النائب فتحي قرعاوي
الاعتقال السياسي على خلفية فصائلية لم يتوقف لحظة منذ تشكيل حكومة السيد سلام فياض والتي جاءت بعد الانقسام وان كان لم يتوقف بشكل أو بآخر منذ قدوم السلطة الفلسطينية، فالاعتقالات في عام 1996م قد شملت معظم قيادات الضفة الغربية وقطاع غزة سواء من كان منها قيادات في العمل السياسي أو العمل الاجتماعي والجماهيري وحتى الشخصيات الاعتبارية.
لقد استوعبت الحركة الإسلامية الاعتقالات السياسية عند قدوم السلطة في رسالة للسلطة في تلك الفترة هي أننا ربما نقدر حجم الضغوطات التي تمارس عليها، إلا أن تلك السلطة في ذلك الوقت استغلت هذا الصبر وهذا الفهم والانضباط وبعد النظر فأمعنت في سياسة الاعتقال السياسي التي شملت كل أنحاء الوطن، ولم ينجو منه أئمة مساجد أو أساتذة جامعات او اسري محررون أو رؤساء لجان وعمل خيري، واذكر أن بعض أساتذة الجامعات كان طلابهم من أصحاب الدراسات العليا يزورونهم في سجون السلطة لتنسيق عملية إتمام رسائل الماجستير.
لقد اعتقل في تلك الفترة ابرز قيادات فلسطين كالشيخ حامد البيتاوي والشيخ محمود مصلح والمرحوم الأستاذ ناجي صبحه والجمالين منصور وسليم وحسن يوسف والعشرات وربما المئات، إلا أن انطلاق الانتفاضة الثانية ( انتفاضة الأقصى ) كان من الأسباب المباشرة لإطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين والذين ابلغوا حينها أنكم ضيوف ونحن سنقوم بحمايتكم، إلا أن قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بقصف مقار السلطة خاصة السجون جعل السلطة تطلق سراحهم، ورغم ذلك لم يحصل في تلك الفترة سحق عظام ولا إحداث عاهات مستديمة ولا حالات وفاة ولا شبح متواصل وتعذيب مستمر إلا في الحدود الدنيا كما حصل في فترة ما بعد الانقسام.
إن الاعتقالات التي تلت الانقسام كانت بشكل ممنهج أخذت طابع الاجتثاث والتطهير العرقي الذي سمي بسياسة تجفيف المنابع وكان بمثابة الطعنة النجلاء في خاصرة الشعب الفلسطيني والتي ما زالت نازفة راعفة، لقد أحدثت الاعتقالات السياسية شرخا واضحا بيّناً قسّم الشعب الفلسطيني واوجد جرحاً يصعب أن يندمل، هذا الشرخ أصاب النفسيات والمشاعر والقلوب مثلما أصاب الأجساد والجوارح.
لقد عانى الشعب الفلسطيني في أعقاب الانقسام الدامي وما تبع ذلك من أحداث كان من أخطرها استمرار وتيرة الاعتقال السياسي على أتفه الأمور وابسطها لقد تمت محاصرة الوعي والفكر الفلسطيني ومحاسبة الإنسان الفلسطيني حتى على انتمائه، وحصاره نفسيا واشعاره باستمرار انك مراقب ومتابع ومتهم ومحاصر ولقد أدى ذلك إلى ضمور الشعور الوطني وتراجع الحس المقاوم وحشر الإنسان الفلسطيني في زاوية ( أنا أعيش فقط لآكل واشرب ولا يعنيني شيء سوى ذلك ) وهذا ما سعى إليه الاحتلال عندما قال بيرس أكثر من مرة إن حل القضية الفلسطينية يكمن في الحل الاقتصادي والمالي فقط.
لقد أدت هذه الممارسات إلى احتضار الانتماء وبروز حالة ( اللامنتمي ) واضعاف جو الترابط الداخلي حتى الأسري والعائلي، وانتشار ( فقه التبرير ) مثل أن يبرر الأخ اعتقال أخاه أو قريبه أو جاره أو زميله في الأسر تحت شعار ( هذا شغل وهذه أوامر ) أو حتى شعار ( العدو يمكن التعايش معه وهؤلاء لا يمكن اللقاء معهم أو التعايش معهم ) فكم من أخ كان هو المحقق ويسمع صراخ آخيه تحت التعذيب وكأن الأمر لا يعنيه، وهذا أمر خطير له تبعاته. لقد تميزت لقاءات المصالحة بالندية وكأن المتصالحين أطرافا لا يمت بعضها إلى بعض بأي صلة.
إن الانتماء للبلد أو للعائلة أو للعشيرة أو حتى للقرية الواحدة أصبح تراثاً من الماضي وأصبح الانتماء الحقيقي ضربا من ضروب المجازفة أو نوع من البله أو المزايدة في المناسبات أو حتى تهمة تعرض صاحبها للمسائلة.
إن استمرار وتيرة الاعتقال السياسي في ظل حديث جميع الأطراف حتى ما كان يعرف منهم بالمتطرف والمتشدد عن المصالحة والجدية في ذلك يعني شيئا واحدا أن الاعتقال السياسي صار عقدة استعصت على الحل، ودواء ناجعا يستخدمه البعض للضغط على الطرف الآخر أو للتنصل من المصالحة. لقد أصبح الاعتقال السياسي وظيفة يعتاش منها البعض ويقتات عليها الكثير من العائلات، ويطالبون بعلاوات وترقيات وزيادات، ويتخوف الكثير منهم من المصالحة لأنها ستؤدي إلى إقالة عدد كبير منهم ومن ثم ( قطع أرزاقهم ).
إن كثرة الحديث عن هذا الملف وضرورة إغلاق هذا الفصل أصبح من الأحاديث الممجوجة والتي جعلت الإنسان الفلسطيني العادي لا يصدق الأطراف ولا يثق بها، بل صرنا نسمع في الشارع من الناس أن المصالحة غير حقيقية وأنها لن تكون وان ما يجري من لقاءات هنا وهناك انما هو ( ضحك ولعب وغير جدي ) بل والأخطر من ذلك كله تصريحات من أكثر من طرف ومسؤول في السلطة وفي حركة فتح انه لا يوجد معتقلين سياسيين..! إذا على ماذا تتحفظ الأجهزة الأمنية ؟ وعلى أي خلفية تتم الاعتقالات والاستدعاءات والمحاكمات ؟ هل تتم على خلفية المتاجرة بالحشيش أو الممنوعات والمحرمات ؟ أفيدونا مأجورين ونحن والشارع الفلسطيني كله يعرف أن معظمهم طلبة جامعات وأصحاب كفاءات وأهل خلق ويعرف ذلك من يشرف على اعتقالهم.
إن إخضاع ملف الاعتقال السياسي للمفاوضات وإعلان البعض أن هذا الملف صار وراءنا ثم الإعلان أن الرئيس اصدر اوامراه ببدء إطلاق سراحهم ثم الإعلان انه بدئ فعلاً بعملية إطلاق سراح المعتقلين ثم الإعلان انه تم تشكيل لجنة لمعالجة هذا الملف وانها ستنجز مهامها بعد عشرة أيام لهو أمر مخجل ومؤسف ومهين ولعب بالمشاعر ؛ مشاعر الآباء والأمهات والأخوات والزوجات، بل والإنسان الفلسطيني العادي.
لقد فشلنا في المفاوضات مع الاحتلال ولم نحقق أي شيء، ولعل البعض يريد أن يسقط تجربة المفاوضات الفاشلة مع الاحتلال على شعبنا الفلسطيني في ملفات داخلية.
انه إذا لم تتدارك الأطراف خاصة السلطة الفلسطينية ولم تسارع إلى إنهاء هذا الملف حتى لو غضبت كل الدنيا ولو توقفت كل المساعدات المالية فإنها عند ذلك ستفقد شعبها إلى غير رجعة وستكون لذلك عواقب لا تحمد عقباها وستشهد الساحة مزيدا من الإحباط والتمزق والتشرذم، وكلمة نوجهها للمسئولين عن الاعتقال السياسي أن أريحوا هذا الشعب وكونوا صرحاء معه..لاتلعبوا بأعصابه ومشاعره خاصة المعتقلين وذويهم وقولوا لهم أن هذا الملف لا يمكن انجازه وكونوا صرحاء في الكشف عن سبب ذلك.
لقد استوعبت الحركة الإسلامية الاعتقالات السياسية عند قدوم السلطة في رسالة للسلطة في تلك الفترة هي أننا ربما نقدر حجم الضغوطات التي تمارس عليها، إلا أن تلك السلطة في ذلك الوقت استغلت هذا الصبر وهذا الفهم والانضباط وبعد النظر فأمعنت في سياسة الاعتقال السياسي التي شملت كل أنحاء الوطن، ولم ينجو منه أئمة مساجد أو أساتذة جامعات او اسري محررون أو رؤساء لجان وعمل خيري، واذكر أن بعض أساتذة الجامعات كان طلابهم من أصحاب الدراسات العليا يزورونهم في سجون السلطة لتنسيق عملية إتمام رسائل الماجستير.
لقد اعتقل في تلك الفترة ابرز قيادات فلسطين كالشيخ حامد البيتاوي والشيخ محمود مصلح والمرحوم الأستاذ ناجي صبحه والجمالين منصور وسليم وحسن يوسف والعشرات وربما المئات، إلا أن انطلاق الانتفاضة الثانية ( انتفاضة الأقصى ) كان من الأسباب المباشرة لإطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين والذين ابلغوا حينها أنكم ضيوف ونحن سنقوم بحمايتكم، إلا أن قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بقصف مقار السلطة خاصة السجون جعل السلطة تطلق سراحهم، ورغم ذلك لم يحصل في تلك الفترة سحق عظام ولا إحداث عاهات مستديمة ولا حالات وفاة ولا شبح متواصل وتعذيب مستمر إلا في الحدود الدنيا كما حصل في فترة ما بعد الانقسام.
إن الاعتقالات التي تلت الانقسام كانت بشكل ممنهج أخذت طابع الاجتثاث والتطهير العرقي الذي سمي بسياسة تجفيف المنابع وكان بمثابة الطعنة النجلاء في خاصرة الشعب الفلسطيني والتي ما زالت نازفة راعفة، لقد أحدثت الاعتقالات السياسية شرخا واضحا بيّناً قسّم الشعب الفلسطيني واوجد جرحاً يصعب أن يندمل، هذا الشرخ أصاب النفسيات والمشاعر والقلوب مثلما أصاب الأجساد والجوارح.
لقد عانى الشعب الفلسطيني في أعقاب الانقسام الدامي وما تبع ذلك من أحداث كان من أخطرها استمرار وتيرة الاعتقال السياسي على أتفه الأمور وابسطها لقد تمت محاصرة الوعي والفكر الفلسطيني ومحاسبة الإنسان الفلسطيني حتى على انتمائه، وحصاره نفسيا واشعاره باستمرار انك مراقب ومتابع ومتهم ومحاصر ولقد أدى ذلك إلى ضمور الشعور الوطني وتراجع الحس المقاوم وحشر الإنسان الفلسطيني في زاوية ( أنا أعيش فقط لآكل واشرب ولا يعنيني شيء سوى ذلك ) وهذا ما سعى إليه الاحتلال عندما قال بيرس أكثر من مرة إن حل القضية الفلسطينية يكمن في الحل الاقتصادي والمالي فقط.
لقد أدت هذه الممارسات إلى احتضار الانتماء وبروز حالة ( اللامنتمي ) واضعاف جو الترابط الداخلي حتى الأسري والعائلي، وانتشار ( فقه التبرير ) مثل أن يبرر الأخ اعتقال أخاه أو قريبه أو جاره أو زميله في الأسر تحت شعار ( هذا شغل وهذه أوامر ) أو حتى شعار ( العدو يمكن التعايش معه وهؤلاء لا يمكن اللقاء معهم أو التعايش معهم ) فكم من أخ كان هو المحقق ويسمع صراخ آخيه تحت التعذيب وكأن الأمر لا يعنيه، وهذا أمر خطير له تبعاته. لقد تميزت لقاءات المصالحة بالندية وكأن المتصالحين أطرافا لا يمت بعضها إلى بعض بأي صلة.
إن الانتماء للبلد أو للعائلة أو للعشيرة أو حتى للقرية الواحدة أصبح تراثاً من الماضي وأصبح الانتماء الحقيقي ضربا من ضروب المجازفة أو نوع من البله أو المزايدة في المناسبات أو حتى تهمة تعرض صاحبها للمسائلة.
إن استمرار وتيرة الاعتقال السياسي في ظل حديث جميع الأطراف حتى ما كان يعرف منهم بالمتطرف والمتشدد عن المصالحة والجدية في ذلك يعني شيئا واحدا أن الاعتقال السياسي صار عقدة استعصت على الحل، ودواء ناجعا يستخدمه البعض للضغط على الطرف الآخر أو للتنصل من المصالحة. لقد أصبح الاعتقال السياسي وظيفة يعتاش منها البعض ويقتات عليها الكثير من العائلات، ويطالبون بعلاوات وترقيات وزيادات، ويتخوف الكثير منهم من المصالحة لأنها ستؤدي إلى إقالة عدد كبير منهم ومن ثم ( قطع أرزاقهم ).
إن كثرة الحديث عن هذا الملف وضرورة إغلاق هذا الفصل أصبح من الأحاديث الممجوجة والتي جعلت الإنسان الفلسطيني العادي لا يصدق الأطراف ولا يثق بها، بل صرنا نسمع في الشارع من الناس أن المصالحة غير حقيقية وأنها لن تكون وان ما يجري من لقاءات هنا وهناك انما هو ( ضحك ولعب وغير جدي ) بل والأخطر من ذلك كله تصريحات من أكثر من طرف ومسؤول في السلطة وفي حركة فتح انه لا يوجد معتقلين سياسيين..! إذا على ماذا تتحفظ الأجهزة الأمنية ؟ وعلى أي خلفية تتم الاعتقالات والاستدعاءات والمحاكمات ؟ هل تتم على خلفية المتاجرة بالحشيش أو الممنوعات والمحرمات ؟ أفيدونا مأجورين ونحن والشارع الفلسطيني كله يعرف أن معظمهم طلبة جامعات وأصحاب كفاءات وأهل خلق ويعرف ذلك من يشرف على اعتقالهم.
إن إخضاع ملف الاعتقال السياسي للمفاوضات وإعلان البعض أن هذا الملف صار وراءنا ثم الإعلان أن الرئيس اصدر اوامراه ببدء إطلاق سراحهم ثم الإعلان انه بدئ فعلاً بعملية إطلاق سراح المعتقلين ثم الإعلان انه تم تشكيل لجنة لمعالجة هذا الملف وانها ستنجز مهامها بعد عشرة أيام لهو أمر مخجل ومؤسف ومهين ولعب بالمشاعر ؛ مشاعر الآباء والأمهات والأخوات والزوجات، بل والإنسان الفلسطيني العادي.
لقد فشلنا في المفاوضات مع الاحتلال ولم نحقق أي شيء، ولعل البعض يريد أن يسقط تجربة المفاوضات الفاشلة مع الاحتلال على شعبنا الفلسطيني في ملفات داخلية.
انه إذا لم تتدارك الأطراف خاصة السلطة الفلسطينية ولم تسارع إلى إنهاء هذا الملف حتى لو غضبت كل الدنيا ولو توقفت كل المساعدات المالية فإنها عند ذلك ستفقد شعبها إلى غير رجعة وستكون لذلك عواقب لا تحمد عقباها وستشهد الساحة مزيدا من الإحباط والتمزق والتشرذم، وكلمة نوجهها للمسئولين عن الاعتقال السياسي أن أريحوا هذا الشعب وكونوا صرحاء معه..لاتلعبوا بأعصابه ومشاعره خاصة المعتقلين وذويهم وقولوا لهم أن هذا الملف لا يمكن انجازه وكونوا صرحاء في الكشف عن سبب ذلك.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية