نحو عقد سياسي واجتماعي جديد
مؤمن بسيسو
مقاطعة البعض الفصائلي في غزة لزيارة الإمام القرضاوي التاريخية، ونعتها باتهامات أقل ما توصف بأنها غير لائقة، تعبر عن عبث فكري وسياسي، وتسهم في تضييع فرصة تاريخية لتقريب المواقف وتضييق المسافات بين القوى الإسلامية والقوى العلمانية واليسارية الأخرى.
وكي لا نبخس الحقيقة قدرها، فإن المسار المتعثر والعلاقة المرتبكة التي ترخي بظلال من عدم الثقة وسوء الفهم بين الطرفين (الإسلاميون والقوى الأخرى) يتحمل الطرفان مسؤولية استمرارها بحكم انشداد كل طرف لأيديولوجيته الخاصة بعيدا عن النقاط الجامعة والقواسم المشتركة.
في غزة، تخطئ الحكومة والحركة الإسلامية حين تعمد إلى حرق المراحل وتحاول فرض أجندتها الإسلامية على الشرائح المجتمعية المختلفة، أو تغيير سلوكيات معينة بوسائل غير سليمة، بعيدا عن آليات الإقناع والدعوة إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة.
في المقابل، تخطئ القوى العلمانية واليسارية حين توزع الاتهامات بمناسبة وغير مناسبة، وتمارس الفوقية في توجيه خطابها السياسي والإعلامي الخاص بالحركة الإسلامية وحكومتها، وتحجر على الإسلاميين حقهم في الدعوة لإنفاذ برنامجهم السياسي والاجتماعي على الساحة الفلسطينية.
بين يدي زيارة الإمام القرضاوي لغزة أهدرت القوى العلمانية واليسارية، التي وزعت اتهاماتها للقرضاوي وأعلنت مقاطعتها للزيارة، فرصة ثمينة لإعادة صوغ العلاقة مع الحركة الإسلامية على أسس سليمة، فالقرضاوي يحتل موقعا فريدا ومكانة متميزة ليس على المستوى الفلسطيني فحسب، بل على مستوى الأمة العربية والإسلامية جمعاء، ويُنظر إليه على أنه الشخصية الإسلامية الأكثر وعيا وفقها وحضورا في هذه المرحلة، وليس من الحكمة في شيء ابتدار بعض الفصائل لموقف سلبي تجاه هذه الزيارة تأسيسا على خلاف أو تباين سياسي.
تتلخص مشكلتنا الفلسطينية أساسا في عقم العقل الفصائلي وعجزه عن إنتاج صيغ مقبولة قادرة على تجاوز منطقة الخلافات الحادة إلى مربع المشتركات الجامعة التي تلقى رضا واتفاق الجميع، واستمرار دورانه في دوامة المواقف المتشنجة والسياسات المتطرفة التي أضرت بالمجتمع الفلسطيني والقضية الفلسطينية طيلة المراحل الماضية.
موقف البعض الفصائلي من زيارة القرضاوي لم يقدم ولم يؤخر على الإطلاق، فالقرضاوي ذو مقام رفيع وقيمة عليا لا يمكن خدشها أو الانتقاص منها بأي حال من الأحوال، إلا أن النتيجة الأهم التي عكستها تداعيات الزيارة على العلاقات الفصائلية تمثلت في تبخّر فرصة جديدة للتقريب بين المذاهب الفلسطينية الفصائلية في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى رأب الصدع الداخلي وإصلاح ذات البين بين الفرقاء الفلسطينيين.
ومع ذلك، ينبغي ألا نيأس من ضرورة بذل الجهد النافع والعمل الجاد للتقريب بين القوى والفصائل المختلفة، وخصوصا الحركة الإسلامية من جهة، والحركات العلمانية واليسارية من جهة أخرى، والدفع باتجاه فتح حوار سياسي ومجتمعي فلسطيني حقيقي يرسي الأسس والقواعد الكفيلة ببلوغ عقد سياسي واجتماعي جديد ومتوافق عليه، بما يجنب الساحة الفلسطينية ويلات الخلاف السياسي وتناقضات المواقف الأيديولوجية ذات الفعل المدمر والآثار الهدامة.
إنجاز عقد سياسي واجتماعي جديد على الساحة الفلسطينية ليس حلما أو هدفا بعيد المنال، بل هدف منطقي وغاية واقعية لو صدقت النوايا وتوفرت الإرادات.
مؤمن بسيسو
مقاطعة البعض الفصائلي في غزة لزيارة الإمام القرضاوي التاريخية، ونعتها باتهامات أقل ما توصف بأنها غير لائقة، تعبر عن عبث فكري وسياسي، وتسهم في تضييع فرصة تاريخية لتقريب المواقف وتضييق المسافات بين القوى الإسلامية والقوى العلمانية واليسارية الأخرى.
وكي لا نبخس الحقيقة قدرها، فإن المسار المتعثر والعلاقة المرتبكة التي ترخي بظلال من عدم الثقة وسوء الفهم بين الطرفين (الإسلاميون والقوى الأخرى) يتحمل الطرفان مسؤولية استمرارها بحكم انشداد كل طرف لأيديولوجيته الخاصة بعيدا عن النقاط الجامعة والقواسم المشتركة.
في غزة، تخطئ الحكومة والحركة الإسلامية حين تعمد إلى حرق المراحل وتحاول فرض أجندتها الإسلامية على الشرائح المجتمعية المختلفة، أو تغيير سلوكيات معينة بوسائل غير سليمة، بعيدا عن آليات الإقناع والدعوة إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة.
في المقابل، تخطئ القوى العلمانية واليسارية حين توزع الاتهامات بمناسبة وغير مناسبة، وتمارس الفوقية في توجيه خطابها السياسي والإعلامي الخاص بالحركة الإسلامية وحكومتها، وتحجر على الإسلاميين حقهم في الدعوة لإنفاذ برنامجهم السياسي والاجتماعي على الساحة الفلسطينية.
بين يدي زيارة الإمام القرضاوي لغزة أهدرت القوى العلمانية واليسارية، التي وزعت اتهاماتها للقرضاوي وأعلنت مقاطعتها للزيارة، فرصة ثمينة لإعادة صوغ العلاقة مع الحركة الإسلامية على أسس سليمة، فالقرضاوي يحتل موقعا فريدا ومكانة متميزة ليس على المستوى الفلسطيني فحسب، بل على مستوى الأمة العربية والإسلامية جمعاء، ويُنظر إليه على أنه الشخصية الإسلامية الأكثر وعيا وفقها وحضورا في هذه المرحلة، وليس من الحكمة في شيء ابتدار بعض الفصائل لموقف سلبي تجاه هذه الزيارة تأسيسا على خلاف أو تباين سياسي.
تتلخص مشكلتنا الفلسطينية أساسا في عقم العقل الفصائلي وعجزه عن إنتاج صيغ مقبولة قادرة على تجاوز منطقة الخلافات الحادة إلى مربع المشتركات الجامعة التي تلقى رضا واتفاق الجميع، واستمرار دورانه في دوامة المواقف المتشنجة والسياسات المتطرفة التي أضرت بالمجتمع الفلسطيني والقضية الفلسطينية طيلة المراحل الماضية.
موقف البعض الفصائلي من زيارة القرضاوي لم يقدم ولم يؤخر على الإطلاق، فالقرضاوي ذو مقام رفيع وقيمة عليا لا يمكن خدشها أو الانتقاص منها بأي حال من الأحوال، إلا أن النتيجة الأهم التي عكستها تداعيات الزيارة على العلاقات الفصائلية تمثلت في تبخّر فرصة جديدة للتقريب بين المذاهب الفلسطينية الفصائلية في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى رأب الصدع الداخلي وإصلاح ذات البين بين الفرقاء الفلسطينيين.
ومع ذلك، ينبغي ألا نيأس من ضرورة بذل الجهد النافع والعمل الجاد للتقريب بين القوى والفصائل المختلفة، وخصوصا الحركة الإسلامية من جهة، والحركات العلمانية واليسارية من جهة أخرى، والدفع باتجاه فتح حوار سياسي ومجتمعي فلسطيني حقيقي يرسي الأسس والقواعد الكفيلة ببلوغ عقد سياسي واجتماعي جديد ومتوافق عليه، بما يجنب الساحة الفلسطينية ويلات الخلاف السياسي وتناقضات المواقف الأيديولوجية ذات الفعل المدمر والآثار الهدامة.
إنجاز عقد سياسي واجتماعي جديد على الساحة الفلسطينية ليس حلما أو هدفا بعيد المنال، بل هدف منطقي وغاية واقعية لو صدقت النوايا وتوفرت الإرادات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية