ورقّت لغة القرآن لخاطر امرأة
ديمة طهبوب
العذراء، مريم البتول، القانتة، وسليلة البيت الطاهر، والعائلة المصطفاة يختارها الله لأداء رسالة عظيمة وبيان معجزة باهرة على قدرة الله وحكمته وأمره النافذ في خلقه
.
أي طامة ستحل بهذه العفيفة بمقاييس البشر؟! أي ألسنة حادة شحيحة جاهلة ستبدأ في نهشها "قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا".
لم تشفع لها سيرتها ولا عبادتها ولا معرفتهم أخلاقها لتدافع عنها وتُسكت الطعن والقذف والتجريم حتى دافع الله عنها وبيض صفحتها وبرأها، وقبل البراءة كان هناك تطييب لخاطرها ومسح على جرحها وجبر لكسرها، فالخلق عيال الله والنساء بجبلتهن الضعيفة أكثر حاجة للعناية والرفق وظهر جليا هذا الترفق في المعنى الجمالي للفظ القرآني وحركة الكسرة في خطاب الأنثى "قال كذلكِ قال ربك هو علي هين"، وزاد من تطمينها أن ما ترينه في ظاهر الأمر مأساة سيكون برا بوالدته ورحمة مهداة لها وللعالمين.
لغة الجمال والجلال القرآنية تقدم اللفظة بحركة الكسرة وتقدم حالة من التفاعل بين النص والمُخاطب، بين كلام الله وعباده لتراضي خاطر مريم وتخبرها أن الله يعلم ألمها وشدة الأمر عليها ولكنه الجبار، ويسره سبحانه يأتي سريعا بعد العسر ومنحه أعظم من المحن.
لم ترقّ اللغة في خطاب زكريا في ذات السورة وذات القصة في خلق آخر معجز جاء بعد عقم وكبر سن، فسيدنا زكريا رجل يستطيع أن يصمد للأنواء والمصائب أما المرأة المُصابة فرفق الله بها في كتابه حتى على مستوى الحالة الشعورية والأحاسيس مع إعطائها الحقوق الكاملة ووضع العقوبات الكاملة التي تمنع من ظلمها ولو بمقدار حبة من خردل.
ولكن الزمن لم يعد زمن مريم وعائشة ولا زمن عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وخيرة أتباعهما ولم يعد الناس، رجالا ونساء، يفهمون أو يأخذون بمعاني الجلال والجمال في القرآن بل أصبح القرآن الذي نزل ليكون منهاج حياة مزويا عند الحاجة اليه فقط، وفي ذلك قال محمد إقبال "إنه ليس بكتاب فحسب إنه أكثر من ذلك، إذا دخل في القلب تغير الإنسان، وإذا تغير الإنسان تغير العالم، فيا عجبا ألا يصبح لك اتصال بالقرآن الا إذا حضرتك الوفاة فتُقرأ عليك سورة يس لتموت بسهولة! قد أصبح الكتاب الذي أنزل ليمنحك الحياة والقوة يُتلى عليك لتموت براحة وسهولة!" وانتشر الظلم على كافة المستويات ونال المرأة الجزء الأكبر منه، وأدار البشر ظهورهم لمواثيقهم التي ذكرها الله في معنى جمالي آخر في القرآن في موضع الرفع "ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجرا عظيما "وقال العلماء أن الهاء بحركة الرفع هي هاء الرفعة ومن كان من أهل الوفاء بمواثيق الله هو من أهل الرفعة في الدنيا والآخرة، وبالمقابل هناك هاء الهاوية المشبعة بالكسرة والكسر التي تلقي بصاحبها لفظا في قعر جهنم قبل أن يصلها حقيقة في الآخرة» يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيهِ مهانا» وذلك لمن تنكب على صراط عباد الرحمن في الدنيا وظلم وتجبر وحرم أصحاب الحقوق من حقوقهم ومثل اولئك من يحرمون المرأة من حقوقها الزوجية والمالية والاجتماعية ويسيئون اليها!
وللإنصاف فالظلم لم يعد ذكوريا بل أصبحت النساء فراعنة يفكرن أن مقاليد الأمور بأيديهن تقديما أو تأخيرا، إعطاء أو أخذا، منحا أو حرمانا! فالحماة تحرم كنتها من صداقها أو مؤخرها وتوسوس لابنها أن يعلقها حتى تتنازل له! والنساء يتحاسدن ويتكايدن ويتباغضن بينهن وقد تلجأ بعضهن الى السحرة امعانا في الإيذاء فيخسرن بذلك الدين والدنيا والأخرة، والزوجة الأولى تطلب طلاقها أو طلاق الزوجة الثانية لتقتص منها، والزوجة الثانية تتحايل وتنسي زوجها بيته وأسرته الأولى ونظل ندور في دائرة مفرغة من الظلم وكأن ليس لنا رب حرم الظلم على نفسه وعلى الناس وهدد من تكبر وتجبر وظن في نفسه القوة والكبرياء كما جاء في الحديث القدسي «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحدا منهما قصمته» وفي رواية أخرى «قذفته في النار"
وإن كان للنساء باع في الظلم فإني لا أبرئ الرجال فالله لم يعطهم القوامة ليكونوا تبعا للباطل وهي ليست للمكانة أو المباهاة! إن القوامة ما لم تكن عدلا ورحمة، ورفقا وحزما، وذمة وعهدا فهي وبال وحساب عسير على صاحبها.
مساكين ومسكينات أولئك الذين يستقون بغير حق أيا كانت أساليبهم ووسائلهم وينسون أن الله أهلك أصحاب القوة والجبروت بدعوة مظلوم
فقد ذكر التاريخ عن نكبة البرامكة بعد العز والجاه والنعيم ما قاله جعفر لأبيه يحيى بن خالد، وهُمْ في القيود والحَبْس: يا أبتِ بعدَ الأمر والنهي والأموالِ العظيمة، أصارَنا الزمان إلى القُيُودِ ولُبس الصُّوف والحَبْس! فقال له أبوه يحيى: يا بُنيَّ لَعلَّها دعوةُ مظلوم؟! سَرَتْ بليل غَفَلنا عنها! ولم يَغْفُل اللهُ عنها، ثم أنشأ يقول:
رُبَّ قومٍ قد غَدَوْا في نَعْمةٍ زَمَناً والدهرُ رَيَّانٌ غَدَقْ
سَكَتَ الدهرُ زَمَاناً عنهمُ ثم أبكاهُمْ دَماً حِينَ نَطَقْ!
كانت جدتي رحمها الله تقول "دعوة الولايا بتهد الزوايا".
ليس التسامح دائما سيد الأخلاق، بل ان العفو عزيمة لا يقدر عليها كل الناس، وكثرة السكوت على الظلم أحيانا وعدم خوف الظالم من العقوبة يجرئ على المزيد والله لا يغفر ويُري الظالم جنى يديه في الدنيا قبل الآخرة الا اذا غفر العباد وأسقطوا مظالمهم .
اللهم كما رفقت بنا وأحسنت الينا بأن هديتنا الى الإسلام فلا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.
ديمة طهبوب
العذراء، مريم البتول، القانتة، وسليلة البيت الطاهر، والعائلة المصطفاة يختارها الله لأداء رسالة عظيمة وبيان معجزة باهرة على قدرة الله وحكمته وأمره النافذ في خلقه
.
أي طامة ستحل بهذه العفيفة بمقاييس البشر؟! أي ألسنة حادة شحيحة جاهلة ستبدأ في نهشها "قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا".
لم تشفع لها سيرتها ولا عبادتها ولا معرفتهم أخلاقها لتدافع عنها وتُسكت الطعن والقذف والتجريم حتى دافع الله عنها وبيض صفحتها وبرأها، وقبل البراءة كان هناك تطييب لخاطرها ومسح على جرحها وجبر لكسرها، فالخلق عيال الله والنساء بجبلتهن الضعيفة أكثر حاجة للعناية والرفق وظهر جليا هذا الترفق في المعنى الجمالي للفظ القرآني وحركة الكسرة في خطاب الأنثى "قال كذلكِ قال ربك هو علي هين"، وزاد من تطمينها أن ما ترينه في ظاهر الأمر مأساة سيكون برا بوالدته ورحمة مهداة لها وللعالمين.
لغة الجمال والجلال القرآنية تقدم اللفظة بحركة الكسرة وتقدم حالة من التفاعل بين النص والمُخاطب، بين كلام الله وعباده لتراضي خاطر مريم وتخبرها أن الله يعلم ألمها وشدة الأمر عليها ولكنه الجبار، ويسره سبحانه يأتي سريعا بعد العسر ومنحه أعظم من المحن.
لم ترقّ اللغة في خطاب زكريا في ذات السورة وذات القصة في خلق آخر معجز جاء بعد عقم وكبر سن، فسيدنا زكريا رجل يستطيع أن يصمد للأنواء والمصائب أما المرأة المُصابة فرفق الله بها في كتابه حتى على مستوى الحالة الشعورية والأحاسيس مع إعطائها الحقوق الكاملة ووضع العقوبات الكاملة التي تمنع من ظلمها ولو بمقدار حبة من خردل.
ولكن الزمن لم يعد زمن مريم وعائشة ولا زمن عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وخيرة أتباعهما ولم يعد الناس، رجالا ونساء، يفهمون أو يأخذون بمعاني الجلال والجمال في القرآن بل أصبح القرآن الذي نزل ليكون منهاج حياة مزويا عند الحاجة اليه فقط، وفي ذلك قال محمد إقبال "إنه ليس بكتاب فحسب إنه أكثر من ذلك، إذا دخل في القلب تغير الإنسان، وإذا تغير الإنسان تغير العالم، فيا عجبا ألا يصبح لك اتصال بالقرآن الا إذا حضرتك الوفاة فتُقرأ عليك سورة يس لتموت بسهولة! قد أصبح الكتاب الذي أنزل ليمنحك الحياة والقوة يُتلى عليك لتموت براحة وسهولة!" وانتشر الظلم على كافة المستويات ونال المرأة الجزء الأكبر منه، وأدار البشر ظهورهم لمواثيقهم التي ذكرها الله في معنى جمالي آخر في القرآن في موضع الرفع "ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجرا عظيما "وقال العلماء أن الهاء بحركة الرفع هي هاء الرفعة ومن كان من أهل الوفاء بمواثيق الله هو من أهل الرفعة في الدنيا والآخرة، وبالمقابل هناك هاء الهاوية المشبعة بالكسرة والكسر التي تلقي بصاحبها لفظا في قعر جهنم قبل أن يصلها حقيقة في الآخرة» يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيهِ مهانا» وذلك لمن تنكب على صراط عباد الرحمن في الدنيا وظلم وتجبر وحرم أصحاب الحقوق من حقوقهم ومثل اولئك من يحرمون المرأة من حقوقها الزوجية والمالية والاجتماعية ويسيئون اليها!
وللإنصاف فالظلم لم يعد ذكوريا بل أصبحت النساء فراعنة يفكرن أن مقاليد الأمور بأيديهن تقديما أو تأخيرا، إعطاء أو أخذا، منحا أو حرمانا! فالحماة تحرم كنتها من صداقها أو مؤخرها وتوسوس لابنها أن يعلقها حتى تتنازل له! والنساء يتحاسدن ويتكايدن ويتباغضن بينهن وقد تلجأ بعضهن الى السحرة امعانا في الإيذاء فيخسرن بذلك الدين والدنيا والأخرة، والزوجة الأولى تطلب طلاقها أو طلاق الزوجة الثانية لتقتص منها، والزوجة الثانية تتحايل وتنسي زوجها بيته وأسرته الأولى ونظل ندور في دائرة مفرغة من الظلم وكأن ليس لنا رب حرم الظلم على نفسه وعلى الناس وهدد من تكبر وتجبر وظن في نفسه القوة والكبرياء كما جاء في الحديث القدسي «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحدا منهما قصمته» وفي رواية أخرى «قذفته في النار"
وإن كان للنساء باع في الظلم فإني لا أبرئ الرجال فالله لم يعطهم القوامة ليكونوا تبعا للباطل وهي ليست للمكانة أو المباهاة! إن القوامة ما لم تكن عدلا ورحمة، ورفقا وحزما، وذمة وعهدا فهي وبال وحساب عسير على صاحبها.
مساكين ومسكينات أولئك الذين يستقون بغير حق أيا كانت أساليبهم ووسائلهم وينسون أن الله أهلك أصحاب القوة والجبروت بدعوة مظلوم
فقد ذكر التاريخ عن نكبة البرامكة بعد العز والجاه والنعيم ما قاله جعفر لأبيه يحيى بن خالد، وهُمْ في القيود والحَبْس: يا أبتِ بعدَ الأمر والنهي والأموالِ العظيمة، أصارَنا الزمان إلى القُيُودِ ولُبس الصُّوف والحَبْس! فقال له أبوه يحيى: يا بُنيَّ لَعلَّها دعوةُ مظلوم؟! سَرَتْ بليل غَفَلنا عنها! ولم يَغْفُل اللهُ عنها، ثم أنشأ يقول:
رُبَّ قومٍ قد غَدَوْا في نَعْمةٍ زَمَناً والدهرُ رَيَّانٌ غَدَقْ
سَكَتَ الدهرُ زَمَاناً عنهمُ ثم أبكاهُمْ دَماً حِينَ نَطَقْ!
كانت جدتي رحمها الله تقول "دعوة الولايا بتهد الزوايا".
ليس التسامح دائما سيد الأخلاق، بل ان العفو عزيمة لا يقدر عليها كل الناس، وكثرة السكوت على الظلم أحيانا وعدم خوف الظالم من العقوبة يجرئ على المزيد والله لا يغفر ويُري الظالم جنى يديه في الدنيا قبل الآخرة الا اذا غفر العباد وأسقطوا مظالمهم .
اللهم كما رفقت بنا وأحسنت الينا بأن هديتنا الى الإسلام فلا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية