67 عامًا على التقسيم ولا دولة فلسطينية
هشام منور
أعوام عجاف لا تزال القضية الفلسطينية التي تعد قضية العرب والمسلمين الأولى (أو هكذا يقال) تعرفها على الرغم من تبدل انظمة (ولو شكليًا) وتغير الجغرافيا وتحور الوجوه التي تعاقبت على إدارة الملف الفلسطيني داخليًا وعربيًا وإقليمياً ودوليًا.
في الذكرى 67 لتقسيم الأمم المتحدة لفلسطين المحتلة، يسود التشاؤم حيال قدرة الشعب الفلسطيني على إنشاء دولة مستقلة به، في المستقبل المنظور، بسبب الظروف العربية والفلسطينية والدولية التي تعارض ذلك، ولا تقوى على الوقوف في وجه آلة التجبر والطغيان.
اعتراف الدول الأوروبية "الرمزيّ" بالدولة الفلسطينية هو مجرد "تعاطف" دولي مع القضية، يهدف إلى تخدير المشاعر الفلسطينية الشعبية التي ملت الوعود السياسية وكادت تنفجر في وجه جلادها في القدس المحتلة والضفة الغربية، بعد ان صبت الآلة العسكرية الإسرائيلية حمم إجرامها على قطاع غزة.
من الصعب جدًا انتزاع اعتراف "رسمي" بالدولة الفلسطينية من مجلس الأمن الدولي، نظرًا لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية عليه، وقدرتها على استخدام حق النقض "الفيتو"، تجاه أي قرار يضرّ بالمصلحة الإسرائيلية.
وافق 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الذكرى الـ(67) لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، الصادر عام 1947. وبعد مرور (67) عامًا على صدور قرار تقسيم فلسطين، إلى دولتين عربية، وأخرى يهودية، بات من الصعب انتزاع اعتراف دولي من مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية، إذ إنه ينحاز للجانب الإسرائيلي.
الوضع الفلسطيني اليوم يمرّ بأسوأ مراحله، فقبل عام 1947 حينما صدر قرار تقسيم فلسطين، كانت مساحة الأراضي التي يمتلكها اليهود لا تتجاوز الـ(7%) من مساحة فلسطين التاريخية. أما اليوم فالمعايير المادية مختلفة، وتضع القضية الفلسطينية في أسوأ مراحلها، فما تبقى من مساحة الدولة الفلسطينية فعليًا ما يقارب (11%) (الضفة الغربية وقطاع غزة)، فقد بات الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على حوالي (90%) من فلسطين التاريخية.
المجتمع الدولي الذي قسّم فلسطين اعترف رسميًا بالدولة الإسرائيلية، لكنّه لم يعترف حتّى اللحظة بالدولة الفلسطينية، وهذا السلوك يؤكد على الانحياز الدولي الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي. ما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو مجرد توصيات لا قرارات، فمجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة بالاعتراف بالدولة.
بعد مرور 67 عامًا على صدور قرار تقسيم فلسطين، تتجه القضية نحو تعقيدات سياسية كبيرة، خاصة وأن المشروع الصهيوني يشكل نفسه باتجاه (إسرائيل) الكبرى. انتزاع فلسطين اعترافًا دوليًا بالدولة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هو أمر معقّد وصعب، فذلك الأمر بحاجة إلى مسافة زمنية مليئة بالدماء.
تبدي الدول الأوروبية تعاطفها مع القضية الفلسطينية، وذلك بالاعتراف الرمزي بها، لكن ذلك غير مفيد، إلا إذا ترجمت إلى أفعال على أرض الواقع.
المطلوب فلسطينيًا للوصول إلى الدولة المستقلة، هو وحدة جميع الفصائل وطنيًا، قبل التوجه لمجلس الأمن، وخوض الصراع بوسائل وأشكال وطنية، وذلك يحتاج إلى تجاوز الفصائل الفلسطينية لبرامجها الحزبية وتقديم تنازلات بشأن ذلك.
حمل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخاص بتقسيم فلسطين، الرقم 181 وأيدته 33 دولة وعارضته 13، وامتنعت 10 دول عن التصويت. وتقضي خطة تقسيم فلسطين بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة أجزاء، دولة عربية تقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر، والدولة يهودية وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب (تل أبيب)، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بمدينة إيلات حاليا، وثالثًا القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، والتي تخضع لوصاية دولية.
ورغم أن نسبة عدد السكان اليهود كانت 33% من إجمالي السكان، وكانوا لا يملكون سوى 7% من الأرض، إلا أن القرار أعطاهم دولة تمثل 56.5% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية، في حين منح العرب الذين كانوا يملكون غالبية الأراضي، وتمثل نسبتهم السكانية 67% ما نسبته 43.5% من الأراضي.
لم يطبق القرار فعليًا على أرض الواقع، حيث رفضته الدول العربية، وسيطرت (إسرائيل) عام 1948 على غالبية أراضي فلسطين التاريخية، ثم قامت بالتوسع والتغول لتقضم بقية الأرض الفلسطينية وحتى العربية رويدًا رويدًا.
حتى الدعم العربي الذي أعلن في هذه الذكرى عزم جامعة الدول العربية على التوجه إلى مجلس الامن عبر العضو العربي الوحيد (الاردن) لطرح مشروع لإنهاء الاحتلال وإعلان دولة فلسطين يبدو خجولًا وضعيفًا وغير مدعوم بشكل كاف من القوى الدولية.
فالاعتراف حتى ولو تم، سيكون شكليًا وغير ذي قيمة، فلا مكونات الدولة موجودة، ولا نصف الشعب الفلسطيني اللاجئ سيمنح حق العودة إلى أرضه إن قامت الدولة بسبب معارضة الاحتلال الإسرائيلي، فعن أي دولة تتكلمون؟ وعن أي طموح مخدر... تتحدثون!
هشام منور
أعوام عجاف لا تزال القضية الفلسطينية التي تعد قضية العرب والمسلمين الأولى (أو هكذا يقال) تعرفها على الرغم من تبدل انظمة (ولو شكليًا) وتغير الجغرافيا وتحور الوجوه التي تعاقبت على إدارة الملف الفلسطيني داخليًا وعربيًا وإقليمياً ودوليًا.
في الذكرى 67 لتقسيم الأمم المتحدة لفلسطين المحتلة، يسود التشاؤم حيال قدرة الشعب الفلسطيني على إنشاء دولة مستقلة به، في المستقبل المنظور، بسبب الظروف العربية والفلسطينية والدولية التي تعارض ذلك، ولا تقوى على الوقوف في وجه آلة التجبر والطغيان.
اعتراف الدول الأوروبية "الرمزيّ" بالدولة الفلسطينية هو مجرد "تعاطف" دولي مع القضية، يهدف إلى تخدير المشاعر الفلسطينية الشعبية التي ملت الوعود السياسية وكادت تنفجر في وجه جلادها في القدس المحتلة والضفة الغربية، بعد ان صبت الآلة العسكرية الإسرائيلية حمم إجرامها على قطاع غزة.
من الصعب جدًا انتزاع اعتراف "رسمي" بالدولة الفلسطينية من مجلس الأمن الدولي، نظرًا لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية عليه، وقدرتها على استخدام حق النقض "الفيتو"، تجاه أي قرار يضرّ بالمصلحة الإسرائيلية.
وافق 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الذكرى الـ(67) لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، الصادر عام 1947. وبعد مرور (67) عامًا على صدور قرار تقسيم فلسطين، إلى دولتين عربية، وأخرى يهودية، بات من الصعب انتزاع اعتراف دولي من مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية، إذ إنه ينحاز للجانب الإسرائيلي.
الوضع الفلسطيني اليوم يمرّ بأسوأ مراحله، فقبل عام 1947 حينما صدر قرار تقسيم فلسطين، كانت مساحة الأراضي التي يمتلكها اليهود لا تتجاوز الـ(7%) من مساحة فلسطين التاريخية. أما اليوم فالمعايير المادية مختلفة، وتضع القضية الفلسطينية في أسوأ مراحلها، فما تبقى من مساحة الدولة الفلسطينية فعليًا ما يقارب (11%) (الضفة الغربية وقطاع غزة)، فقد بات الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على حوالي (90%) من فلسطين التاريخية.
المجتمع الدولي الذي قسّم فلسطين اعترف رسميًا بالدولة الإسرائيلية، لكنّه لم يعترف حتّى اللحظة بالدولة الفلسطينية، وهذا السلوك يؤكد على الانحياز الدولي الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي. ما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو مجرد توصيات لا قرارات، فمجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة بالاعتراف بالدولة.
بعد مرور 67 عامًا على صدور قرار تقسيم فلسطين، تتجه القضية نحو تعقيدات سياسية كبيرة، خاصة وأن المشروع الصهيوني يشكل نفسه باتجاه (إسرائيل) الكبرى. انتزاع فلسطين اعترافًا دوليًا بالدولة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هو أمر معقّد وصعب، فذلك الأمر بحاجة إلى مسافة زمنية مليئة بالدماء.
تبدي الدول الأوروبية تعاطفها مع القضية الفلسطينية، وذلك بالاعتراف الرمزي بها، لكن ذلك غير مفيد، إلا إذا ترجمت إلى أفعال على أرض الواقع.
المطلوب فلسطينيًا للوصول إلى الدولة المستقلة، هو وحدة جميع الفصائل وطنيًا، قبل التوجه لمجلس الأمن، وخوض الصراع بوسائل وأشكال وطنية، وذلك يحتاج إلى تجاوز الفصائل الفلسطينية لبرامجها الحزبية وتقديم تنازلات بشأن ذلك.
حمل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخاص بتقسيم فلسطين، الرقم 181 وأيدته 33 دولة وعارضته 13، وامتنعت 10 دول عن التصويت. وتقضي خطة تقسيم فلسطين بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة أجزاء، دولة عربية تقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر، والدولة يهودية وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب (تل أبيب)، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بمدينة إيلات حاليا، وثالثًا القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، والتي تخضع لوصاية دولية.
ورغم أن نسبة عدد السكان اليهود كانت 33% من إجمالي السكان، وكانوا لا يملكون سوى 7% من الأرض، إلا أن القرار أعطاهم دولة تمثل 56.5% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية، في حين منح العرب الذين كانوا يملكون غالبية الأراضي، وتمثل نسبتهم السكانية 67% ما نسبته 43.5% من الأراضي.
لم يطبق القرار فعليًا على أرض الواقع، حيث رفضته الدول العربية، وسيطرت (إسرائيل) عام 1948 على غالبية أراضي فلسطين التاريخية، ثم قامت بالتوسع والتغول لتقضم بقية الأرض الفلسطينية وحتى العربية رويدًا رويدًا.
حتى الدعم العربي الذي أعلن في هذه الذكرى عزم جامعة الدول العربية على التوجه إلى مجلس الامن عبر العضو العربي الوحيد (الاردن) لطرح مشروع لإنهاء الاحتلال وإعلان دولة فلسطين يبدو خجولًا وضعيفًا وغير مدعوم بشكل كاف من القوى الدولية.
فالاعتراف حتى ولو تم، سيكون شكليًا وغير ذي قيمة، فلا مكونات الدولة موجودة، ولا نصف الشعب الفلسطيني اللاجئ سيمنح حق العودة إلى أرضه إن قامت الدولة بسبب معارضة الاحتلال الإسرائيلي، فعن أي دولة تتكلمون؟ وعن أي طموح مخدر... تتحدثون!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية