أردوغان واقتراب موعد زيارته إلى غزة
جمال أبو ريدة
مع اقتراب نهاية الشهر الحالي (مايو/2013م)، تقترب غزة أكثر مع موعد زيارة رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان"، وهي الزيارة التي إن تمت في موعدها، فإنها ستحمل الكثير من الرسائل السياسية المهمة إلى الأطراف جميعًا في المنطقة العربية، بل وفي العالم أجمع، أهمها شرعية الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، وهو الأمر الذي حاولت بل حاربت الكثير من الأطراف في المنطقة، وفي مقدمتها السلطة الفلسطينية على نزعه، ولعل الحصار (الإسرائيلي) الظالم المفروض على غزة منذ منتصف العام 2007م، ومن ثم العدوان (الإسرائيلي) الأول في العام 2008م، والثاني في العام 2012م، كانت جميعًا من أجل الوصول إلى هذه الغاية "السوداء"، ولكن كل هذه السياسات العدوانية فشلت فشلاً ذريعًا في تحقيق أهدافها، وظلت الحكومة الفلسطينية في غزة قائمة إلى يومنا هذا، بل وحققت في السنوات السبع الماضية الكثير من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الأمر الذي أقنع الكثير من الأطراف العربية والإسلامية بخطأ مقاطعتها للحكومة في غزة، وأن الواجب عليها استدراك هذا الخطأ بالمسارعة في زيارة غزة، والاعتراف بشرعية حكومة رئيس الوزراء هنية.
ولعل من المفيد القول إن زيارة "أردوغان" إلى غزة نهاية الشهر الحالي، لن تكون كبقية الزيارات الكثيرة التي تمت إلى غزة حتى الآن، وتحديدًا زيارة أمير قطر حمد بن جاسم، فقطر من وجهة نظر السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" معًا، متهمة بالعمل ضدهما، وذلك من خلال الاقتراب أكثر من حكومة رئيس الوزراء هنية، عبر تقديم يد العون والمساعدة لها، وبغض النظر عن صحة هذا القول من عدمه، فإن السلطة وحركة "فتح" معًا هذه المرة لن تستطيعا توجيه هذه الاتهامات إلى تركيا، الدولة الإسلامية الصاعدة سياسيًا واقتصاديًا، والتي زارها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، لكسبها إلى صفه في مواجهة حركة "حماس"، وبالتأكيد كان موضوع الزيارة على جدول أعمال الرئيس عباس في الزيارات الأخيرة على وجه التحديد، وتأكيد "أردوغان" على الزيارة بعد كل هذه الزيارات لرئيس السلطة لأنقرة، له تفسير واحد وهو عدم صوابية موقف السلطة من الزيارة، أنها تعزز الانقسام الفلسطيني، وأن الوقت قد حان لتصحيح هذا الخطأ القاتل، الذي لا تزال السلطة الفلسطينية بشكل عام، والرئيس محمود عباس شخصياً مقتنعين به.
ويمكن القول إن هناك أسباباً عدة وراء إصرار "أردوغان" على زيارة غزة نهاية الشهر الحالي، رغم كثرة التدخلات الإقليمية والدولية لثنيه عنها، أولها –في حدود علمي- الرغبة التركية في العودة إلى المنطقة العربية من بوابة غزة، بعدما غابت تركيا قسرًا عن المنطقة طوال المائة عام الماضية، وهي المنطقة التي كانت أحد أهم مكونات الدولة العثمانية لما يقارب الأربعمائة عام، ولا أعتقد أن هناك قيادة تركية تستحضر هذا التاريخ العريق لها في المنطقة العربية، يمكن لها أن تخضع لمزاج أحد من أطراف المؤامرة على حركة "حماس"، وهي الأطراف التي ذهبت إلى استخدام "الفزاعة" الأمريكية لثني "أردوغان" عن الزيارة، وهو الأمر الذي حمله وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" في زيارته إلى أنقرة، ولكن الرد التركي كان واضحا وهو عدم القبول بالتدخل الخارجي في السياسة التركية مطلقاً، وأن تركيا وحدها هي التي تحدد من تزور من عدمه، ويبدو أن هذه الرسالة قد وصلت إلى الإدارة الأمريكية بشكل واضح ولاقت قبولها، عكس ما يعتقد البعض من الحكام العرب الذين لا يزالون إلى يومنا هذا يسبحون بحمد أمريكا ويشكرون.
وإن كان هناك ما يبرر لـ(إسرائيل) الضغط على الإدارة الأمريكية لممارسة ضغوطاتها على "أردوغان" لتأجيل زيارته إلى غزة، وذلك حتى استجابة حركة "حماس" لشروط الرباعية الدولية، فإنه من غير المبرر أن يكون تأجيل الزيارة هو مطلب السلطة الفلسطينية أيضاً، ولكن هذه المرة بحجة أن الزيارة تعزز الانقسام الفلسطيني، وغاب عن السلطة أن تحريضها المستمر ضد حكومة رئيس الوزراء هنية كان سبباً رئيساً في العدوان (الإسرائيلي) على غزة نهاية العام 2008م، وهو العدوان الذي أزهق أرواح ما يقارب 1500 فلسطيني، عدا الدمار والخراب الذي لحق بكل شيء في غزة، ولا يزال يشهد على همجية (إسرائيل)، وهذا التحريض في اعتقادي يبقى أحد أهم أسباب استمرار الانقسام الفلسطيني، واستحضار هذا التحريض كل مرة من شأنه أن يصب الزيت على نار الانقسام، وأعتقد أن ترحيب السلطة الفلسطينية بزيارة "أردوغان" إلى غزة من شأنه أن يكون نافذة حقيقية في البدء في طي صفحة الانقسام رويداً، كيف لا، وهذه الزيارة تؤرق حكومة (إسرائيل)، لأن من شأنها ملامسة "أردوغان" معاناة سكان غزة عن قرب، وأن يقف شاهداً على حجم الدمار الذي لحق بغزة بسبب العدوانين (الإسرائيليين)، وقبل ذلك الحصار (الإسرائيلي) الظالم ضدهم، وهو الحصار الذي اشترطت تركيا رفعه بالكامل عن غزة، كواحد من شروطها التي اشترطتها لإغلاق ملف المجزرة (الإسرائيلية) بحق المتضامنين الأتراك على متن سفينة التضامن التركية "مرمرة"، وذلك بتاريخ 31/5/2010م.
ويبقى السؤال المهم الذي يراود المتابع للشأن السياسي الفلسطيني، هو: ما الذي يضير السلطة الفلسطينية أن يزور "أردوغان" غزة نهاية الشهر الحالي، للوقوف شخصيًا على معاناة ما يقارب مليوني فلسطيني هم سكان غزة، إلا إذا كانت شريكة في الحصار على غزة جنبًا إلى جنب (إسرائيل)، وتعمل على إبقائه عقوبة لسكان غزة جميعاً على تصويتهم لحركة "حماس" في الانتخابات التشريعية في العام 2006، وهي الانتخابات التي فازت فيها حركة "حماس" بغالبية مقاعد المجلس التشريعي، على حساب حركة "فتح" التي لا تزال تعاني مرارة الهزيمة حتى يومنا هذا، رغم مرور ثماني سنوات عليها.
جمال أبو ريدة
مع اقتراب نهاية الشهر الحالي (مايو/2013م)، تقترب غزة أكثر مع موعد زيارة رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان"، وهي الزيارة التي إن تمت في موعدها، فإنها ستحمل الكثير من الرسائل السياسية المهمة إلى الأطراف جميعًا في المنطقة العربية، بل وفي العالم أجمع، أهمها شرعية الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، وهو الأمر الذي حاولت بل حاربت الكثير من الأطراف في المنطقة، وفي مقدمتها السلطة الفلسطينية على نزعه، ولعل الحصار (الإسرائيلي) الظالم المفروض على غزة منذ منتصف العام 2007م، ومن ثم العدوان (الإسرائيلي) الأول في العام 2008م، والثاني في العام 2012م، كانت جميعًا من أجل الوصول إلى هذه الغاية "السوداء"، ولكن كل هذه السياسات العدوانية فشلت فشلاً ذريعًا في تحقيق أهدافها، وظلت الحكومة الفلسطينية في غزة قائمة إلى يومنا هذا، بل وحققت في السنوات السبع الماضية الكثير من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الأمر الذي أقنع الكثير من الأطراف العربية والإسلامية بخطأ مقاطعتها للحكومة في غزة، وأن الواجب عليها استدراك هذا الخطأ بالمسارعة في زيارة غزة، والاعتراف بشرعية حكومة رئيس الوزراء هنية.
ولعل من المفيد القول إن زيارة "أردوغان" إلى غزة نهاية الشهر الحالي، لن تكون كبقية الزيارات الكثيرة التي تمت إلى غزة حتى الآن، وتحديدًا زيارة أمير قطر حمد بن جاسم، فقطر من وجهة نظر السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" معًا، متهمة بالعمل ضدهما، وذلك من خلال الاقتراب أكثر من حكومة رئيس الوزراء هنية، عبر تقديم يد العون والمساعدة لها، وبغض النظر عن صحة هذا القول من عدمه، فإن السلطة وحركة "فتح" معًا هذه المرة لن تستطيعا توجيه هذه الاتهامات إلى تركيا، الدولة الإسلامية الصاعدة سياسيًا واقتصاديًا، والتي زارها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، لكسبها إلى صفه في مواجهة حركة "حماس"، وبالتأكيد كان موضوع الزيارة على جدول أعمال الرئيس عباس في الزيارات الأخيرة على وجه التحديد، وتأكيد "أردوغان" على الزيارة بعد كل هذه الزيارات لرئيس السلطة لأنقرة، له تفسير واحد وهو عدم صوابية موقف السلطة من الزيارة، أنها تعزز الانقسام الفلسطيني، وأن الوقت قد حان لتصحيح هذا الخطأ القاتل، الذي لا تزال السلطة الفلسطينية بشكل عام، والرئيس محمود عباس شخصياً مقتنعين به.
ويمكن القول إن هناك أسباباً عدة وراء إصرار "أردوغان" على زيارة غزة نهاية الشهر الحالي، رغم كثرة التدخلات الإقليمية والدولية لثنيه عنها، أولها –في حدود علمي- الرغبة التركية في العودة إلى المنطقة العربية من بوابة غزة، بعدما غابت تركيا قسرًا عن المنطقة طوال المائة عام الماضية، وهي المنطقة التي كانت أحد أهم مكونات الدولة العثمانية لما يقارب الأربعمائة عام، ولا أعتقد أن هناك قيادة تركية تستحضر هذا التاريخ العريق لها في المنطقة العربية، يمكن لها أن تخضع لمزاج أحد من أطراف المؤامرة على حركة "حماس"، وهي الأطراف التي ذهبت إلى استخدام "الفزاعة" الأمريكية لثني "أردوغان" عن الزيارة، وهو الأمر الذي حمله وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" في زيارته إلى أنقرة، ولكن الرد التركي كان واضحا وهو عدم القبول بالتدخل الخارجي في السياسة التركية مطلقاً، وأن تركيا وحدها هي التي تحدد من تزور من عدمه، ويبدو أن هذه الرسالة قد وصلت إلى الإدارة الأمريكية بشكل واضح ولاقت قبولها، عكس ما يعتقد البعض من الحكام العرب الذين لا يزالون إلى يومنا هذا يسبحون بحمد أمريكا ويشكرون.
وإن كان هناك ما يبرر لـ(إسرائيل) الضغط على الإدارة الأمريكية لممارسة ضغوطاتها على "أردوغان" لتأجيل زيارته إلى غزة، وذلك حتى استجابة حركة "حماس" لشروط الرباعية الدولية، فإنه من غير المبرر أن يكون تأجيل الزيارة هو مطلب السلطة الفلسطينية أيضاً، ولكن هذه المرة بحجة أن الزيارة تعزز الانقسام الفلسطيني، وغاب عن السلطة أن تحريضها المستمر ضد حكومة رئيس الوزراء هنية كان سبباً رئيساً في العدوان (الإسرائيلي) على غزة نهاية العام 2008م، وهو العدوان الذي أزهق أرواح ما يقارب 1500 فلسطيني، عدا الدمار والخراب الذي لحق بكل شيء في غزة، ولا يزال يشهد على همجية (إسرائيل)، وهذا التحريض في اعتقادي يبقى أحد أهم أسباب استمرار الانقسام الفلسطيني، واستحضار هذا التحريض كل مرة من شأنه أن يصب الزيت على نار الانقسام، وأعتقد أن ترحيب السلطة الفلسطينية بزيارة "أردوغان" إلى غزة من شأنه أن يكون نافذة حقيقية في البدء في طي صفحة الانقسام رويداً، كيف لا، وهذه الزيارة تؤرق حكومة (إسرائيل)، لأن من شأنها ملامسة "أردوغان" معاناة سكان غزة عن قرب، وأن يقف شاهداً على حجم الدمار الذي لحق بغزة بسبب العدوانين (الإسرائيليين)، وقبل ذلك الحصار (الإسرائيلي) الظالم ضدهم، وهو الحصار الذي اشترطت تركيا رفعه بالكامل عن غزة، كواحد من شروطها التي اشترطتها لإغلاق ملف المجزرة (الإسرائيلية) بحق المتضامنين الأتراك على متن سفينة التضامن التركية "مرمرة"، وذلك بتاريخ 31/5/2010م.
ويبقى السؤال المهم الذي يراود المتابع للشأن السياسي الفلسطيني، هو: ما الذي يضير السلطة الفلسطينية أن يزور "أردوغان" غزة نهاية الشهر الحالي، للوقوف شخصيًا على معاناة ما يقارب مليوني فلسطيني هم سكان غزة، إلا إذا كانت شريكة في الحصار على غزة جنبًا إلى جنب (إسرائيل)، وتعمل على إبقائه عقوبة لسكان غزة جميعاً على تصويتهم لحركة "حماس" في الانتخابات التشريعية في العام 2006، وهي الانتخابات التي فازت فيها حركة "حماس" بغالبية مقاعد المجلس التشريعي، على حساب حركة "فتح" التي لا تزال تعاني مرارة الهزيمة حتى يومنا هذا، رغم مرور ثماني سنوات عليها.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية