شراكة أم مغالبة ؟
طاهر النونو
لقد أصبحت المصالحة كلمة ممجوجة، فقدت بريقها وجاذبيتها، بل قد لا أبالغ إن قلت إن غالبية شعبنا لم تعد تكترث بها او تصدقنا إذا ما تحدثنا عنها او حول تفاصيلها، بل لقد أصابتنا نحن ذات المشاعر وكأننا أمام معضلة جديدة لا حل لها.
إن الانقسام ليس طارئا على الساحة الفلسطينية، إذ بدأ يتبلور مع بداية مفاوضات التسوية في مدريد 1991 ورفضها من قبل غالبية قوى شعبنا الاسلامية والوطنية وتشكيل ائتلاف القوى العشر، ثم ازداد الشرخ مع اتفاقية اوسلو وتوابعها، وبين كل مرحلة واخرى كانت جلسات الحوار الوطني تعقد لتحقيق توافقات مرحلية ولكن لم تحل جذر المشكلة الاساسية المتمثلة في التفرد بالقرار السياسي والتعامل مع القوى الاخرى بمنطق الاستقواء والتهميش وخاصة في اطار منظمة التحرير التي تحولت الى مؤسسات معطلة.
غير ان نتائج الانتخابات التشريعية 2006 شكلت انقلابا في طبيعة الخارطة الداخلية ولم تعد حركة فتح تشكل الغالبية الانتخابية واختار الشعب الفلسطيني حركة حماس لترث القيادة وتستبدل معها مقعد المعارضة فبدأت معركة الاقصاء وتكريس المزيد من التفرد بالقرار، ولكن ما كان ممكنا قبل الانتخابات لم يعد كذلك بعدها.
ومرة اخرى بدا هناك منهجان في صياغة الخارطة الوطنية، منطق الشراكة الذي رفعته حماس كخيار لإنهاء عوامل الانقسام وكان من نتائجه حكومة الوحدة، لكن منطق المغالبة والإقصاء للأسف بقي حاضرا عند حركة فتح فانهارت حكومة الوحدة الوطنية ومنذ ذلك الوقت لا زلنا نرى ان التفرد وصفة اساسية لاستمرار الانقسام ولا يمكن ان يشكل عامل استقرار في الساحة الداخلية وان قراءة موضوعية لموازين القوى السياسية والشعبية والاقليمية لا تسمح باستعادة فتح لذات المنهج حتى وان كانت رغبة (إسرائيلية) امريكية.
ولقد شكل اتفاق القاهرة محاولة جادة لتحقيق شراكة حقيقية في القرار بمستوياته السياسية والأمنية والإدارية عبر اقسامه الخمس ولكن أي انتقائية في تطبيق الاتفاق تعني باختصار استمرار الرغبة في السير بمنطق المغالبة وهو الوصفة الذهبية لاستمرار الانقسام وبقاء الساحة مفتوحة على أسوأ الاحتمالات.
عندما قدمت حماس لأبي مازن رئاسة الوزراء الى جانب الرئاسة مقابل خطوات جادة في الشراكة كانت صادقة في ضرورة توحيد الجهود الوطنية في مواجهة الاحتلال وتجسيد العمل الجماعي الوطني والقضاء على جذور الخلاف ولكن الاصرار على الانتخابات وحدها او تشكيل حكومة جديدة فقط دون اعادة بناء النظام السياسي ككل في اطار منظمة التحرير والسلطة وابقائها على تشكيلتها السابقة التي تتيح لفصيل واحد التفرد بالقرار يعني الاصرار على ابقاء الانقسام وعدم الجدية في الشراكة.
ان حركة فتح لم يعد بإمكانها استنساخ تجارب سابقة أو فرض رؤيتها على الجميع وضرب عرض الحائط بأسس الشراكة والعمل الديمقراطي واستمرار الاستقواء بالاحتلال والإدارة الامريكية عبر محاولات افشال تجربة الحكم في غزة كما حاولت طوال الاعوام الماضية والخيار الوحيد هو الايمان بالشراكة.
فإذا ما اقتنعت حركة فتح بذلك وانه لم يعد بإمكانها وحدها تحديد مستقبل شعبنا ومصيره وان هناك شركاء لها في القرار فإن الخطوات التالية لذلك تكميلية وسهلة التنفيذ ويمكن ان نقدم جميعا نموذجا من العمل المشترك، بدءا من ترتيب الاولويات وتحديد الآليات التي يمكن ان تحقق الاهداف الجمعية لشعبنا وعلى رأسها التحرر من الاحتلال والعودة والبناء المؤسسي القائم على الشفافية والنزاهة وخلق مستقبل افضل لشعبنا.
طاهر النونو
لقد أصبحت المصالحة كلمة ممجوجة، فقدت بريقها وجاذبيتها، بل قد لا أبالغ إن قلت إن غالبية شعبنا لم تعد تكترث بها او تصدقنا إذا ما تحدثنا عنها او حول تفاصيلها، بل لقد أصابتنا نحن ذات المشاعر وكأننا أمام معضلة جديدة لا حل لها.
إن الانقسام ليس طارئا على الساحة الفلسطينية، إذ بدأ يتبلور مع بداية مفاوضات التسوية في مدريد 1991 ورفضها من قبل غالبية قوى شعبنا الاسلامية والوطنية وتشكيل ائتلاف القوى العشر، ثم ازداد الشرخ مع اتفاقية اوسلو وتوابعها، وبين كل مرحلة واخرى كانت جلسات الحوار الوطني تعقد لتحقيق توافقات مرحلية ولكن لم تحل جذر المشكلة الاساسية المتمثلة في التفرد بالقرار السياسي والتعامل مع القوى الاخرى بمنطق الاستقواء والتهميش وخاصة في اطار منظمة التحرير التي تحولت الى مؤسسات معطلة.
غير ان نتائج الانتخابات التشريعية 2006 شكلت انقلابا في طبيعة الخارطة الداخلية ولم تعد حركة فتح تشكل الغالبية الانتخابية واختار الشعب الفلسطيني حركة حماس لترث القيادة وتستبدل معها مقعد المعارضة فبدأت معركة الاقصاء وتكريس المزيد من التفرد بالقرار، ولكن ما كان ممكنا قبل الانتخابات لم يعد كذلك بعدها.
ومرة اخرى بدا هناك منهجان في صياغة الخارطة الوطنية، منطق الشراكة الذي رفعته حماس كخيار لإنهاء عوامل الانقسام وكان من نتائجه حكومة الوحدة، لكن منطق المغالبة والإقصاء للأسف بقي حاضرا عند حركة فتح فانهارت حكومة الوحدة الوطنية ومنذ ذلك الوقت لا زلنا نرى ان التفرد وصفة اساسية لاستمرار الانقسام ولا يمكن ان يشكل عامل استقرار في الساحة الداخلية وان قراءة موضوعية لموازين القوى السياسية والشعبية والاقليمية لا تسمح باستعادة فتح لذات المنهج حتى وان كانت رغبة (إسرائيلية) امريكية.
ولقد شكل اتفاق القاهرة محاولة جادة لتحقيق شراكة حقيقية في القرار بمستوياته السياسية والأمنية والإدارية عبر اقسامه الخمس ولكن أي انتقائية في تطبيق الاتفاق تعني باختصار استمرار الرغبة في السير بمنطق المغالبة وهو الوصفة الذهبية لاستمرار الانقسام وبقاء الساحة مفتوحة على أسوأ الاحتمالات.
عندما قدمت حماس لأبي مازن رئاسة الوزراء الى جانب الرئاسة مقابل خطوات جادة في الشراكة كانت صادقة في ضرورة توحيد الجهود الوطنية في مواجهة الاحتلال وتجسيد العمل الجماعي الوطني والقضاء على جذور الخلاف ولكن الاصرار على الانتخابات وحدها او تشكيل حكومة جديدة فقط دون اعادة بناء النظام السياسي ككل في اطار منظمة التحرير والسلطة وابقائها على تشكيلتها السابقة التي تتيح لفصيل واحد التفرد بالقرار يعني الاصرار على ابقاء الانقسام وعدم الجدية في الشراكة.
ان حركة فتح لم يعد بإمكانها استنساخ تجارب سابقة أو فرض رؤيتها على الجميع وضرب عرض الحائط بأسس الشراكة والعمل الديمقراطي واستمرار الاستقواء بالاحتلال والإدارة الامريكية عبر محاولات افشال تجربة الحكم في غزة كما حاولت طوال الاعوام الماضية والخيار الوحيد هو الايمان بالشراكة.
فإذا ما اقتنعت حركة فتح بذلك وانه لم يعد بإمكانها وحدها تحديد مستقبل شعبنا ومصيره وان هناك شركاء لها في القرار فإن الخطوات التالية لذلك تكميلية وسهلة التنفيذ ويمكن ان نقدم جميعا نموذجا من العمل المشترك، بدءا من ترتيب الاولويات وتحديد الآليات التي يمكن ان تحقق الاهداف الجمعية لشعبنا وعلى رأسها التحرر من الاحتلال والعودة والبناء المؤسسي القائم على الشفافية والنزاهة وخلق مستقبل افضل لشعبنا.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية