آلآنَ يا فتح؟!...لمى خاطر

آلآنَ يا فتح؟!...لمى خاطر

الأربعاء 23 فبراير 2011

 
آلآنَ يا فتح؟!


لمى خاطر



كما كان متوقعا؛ فحين يتأزم الحال الداخلي لدى قيادة فتح، وتتلقى صفعة سياسية أمريكية أو دولية أو حتى إسرائيلية، أو يقترب بلل الثورات من إغراقها، تبدأ بعزف سيمفونية المصالحة وضرورة إنهاء الانقسام، ويكون أفضل ما في عروضها أشكالاً مشوهة للتقارب مع حماس، كدعوتها لحكومة وحدة وطنية، وكعرض فياض عليها الانضمام إلى حكومته القادمة، متناسياً هذا الأخير أنه يرأس حكومة غير شرعية وأن حماس حازت على نسبة في الانتخابات تزيد عن نسبة طريقه الثالث بعشرات الأضعاف!

أما فتح التنظيم، ممثلة بهياكلها التقليدية إياها، فلم تجد بداً من الدعوة المخادعة لغضبة في وجه سياسات أمريكا رداً على فيتو الأخيرة لصالح الاستيطان، لكنها لم تخبرنا مثلاً بشكل غضبتها ولا بحدودها، وفيما إذا كانت ستكسر المحظور فتحاوياً وتهاجم الاحتلال في مناطق التماس، أم أنها ستكتفي بالتظاهر تحت مكاتب فضائية الجزيرة لتصور للعالم أنها ما زالت على ثغرة النضال والمواجهة، وأن وثائق الجزيرة كانت تسريبات مفبركة لم تفلح في صرف الجمهور عن (أمه) التاريخية!

لم تخبرنا قيادة فتح كذلك، ومعها فياض الذي بات يصرح مؤخراً منتقداً الابتزاز الخارجي ويتغنى بالمواقف الوطنية، لم يخبرونا فيما إذا كان حردهم السياسي الأخير وغضبهم المفتعل والآتي على غير ميعاد سينسحب على اتفاقيات التنسيق الأمني مع الاحتلال وسيدفعهم لفض عقد العمل كمستأجرين لحماية الاحتلال ومستوطنيه، أو إن كانوا سينسحبون من بؤر التماس مع الاحتلال ليخلوا ما بين شعب فلسطين وانتفاضته الجديدة التي لم نعد نشك بقرب تفجرها في وجل المحتل ومن سيتطوع للدفاع عنه!

كما لم نعلم بعد إن كانت حمّى التوحّد التي نزلت بفتح هذه الأيام ستحملها على تقديم مبادرة تحرج حماس (التي تعطل المصالحة وفق زعم فتح) فتفرج عن معتقلي الحركة من مقاومين وسياسيين وطلاب ودعاة، وتكفّ عن توظيف الجواسيس لرصد كل حركة في الشارع والوشاية بمن يعارض سياسات فتح أو يلقي مثلاً خطبة جمعة لا تلتزم بمعايير هباش الأوقاف في حكومة فتح الذي يحلم بأن يمارس الوصاية الدينية على وعي رواد المساجد، وأن يزيف وعيهم عبر وصلاته التحريضية الردحية المسماة زوراً وبهتاناً خطبة جمعة!

جيد أن حماس هذه المرة وَعَت لخديعة المصالحة العرجاء التي قدمتها فتح بغية إنقاذ مركب سلطتها المشرف على الغرق، وجيد أن الحركة انحازت لعذابات أسراها وضحايا التنسيق الأمني، وتجاوزت الورقة المصرية المشؤومة التي كانت تستمد قيمتها من (فرعنة) النظام المصري البائد عبر سفير التهديدات الصهيونية عمر سليمان الذي كان يستغل حالة الحصار على حماس ليتفنن في ممارسة ساديته البغيضة وضغوطاته المختلفة على الحركة.

لم يعد مقبولاً اليوم ألا تلقي التغيرات السياسية التي تعصف بالعالم العربي بظلالها على الواقع الفلسطيني، ولا يعقل أن تتجه بوصلة العرب نحو قيم الحرية والعدالة والإصلاح، فيما يظل المشهد الفلسطيني رازحاً تحت (الكليشيهات) السياسية إياها المكبلة في أصلها وفصلها باتفاقية أوسلو ثم بشروط الرباعية والحاجة الدائمة لنيل الرضا الغربي عن أية حكومة قادمة، بل يجب أن يكون الواقع الفلسطيني ذا دور طليعي في عملية التغيير التي ينبغي أن تطال مفاصل الحراك الميداني والسياسي، وإن كان يعزّ على سلطة فتح أن تعلن إفلاسها السياسي وعبثية نهجها السابق، فلا أقل من أن تصنع لحظة صدق مع نفسها أولاً ثم مع الشارع الفلسطيني الذي ما عاد جاهلاً بأبجديات واقعه، وإن اختبار ما تبقى من مصداقيتها بات يقوم فقط على إعلانها الصريح تخليها عن سياساتها الأمنية المختلفة الموظفة لصالح الاحتلال، فلا معنى لأن يتشدق ناطقوها الأمنيون بتأكيداتهم على وقوفهم في خندق النضال الشعبي ضد الاحتلال، فيما هم يدافعون قولاً وعملاً عن سياسات ملاحقة المقاومة وتجفيف منابعها ووأدها ثقافة وسلوكا.

وإن كانت فتح اليوم مطالبة بلحظة صدق مع الذات ثم الشعب، وبالكف عن نهج الخداع والتضليل الذي ما عادت تجيد غيره، فإن عموم الفصائل الأخرى مطالبة بتحديث خطابها السياسي ومواقفها من مختلف القضايا الداخلية، وبإعانة جماهيرها على معرفة أولوياتها الوطنية، وحين تمتلك حناجر جمهورها الجرأة لتجهر بالقول ضد الخيانة والتفريط، ويصبح لا محل لهما من الإعراب السياسي أو في دائرة البرامج الفصائلية، عندها فقط يمكن أن نستبشر بغدٍ مختلف، وحينها لن يتردد الشعب في قول كلمته المطلوبة، وسنكون أمام مرحلة جديدة لا رجوع بعدها للوراء
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية