أريد 50 ألف دينار وليست ثمناً لطفلي
كتب د. عطا الله أبو السبح
يجب أن يأتينا أكبر عدد من الوجهاء ، حار الشيخ أبو بلال ، ولكنه اهتدى إلى أن يملأ حافلة من المصلين ومن يلبي رجاءه بالذهاب ضمن ( الجاهة) يجب أن يكون من بينهم ثلاثة كفلاء ماليين ليضمنوا الحق الذي نطلبه !! حار أبو بلال ثانية .. من أين سيأتي بهم ؟ ولكنه اهتدى أن يتوجه بالرجاء من الأثرياء ممن يعرفهم ، أو ممن دله عليهم بعض العارفين ببواطن الأمور ... لم تتوقف أصابعه عن الضرب على أرقام ( محموله ) ذي الكشاف.
ابتسم بحسرة .. لم يجب طلبه أحد !! ثم ضحك : فعلا كان المحمول ( كشافا ) !! عقارب الساعة تجري كلص هارب ويعدو خلفه ألف طالب .. وفي اللحظات الأخيرة يستمع لنصيحة جاره ( وكِّلها لله )... وهناك... حيث ديوان عائلة أبي علي ستجد أولاد الحلال الذين سيقيلون عثرتك !! وسيدبرها ربك .. سارت الحافلة ببطء لازدحامها (بالوجهاء ) في أزقة ومتعرجات ومطبات ..
استقبلها أبو علي وعشرات آخرون .. نظر الجار فيمن حوله لم يجد الشيخ .. سمّ الله وحمده وأثنى عليه وعلى النبي الأكرم - عليه السلام – ثم قال : نحن ...... حتى وصل إلى : نحن جمال ( جمع : جمل ) فحمّلوا علينا .. وانتقى كلمات فيها من الحكمة والرقة والإقرار بالخطأ .. أخذ أبو علي في شرح الواقعة : لقد دهس (x) الطفل البالغ من العمر سنتين ، حطم رأسه ؛ تناوله .. ذهب به إلى المستشفى ليفارق الطفل الحياة على بوابته قبل الدخول ..يعود به إلى أهله ويقدم واجب العزاء ، ثم يخبرهم أن سيارة ( ما ) قد دهسته وأعطى أوصافا لها .. استنفرنا شبابنا .. استوقفوا كل السيارات ذات الأوصاف .. حتى عثر شرطي على قطعة من جلد رأس المغدور على سيارته، ولا يزال عليها شعره ، لم يعترف وأمعن في تضليله !! لذا فإننا نطلب 50 ألف دينار لنعطيكم ( عطوة ) لخمسة أيام ...
تعالت الأصوات .. لأ يوم .. بل يومين !! تحدث بعد أن استهول الرقم مع قلة الأيام ، متوسلا التخفيف وزيادة الأيام ، ارتفع صوت أبي علي : أين الكفلاء الثلاثة ، وجد نفسه وقد رفع يده قائلا : أنا أحدهم !! ودارت عيناه باحثا عن الثاني، رفع أبو بلال يده .. ثم أخذ يبحث عن الثالث فلم يعثر عليه أبدا .. أحجم الجميع عن الضمان !! اضطر أن يرفع يده مرة ثانية !! أنا الثالث !! فتعالت الأصوات : لا يصح !! قال : بل يصح... أضمن ثلثي حقك ، وأخي يضمن الثلث الثالث ... انحبست أنفاس الجميع تنتظر قبول أبي علي الذي جاء متأخرا .. طلب أحد الحضور : ريّح الجاهة ( أي امنحهم الراحة ) خصم أبو علي 10 آلاف دينار لله وللنبي ( صلـى الله عليه وسلم) ، ثم مثلها للجاهة ، بقي ثلاثون ، رفض أحد المثقفين التنازل عن أي شيء من الثلاثين .. فانبرى ضابط بخطبة أثارت الأسى والألم ... أبو علي لم يفقد إنسانيته ولا حكمته... أجاب طلب الجاهة ، ومدد العمار لعشرة أيام .. ثم الاحتكام – بعدها- للشرع .. مرت دقائق كرياح السموم العاصفة... وأكثر من سؤال يلح :
لماذا أخفى السائق فعلته ؟ ولماذا لم يقل الحقيقة عندما جاء بالجثة لذويه ؟
لماذا هذا الطلب المخيف ( 50 ألف دينار ) ، نعم إن مال الدنيا لا يساوي قطعة من جسده ، ولكن ما نقول في حكمة الله إلا الرضا بها، والبراءة من الحول والقوة إلا له، ثم الإنابة والرجوع إليه ؟
ثم هناك واجب يلح بالشكر الجزيل لأبي علي وعائلته التي تعالت على أحزانها وصبرت واحتسبت
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية