دكاكين الأسرى: تعاون وتكامل أم منافسة وتناحر أم تجارة وتسويق؟ ... بقلم : إسراء خضر لافي

الجمعة 24 مايو 2013

دكاكين الأسرى: تعاون وتكامل أم منافسة وتناحر أم تجارة وتسويق؟

إسراء خضر لافي

في الحديث عن فعاليات التضامن مع الأسرى ومرورها بمرحلة انتكاس طويلة من أواخر التسعينات حتى اليوم لا بد أن نلقي الضوء على كثرة العاملين "افتراضيًا" تحت عنوان: "الأسرى"، وافتراضيًا تشمل: مؤسسات أو مواقع إلكترونية أو مواقع تواصل اجتماعي.

وللمتابع أن يدقق في نوعية المنشور من مقالات ومقابلات وأخبار وقصص وتقارير، أما الأخبار ف85% منقول عن بعضها البعض، والمقالات والمقابلات فإنها رغم ما تحمله من معلومات ونداءات لكنها لا تحظى بوعي القارئ إذ إن رسائل الأسرى خلالها واضحة تحدد المطلوب من الشارع ومن كل متعاطف، ولكن إما أن القارئ لا يقرأ كامل المقال، أو يقرأ بنصف وعي، أو يقرأ لمجرد القراءة وفي كل الأحوال نبقى ندور في ذات الدائرة.

وتأتي التقارير لتوجز الحال، تقدم الرقم والمعلومة، وتكثِّف الحالة الشعورية لمزيد إدراك لدى المتلقي أو تحفيز لرد فعل مكافئ أو تلخيص مشهد السجون والأسرى، ولكنها لا تخرج بنتيجة أكثر من أن تغدو خبرًا يبثه ناطق إعلامي هنا أو هناك.

أما القصص في ثوب مقال؛ فإن كثيرًا منها بات متكلفًا، يلخص حالة شعورية للكاتب وليس بالضرورة أن يكون ممن عايش الأسير، والكثير يعجز أن يقدم من خلالها معلومة جديدة أو فائدة تستحق الالتفات لها، وخصوصًا إن لمسنا وجود هذه القصص وكثرتها مرافقة لكل حالة تحت الضوء في مشهد الأسْر والأسرى!

أبرز سلبية هي غياب التوثيق، فالكل ينقل ولكن أين المصدر؟ والكل ينشر في ذات المجالات ثم ماذا؟ الكل يتحدث عن الأسرى ولكن أين الشارع؟ بل أين هؤلاء الذين
يكتبون ويوجهون النداءات عن الميدان؟ عن المجتمع؟ عن تقديم عمل ذي جدوى أكبر؟

يمكن أن نلاحظ أيضًا تكاثر الصفحات باسم الأسرى بشكل كبير وسريع، وكثير منها بلا خطة عمل أو هدف، وبعضها لشخص أو شخصين، وجزء قليل جدًا له منهجية واضحة وهذا يذوب في ظل كثرة النوع الأول!

في الواجهة قضية الأسرى كعنوان برّاق تسويقي يروج سريعًا، وفي الخلفية مشاكل واختلافات وتنافسية إلى حد التناحر، كلٌ يريد لعمله أن يكون الرسمي والمعتمد، وكلٌ يريد أن يستحوذ على كل شيء، وآخرون باسم مؤسسة مرخصة يريد أن يكون الآمر الناهي في كل حدث صغير أو كبير، ولو طلبت من أي منهم إحصائية شاملة وموثقة عن الأسرى لاعتذر لك أو تعلل بأنه ليس من اختصاصه.

أنانية وهوى نفس وحسد وغيرة ونقل للكلام وتصنع؛ هذا حال كثيرين ممن يرأسون العمل تحت عنوان "الأسرى"، حتى باتت عملًا تناحريًا، السبق فيه ليس للسبق بل للغلبة!

وفي شق آخر بات العمل لأجل الأسرى عملًا تجاريًا، مؤسسة تأتي بأموال ثم لا ترى لها أثرًا لا على مستوى الفعاليات والبرامج ولا على مستوى دعم الأهالي، وأخرى لا تقدم للعاملين معها ما يكافئ عملهم، والكل يقول لك "نعمل لأجل الأسرى".

مؤسسات تحسب أقصى عملها تقديم درع لأسير قديم، أو دعوة لاعتصام؛ فإن لم تكن الجهة الداعية غابت عن الحضور، ومواقع باسم الأسرى تطعن ببعضها بهدف إقصاء المنافس، وكتَاب وناشرو أخبار يستخدمون عناوين براقة وكاذبة مثل ادعاء موت الأسير الفلاني لمزيد ترويج واستدرار عطف وتضامن!

لمَ لا يكون هناك عدة مواقع للأسرى ولكن بتوزيع التخصصات؟ موقع للتقارير، وموقع للمقالات، وموقع للأخبار، وليختر العاملون مجالاتهم ويُفتح المجال لكل متعاطف ليشارك فهي قضية لا تُشترى، لا يمكن لكل موقع يظهر أن يستحوذ على كل شيء، ولا تستحق قضية الأسرى إلا أقصى درجات الصدق والجِدية.

استبداد فردي لا يؤهلهم للعمل لقضية سامية "الحرية للأسرى"، لأن مَن لم يتحرر فكره وقلبه وكذا جوارحه لا يمكنه أن يقدِّم بإخلاص عملًا وطنيًا ينفذ لأعماق المتلقي، ويبني جسر وُد بين صاحب القضية والمتعاطفين.

الأسرى ليسوا بحاجة لدكاكين باسمهم، أي عمل لقضية وطنية جامعة بحاجة للتخلص من "الأنا"، وتذويب العصبيات، ثم اتفاق على تجميع الجهود بدلًا من تناثرها أشتاتًا.
لتتوحد الجهود وحينها فقط سنرى الشارع يصطف معًا لأجل الأسرى ولأجل خدمة العاملين في هذا المجال الذي لا يقبل بغير الصادقين الجادين المخلصين.

يا مالكي الدكاكين:
بالله عليكم ارحمونا، وراجعوا أنفسكم، وتفرَّدوا فيما تقدمون، فليست سِعة المجال للعمل تعني احتكاره.

تعالوا لنتعاون ونتكامل، فالتقاطع لن يخدم القضية أبدًا.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية