أبعاد جرائم القتل تحت التعذيب في الضفة الغربية
إبراهيم المدهون
نجحت سلطة عباس في أن تجعل من قتل الفلسطينيين تحت التعذيب أمراً عادياً، فهي تهدف من وراء ذلك ترسيخ سلطتها على حساب الدم والأرواح وزهرات الشباب، وبذلك تتمكن من زرع الرعب في قلوب الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويبقى أمام المواطن الضعيف إما الاستسلام الكامل للإرادة الإسرائيلية، أو أن يُهدَّد في حريته وبيته وعرضه وماله ونفسه التي بين جنبيه
هذا حال الضفة الغربية اليوم؛ مئات من خيرة شبابها في السجون، وآخرون ملاحقون، ونهب منظم للأموال الخاصة، وعصابات مسلحة منتشرة تداهم البيوت وتروع الآمنين وتطلق الرصاص على العلماء وأساتذة الجامعات، يصاحب هذا الإجرام كله إعلام يطبل لزعيم ومسرحيات مبايعة من النوع المبتذل والسخيف.للأسف الشديد وشر البلية ما "يُبكي" حتى الموت، يُفتتح مؤتمر بيت لحم على دم شهيد يُقتل تحت نير التعذيب، ويختتم بآهات شهيد آخر يلفظ أنفاسه من شدة الوجع والألم والعذاب، شهيدان من خيرة أبناء الوطن في أقل من أسبوع واحد، يقتلان بدم بارد وبلا أدنى شعور أو إحساس بالمسؤولية، ويا للأسف الشديد فقد بدا الأمر طبيعياً وكأنه تهيئة وتحضير لنفق مظلم ستجر حركة فتح الشعب الفلسطيني كله لداخله، أساس الولوج فيه أن يقتل الفلسطيني بيد الفلسطيني وأن يعذب الفلسطيني ابن مخيمه وابن مدينته حتى الموت إرضاءً لضابط صهيوني حقير، وحفاظاً على راتبٍ بخسٍ مغمسٍ بالدم
الأدهى والأمر هو غرابة ما يقوم به الإعلام المستقل اعتداءً من التطبيل لتفاهة البعض، والتعظيم من شأن الأخبار السخيفة، ومن السرعة في فبركة الحكايات ونشر الأكاذيب، والتجني على الحقائق وقلبها بصورة تبديه وكأنه يدعم هذا الظلم، فكل من يسوِّق لروايات الكذب هو مشارك بالجريمة ويجب أن يعاقب، وكل إعلامي يحوِّر الحكايات لتخدم القتلة والمجرمين في أقبية سجن الجنيد هو منهم ومعهم سيحشر
بالأمس أيها السادة قتل فادي حمادنة،،، قتل بدم بارد،،، قتل تحت التعذيب ومن أثر الشبح المتواصل،،، قتل وأُزهقت روحه بعد أيام وأسابيع وشهور في عذاب متواصل، لا تحقيق ولا تهمة ولكن تعذيب مستمر، والقضية هي أن يذوق أبناء حماس في الضفة ويلات وثبور ويروا من عظائم الأمور! قتل حمادنة بعد أيام قلائل من قتل الشيخ كمال أبو طعيمة بعد أن نهشته سياط الجلادين، ففاضت روحه لبارئها تشكو ظلم المجرمين
أي ظلم يا سادة أن يقتل خمسة من خيرة الشباب تحت التعذيب بلا ذنب ولا تهمة، وأي عقل يستطيع أن يتصور أن إنسان يموت من شدة الألم؟
الحديث اليوم عن كرامة الإنسان في الضفة الغربية نوع من العبث، والتكلم عن حقوقه هو نوع من الترف! في الضفة الغربية لا مكان إلا للرجل الواحد والفكر الواحد والعربدة الواحدة! قالوا لنا سنخلصكم من الفوضى، فأوجدوا لنا فوضى مركبة تقودها العصابات الأمنية؛ هذا له سجن خاص وآخر له غيره. واحد يَقتُل بالتعذيب، وثانٍ بالرصاص، وثالث بالاغتيال. هذا يسرق أرصدة البنوك، وذاك يلتهم المؤسسات الخيرية، وغيرهما ينهب البيوت. هؤلاء يختطفون، وأؤلئك يعتدون وغيرهم يصرح ويحرض! ماذا سيقول من لاموا حماس عند حسمها العسكري حينما يشاهدون بأم أعينهم كيف يموت الإنسان من قسوة السجن؟! وإلى متى سيصبر الشعب في الخليل ونابلس وعصيرة الشمالية وقلقيلية وجنين على بيت من ورق اسمه أمن محمود عباس؟
من يراهن على استسلام الضفة واهمٌ، ومن يركن إلى القوة الإسرائيلية والحاجز الإسرائيلي والدبابة الإسرائيلية خائبٌ أمله، فالشعب الفلسطيني قادر على أن يغيِّر ويثور، ولا ينفع معه ترهيب ولا ترغيب، ولو ادى الأمر إلى أن تطير هامات البعض من خيرة أبنائه المجاهدين. لربما أعطى الفلسطيني الحر للمصالحة والتقارب فترة من الزمن، لكنه في ذات الوقت الأقدر على أن يغيَّر المعادلة فجأة، وان يقلب السحر على الساحر في عشية أو ضحاها
إن ما يحدث في الضفة الغربية لا يطاق؛ فالعائلات والمؤسسات والأشخاص والبنية التحتية والجيل الشاب يتعرض لإرهاب فوضوي سيلتهم الجميع. وإن صبر أهالي الضفة لن يطول، وسيصلون عما قريب إلى نتيجة مفادها أن ما يحدث اليوم لم يعد يُحتمل، و في ضوء أنه لا يوجد ما يخسرونه إلا القيد والظلم والإرهاب، فإن ذلك سيدفعهم إلى العمل على أن تسدد رؤوس العربدة والفساد وعصابات القتل فاتورة إجرامهم بثمن باهظ جداً؛ فالشعب إن ثار التهم الظالمين بقسوة وعنف
ومن هنا فإن على قيادة فتح الجديدة والمنتخبة تحكيم لغة العقل، فهذه الإجراءات الإرهابية لن تُجدي نفعاً، وستضر –إن استمرت- أول ما تضر بحركة فتح وتاريخها، وعليها أن تثبت أن بوصلة الحركة اليوم ستعود إلى الاتجاه الصحيح، اتجاه الوطن، ويجب أول ما تبدأ بمعالجته علاقة الحركة وقوات عباس الأمنية بالاحتلال الإسرائيلي هل هي علاقة سلم وتكامل وشراكة أم علاقة حرب وعداوة؟
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية