة بعد تدمير الأنفاق اتضح بارتفاع غير مسبوق لأسعار الأسلحة، إذ تضاعفت بنسبة 100% في بعض الأسلحة، ووصل ثمن بندقية (إم16) الأمريكية إلى 5 آلاف دولار، بعد أن كان قبل أزمة الأنفاق 3 آلاف، وثمن رشاش (كلاشينكوف) الروسي 2500 دولار، وهو لم يتجاوز 1500 دولار فقط سابقًا، وارتفعت أثمان الذخيرة والرصاص بنسبة 200%.
وعلى هذا إن النتيجة الأبرز لهدم الأنفاق تمثلت في الشح والنقص الفادح بقطع السلاح والذخيرة والمتفجرات، ما يجعل الفصائل المسلحة في غزة تبذل جهدًا حثيثًا لتحصيل ما تستطيع حيازته وامتلاكه.
د. عدنان أبو عامر
منذ أن باشر الجيش المصري هدم ما يزيد على ألف نفق بين غزة وسيناء تحدثت الأوساط الفلسطينية عن الأضرار الاقتصادية، وما أدت إليه من ارتفاع في الأسعار، وتردي الوضع المعيشي في القطاع.
لكن أحد الآثار المترتبة على هدم الأنفاق لم يأخذ حقه بالكتابة والتحليل؛ بسبب سريته، والتكتم حوله، يتعلق بإيصال الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية في غزة، وحجم ما أثره تدمير الأنفاق من الناحية الفعلية في تزود الفلسطينيين بالسلاح، وجهودهم لتعويض النقص الفادح من الأسلحة والذخيرة، وكيفية تأثيره في مسار المواجهة القادمة مع الاحتلال.
العبارة الدارجة في غزة بين تجار السلاح والفصائل الفلسطينية تصف الأنفاق بأنها "أنبوب الأوكسجين" لتهريب الأسلحة، وما يظهر أهميتها أن الحرب الأخيرة على غزة في نوفمبر 2012م لم تضع أوزارها، إلا بعد أن أخذ الاحتلال تعهدًا من مصر ببذل جهود حثيثة لوقف تهريب الأسلحة عبر الأنفاق؛ تخوفًا من تنامي قوة حماس تحضيرًا للجولة القادمة.
بعد تدمير الأنفاق، يبدو أن حماس وباقي الأجنحة الفلسطينية اتجهت إلى استخدام البحر المتوسط، حيث يمتلك قطاع غزة ساحلًا بحريًّا يزيد طوله على 40 كلم؛ لتهريب بعض الأسلحة، وفقًا لما أعلنه الاحتلال أكثر من مرة، على لسان رئيس حكومته "بنيامين نتنياهو"، الذي دافع عن اعتراض الاحتلال سفنًا ادعى أنها محملة بالأسلحة والذخيرة في طريقها إلى غزة، وأنه لا يمر يوم دون محاولة تهريب الأسلحة.
ولم تؤكد أو تنف المصادر العسكرية التي التقاها كاتب السطور في غزة أنها تستخدم البحر لتهريب الأسلحة بديلًا للأنفاق المهدمة، مكتفية بالقول: "إن من حقنا التزود بأسلحة "نوعية"؛ لمواجهة حملة الاحتلال العسكرية القادمة".
وهو ما دفع وزارة جيش الاحتلال إلى القول: "إن الصواريخ وأسلحة أخرى تهرب لغزة في عبوات خاصة تتركها زوارق في عرض البحر، تأتي من موانئ مصرية ولبنانية، وفي قوارب سريعة، أو بإلقاء براميل على بعد محدد في مياه البحر، ضمن قياسات دقيقة لحركة التيارات المائية والهوائية لتقذف بها لشاطئ غزة، ومن الصعب جدًّا وقف هذه العمليات؛ لأنه لا يمكن مراقبة كل سنتيمتر من الساحل بحثًا عن عبوات صغيرة".
ولذلك تقوم زوارق الاحتلال البحرية بعمليات مطاردة وملاحقة للصيادين الفلسطينيين؛ لاشتباهها بأنهم يتعاونون على تهريب الأسلحة، وهو ما لم يثبت في أي من حالات أسر الصيادين خلال الشهور الماضية، في حين قال جيش الاحتلال: "إن حماس في الأيام الأخيرة تقوم بأعمال صيانة للأنفاق المهدمة، وتحفر أنفاقًا جديدة؛ لعدم وجود خيارات بديلة لإيصال الأسلحة إلى غزة".
من جهتها تتبنى القوى الفلسطينية القاعدة العسكرية القائلة: "ستبدأ المواجهة القادمة مع الاحتلال من حيث انتهت المواجهة السابقة"، ما يعني أن حماس التي استهدفت مدينتي القدس وتل الربيع أواخر حرب 2012م قد تبدأ المواجهة القادمة بقصفهما، ثم تبدأ بمدن أبعد مدى.
ولذلك؛ تحدث الاحتلال عن وجود نية لحماس للتزود بصواريخ صينية الصنع من طراز "سي 704"، وأخرى مضادة للسفن يبلغ مداها 35 كم، ومنظومات رادار موجهة للصواريخ، من شأنها تغيير الوضع العسكري في غزة، والإخلال بالتوازن العسكري بين الجانبين؛ لأنها تستهدف السفن التي تبحر في المنطقة، ومنشآت الغاز.
وقد نظمت كتائب القسام بتاريخ 15 سبتمبر الماضي عرضًا عسكريًّا بمدينة غزة، عرضت خلاله صواريخ مضادة للطائرات من نوع "سام 7"، في خطوة ستغير قواعد أي مواجهة جديدة مع الاحتلال، وهي المرة الأولى التي تعرض فيها حماس هذا النوع من السلاح.
وربما يسمع المقيم في قطاع غزة بين حين وآخر أصوات انفجارات متواصلة بين حين وآخر، في مناطق مختلفة، يعرف لاحقًا أنها لتدريبات عسكرية وتجارب صاروخية يقوم بها نشطاء حماس العسكريون، للتحقق من دقة أسلحتهم وعتادهم، وعلى رأسها الصواريخ والعبوات الناسفة.
ولعل أوجه النقص في السلاح داخل غزة جراء هدم الأنفاق تتضح من مراجعة لأهم الأسلحة التي استخدمتها حماس في المواجهة السابقة مع الاحتلال أواخر 2012م، ومن أهمها: صاروخ (غراد) المهرب من الخارج (وهو صاروخ (كاتيوشا) مطور يبلغ مداه 40 كم)، وصواريخ "فجر" الإيرانية الصنع، التي يصل مداها إلى 75 كم، وصاروخ (M75) الذي هو من صنع حماس المحلي، وقذائف (هاون)، وعبوات مضادة للمدرعات، والأحزمة الناسفة، وقنابل يدوية ذات مدى 150 مترًا، بجانب قذائف (آر بي جي) المعروفة، والأسلحة الرشاشة الخفيفة، والرشاشات المضادة للطائرات.
وقد بات واضحًا أن الإعداد اللوجستي في المرحلة الحالية والقادمة لقوى المقاومة يركز في تطوير وتصنيع الأسلحة والمواد القتالية وتطويرها، السابق ذكرها، بعد إغلاق الأنفاق وتدميرها، في حين تسعى حماس وشركاؤها العسكريون بغزة لتعويض النقص الكبير الذي تعانيه في الإمكانيات التسليحية، بابتكار وسائل بديلة تتمتع بقدر من الفعالية، وقد استطاعت تحقيق قفزات في هذا المجال، سواء على صعيد القنابل والعبوات الناسفة أم الصواريخ، وحيازة مضادات للطائرات وللدبابات، وأحزمة وعبوات ناسفة، قادرة على عرقلة التقدم البري للاحتلال، في أي مواجهة مرتقبة.
جانب آخر من أزمة "سوق السلاح" داخل غزة بعد تدمير الأنفاق اتضح بارتفاع غير مسبوق لأسعار الأسلحة، إذ تضاعفت بنسبة 100% في بعض الأسلحة، ووصل ثمن بندقية (إم16) الأمريكية إلى 5 آلاف دولار، بعد أن كان قبل أزمة الأنفاق 3 آلاف، وثمن رشاش (كلاشينكوف) الروسي 2500 دولار، وهو لم يتجاوز 1500 دولار فقط سابقًا، وارتفعت أثمان الذخيرة والرصاص بنسبة 200%.
وعلى هذا إن النتيجة الأبرز لهدم الأنفاق تمثلت في الشح والنقص الفادح بقطع السلاح والذخيرة والمتفجرات، ما يجعل الفصائل المسلحة في غزة تبذل جهدًا حثيثًا لتحصيل ما تستطيع حيازته وامتلاكه.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية