21 أغسطس المشئوم ...بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الأربعاء 29 أغسطس 2012

21 أغسطس المشئوم

د. أيمن أبو ناهية

يعتبر 21 أغسطس من كل عام هو يوم مشئوم في تاريخ القدس وفلسطين، والذي أقدم فيه المجرم المتطرف المدعو مايكل روهان عام 1969م على فعلته الإجرامية بحرق المسجد الأقصى المبارك بما فيه منبر صلاح الدين بدم بارد على مرأى ومسمع العالم الذي وقف متفرجاً دون اتخاذ قرار عقابي ضد المجرم ومن يقف وراءه وإلزامهم بعدم الاعتداء على الأماكن المقدسة، وتحت هذا الصمت العربي والدولي زادت وتيرة الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى، الذي لم يسلم من محاولات الإحراق لمرات عديدة والعبث بمحتوياته الدينية والأثرية والحضارية التي تجمع بين الحضارتين العربية والإسلامية، بل تم سرقة بعض من هذه المعالم التاريخية وطمس وإخفاء معالمها تماما وتم تهويدها، حتى وصل الحال إلى نقل بعض من الأحجار القديمة من المسجد الأقصى إلى المعابد اليهودية. بالإضافة إلى أن عمليات الحفر والتنقيب جارية منذ زمن طويل تحت المسجد الأقصى بحجة البحث عن الهيكل المزعوم، وفي حقيقة الأمر يأتي ذلك في سياق المخطط الصهيوني الذي يحاك ضد المسجد الأقصى لإضعاف قواعده وأساساته وجدرانه وجعله مهددا في أي وقت للانهيار للتخلص منه.

ولم يكتف الصهاينة بمخططات الحفر أسفل المسجد الأقصى بل يجرون تدريبات ومناورات ليلية وسرية على كيفية تسلق جدرانه واقتحامه ولربما الإقدام على حرقه من جديد ليتلفوا ما تبقى من أعمدته وجدرانه ومحتوياته ومقتنياته، لكي يتزامن هذا مع إتلاف أساساته بفعل الحفريات من أسفله وينهار مرة واحدة.

وفي الذكرى الواحدة والأربعين لإحراق المسجد الأقصى أتقدم بالتعازي الحارة للعرب والمسلمين لفقدانهم أولى قبلتهم واذكرهم بان مدينة القدس أصبحت مهودة بالكامل وجردت من طابعها العربي-الإسلامي وأصبح سكانها الفلسطينيون الأصليون غرباء فيها، بل أصبحوا مهددين في كل وقت بالرحيل ومصادرة أراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم وتحويلها إلى ارث يهودي كما فُعل في يافا والد والرملة وصفد وعكا وحيفا والسدود والكرمل وباقي المدن الفلسطينية، لكي تصبح مدينة القدس كاملة عاصمة لدولة الكيان دون أي منازع، وليس هذا الكلام بجديد فكلنا يعلم ذلك منذ مطلع الثمانينات عندما قررت الكنيست الإسرائيلية بضم مدينة القدس وجعلها العاصمة الأبدية لدولتها.

وقد مهد الصهاينة لذلك منذ تأسيس (إسرائيل) في فلسطين حيث قاموا بعدة محاولات خسيسة فكانت الجماعات الصهيونية المسلحة تمارس عمليات إرهابية على المقدسيين الفلسطينيين للضغط عليهم ولإجبارهم على إخلاء أماكن سكناهم ومن ثم الاستيلاء عليها وعلى جميع ممتلكاتهم كما تفعل الآن في حي سلوان وحي الشيخ جراح وحي باب العمود وغيرهم وحي بابا المغاربة حيث طردت أكثر من 5000 عائلة من منازلهم بحجة عدم الترخيص بالبناء أو عدم ملكيتها وإنشاء بدلاً منها ملاهي ومنتزهات وحدائق تلمودية، كذلك فرض القوانين العسكرية الصارمة على المقدسين الفلسطينيين التي تجردهم من حقوقهم في المواطنة والملكية والإقامة وسحب الهويات، ناهيك عن إهمال جميع مرافق الحياة في الأحياء العربية كعدم إيصال الكهرباء والمياه وتعبيد الشوارع وإهمال الصرف الصحي وعدم الاعتناء بالنظافة، كما تفرض قيودا على المقدسيين للعمل وحرية التنقل داخل المدينة أو خارجها وحرمانهم من التعليم بعدم السماح لهم بإنشاء مدارس عربية وجامعات ومعاهد بل حرمانهم من فرص إكمال مراحل التعليم الثانوي والجامعي في الجامعات العبرية وحتى حرمانهم من الدراسات العليا في الجامعات العربية والغربية ومنعهم من الوظائف الحكومية والإمعان في سياسة التجهيل، بالإضافة لحرمانهم من حقهم في العبادة وممارسة شعائرهم الدينية كمنعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى خاصة في أيام الجمعة والأعياد باستثناء كبار السن.

من جانب آخر تحيط مدينة القدس اكبر المستوطنات على الإطلاق وتجمع اكبر عدد من المستوطنين كما يلف المدينة جدار الفصل العنصري الذي التهم مساحات واسعة من أراضي المقدسيين الفلسطينيين وقطع أوصال القرى والأحياء والشوارع عن بعضها البعض وأزال بعضها نهائياً عن الوجود، لكي تخفي معالمها العربية وكذلك تحجيم الوجود الفلسطيني لتكون الأغلبية الديمغرافية في المدينة من اليهود دون سواهم. إضافة لذلك أطلقت أسماء عبرية جديدة بدلا من أسماء الشوارع والأحياء العربية لتسلخ المدينة من طابعا العربي-الإسلامي، وهذا مؤشر خطير على مستقبلها ومستقبل الأمة الإسلامية التي تنتمي إلى هذه الصرح المقدسي العظيم، والتي قبل أيام قلائل قد اجتمعت في قمة مكة الطارئة كي تعطي القدس والمسجد الأقصى جانبا من اهتماماتها التي عبرت عنه بالعبارات الإنشائية الروتينية التي لا تسعف قبلتهم الأولى ومسرى رسولهم الكريم محمد صلى الله علية وسلم، حتى أن قراراتهم جاءت هزيلة لم تخرج من قاعة المؤتمر كي تلزم الاحتلال وتجبره على الكف عن ممارساته لتهويد القدس والمسجد الأقصى، وكانت الرسالة الاحتلال للمؤتمرين الكشف عن أنفاق جديدة أسفل المسجد الأقصى وبناء وحدات سكنية للمستوطنين في المدينة. وكنا نعتقد أن قمة المليار مسلم ستثأر لحرق المسجد الأقصى وستحميه من عبث قلة صهيونية تريد القضاء على حضارتهم

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية