أُغلق الأقصى و أنا حي! .... بقلم : د.ديمة طارق طهبوب

الجمعة 31 أكتوبر 2014

أُغلق الأقصى و أنا حي!



د.ديمة طارق طهبوب


جلاد هو التاريخ لا يعرف الرحمة لمن يشاركون في تسويد صفحات أوطانهم و شعوبهم و أممهم مشاركة الخونة او بسكوت المتخاذلين و الانهزامين!

تدور الاحداث و تنقضي الأزمان و يفنى الشخوص و تبقى ذاكرة التاريخ لا تنسى و لا ترحم و رزنامته حاضرة يوما بيوم بل دقيقة بدقيقة تقول حدث في مثل هذا اليوم كذا و كذا و مهما حاولت الشعوب الاختباء او النسيان من ايامها و افعالها و أحداثها المشينة فستجد التاريخ يقف لها بالمرصاد لا يبدل و لا يغفر ما لم تنسلخ الشعوب انسلاخا كاملا و تتبرؤ براءة شاملة من تاريخ أجداد لم يجلبوا لهم سوى العار و الشنار و ذلك بتسجيل أسماءهم في سجلات الفخار ليمحوا بالحسنات السيئات.

لقد فهم المسلمون الاوائل أن الله قد أكمل لهم دينهم *** يرضَ المؤمنون منهم بأن ينتقص شيء من هذا الكمال في واقع الحياة فأقام أبو بكر الدنيا و لم يقعدها على عقال لو فكر المرتدون ان يمنعوه من مال الزكاة، و طاف عبد الله بن الزبير سباحة حول الكعبة يوم اصابها السيل، و تحمل ابن حنبل كل أنواع الأذى و المهانة للدفاع عن القرآن، و سير المعتصم الجيوش لصرخة امرأة مسلمة في الأسر، و أبى صلاح الدين أن يبتسم و الصليبييون يرتعون في بيت المقدس، و لسان حالهم أجمعين ذلك السؤال الاستنكاري: "أينقص الدين و أنا حي؟!"*** يخطر ببال اي منهم لا قليل و لا كثير الاستنقاص من قدر الدين الكامل او شعائره أو أهله او مقدساته و فيهم نفس و حياة ترضى بالذل و الهوان!!!
(لأول مرة )و العنوان و الحدث جذاب بحد ذاته يسترعي الانتباه و الاهتمام لمعرفة هذه الباكورة و هذا الانجاز ثم تهبط القلوب من عل للدرك الاسفل عندما تعلم أن الخبر يتعلق بالمسجد الاقصى و ان هذه المرة الأولى تتعلق باغلاقه تماما و عدم السماح بالصلاة فيه و حتى رفع الأذان و الاغلاق التام هذا لم يحدث حتى في عصور الصليبيين الاكثر حلكة و ظلمة و دموية في تاريخه!!!

الأقصى يغلق بالكامل لأول مرة منذ عقود و سنوات في عام ٢٠١٤ في حياتنا و نحن نلهو و نلعب دون أن نحرك ساكنا و لا حتى بالاستنكار كأضعف الإيمان ليكتب في تاريخنا ان هذا الجيل هو أول جيل مسلم شهد و قبل بإغلاق قبلة المسلمين الاولى و ثالث المسجدين اغلاقا تاما عن الصلاة!!!

هي ثلمة و سوءة في سيرة كل صاحب دين و مبدأ و عقيدة ستظل ماثلة لتقرع من كان بهم بقية من ضمير بنقصان الدين الكامل و هم أحياء يُرزقون أو هكذا يظنون!
بعد الفتح المحمدي الاول و العمري و الصلاحي الثاني و الثالث يأتي الاغلاق بل الاغلاق التام في عهدنا ليدنس الحاضر و يلقي بظلاله السيئة على التاريخ فالحاضر أشد وقعا و قوة و ليس الفتى من قال كان ابي بل الفتى من يقول ها أنا ذا!

نقص الدين و نحن احياء و انتقص من أرض البركة و أرض المعراج و أرض المحشر و المنشر و نحن أحياء فأي حياة تلك حياتنا و أي نوع من البشر نحن؟
"عبادا لنا" اولئك فقط هم الذين لا يسمحون أن ينتقص من الدين و لو عروة و هم احياء! عبادا لنا لا ينتظرون اجماعا و لا حكومات و لا ملوكا و لا جيوشا بل يخرج الواحد منهم فردا الا من قوة ايمانه ليسئوا وجوه بني اسرائيل و يؤلمونهم كما يؤلموننا!

لقد نقص الدين و نحن أحياء و يجب ان نذكر هذا بندا في سيرة حياتنا و لا ننساه بل و نقرّع به ما بقي من صحوة مواتنا فالعبد يُقرع بالعصا و الحر تكفيه الإشارة!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية