أبعاد صراع عباس دحلان
لمى خاطر
في رده على اتهامات محمود عباس، لم تكن ثمة أهمية لسيل الاتهامات المضادة التي وجهها دحلان بدوره لعباس، ذلك أن بازار الكذب يُفتح على مصراعيه في الصراع على إثبات البراءة وشيطنة الخصوم، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالتشبث بالمناصب العليا أو التطلع لها.
والأمر ذاته ينطبق على تلفيق التهم لحركة حماس وجماعة الإخوان، وهو أمر اشترك فيه عباس ودحلان، وكأن غرضهما المشترك التقرب إلى طرف ثالث بتأكيد عدائهما لحماس واتهام الآخر بالتقارب معها، فكل واحد منهما اتهم الآخر بالتواطؤ مع حماس في إتمام عملية الحسم في غزة عام 2007، والأمر ذاته انسحب على الاتهامات المتبادلة حول التورط في اغتيال عرفات، فكل واحد منهما يرى الآخر محلّ شبهة واتهام فيها!
لكن الأمر الذي ينبغي التوقف عنده هنا، هو البحث في دوافع سلطة الانقلاب في مصر للانحياز لدحلان دون عباس، وفتحها منابرها الإعلامية له لتلميعه وتشويه عباس، دون الاكتراث بتبعات الإهانات والاتهامات الموجهة لعباس صاحب الموقع الرسمي في السلطة.
وإن كان ما تردد في الإعلام قبل مدة صحيحاً حول طلب السيسي من عباس التصالح مع دحلان، فلا شك أن الأمر له أبعاد معينة لدى السيسي أهمها محاولة الاستقواء بدحلان صاحب النفوذ المعروف في غزة وإعادته لحضن فتح على أمل الاستفادة منه في الإطاحة بحكم حماس في غزة، وهو المخطط الذي لا تخفي سلطة الانقلاب ولا أنظمة خليجية داعمة لها ترتيبها له.
فسلطة الانقلاب المصابة بهوس اجتثاث الإخوان من كل مكان تطاله يد بطشها لن تكون معنية برعاية ملف المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، إنما ستركز جهدها على تقوية الخصم الأبرز لحماس داخل فتح (دحلان) ومنحه الغطاء الحركي ليكون قوّتها الضاربة، فيما لا يملك هو سوى تبني كامل موقف سلطة الانقلاب وحلفائها من الإخوان وحماس، وإشهار سيف العداء السافر في وجههما، والمشاركة في وصلات الردح ضدهما.
على الصعيد الفتحاوي، فلعلّ هذا الخلاف الحاسم بين الرجلين هو العاصفة الأشد التي مرت بفتح، والتي لن تلبث أن تترك آثارها على واقع الحركة وتماسكها، ذلك أن الخلاف هنا، وإن كانت منطلقاته شخصية، إلا أنه في جوهره خلاف بين تيارين، فيما سيبقى هناك تيار ثالث سينحاز للأقوى أو لصاحب السلطة وشاغل موقع قيادتها لارتباط مصالحه به.
وهذا الأمر سيسهم في إضعاف الروح المعنوية لدى قاعدة حركة فتح الجماهيرية، حتى وإن لم تبرز تجليات واضحة لذلك، لكن ركام الاتهامات الخطيرة التي تبادلها الرجلان حول القضايا نفسها ستترك أثرها البالغ على منسوب الانتماء لفتح التي تقزمت حتى انحصرت خياراتها القيادية بين عباس ودحلان.
عباس من جهته لن يتوقّف حتى يجتثّ كل جذور وبقايا دحلان داخل حركة فتح ومؤسسات السلطة الأمنية، فيما سيمعن الأخير في عدائه لعباس مستقوياً بالأنظمة العربية التي تدعمه واعتقاده بأنه سيكون خياراً مقبولاً أمريكياً بعد عباس، وإن ادعى غير ذلك، فإن كان عباس يمارس التنازل انطلاقاً من قناعاته التي حملها منذ تأسيس فتح فإن دحلان يدفعه شرهه للسلطة والمناصب والشهرة للتحول إلى مرتزق ومأجور عند من يمكنه من ذلك.
ولا يبدو أن حركة فتح ستكون قادرة على المدى القريب على بلورة اتجاه وسط بين الرجلين وبعيد عن حالة الاستقطاب هذه، ولعلّ عباس قد دقّ المسمار الأول في نعش تماسك الحركة حين قال إن من سيختار دحلان سيكون خارج الحركة، وهو ما يعني إخراج مؤيديه في غزة (وهم تيار غير قليل) من دائرة الاعتبار الفتحاوي، والإصرار على المضي في هذه المعركة حتى نهايتها مهما كانت التبعات.
لمى خاطر
في رده على اتهامات محمود عباس، لم تكن ثمة أهمية لسيل الاتهامات المضادة التي وجهها دحلان بدوره لعباس، ذلك أن بازار الكذب يُفتح على مصراعيه في الصراع على إثبات البراءة وشيطنة الخصوم، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالتشبث بالمناصب العليا أو التطلع لها.
والأمر ذاته ينطبق على تلفيق التهم لحركة حماس وجماعة الإخوان، وهو أمر اشترك فيه عباس ودحلان، وكأن غرضهما المشترك التقرب إلى طرف ثالث بتأكيد عدائهما لحماس واتهام الآخر بالتقارب معها، فكل واحد منهما اتهم الآخر بالتواطؤ مع حماس في إتمام عملية الحسم في غزة عام 2007، والأمر ذاته انسحب على الاتهامات المتبادلة حول التورط في اغتيال عرفات، فكل واحد منهما يرى الآخر محلّ شبهة واتهام فيها!
لكن الأمر الذي ينبغي التوقف عنده هنا، هو البحث في دوافع سلطة الانقلاب في مصر للانحياز لدحلان دون عباس، وفتحها منابرها الإعلامية له لتلميعه وتشويه عباس، دون الاكتراث بتبعات الإهانات والاتهامات الموجهة لعباس صاحب الموقع الرسمي في السلطة.
وإن كان ما تردد في الإعلام قبل مدة صحيحاً حول طلب السيسي من عباس التصالح مع دحلان، فلا شك أن الأمر له أبعاد معينة لدى السيسي أهمها محاولة الاستقواء بدحلان صاحب النفوذ المعروف في غزة وإعادته لحضن فتح على أمل الاستفادة منه في الإطاحة بحكم حماس في غزة، وهو المخطط الذي لا تخفي سلطة الانقلاب ولا أنظمة خليجية داعمة لها ترتيبها له.
فسلطة الانقلاب المصابة بهوس اجتثاث الإخوان من كل مكان تطاله يد بطشها لن تكون معنية برعاية ملف المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، إنما ستركز جهدها على تقوية الخصم الأبرز لحماس داخل فتح (دحلان) ومنحه الغطاء الحركي ليكون قوّتها الضاربة، فيما لا يملك هو سوى تبني كامل موقف سلطة الانقلاب وحلفائها من الإخوان وحماس، وإشهار سيف العداء السافر في وجههما، والمشاركة في وصلات الردح ضدهما.
على الصعيد الفتحاوي، فلعلّ هذا الخلاف الحاسم بين الرجلين هو العاصفة الأشد التي مرت بفتح، والتي لن تلبث أن تترك آثارها على واقع الحركة وتماسكها، ذلك أن الخلاف هنا، وإن كانت منطلقاته شخصية، إلا أنه في جوهره خلاف بين تيارين، فيما سيبقى هناك تيار ثالث سينحاز للأقوى أو لصاحب السلطة وشاغل موقع قيادتها لارتباط مصالحه به.
وهذا الأمر سيسهم في إضعاف الروح المعنوية لدى قاعدة حركة فتح الجماهيرية، حتى وإن لم تبرز تجليات واضحة لذلك، لكن ركام الاتهامات الخطيرة التي تبادلها الرجلان حول القضايا نفسها ستترك أثرها البالغ على منسوب الانتماء لفتح التي تقزمت حتى انحصرت خياراتها القيادية بين عباس ودحلان.
عباس من جهته لن يتوقّف حتى يجتثّ كل جذور وبقايا دحلان داخل حركة فتح ومؤسسات السلطة الأمنية، فيما سيمعن الأخير في عدائه لعباس مستقوياً بالأنظمة العربية التي تدعمه واعتقاده بأنه سيكون خياراً مقبولاً أمريكياً بعد عباس، وإن ادعى غير ذلك، فإن كان عباس يمارس التنازل انطلاقاً من قناعاته التي حملها منذ تأسيس فتح فإن دحلان يدفعه شرهه للسلطة والمناصب والشهرة للتحول إلى مرتزق ومأجور عند من يمكنه من ذلك.
ولا يبدو أن حركة فتح ستكون قادرة على المدى القريب على بلورة اتجاه وسط بين الرجلين وبعيد عن حالة الاستقطاب هذه، ولعلّ عباس قد دقّ المسمار الأول في نعش تماسك الحركة حين قال إن من سيختار دحلان سيكون خارج الحركة، وهو ما يعني إخراج مؤيديه في غزة (وهم تيار غير قليل) من دائرة الاعتبار الفتحاوي، والإصرار على المضي في هذه المعركة حتى نهايتها مهما كانت التبعات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية