لماذا انفجرت القدس؟
حسام الدجني
انفجار شعبي لم تشهد له القدس مثيلًا منذ زمن، هذا الانفجار يعيد لنا ذاكرة الانتفاضة الأولى عام 1987م، فأوجه الشبه بينهما هو الهبة الشعبية التي تسبق قياداتها الوطنية، وكذلك ابتكار الوسائل والأدوات النضالية السلمية التي تؤلم الاحتلال لأنها أعمال فردية لا يمكن إيقافها، وأقصد هنا العمليات التي تستهدف جنود الاحتلال ومليشيات مستوطنيه، واغتيال عتاة المستوطنين أمثال رئيس جماعة أمناء جبل الهيكل المتطرف أيهودا غيلك، وزيادة أعداد المرابطين على أعتاب المسجد الأقصى، وهذا نابع من إدراك حقيقي بأن الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني تجاه المقدسات الإسلامية هي حرب دينية بامتياز، وعليه يجب أن تُجابه بمقاومة ذات بعد عقدي ديني من قبل الفلسطينيين بطوائفهم الدينية المختلفة.
فما هي مسببات الانفجار الشعبي في القدس الشريف..؟ وما هو مستقبل هذا الحراك الشعبي وتداعياته الداخلية والإقليمية والدولية...؟
أولاً: أسباب الانفجار:
تتعدد الأسباب والهدف واحد، وهو السيطرة على القدس كعاصمة موحدة لدولة الاحتلال الصهيوني، وبناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى. وعليه فهناك مجموعة من الأسباب دفعت المقدسيين للانفجار بوجه الاحتلال ومن أهمها:
1- الأسباب الدينية: تحتل القدس مكانة دينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وبذلك تكمن أهميتها السياسية، وعليه بدأ الكيان الصهيوني منذ احتلالها في عام 1967م، بعملية تهويد منظمة تستهدف المدينة المقدسة، فبدأ بأعمال الحفريات تحت المسجد الأقصى وقبة الصخرة، حتى بات البناء مهدداً بالسقوط في أي لحظة، وبدأت عمليات التدنيس والاقتحام للمستوطنين ولجنود الاحتلال مستمرة للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، حتى وصل الأمر لدخول جنود الاحتلال ببساطيرهم باحات المسجد القبلي والوصول إلى منبر صلاح الدين، هذا بالإضافة إلى منع المقدسيين من الصلاة داخل المسجد الأقصى وفرض إجراءات صارمة على الدخول والخروج.
2- الأسباب السياسية: بدأ المواطن المقدسي يشعر بحجم المؤامرة التي تحاك ضد القدس من قبل المجتمع الدولي، وحجم التقاعس الإقليمي في تعزيز صمود المقدسيين، بالإضافة إلى ما يشاع حول إمكانية تقديم السلطة الفلسطينية تنازلات حول القدس الشرقية في أي عملية تفاوض مع الاحتلال الصهيوني.
3- الأسباب الاقتصادية:
يتعرض المقدسيون إلى حالة ترغيب كبيرة قد لا يصمد في وجهها سوى الأتقياء والأبرار والأبطال، فالجمعيات الاستيطانية تعرض ملايين الدولارات على المقدسيين لبيع عقاراتهم ومنازلهم، بالإضافة إلى تسهيل الحصول على جنسيات دول أوروبية وأمريكية، ويرفض المقدسيون ذلك، ومازالوا متمسكين بأرضهم وعقيدتهم، ولكن الاحتلال لم يتركهم، فمنذ زمن ويفرض عليهم مزيدًا من الضرائب أهمها ضريبة الأرنونا، ويسحب الهويات، ويهدم المنازل، وبذلك الوضع الاقتصادي مأساوي بما تعنيه الكلمة، وللأسف هناك تقصير عربي وإسلامي وفلسطيني تجاه القدس، والمرابطين في الأقصى.
4- الأسباب الديموغرافية والجغرافية:
من أهم المرتكزات التي تقوم عليها السياسة الصهيونية تجاه القدس هي السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، مع أقل عددٍ ممكن من السكان العرب.
فنالت دولة الاحتلال الصهيوني الاعتراف الدولي،ولم تلتزم بالقرارات الدولية، بل على العكس تماماً،فهي تمارس سياسة ترانسفير وتهجير لا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، أو نكسة حزيران 1967، فدولة الاحتل الماضية في تهجير السكان العرب وفي تغيير معالم المدينة المقدسة، وما نتحدث به ليس في القدس الغربية، والتي بلغت تركيبتها السكانية من اليهود وغير العرب 99.1%، وإنما نتحدث عن القدس الشرقية التي نصت العديد من القرارات الدولية بأنها عربية فلسطينية، ولكن دولة الاحتلال الصهيوني وبمساندة من حلفائها الغربيين عملت ومازالت تعمل على تغيير الوقائع على الأرض، من خلال زيادة ملحوظة في وتيرة الاستيطان، وبناء الوحدات الاستيطانية، ومخططات عديدة تقوم بها بلدية القدس لطمس معالمها.
أما الأخطر من ذلك كله ماذهبت إليه دراسة للدكتور أحمد دحلان بعنوان" الصراع الديمغرافي الإسرائيلي – الفلسطيني في مدينة القدس.. دراسة جيبوليتيكية"،وأهم ما جاء بها "أن دولة الاحتلال الصهيونين نجحت في تغيير التركيبة السكانية في شرقي القدس، إذ بلغت نسبة اليهود 40.7% مقابل 59.3% للسكان العرب في عام 2010، وفي المقابل مارست سياسة التطهير العرقي في غربي القدس التي شكل اليهود وآخرون 99.1% من جملة سكانها.
وأظهرت الدراسة انخفاضاً ملحوظاً في الخصوبة الكلية عند المرأة العربية من 4.51 مولود حي للمرأة في عام 2001 إلى 3.92 مولود حي في عام 2010، وفي المقابل ارتفع معدل الخصوبة الكلية للمرأة اليهودية من 3.69 مولود حي إلى 4.17 مولودحي خلال نفس الفترة.
ثانياً: مستقبل الحراك الشعبي وتداعياته الداخلية والإقليمية والدولية:
أعتقد أن الانفجار الشعبي الذي حصل بالقدس يؤكد أن الشعب الفلسطيني ما زال حياً رغماً عن حالة الانقسام والتيه التي يمر بها، ونظراً لما يجري بالإقليم من إشكاليات ونزاعات داخلية أضعفت قوته التأثيرية، ولكن كي يستمر الصراع بالقدس ينبغي دعمه بكل الوسائل، وكذلك امتداده بكل مناطق الاشتباك بالداخل الفلسطيني والشتات، فالقدس لكل مسلم، ينبغي التحرك لأجلها.
وقد تكون الخطوة الأردنية على مستوى التداعيات الإقليمية باستدعاء السفير هي خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنها غير كافية، فالأردن التي تربطها بالقدس بيعة للشريف حسين بن علي عام 1924، وبند (رقم 9) في اتفاق وادي عربة واتفاق بين الرئيس محمود عباس والملك الأردني عبد الله الثاني في مارس 2013م يقضي بتجديد البيعة، وبغض النظر عن المواقف المتباينة تجاه تلك الوصاية إلا أنه من الناحية القانونية والسياسية والأخلاقية ينبغي على الأردن قيادة موقف إقليمي دولي موحد لدعم القدس وإلزام الاحتلال على وقف تدنيس وتهويد المقدسات.
ولا يقتصر ذلك على الأردن لوحدها بل يتجاوز ذلك ليصل لكل الدول والشعوب التي عليها ان تنتفض من أجل القدس والمقدسات الإسلامية التي تدنس صباح مساء، فالقدس تستصرخكم وتقول: وامسلماه، واعرباه، وافلسطينياه.
حسام الدجني
انفجار شعبي لم تشهد له القدس مثيلًا منذ زمن، هذا الانفجار يعيد لنا ذاكرة الانتفاضة الأولى عام 1987م، فأوجه الشبه بينهما هو الهبة الشعبية التي تسبق قياداتها الوطنية، وكذلك ابتكار الوسائل والأدوات النضالية السلمية التي تؤلم الاحتلال لأنها أعمال فردية لا يمكن إيقافها، وأقصد هنا العمليات التي تستهدف جنود الاحتلال ومليشيات مستوطنيه، واغتيال عتاة المستوطنين أمثال رئيس جماعة أمناء جبل الهيكل المتطرف أيهودا غيلك، وزيادة أعداد المرابطين على أعتاب المسجد الأقصى، وهذا نابع من إدراك حقيقي بأن الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني تجاه المقدسات الإسلامية هي حرب دينية بامتياز، وعليه يجب أن تُجابه بمقاومة ذات بعد عقدي ديني من قبل الفلسطينيين بطوائفهم الدينية المختلفة.
فما هي مسببات الانفجار الشعبي في القدس الشريف..؟ وما هو مستقبل هذا الحراك الشعبي وتداعياته الداخلية والإقليمية والدولية...؟
أولاً: أسباب الانفجار:
تتعدد الأسباب والهدف واحد، وهو السيطرة على القدس كعاصمة موحدة لدولة الاحتلال الصهيوني، وبناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى. وعليه فهناك مجموعة من الأسباب دفعت المقدسيين للانفجار بوجه الاحتلال ومن أهمها:
1- الأسباب الدينية: تحتل القدس مكانة دينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وبذلك تكمن أهميتها السياسية، وعليه بدأ الكيان الصهيوني منذ احتلالها في عام 1967م، بعملية تهويد منظمة تستهدف المدينة المقدسة، فبدأ بأعمال الحفريات تحت المسجد الأقصى وقبة الصخرة، حتى بات البناء مهدداً بالسقوط في أي لحظة، وبدأت عمليات التدنيس والاقتحام للمستوطنين ولجنود الاحتلال مستمرة للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، حتى وصل الأمر لدخول جنود الاحتلال ببساطيرهم باحات المسجد القبلي والوصول إلى منبر صلاح الدين، هذا بالإضافة إلى منع المقدسيين من الصلاة داخل المسجد الأقصى وفرض إجراءات صارمة على الدخول والخروج.
2- الأسباب السياسية: بدأ المواطن المقدسي يشعر بحجم المؤامرة التي تحاك ضد القدس من قبل المجتمع الدولي، وحجم التقاعس الإقليمي في تعزيز صمود المقدسيين، بالإضافة إلى ما يشاع حول إمكانية تقديم السلطة الفلسطينية تنازلات حول القدس الشرقية في أي عملية تفاوض مع الاحتلال الصهيوني.
3- الأسباب الاقتصادية:
يتعرض المقدسيون إلى حالة ترغيب كبيرة قد لا يصمد في وجهها سوى الأتقياء والأبرار والأبطال، فالجمعيات الاستيطانية تعرض ملايين الدولارات على المقدسيين لبيع عقاراتهم ومنازلهم، بالإضافة إلى تسهيل الحصول على جنسيات دول أوروبية وأمريكية، ويرفض المقدسيون ذلك، ومازالوا متمسكين بأرضهم وعقيدتهم، ولكن الاحتلال لم يتركهم، فمنذ زمن ويفرض عليهم مزيدًا من الضرائب أهمها ضريبة الأرنونا، ويسحب الهويات، ويهدم المنازل، وبذلك الوضع الاقتصادي مأساوي بما تعنيه الكلمة، وللأسف هناك تقصير عربي وإسلامي وفلسطيني تجاه القدس، والمرابطين في الأقصى.
4- الأسباب الديموغرافية والجغرافية:
من أهم المرتكزات التي تقوم عليها السياسة الصهيونية تجاه القدس هي السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، مع أقل عددٍ ممكن من السكان العرب.
فنالت دولة الاحتلال الصهيوني الاعتراف الدولي،ولم تلتزم بالقرارات الدولية، بل على العكس تماماً،فهي تمارس سياسة ترانسفير وتهجير لا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، أو نكسة حزيران 1967، فدولة الاحتل الماضية في تهجير السكان العرب وفي تغيير معالم المدينة المقدسة، وما نتحدث به ليس في القدس الغربية، والتي بلغت تركيبتها السكانية من اليهود وغير العرب 99.1%، وإنما نتحدث عن القدس الشرقية التي نصت العديد من القرارات الدولية بأنها عربية فلسطينية، ولكن دولة الاحتلال الصهيوني وبمساندة من حلفائها الغربيين عملت ومازالت تعمل على تغيير الوقائع على الأرض، من خلال زيادة ملحوظة في وتيرة الاستيطان، وبناء الوحدات الاستيطانية، ومخططات عديدة تقوم بها بلدية القدس لطمس معالمها.
أما الأخطر من ذلك كله ماذهبت إليه دراسة للدكتور أحمد دحلان بعنوان" الصراع الديمغرافي الإسرائيلي – الفلسطيني في مدينة القدس.. دراسة جيبوليتيكية"،وأهم ما جاء بها "أن دولة الاحتلال الصهيونين نجحت في تغيير التركيبة السكانية في شرقي القدس، إذ بلغت نسبة اليهود 40.7% مقابل 59.3% للسكان العرب في عام 2010، وفي المقابل مارست سياسة التطهير العرقي في غربي القدس التي شكل اليهود وآخرون 99.1% من جملة سكانها.
وأظهرت الدراسة انخفاضاً ملحوظاً في الخصوبة الكلية عند المرأة العربية من 4.51 مولود حي للمرأة في عام 2001 إلى 3.92 مولود حي في عام 2010، وفي المقابل ارتفع معدل الخصوبة الكلية للمرأة اليهودية من 3.69 مولود حي إلى 4.17 مولودحي خلال نفس الفترة.
ثانياً: مستقبل الحراك الشعبي وتداعياته الداخلية والإقليمية والدولية:
أعتقد أن الانفجار الشعبي الذي حصل بالقدس يؤكد أن الشعب الفلسطيني ما زال حياً رغماً عن حالة الانقسام والتيه التي يمر بها، ونظراً لما يجري بالإقليم من إشكاليات ونزاعات داخلية أضعفت قوته التأثيرية، ولكن كي يستمر الصراع بالقدس ينبغي دعمه بكل الوسائل، وكذلك امتداده بكل مناطق الاشتباك بالداخل الفلسطيني والشتات، فالقدس لكل مسلم، ينبغي التحرك لأجلها.
وقد تكون الخطوة الأردنية على مستوى التداعيات الإقليمية باستدعاء السفير هي خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنها غير كافية، فالأردن التي تربطها بالقدس بيعة للشريف حسين بن علي عام 1924، وبند (رقم 9) في اتفاق وادي عربة واتفاق بين الرئيس محمود عباس والملك الأردني عبد الله الثاني في مارس 2013م يقضي بتجديد البيعة، وبغض النظر عن المواقف المتباينة تجاه تلك الوصاية إلا أنه من الناحية القانونية والسياسية والأخلاقية ينبغي على الأردن قيادة موقف إقليمي دولي موحد لدعم القدس وإلزام الاحتلال على وقف تدنيس وتهويد المقدسات.
ولا يقتصر ذلك على الأردن لوحدها بل يتجاوز ذلك ليصل لكل الدول والشعوب التي عليها ان تنتفض من أجل القدس والمقدسات الإسلامية التي تدنس صباح مساء، فالقدس تستصرخكم وتقول: وامسلماه، واعرباه، وافلسطينياه.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية