أبو جهاد والرنتيسي.. أول حجر وأول رصاصة ... بقلم : غسان الشامي

الأربعاء 17 أبريل 2013

أبو جهاد والرنتيسي.. أول حجر وأول رصاصة

غسان الشامي

يختلف نهج الحياة ومسارها مع هؤلاء القادة الكبار، وطبيعتها أيضا تختلف عند هؤلاء الرجال الذين نذروا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل تحرير أرض فلسطين وتلخصت حياتهم في مقولة " من نذر نفسه لخدمة دينه فسيعيش متعبا ولكن سيحيا كبيرا ويموت كبيرا ويبعث كبيرا والحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيل الله..من عاصر هؤلاء الرجال وجالسهم يتعلم الكثير من فكرهم الثوري وإيمانهم العميق بالمقاومة المسلحة لتحرير الأرض الفلسطينية من دنس المحتل الغاشم، ويشعر أن الحياة معهم لها طريق خاص معبد بالصخور والعقبات ورائحة السلاح، وقد اختصروا الحياة بكلمات وأسطر من الرصاص والبنادق وأنغام الحرية، وكانوا في كل الميادين تجدهم في ميدان السلاح وميدان الثورة وميدان الفداء والتضحية والدعوة وغيرها من ميادين العمل الثوري والكفاح المسلح.

في هذه الأيام تمر علينا ذكريات استشهاد عدد من قيادات ومفكري الثورة الفلسطينية التي كان لها حضور مميز على خارطة العمل الثوري الفلسطيني، وفي هذا المقال نعيش لحظات قليلة من أصحاب الحضور والإبداع والتميز الحركي والفكري والثوري نحيا قليلا مع أصحاب النضال والرايات العالية والهامات الشامخات والجنود الأوائل في جيش الدفاع الفلسطيني، إنهم سطروا بدمائهم الطاهرة الزكية ملامح النصر والتحرير والجهاد والمقاومة، وفي حياتهم عناصر كيمياء مختلفة مكوناتها الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني والتاريخ والثورة الفلسطينية.. عاشوا أيامهم ودقائق حياتهم بين الثوار وخنادق الثورة وعلى الجبال وفي ميادين القتال وعلى جبهات القتال الأولى دفاعا عن أرض فلسطين.. نتحدث في هذا المقال عن القائد الفلسطيني المظفر أبو جهاد خليل الوزير الذي استشهد في 16/4/1988م، والقائد الفلسطيني المظفر المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أسد فلسطين وصقر المقاومة، هم قيادات جهادية فلسطينية كبيرة تخجل أقلامنا وكلماتنا من الحديث في حضرة عطائهم وعزيمتهم الشماء وتضحياتهم الجسام فقد حملوا أرواحهم على أكفهم وباعوا نفوسهم رخيصة في سبيل الله، وجعلوا من حياتهم جسرا يعبر عليه الثائرون والأحرار والأبرار نحو تحرير أرض فلسطين..

لقد كانت حياة القائد أبو جهاد الوزير نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، مليئة بالعمل والجهاد والعطاء، وكان المطلوب الأول للكيان الصهيوني وقامت المخابرات الصهيونية بتكثيف جهودها وحملاتها وخططها وتجنيد الكثير من عملائها من أجل اغتياله والقضاء عليه، وكان القائد الفلسطيني أبو جهاد صاحب فكر ثوري مميز، ساهم مع رفاقه في قيادة قوات الثورة الفلسطينية و التصدي لقوات الجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة بالأردن في 21/3/1968م كما عمل في عام 1971م في عمليات إعادة البناء وتدريب المقاتلين الفلسطينيين والتحضير للعمليات الفدائية، وبعد اغتيال "إسرائيل " للقائد الفلسطيني كمال عدوان في العاشر من ابريل عام 1973م في بيروت تولى "أبو جهاد"مسؤولية القطاع الغربي " الأرض المحتلة" في" فتح"، وخلال توليه المسؤولية خطط لعدد كبير من العمليات الفدائية وأشرف على تنفيذها، منها عملية فندق (سافوي) في (تل أبيب) وعملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس في العام 1975م، وعملية قتل البرت ليفي كبير خبراء المتفجرات الإسرائيليين و مساعده في نابلس عام 1976، وعملية الساحل "الشاطئ" بقيادة دلال المغربي في العام 1978م، وغيرها من العمليات العسكرية كما كان على تواصل دائم مع قيادات وأركان العمل العسكري في منظمة التحرير الفلسطينية إلى أن استشهد في 16/4/1988م.

أما القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أسد فلسطين الهصور فقد كان طبيبا وشاعرا وقائدا عسكريا، حمل الهم الجهادي والدعوي منذ صغره وكان همه الكبير تحرير أرض فلسطين من العدو الصهيوني من أقواله المأثورة " أرض فلسطين جزء من الإيمان، وقد أعلنها الخليفة عمر بن الخطاب أرضا للمسلمين قاطبة ولا يحق لفرد أو جماعة بيعها أو إهداؤها و " سننتصر يا بوش..سننتصر يا شارون وستعلمون غدا ذلك بإذن الله، فكتائب القسام ستزلزلكم في حيفا وعكا وستضربكم في (تل أبيب)" وقد تحققت مقولة الشهيد الرنتيسي في هذه الأيام حيث ضربت كتائب القسام المظفرة العدو الصهيوني في "تل أبيب " التي كان يطلق عليها الرنتيسي رحمه الله "تل الربيع ".المعادلة عند القائد المجاهد الدكتور الرنتيسي مختلفة عن المعادلة عن المفاوض الفلسطيني ولا مقارنة بين الاثنين ولكن القائد الرنتيسي كان ينطلق في العمل الدعوي والحركي من فكر صواريخ القسام، والصواريخ التي طورت حتى استطاعت تحقيق المعادلة الصعبة وفرض قوة المقاومة على الأرض وقصفت المغتصبات الصهيونية في " تل أبيب " والتي كان القائد الرنتيسي يسميها باسمها الحقيقي " تل الربيع "، الكلمات لا تفي حق المجاهد الكبير الدكتور الرنتيسي، وفي هذا المقال سأكتفي بذكر عدد من المواقف سجلتها الذاكرة الفلسطينية، فقد كان القائد الرنتيسي على رأس المؤسسين الكبار الذين اتخذوا قرار انطلاقة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي عام87 بعد حادثة المقطورة ودهس مستوطن لسبعة عمال فلسطينيين داخل الأرض المحتلة عام48، - كما ساهم في تأسيس التنظيم الإخواني في فلسطين المحتلة حركة المقاومة الإسلامية حماس التي انطلقت في 14/12/ 1987 م.

وقد سجل التاريخ الفلسطيني موقفا للمجاهد الرنتيسي عندما أعلن عن رفضه القاطع للقرار الصهيوني بإبعاد 417 من قيادات حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور في شهر ديسمبر 1992م، حيث قال وقتها "إما العودة أو الشهادة"، وكان صاحب قرار عدم اجتياز الحدود اللبنانية والبقاء في المنطقة الحدودية رغم المخاطر المحدقة به، كما تعرض القائد الرنتيسي لعدد من محاولات الاغتيال الإسرائيلية ففي العاشر من حزيران (يونيو) 2003م نجا أسد فلسطين من محاولة اغتيالٍ صهيونية جبانة، حيث استشهد أحد مرافقيه و عددٌ من المارة بينهم طفلة، وبعد استشهاد الإمام الشيخ أحمد ياسين في عملية اغتيال اختارت حماس القائد الدكتور الرنتيسي زعيما للحركة، خلفاً للزعيم الشهيد الشيخ أحمد ياسين، وفي 17 نيسان (أبريل) 2004م ارتقى القائد الرنتيسي شهيدا في عملية اغتيال له في مدينة غزة، ليختم حياة حافلة بالجهاد بالشهادة

هي كلمات قليلة في حق القيادات الكبيرة أمثال القائد الفلسطيني أبو جهاد والقائد الفلسطيني المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وخلفهم الكثير الكثير من قيادات العمل العسكري الفلسطيني الذين ساروا على نفس النهج والطريق في العمل النضالي الفلسطيني وحافظوا على برنامج الثوابت الوطنية والثورية خلال عملهم.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية